حديث رقم: 1298

فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ : ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ : أَخْبَرَنِي يَعْنِي الثَّوْرِيَّ ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي هَارُونَ بِمِنًى , قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، يَعْنِي الْمَهْدِيَّ ، قَالَ : قَرَأْتُ وَرَأَيْتُ , فَقُلْتُ : أَيُّ شَيْءٍ هَذَا ؟ حَجَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَنْفَقَ فِي حَجِّهِ سِتَّةَ عَشَرَ دِينَارًا وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ : فَقَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , كَيْفَ رَأَيْتَ حَجَّنَا ؟ فَقَالَ : لَوْلَا مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ ، يَعْنِي الْأَعْوَانَ

حديث رقم: 1299

وَلَقَدْ حَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ , عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الْكِلَابِيِّ قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ، لَا طَرْدَ ، وَلَا ضَرْبَ ، وَلَا إِلَيْكَ إِلَيْكَ وَإِنَّ أَعْوَانَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَؤُلَاءِ قَدْ آذَوُا النَّاسَ وَطَرَدُوهُمْ , فَسَكَتَ عَنْهُ وَقَدْ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيُّ أَمَرَ بِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِ فِي حَجَّتِهِ الْأُولَى , فَعُمِّرَ وَزِيدَ فِيهِ مَا وَصَفْنَا , فَكَانَ فِيهِ تَعْوِيجٌ ، فَلَمَّا قَدِمَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ رَأَى الْكَعْبَةَ فِي شِقٍّ مِنَ الْمَسْجِدِ ، فَكَرِهَ ذَلِكَ ، وَأَحَبَّ أَنْ تَكُونَ مُتَوَسِّطَةً فِي الْمَسْجِدِ ، قَالَ : فَدَعَا الْمُهَنْدِسِينَ فَشَاوَرَهُمْ فِي ذَلِكَ ، فَقَدَّرُوا ذَلِكَ ، وَإِذَا هُوَ لَا يَسْتَوِي لَهُمْ مِنْ أَجْلِ الْوَادِي وَالسَّيْلِ , وَقَالُوا : إِنَّ وَادِيَ مَكَّةَ يَسِيلُ أَسْيَالًا عَظِيمَةً عَارِمَةً ، وَهُوَ وَادٍ حَدُورٌ , وَنَحْنُ نَخَافُ إِنْ حَوَّلْنَا الْوَادِيَ مِنْ مَكَانِهِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ لَنَا عَلَى مَا نُرِيدُ مَعَ أَنَّ مَا وَرَاءَهُ مِنَ الدُّورِ وَالْمَسَاكِنِ مَا تَكْثُرُ فِيهِ الْمَؤُونَةُ , وَلَعَلَّهُ أَنْ لَا يَتِمَّ , قَالَ : فَقَالَ لَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ : لَا بُدَّ لِي مِنْ أَنْ أُوَسِّعَهُ حَتَّى أُوَسِّطَ الْكَعْبَةَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَلَوْ أَنْفَقْتُ فِيهِ مَا فِي بُيُوتِ الْأَمْوَالِ , وَعَظُمَتْ فِي ذَلِكَ نِيَّتُهُ , وَاشْتَدَّتْ رَغْبَتُهُ , وَلَهَجَ بِعَمَلِهِ , وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّهِ ، فَقُدِّرَ ذَلِكَ وَهُوَ حَاضِرٌ , وَنُصِبَتِ الرِّمَاحُ عَلَى الدُّورِ مِنْ أَوَّلِ مَوْضِعِ الْوَادِي إِلَى آخِرِهِ ، ثُمَّ ذَرَعُوا مِنْ فَوْقِ الرِّمَاحِ حَتَّى عَرَفُوا مَا يَدْخُلُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ ذَلِكَ , وَمَا يَكُونُ الْوَادِي فِيهِ مِنْهُ ، فَلَمَّا نَصَبُوا الرِّمَاحَ عَلَى جَنَبَتَيِ الْوَادِي ، وَعُلِمَ مَا يَدْخُلُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ ذَلِكَ , وَزَنُوهُ مَرَّةً أُخْرَى وَقَدَّرُوا ذَلِكَ ، فَلَمَّا أَرَادَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الشُّخُوصَ إِلَى الْعِرَاقِ خَلَّفَ أَمْوَالًا عَظِيمَةً , فَاشْتَرَوْا مِنَ النَّاسِ دُورَهُمْ , وَأَرْغِبُوهُمْ فَكَانَ ثَمَنُ مَا دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ ذَلِكَ ، كُلُّ ذِرَاعٍ مُكَسَّرٍ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا , وَعَنْ كُلِّ ذِرَاعٍ دَخَلَ فِي الْوَادِي مُكَسَّرًا خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا , وَأَرْسَلَ إِلَى مِصْرَ وَإِلَى الشَّامِ , فَنُقِلَتْ لَهُ أَسَاطِينُ الرُّخَامِ فِي السُّفُنِ حَتَّى أُنْزِلَتْ بِجُدَّةَ , ثُمَّ نُقِلَتْ عَلَى الْعَجَلِ مِنْ جُدَّةَ إِلَى مَكَّةَ , وَوَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ فَهَدَمُوا الدُّورَ وَبَنَوُا الْمَسْجِدَ , وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ ، فَكَانَ ابْتِدَاؤُهُمْ فِيمَا ذَكَرُوا مِنْ أَعْلَى الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي هَاشِمٍ الَّذِي يَسْتَقْبِلُ الْوَادِيَ وَالْبَطْحَاءَ ، وَوُسِّعَ ذَلِكَ الْبَابُ وَجُعِلَ بِإِزَائِهِ مِنْ أَسْفَلِ الْمَسْجِدِ مُسْتَقْبِلَهُ بَابًا آخَرَ ، وَهُوَ الْبَابُ الَّذِي يَسْتَقْبِلُ فَجَّ خَطِّ الْحِزَامِيَّةِ ، يُقَالُ لَهُ الْيَوْمَ : بَابُ الْبَقَّالِينَ , فَقَالَ الْمُهَنْدِسُونَ : إِنْ جَاءَ سَيْلٌ عَظِيمٌ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ ، وَلَمْ يُحْمَلْ فِي شِقِّ الْكَعْبَةِ , وَهَدَمُوا أَكْثَرَ دَارِ ابْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَايِدِيِّ , وَجَعَلُوا الْمَسْعَى وَالْوَادِيَ فِيهَا , وَهَدَمُوا مَا كَانَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْوَادِي مِنَ الدُّورِ , ثُمَّ حَرَّفُوا الْوَادِيَ فِي مَوْضِعِ الدُّورِ حَتَّى لَقَوْا بِهِ الْوَادِيَ الْقَدِيمَ بِبَابِ أَجْيَادَ الْكَبِيرِ بِفَمِ خَطِّ الْحِزَامِيَّةِ , فَالَّذِي زِيدَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ شِقِّ الْوَادِي تِسْعُونَ ذِرَاعًا مِنْ مَوْضِعِ جَدْرِ الْمَسْجِدِ الْأَوَّلِ إِلَى مَوْضِعِهِ الْيَوْمَ , وَإِنَّمَا كَانَ عَرْضُ الْمَسْجِدِ الْأَوَّلُ مِنْ جَدْرِ الْكَعْبَةِ الْيَمَانِيِّ إِلَى جَدْرِ الْمَسْجِدِ الْيَمَانِيِّ الشَّارِعِ عَلَى الْوَادِي الَّذِي يَلِي بَابَ الصَّفَا تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا وَنِصْفَ ذِرَاعٍ , ثُمَّ بَنَى مُنْحَدَرًا حَتَّى دَخَلَتْ دَارُ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِيهِ , وَكَانَتْ عِنْدَهَا بِئْرٌ جَاهِلِيَّةٌ كَانَ قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ حَفَرَهَا ، فَدَخَلَتْ تِلْكَ الْبِئْرُ فِي الْمَسْجِدِ , فَحَفَرَ الْمَهْدِيُّ عِوَضًا مِنْهَا الْبِئْرَ الَّتِي عَلَى بَابِ الْبَقَّالِينَ فِي جَدْرِ رُكْنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْيَوْمَ وَهَذِهِ الْبِئْرُ قَائِمَةٌ فِي أَصْلِ الْمَنَارَةِ إِلَى الْيَوْمِ ، يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهَا وَيَسْقُونَ مِنْهَا , وَقَدْ كَانَ الْحَارِثُ بْنُ عِيسَى عَمَّرَهَا فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَمِائَةٍ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى خَرَاجِ مَكَّةَ وَصَوَافِيهَا مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيِّ , وَأَحَاطَ عَلَيْهَا بِجَدْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ ، وَشَيَّدَهُ بِالنُّورَةِ ، وَجَعَلَ مُنْتَهَى الْحَوْطِ لَاصِقًا بِجَدْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْيَمَانِيِّ , ثُمَّ أَحَاطَ الْبِنَاءَ حِوَاطًا إِلَى بَابِ الْبَقَّالِينَ , وَأَحْكَمَ الْعَرْصَةَ الَّتِي يَقُومُ فِيهَا الْمُسْتَقِي مِنَ الْبِئْرِ , وَجَعَلَ عَلَى ذَلِكَ الْحَوَاطِ طَاقًا , وَجَعَلَ عَلَيْهِ بَابًا يُغْلَقُ وَيُفْتَحُ , وَكَتَبَ عَلَى وَجْهِ الطَّاقِ كِتَابًا بِالْجَصِّ هُوَ قَائِمٌ إِلَى الْيَوْمِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبِينِ , وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْعَالَمِينَ , سِقَايَةٌ مُبَاحَةٌ لِبَادِي الْمُسْلِمِينَ وَحَاضِرِهِمْ , مُحَرَّمٌ أُجْرَتُهَا , رَحِمَ اللَّهُ مَنْ دَعَا لِمَنْ أَبَاحَهَا بِخَيْرٍ ثُمَّ مَضَوْا بِبَابِهِ بِأَسَاطِينِ الرُّخَامِ ، وَسَقَّفَهُ بِالسَّاجِ الْمُذَهَّبِ الْمَنْقُوشِ ، فَكَانَ الْعُمَّالُ يَعْمَلُونَ كَذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ أَحْكَمَ الْعَمَلِ وَأَتْقَنَهِ ، وَيَمُدُّهُمُ الْمَهْدِيُّ بِالْأَمْوَالِ , وَدَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ وَقَدِ انْتَهَوْا إِلَى آخِرِ مُنْتَهَى أَسَاطِينِ الرُّخَامِ مِنْ أَسْفَلِ الْمَسْجِدِ , فَتُوُفِّيَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيُّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ ، وَلَمْ يُتِمَّ بِنَاءَ الْمَسْجِدِ