حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْهُذَلِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : رَأَيْتُ قُرَيْشًا يَفْتَحُونَ الْبَيْتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ ، وَكَانَ حُجَّابُهُ يَجْلِسُونَ عِنْدَ بَابِهِ ، فَيَرْتَقِي الرَّجُلُ إِذَا كَانُوا لَا يُرِيدُونَ دُخُولَهُ ، فَيُدْفَعُ وَيُطْرَحُ ، وَرُبَّمَا عَطِبَ ، وَكَانُوا لَا يَدْخُلُونَ الْكَعْبَةَ بِحِذَاءٍ ، يُعْظِمُونَ ذَلِكَ ، وَيَضَعُونَ نِعَالَهُمْ تَحْتَ الدَّرَجَةِ
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ ، عَنْ أَشْيَاخِهِ قَالُوا : لَمَّا فَرَغَتْ قُرَيْشٌ مِنْ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ كَانَ أَوَّلَ مَنْ خَلَعَ الْخُفَّ وَالنَّعْلَ فَلَمْ يَدْخُلْهَا بِهِمَا الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ؛ إِعْظَامًا لَهَا ، فَجَرَى ذَلِكَ سُنَّةً
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ فَاخِتَةَ ابْنَةَ زُهَيْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ، - وَهِيَ أُمُّ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - دَخَلَتِ الْكَعْبَةَ وَهِيَ حَامِلٌ ، فَأَدْرَكَهَا الْمَخَاضُ فِيهَا ، فَوَلَدَتْ حَكِيمًا فِي الْكَعْبَةِ ، فَحُمِلَتْ فِي نِطْعٍ ، وَأُخِذَ مَا تَحْتَ مَثْبِرِهَا فَغُسِلَ عِنْدَ حَوْضِ زَمْزَمَ ، وَأُخِذَتْ ثِيَابُهَا الَّتِي وَلَدَتْ فِيهَا ، فَجُعِلَتْ لَقًا ، وَاللَّقَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَطُوفُ أَحَدٌ بِالْبَيْتِ إِلَّا عُرْيَانًا إِلَّا الْحُمْسَ ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَعَلَيْهِمُ الثِّيَابُ ، وَكَانَ مَنْ طَافَ مِنْ غَيْرِ الْحُمْسِ فِي ثِيَابِهِ ، فَإِذَا طَافَ الرَّجُلُ أَوِ الْمَرْأَةُ وَفَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ ، جَاءَ بِثِيَابِهِ الَّتِي طَافَ فِيهَا ، فَطَرَحَهَا حَوْلَ الْبَيْتِ ، فَلَا يَمَسُّهَا أَحَدٌ وَلَا يُحَرِّكُهَا حَتَّى تَبْلَى مِنْ وَطْءِ الْأَقْدَامِ ، وَمِنَ الشَّمْسِ وَالرِّيَاحِ وَالْمَطَرِ وَقَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ يَذْكُرُ اللَّقَا : كَفَى حَزَنًا كَرَّى عَلَيْهِ كَأَنَّهُ لَقًى بَيْنَ أَيْدِي الطَّائِفِينَ حَرِيمُ يَقُولُ : لَا يُمَسُّ
حَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ ، قَالَ : سَأَلْنَا عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ : بِأَيِّ شَيْءٍ بَعَثَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَجَّتِهِ سَنَةَ تِسْعٍ ؟ قَالَ : بِأَرْبَعٍ : لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ ، وَلَا يَجْتَمِعُ مُسْلِمٌ وَمُشْرِكٌ فِي الْحَرَمِ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَهْدٌ فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَوَجَدْتُ فِي كِتَابٍ قَدِيمٍ فِيمَا سُمِعَ مِنَ أَبِي الْوَلِيدِ : وَمَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ
