حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ : حَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ الْأَزْرَقِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَتَبَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ إِلَى خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ أَنْ أَجْرِ لِي عَيْنًا تَخْرُجُ مِنَ الثَّقَبَةِ مِنْ مَائِهَا الْعَذْبِ الزُّلَالِ ، حَتَّى تَظْهَرَ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالرُّكْنِ الْأَسْوَدِ ، وَيُضَاهَى بِهَا رَغَمْ مَاءِ زَمْزَمَ قَالَ : فَعَمِلَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ الْبِرْكَةَ الَّتِي بِفَمِ الثَّقَبَةِ يُقَالُ لَهَا بِرْكَةُ الْقَسْرِيِّ ، وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا بِرْكَةُ الْبُرْدِيِّ بِبِيرِ مَيْمُونٍ ، وَهِيَ قَايِمَةٌ إِلَى الْيَوْمِ بِأَصْلِ ثَبِيرٍ ، فَعَمِلَهَا بِحِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ طِوَالٍ ، وَأَحْكَمَهَا وَأَنْبَطَ مَاءَهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ، ثُمَّ شَقَّ لَهَا عَيْنًا تُسْكَبُ فِيهَا مِنَ الثَّقَبَةِ ، وَبَنَى سَدَّ الثَّقَبَةِ وَأَحْكَمَهُ ، وَالثَّقَبَةُ شِعْبٌ يَفْرَعُ فِيهِ وَجْهُ ثَبِيرٍ ، ثُمَّ شَقَّ مِنْ هَذِهِ الْبِرْكَةِ عَيْنًا تَجْرِي إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، فَأَجْرَاهَا فِي قَصَبٍ مِنْ رَصَاصٍ ، حَتَّى أَظْهَرَهَا فِي فَوَّارَةٍ تَسْكُبُ فِي فَسْقِينَةٍ مِنْ رُخَامٍ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالرُّكْنِ وَالْمَقَامِ ، فَلَمَّا أَنْ جَرَتْ وَظَهَرَ مَاؤُهَا ، أَمَرَ الْقَسْرِيُّ بِجُزُرٍ ، فَنُحِرَتْ بِمَكَّةَ ، وَقُسِمَتْ بَيْنَ النَّاسِ ، وَعَمِلَ طَعَامًا فَدَعَا عَلَيْهِ النَّاسَ ، ثُمَّ أَمَرَ صَايِحًا فَصَاحَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْمِنْبَرِ فَوُضِعَ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ ، ثُمَّ صَعِدَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، احْمَدُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، وَادْعُوا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِي سَقَاكُمُ الْمَاءَ الْعَذْبَ الزُّلَالَ النِّقَاحَ ، بَعْدَ الْمَاءِ الْمَالِحِ الْأُجَاجِ ، الْمَائِيِّ الَّذِي لَا يُشْرَبُ إِلَّا صَبِرًا - يَعْنِي زَمْزَمَ قَالَ : ثُمَّ تُفْرَغُ تِلْكَ الْفَسْقِينَةُ فِي سَرَبٍ مِنْ رَصَاصٍ ، يَخْرُجُ إِلَى وَضُوءٍ كَانَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ بَابِ الصَّفَا ، فِي بِرْكَةٍ كَانَتْ فِي السُّوقِ قَالَ : فَكَانَ النَّاسُ لَا يَقِفُونَ عَلَى تِلْكَ الْفَسْقِينَةِ ، وَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يَأْتِيهَا ، وَكَانُوا عَلَى شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ أَرْغَبَ مَا كَانُوا فِيهِ قَالَ : فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَسْرِيُّ صَعِدَ الْمِنْبَرُ ، فَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يُؤَنِّبُ فِيهِ أَهْلَ مَكَّةَ ، فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الْبِرْكَةُ عَلَى حَالِهَا ، حَتَّى قَدِمَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مَكَّةَ حِينَ أَفْضَتِ الْخِلَافَةُ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ بِمَكَّةَ ، هَدَمَهَا وَرَفَعَ الْفَسْقِينَةَ وَكَسَرَهَا ، وَصَرَفَ الْعَيْنَ إِلَى بِرْكَةٍ كَانَتْ بِبَابِ الْمَسْجِدِ قَالَ : فَسُرَّ النَّاسُ بِذَلِكَ سُرُورًا عَظِيمًا حِينَ هُدِمَتْ