حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ ، قَالَ : وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عِمْرَانَ ، يَقُولُ : بَلَغَنِي أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أُهْبِطَ إِلَى مَكَّةَ حَفَرَ بِئْرًا تُسَمَّى كَرْآدَمَ الْمُفَجَّرَ فِي شِعْبِ حَوَّاءَ
وَأَخْبَرَنِي عَنِ الثِّقَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَمَّا انْتَشَرَتْ قُرَيْشٌ بِمَكَّةَ وَكَثُرَ سَاكِنُهَا ، قَلَّتْ عَلَيْهِمُ الْمَاءُ ، وَاشْتَدَّتِ الْمُؤْنَةُ فِي الْمَاءِ ، حَفَرَتْ بِمَكَّةَ آبَارًا ، فَحَفَرَ مُرَّةُ بْنُ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ بِئْرًا يُقَالُ لَهَا رُمَّ ، وَبَلَغَنِي أَنَّ مَوْضِعَهَا عِنْدَ طَرَفِ الْمَوْقِفِ بِعُرَنَةَ قَرِيبًا مِنْ عَرَفَةَ قَالَ إِسْحَاقُ : وَحَفَرَ كِلَابُ بْنُ مُرَّةَ بِئْرًا يُقَالُ لَهَا خُمٌّ ، كَانَتْ مَشْرَبًا لِلنَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَيُقَالُ : إِنَّهَا كَانَتْ لِبَنِي مَخْزُومٍ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : كَانَ قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ حَفَرَ بِئْرًا بِمَكَّةَ لَمْ يُحْفَرْ أَوَّلُ مِنْهَا ، وَكَانَ يُقَالُ لَهَا الْعَجُولُ ، كَانَ مَوْضِعُهَا فِي دَارِ أُمِّ هَانِي بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ بِالْحَزْوَرَةِ ، وَهِيَ الْبِيرُ الَّتِي دَفَعَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ أَخَا بَنِي ظُوَيْلِمِ بْنِ عَمْرٍو النَّصْرِيِّ فِيهَا فَمَاتَ ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ يَرِدُونَهَا وَيَتَرَاجَزُونَ عَلَيْهَا ، فَقَالَ قَائِلٌ فِيهَا : أُرْوَى مِنَ الْعَجُولِ ثُمَّتَ أَنْطَلِقْ إِنَّ قُصَيًّا قَدْ وَفَى وَقَدْ صَدَقْ بِالشِّبْعِ لِلْحَيِّ وَرِيِّ الْمُغْتَبِقْ وَبِيرًا عِنْدَ الرَّدْمِ الْأَعْلَى , رَدْمِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي أَصْلِ الرَّدْمِ فِي أَعْلَى الْوَادِي خَلْفَ آبَارِ آلِ جَحْشِ بْنِ رِيَابٍ الْأَسَدِيِّ الَّتِي يُقَالُ لَهَا دَارُ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ ، يُقَالُ إِنَّ قُصَيًّا حَفَرَهَا ، فَدَثَرَتْ ، وَإِنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ نَثَلَهَا وَأَحْيَاهَا ، وَعِنْدَهَا مَسْجِدٌ يُقَالُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَّى فِيهِ ، بَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : وَحَفَرَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ بَذَّرَ ، وَقَالَ حِينَ حَفَرَهَا : لَأَجْعَلَنَّهَا لِلنَّاسِ بَلَاغًا وَهِيَ الْبِيرُ الَّتِي فِي حَقِّ الْمُقَوِّمِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي ظَهْرِ دَارِ طَلُوبَ مَوْلَاةِ زُبَيْدَةَ فِي أَصْلِ الْمُسْتَنْذَرِ ، وَيُقَالُ إِنَّ قُصَيًّا حَفَرَهَا ، فَنَثَلَهَا أَبُو لَهَبٍ ، وَهِيَ الَّتِي تَقُولُ فِيهَا بَعْضُ بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ : نَحْنُ حَفَرْنَا بَذَّرْ بِجَانِبِ الْمُسْتَنْذَرْ نَسْقِي الْحَجِيجَ الْأَكْبَرَ وَذَكَرُوا أَيْضًا أَنَّ هَاشِمًا حَفَرَ سَجْلَةَ ، وَهِيَ الْبِئْرُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا بِئْرُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ، دَخَلَتْ فِي دَارِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الَّتِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي أَصْلِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا دَارُ الْقَوَارِيرِ ، أَدْخَلَهَا حَمَّادٌ الْبَرْبَرِيُّ حِينَ بَنَى الدَّارَ لِلرَّشِيدِ هَارُونَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَكَانَتِ الْبِئْرُ شَارِعَةً فِي الْمَسْعَى ، يُقَالُ إِنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ ابْتَاعَهَا مِنْ وَلَدِ هَاشِمٍ ، وَقَالَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ : وَهَبَهَا لَهُ أَسَدُ بْنَ هَاشِمٍ حِينَ ظَهَرَتْ زَمْزَمُ ، وَيُقَالُ : وَهَبَهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حِينَ حَفَرَ زَمْزَمَ ، وَاسْتَغْنَى عَنْهَا لِلْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ ، وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَضَعَ حَوْضًا عِنْدَ زَمْزَمَ مِنْ أَدَمٍ يَسْقِي فِيهِ مِنْهَا ، وَيَسْقِي الْحَاجَّ وَهُوَ أَثْبَتُ الْأَقَاوِيلِ عِنْدَنَا وَحَفَرَ عَبْدُ شَمْسِ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ بِئْرًا يُقَالُ لَهَا الطَّوِيُّ ، وَمَوْضِعُهَا فِي دَارِ ابْنِ يُوسُفَ بِالْبَطْحَاءِ وَحَفَرَ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ بِئْرًا يُقَالُ لَهَا الْجَفْرُ ، وَهِيَ فِي وَجْهِ الْمَسْكَنِ الَّذِي كَانَ لِبَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عِكْرِمَةَ الْمَخْزُومِيِّ بِطَرَفِ أَجْيَادٍ الْكَبِيرِ ، وَاشْتَرَى ذَلِكَ الْمَسْكَنَ يَاسِرٌ خَادِمُ زُبَيْدَةَ ، فَأَدْخَلَهُ فِي الْمُتَوَضَّأَةِ الَّتِي عَمِلَهَا عَلَى بَابِ أَجْيَادٍ الْكَبِيرِ وَكَانَتْ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ بِئْرٌ يُقَالُ لَهَا أُمُّ جِعْلَانٍ ، مَوْضِعُهَا دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَكَانَتْ لَهُمْ أَيْضًا بِئْرٌ يُقَالُ لَهَا الْعَلُوقُ بِأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ دَارِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَكَانَتْ لِبَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بِئْرٌ يُقَالُ لَهَا شُفَيَّةُ ، مَوْضِعُهَا فِي دَارِ أُمِّ جَعْفَرٍ ، يُقَالُ لَهَا بِئْرُ الْأَسْوَدِ وَكَانَتْ لِبَنِي جُمَحٍ بِئْرٌ يُقَالُ لَهَا السَّنْبَلَةُ ، كَانَتْ لِخَلَفِ بْنِ وَهْبٍ ، فِي خَطِّ الْحِزَامِيَّةِ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ ، قُبَالَةَ دَارِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ، يُقَالُ لَهَا الْيَوْمَ بِئْرُ أُبَيٍّ ، وَيُقَالُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَصَقَ فِيهَا ، وَإِنَّ مَاءَهَا جَيِّدٌ مِنَ الصُّدَاعِ وَكَانَتْ عِنْدَ رَدْمِ بَنِي جُمَحٍ بِئْرٌ يُقَالُ لَهَا : أُمُّ حَرْدَانَ ، ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُدْرَى مَنْ حَفَرَهَا ، ثُمَّ صَارَتْ لِبَنِي جُمَحٍ وَكَانَتْ لِبَنِي سَهْمٍ بِئْرٌ يُقَالُ لَهَا رَمْرَمُ ، يُقَالُ : إِنَّهَا دَخَلَتْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حِينَ وَسَّعَهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي نَاحِيَةِ بَنِي سَهْمٍ وَكَانَتْ لِبَنِي سَهْمٍ أَيْضًا بِئْرٌ يُقَالُ لَهَا الْغَمْرُ ، لَمْ يُذْكَرْ مَوْضِعُهَا وَقَدْ سَمِعْنَا فِي الْبِيَارِ حَدِيثًا جَامِعًا
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُمَارَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ : سَأَلَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ : مِنْ أَيْنَ كَانَتْ أَوَّلِيَّةُ قُرَيْشٍ تَشْرَبُ الْمَاءَ قَبْلَ قُصَيٍّ ، وَكَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ ، وَعَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ؟ قَالَ : فَقَالَ أَبِي : لَا تَسْأَلُ عَنْ هَذَا أَحَدًا أَبَدًا أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي ، سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ مَشْيَخَةً جُلَّةً دَخَلَ الْإِسْلَامُ عَلَى أَحَدِهِمْ وَقَدْ أَفْنَدَ ، فَقَالَ : كَانَ أَوَّلَ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا مُرَّةُ ، حَفَرَ بِئْرًا يُقَالُ لَهَا السِّيرَةُ خَارِجَةً مِنَ الْحَرَمِ ، فَكَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْهَا دَهْرًا ، إِذَا كَثُرَتِ الْأَمْطَارُ شَرِبُوا ، وَإِذَا أَقْحَطُوا ذَهَبَ مَاؤُهَا ، وَكَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ أَغَادِيرَ فِي رُؤُوسِ الْجِبَالِ ثُمَّ كَانَ مُرَّةُ حَفَرَ بِئْرًا أُخْرَى يُقَالُ لَهَا بِئْرُ الرَّوَا ، وَهُمَا خَارِجَتَانِ مِنْ مَكَّةَ ، وَهُمَا فِي بَوَادِيهِمَا مِمَّا يَلِي عَرَفَةَ ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَوْلَ مَكَّةَ ، وَخُزَاعَةُ تَلِي الْبَيْتَ وَأَمْرَ مَكَّةَ ، ثُمَّ حَفَرَ كِلَابُ بْنُ مُرَّةَ خُمَّ وَرُمَّ وَالْجَفْرَ ، وَهَذِهِ أَبْيَارُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ كُلُّهَا خَارِجًا مِنْ مَكَّةَ ، ثُمَّ كَانَ قُصَيٌّ حِينَ جَمَعَ قُرَيْشًا ، وَسُمِّيَتْ قُرَيْشًا لِتَقَرُّشِهَا ، وَهُوَ التَّجَمُّعُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ ، وَأَهْلَ مَكَّةَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الْآبَاءُ مِنَ الشُّرْبِ مِنْ رُؤُوسِ الْجِبَالِ ، وَمِنْ هَذِهِ الْآبَارِ الَّتِي خَارِجَ مَكَّةَ ، فَلَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى هَلَكَ قُصَيٌّ ، ثُمَّ وَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ ، حَتَّى هَلَكَ أَعْيَانُ بَنِي قُصَيٍّ : عَبْدُ الدَّارِ ، وَعَبْدُ مَنَافٍ ، وَعَبْدُ الْعُزَّى ، بَنِو قُصَيٍّ ، فَخَلَفَ أَبْنَاؤُهُمْ فِي قَوْمِهِمْ عَلَى مَا كَانَ مِنْ فِعْلِهِمْ ، فَلَمَّا انْتَشَرَتْ قُرَيْشٌ ، وَكَثُرَ سَاكِنُ مَكَّةَ ، قَلَّتْ عَلَيْهِمُ الْمِيَاهُ ، وَاشْتَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْمُؤْنَةُ ، وَعَطِشَ النَّاسُ بِمَكَّةَ أَشَدَّ الْعَطَشِ ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ حَفَرَ عَبْدُ شَمْسِ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ ، فَحَفَرَ الطَّوِيَّ ، وَهِيَ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ الْبَيْضَاءِ دَارِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ ، وَحَفَرَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ بَذَّرَ ، وَهِيَ الْبِيرُ الَّتِي عِنْدَ الْمُسْتَنْذَرِ فِي خَطْمِ الْخَنْدَمَةِ عَلَى فَمِ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ ، وَقَالَ حِينَ حَفَرَهَا : لَأَجْعَلَنَّهَا بَلَاغًا لِلنَّاسِ وَحَفَرَ هَاشِمٌ سَجْلَةَ ، وَهِيَ بِئْرُ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الَّتِي يُسْقَى عَلَيْهَا الْيَوْمَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : وَاللَّهِ الْقَدِيمِ مَا تَحَرَّيْتُ الصِّدْقَ لَكَ وَعَلَيْكَ , قَالَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : ثُمَّ ابْتَاعَهَا مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ مِنْ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ ، وَبَنُو هَاشِمٍ تَزْعُمُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ وَهَبَهَا لَهُ حِينَ حَفَرَ زَمْزَمَ وَاسْتَغْنَى عَنْهَا ، وَسَأَلَهُ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ أَنْ يَضَعَ حَوْضًا مِنْ أَدَمٍ إِلَى جَنْبِ زَمْزَمَ يَسْقِي فِيهِ مِنْ مَاءِ بِئْرِهِ ، فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ : فَكَثُرَتِ الْمِيَاهُ بِمَكَّةَ بَعْدَ مَا حُفِرَتْ زَمْزَمُ حَتَّى رَوِيَ الْقَاطِنُ وَالْبَادِي ، وَدَنَتْ لَهَا بَكْرٌ وَخُزَاعَةُ فَارْتَوَوْا مِنْهَا لَا تَنْزَحُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ : ثُمَّ حَفَرَ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ الْجَفْرَ لِنَفْسِهِ وَحَفَرَ مَيْمُونُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ حَلِيفُكَ بِئْرَهُ ، وَكَانَتْ آخِرَ بِئْرٍ حُفِرَتْ مِنْ هَذِهِ الْآبَارِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ : رَأَيْتُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى : {{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا }} قَالَ : يَعْنِي تِلْكَ الْآبَارَ الَّتِي كَانَتْ تَغُورُ فَيَذْهَبُ مَاؤُهَا : {{ فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ }} ، زَمْزَمُ مَاؤُهَا مَعِينٌ قَالَ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ }} ، قَالُوا : زَمْزَمُ ، وَبِيرُ مَيْمُونِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ : فَلَمَّا حَفَرَتْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ آبَارَهَا سَقَوُا النَّاسَ ، وَاسْتَقَوُا النَّاسَ عَلَيْهَا ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى قَبَائِلِ قُرَيْشٍ ، وَرَأَوْا أَنَّهُمْ لَا ذِكْرَ لَهُمْ فِي تِلْكَ الْآبَارِ ، حَفَرَتْ قُرَيْشٌ آبَارًا ، وَجَعَلُوا يَتَبَارَوْنَ بِهَا فِي الرِّيِّ وَالْعُذُوبَةِ ، حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ شَرٌّ طَوِيلٌ ، فَمَشَتْ فِي ذَلِكَ كُبَرَاءُ قُرَيْشٍ ، فَأَقْصَرَ الشَّرُّ ، وَحَفَرَتْ بَنُو أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى شُفَيَّةَ - بِئْرُ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَحَفَرَتْ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ أُمَّ أَحْرَادٍ ، وَحَفَرَتْ بَنُو جُمَحً السَّنْبَلَةَ ، وَهِيَ بِئْرُ خَلَفِ بْنِ وَهْبٍ ، وَحَفَرَتْ بَنُو سَهْمٍ الْغَمْرَ وَحَفَرَتْ بَنُو مَخْزُومٍ السُّقْيَا بِئْرَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَحَفَرَتْ بَنُو تَيْمٍ الثُّرَيَّا ، وَهِيَ بِئْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ وَحَفَرَتْ بَنُو عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ النَّقْعَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ، إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ لَوْ سَأَلْتَ عَنْهُ جَمِيعَ قَوْمِكَ مَا عَرَفُوهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ : لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِمْ زَمَانٌ لَا يَعْرِفُونَ مَا هُوَ أَظْهَرُ مِنْ هَذَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : إِي وَاللَّهِ