حَدَّثَنَا جَدِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الصَّنْعَانِيُّ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرَاةً إِلَّا الْحُمْسَ - قُرَيْشٌ وَأَحْلَافُهَا - وَالْأَحْمَسِيُّ الْمُشَدِّدُ فِي دِينِهِ فِي بَعْضِ كَلَامِ الْعَرَبِ - فَمَنْ جَاءَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَضَعَ ثِيَابَهُ وَطَافَ فِي ثَوْبٍ أَحْمَسِيٍّ . قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُعِيرُهُ مِنَ الْحُمْسِ ثَوْبًا ، فَإِنَّهُ يُلْقِي ثِيَابَهُ وَيَطُوفُ عُرْيَانًا ، وَإِنْ طَافَ فِي ثِيَابِهِ أَلْقَاهَا إِذَا قَضَى طَوَافَهُ يُحَرِّمُهَا فَيَجْعَلُهَا عِنْدَهُ ، فَلِذَلِكَ قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : {{ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ }}
حَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الصَّنْعَانِيُّ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : الشَّمْلَةُ مِنَ الزِّينَةِ
حَدَّثَنِي جَدِّي ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا ، يَقُولُ : يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ فَتَبْلُوا حَتَّى يَأْتِيَ ، يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ . يَقُولُ : لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْحَرِيرِ وَلَا بِالدِّيبَاجِ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَطُوفُ أَحَدُهُمْ بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا ، وَيَدَعُ ثِيَابَهُ وَرَاءَ الْمَسْجِدِ فَيَجِدُهَا ، ثُمَّ إِنْ طَافَ وَهِيَ عَلَيْهِ ضُرِبَ وَانْتُزِعَتْ مِنْهُ ، فِي ذَلِكَ نَزَلَتْ : {{ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ }}
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا }} قَالَ : كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : لَمَّا أَنْ أَهْلَكَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أَهْلَكَ مِنْ أَبْرَهَةَ الْحَبَشِيِّ صَاحِبِ الْفِيلِ ، وَسَلَّطَ عَلَيْهِ الطَّيْرَ الْأَبَابِيلَ ، عَظَّمَتْ جَمِيعُ الْعَرَبِ قُرَيْشًا وَأَهْلَ مَكَّةَ ، وَقَالُوا : أَهْلُ اللَّهِ ، قَاتَلَ عَنْهُمْ ، وَكَفَاهُمْ مُؤْنَةَ عَدُوِّهِمْ . فَازْدَادُوا فِي تَعْظِيمِ الْحَرَمِ وَالْمَشَاعِرِ الْحَرَامِ وَالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَوَقَّرُوهَا ، وَرَأَوْا أَنَّ دِينَهُمْ خَيْرُ الْأَدْيَانِ وَأَحَبُّهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَالَتْ قُرَيْشٌ وَأَهْلُ مَكَّةَ : نَحْنُ أَهْلُ اللَّهِ ، وَبَنُو إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ ، وَوُلَاةُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، وَسُكَّانُ حَرَمِهِ وَقُطَّانُهُ ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ مِثْلُ حَقِّنَا وَلَا مِثْلُ مَنْزِلَتِنَا ، وَلَا تَعْرِفُ الْعَرَبُ لِأَحَدٍ مِثْلَ مَا تَعْرِفُ لَنَا . فَابْتَدَعُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَحْدَاثًا فِي دِينِهِمْ أَدَارُوهَا بَيْنَهُمْ ، فَقَالُوا : لَا تُعَظِّمُوا شَيْئًا مِنَ الْحِلِّ كَمَا تُعَظِّمُونَ الْحَرَمَ ، فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ اسْتَخَفَّتِ الْعَرَبُ بِحَرَمِكُمْ . وَقَالُوا : قَدْ عَظَّمُوا مِنَ الْحِلِّ مِثْلَ مَا عَظَّمُوا مِنَ الْحَرَمِ ، فَتَرَكُوا الْوُقُوفَ عَلَى عَرَفَةَ وَالْإِفَاضَةَ مِنْهَا ، وَهُمْ يَعْرِفُونَ وَيُقِرُّونَ أَنَّهَا مِنَ الْمَشَاعِرِ وَالْحَجِّ وَدِينِ إِبْرَاهِيمَ ، وَيُقِرُّونَ لِسَائِرِ الْعَرَبِ أَنْ يَقِفُوا عَلَيْهَا ، وَأَنْ يُفِيضُوا مِنْهَا ، إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا : نَحْنُ الْحُمْسُ ، أَهْلُ الْحَرَمِ ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَخْرُجَ مِنَ الْحَرَمِ وَلَا نُعَظِّمَ غَيْرَهُ . ثُمَّ جَعَلُوا لِمَنْ وُلِدُوا مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ مِنْ سُكَّانِ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ مِثْلَ الَّذِي لَهُمْ بِوِلَادَتِهِمْ إِيَّاهُمْ ، يَحِلُّ لَهُمْ مَا يَحِلُّ لَهُمْ ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ . وَكَانَتْ خُزَاعَةُ وَكِنَانَةُ قَدْ دَخَلُوا مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ ، ثُمَّ ابْتَدَعُوا فِي ذَلِكَ أُمُورًا لَمْ تَكُنْ ، حَتَّى قَالُوا : لَا يَنْبَغِي لِلْحُمْسِ أَنْ يَأْقِطُوا الْأَقِطَ وَلَا يَسْلَؤُوا السَّمْنَ وَهُمْ حُرُمٌ ، وَلَا يَدْخُلُوا بَيْتًا مِنْ شَعْرٍ ، وَلَا يَسْتَظِلُّوا إِنِ اسْتَظَلُّوا إِلَّا فِي بُيُوتِ الْأَدَمِ مَا كَانُوا حُرُمًا . ثُمَّ رَفَعُوا فِي ذَلِكَ ، فَقَالُوا : لَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْحِلِّ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ طَعَامٍ جَاءُوا بِهِ مَعَهُمْ مِنَ الْحِلِّ فِي الْحَرَمِ إِذَا كَانُوا حُجَّاجًا أَوْ عُمَّارًا ، وَلَا يَأْكُلُونَ فِي الْحَرَمِ إِلَّا مِنْ طَعَامِ أَهْلِ الْحَرَمِ إِمَّا قِرَاءً وَإِمَّا شِرَاءً ، وَكَانُوا مِمَّا سَنُّوا بِهِ أَنَّهُ إِذَا حَجَّ الصَّرُورَةُ مِنْ غَيْرِ الْحُمْسِ - وَالْحُمْسُ أَهْلُ مَكَّةَ : قُرَيْشٌ وَكِنَانَةُ وَخُزَاعَةُ وَمَنْ دَانَ بِدِينِهِمْ مِمَّنْ وُلِدُوا مِنْ حُلَفَائِهِمْ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ سَاكِنِي الْحِلِّ ، وَالْأَحْمَسِيُّ الْمُشَدِّدُ فِي دِينِهِ - فَإِذَا حَجَّ الصَّرُورَةُ مِنْ غَيْرِ الْحُمْسِ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً ، لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِلَّا عُرْيَانًا - الصَّرُورَةُ أَوَّلُ مَا يَطُوفُ - إِلَّا أَنْ يَطُوفَ فِي ثَوْبٍ أَحْمَسِيٍّ إِمَّا إِعَارَةً وَإِمَّا إِجَارَةً ، يَقِفُ أَحَدُهُمْ بِبَابِ الْمَسْجِدِ ، فَيَقُولُ : مَنْ يُعِيرُ مَصُونًا ؟ مَنْ يُعِيرُ ثَوْبًا ؟ فَإِنْ أَعَارَهُ أَحْمَسِيٌّ ثَوْبًا أَوْ أَكْرَاهُ طَافَ بِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُعِرْهُ أَلْقَى ثِيَابَهُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ مِنْ خَارِجٍ ، ثُمَّ دَخَلَ الطَّوَافَ وَهُوَ عُرْيَانٌ ، يَبْدَأُ بِإِسَافٍ فَيَسْتَلِمُهُ ، ثُمَّ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ ، ثُمَّ يَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَطُوفُ وَيَجْعَلُ الْكَعْبَةَ عَنْ يَمِينِهِ ، فَإِذَا خَتَمَ طَوَافَهُ سَبْعًا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ ، ثُمَّ اسْتَلَمَ نَائِلَةَ ، فَيَخْتِمُ بِهَا طَوَافَهُ ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَجِدُ ثِيَابَهُ كَمَا تَرَكَهَا لَمْ تُمَسَّ ، فَيَأْخُذُهَا فَيَلْبَسُهَا ، وَلَا يَعُودُ إِلَى الطَّوَافِ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا . وَلَمْ يَكُنْ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ إِلَّا الصَّرُورَةُ مِنْ غَيْرِ الْحُمْسِ ، فَأَمَّا الْحُمْسُ فَكَانَتْ تَطُوفُ فِي ثِيَابِهَا ، فَإِنْ تَكَرَّمَ مُتَكَرِّمٌ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ الْحُمْسِ وَلَمْ يَجِدْ ثِيَابَ أَحْمَسِيٍّ يَطُوفُ فِيهَا ، وَمَعَهُ فَضْلُ ثِيَابٍ يَلْبَسُهَا غَيْرُ ثِيَابِهِ الَّتِي عَلَيْهِ ، فَطَافَ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي جَاءَ بِهَا مِنَ الْحِلِّ ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ نَزَعَ ثِيَابَهُ ، ثُمَّ جَعَلَهَا لَقًا ، يَطْرَحُهَا بَيْنَ إِسَافٍ وَنَائِلَةَ ، فَلَا يَمَسُّهَا أَحَدٌ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا حَتَّى تَبْلَى مِنْ وَطْءِ الْأَقْدَامِ ، وَمِنَ الشَّمْسِ وَالرِّيَاحِ وَالْمَطَرِ . وَقَالَ الشَّاعِرُ يَذْكُرُ ذَلِكَ اللَّقَا : كَفَى حَزَنًا كَرَّى عَلَيْهِ كَأَنَّهُ لَقًا بَيْنَ أَيْدِي الطَّائِفِينَ حَرِيمُ يَقُولُ : لَا يُمَسُّ . فَصَارَ هَذَا كُلُّهُ سُنَّةً فِيهِمْ ، وَذَلِكَ مِنْ صُنْعِ إِبْلِيسَ وَتَزْيِينِهِ لَهُمْ مَا يُلَبِّسُ عَلَيْهِمْ مِنْ تَغْيِيرِ الْحَنِيفِيَّةِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ يَوْمًا وَكَانَ لَهَا جَمَالٌ وَهَيْئَةٌ ، فَطَلَبَتْ ثِيَابًا عَارِيَةً فَلَمْ تَجِدْ مَنْ يُعِيرُهَا ، فَلَمْ تَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ تَطُوفَ عُرْيَانَةً ، فَنَزَعَتْ ثِيَابَهَا بِبَابِ الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ دَخَلَتِ الْمَسْجِدَ عُرْيَانَةً ، فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى فَرْجِهَا ، وَجَعَلَتْ تَقُولُ : الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ قَالَ : فَجَعَلَ فِتْيَانُ مَكَّةَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا ، وَكَانَ لَهَا حَدِيثٌ طَوِيلٌ ، وَقَدْ تَزَوَّجَتْ فِي قُرَيْشٍ . قَالَ : وَجَاءَتِ امْرَأَةٌ أَيْضًا تَطُوفُ عُرْيَانَةً وَكَانَ لَهَا جَمَالٌ ، فَرَآهَا رَجُلٌ فَأَعْجَبَتْهُ ، فَدَخَلَ الطَّوَافَ وَطَافَ فِي جَنْبِهَا لِأَنْ يَمَسَّهَا ، فَأَدْنَى عَضُدَهُ مِنْ عَضُدِهَا ، فَالْتَزَقَتْ عَضُدُهُ ، فَخَرَجَا مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْ نَاحِيَةِ بَنِي سَهْمٍ هَارِبَيْنِ عَلَى وُجُوهِهِمَا ، فَزِعَيْنِ لِمَا أَصَابَهُمَا مِنَ الْعُقُوبَةِ ، فَلَقِيَهُمَا شَيْخٌ مِنْ قُرَيْشٍ خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ ، فَسَأَلَهُمَا عَنْ شَأْنِهِمَا ، فَأَخْبَرَاهُ بِقَضِيَّتِهِمَا ، فَأَفْتَاهُمَا أَنْ يَعُودَا ، فَرَجَعَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَهُمَا فِيهِ مَا أَصَابَهُمَا ، فَيَدْعُوَانِ وَيُخْلِصَانِ أَنْ لَا يَعُودَا ، فَرَجَعَا إِلَى مَكَانِهِمَا ، فَدَعَوُا اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَأَخْلَصَا إِلَيْهِ أَنْ لَا يَعُودَا ، فَافْتَرَقَتْ أَعْضَادُهُمَا ، فَذَهَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَاحِيَةٍ