بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْأَعْرَجِ بْنِ سَعْدِ بْنِ رَزَاحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَهْمِ بْنِ مَازِنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ سَلَامَانَ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ أَفْصَى ، وَيُكْنَى بُرَيْدَةَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَسْلَمَ حِينَ مَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْهِجْرَةِ ، وَأَقَامَ فِي بِلَادِ قَوْمِهِ ، فَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَغَزَا مَعَهُ مَغَازِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفُتِحَتِ الْبَصْرَةُ وَمُصِّرَتْ ، فَتَحَوَّلَ إِلَيْهَا ، وَاخْتَطَّ بِهَا وَبَنَى بِهَا دَارًا ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا غَازِيًا إِلَى خُرَاسَانَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ بِمَرْوَ فِي خِلَافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، وَبَقِيَ وَلَدُهُ بِهَا ، وَقَدِمَ مِنْ وَلَدِهِ قَوْمٌ ، فَنَزَلُوا بَغْدَادَ ، فَمَاتُوا بِهَا
أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ وَاسْمُهُ فِيمَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، وَبَعْضُ وَلَدِ أَبِي بَرْزَةَ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَضْلَةَ ، وَقَالَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : اسْمُهُ نَضْلَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : نَضْلَةُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جِيَالِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ دِعْبِلِ بْنِ أَنَسِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ سَلَامَانَ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ أَفْصَى قَالَ : وَأَسْلَمَ أَبُو بَرْزَةَ قَدِيمًا ، وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتْحَ مَكَّةَ ، وَلَمْ يَزَلْ يَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَتَحَوَّلَ إِلَى الْبَصْرَةِ ، فَنَزَلَهَا حِينَ نَزَلَهَا الْمُسْلِمُونَ ، وَبَنَى بِهَا دَارًا ، وَلَهُ بِهَا بَقِيَّةٌ وَعَقِبٌ ، ثُمَّ غَزَا خُرَاسَانَ ، فَمَاتَ بِمَرْوَ
الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ خَلَفِ ابْنِ بَهْدَلَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ وَكَانَ اسْمُ الزِّبْرِقَانِ حُصَيْنًا ، وَكَانَ شَاعِرًا جَمِيلًا ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ قَمَرُ نَجْدٍ ، وَكَانَ فِي وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَسْلَمَ ، واسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَدَقَةِ قَوْمِهِ بَنِي سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ ، فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَيْهَا ، وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ ، وَمَنَعُوا الصَّدَقَةَ ، وَثَبَتَ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَأَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنْ قَوْمِهِ ، فَأَدَّاهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، وَكَانَ يَنْزِلُ أَرْضَ بَنِي تَمِيمٍ بِبَادِيَةِ الْبَصْرَةِ ، وَكَانَ يَنْزِلُ الْبَصْرَةَ كَثِيرًا
النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبِ بْنِ أُقَيْشٍ وَأُقَيْشُ بِنْتُ عُكْلِ بْنِ عَبْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَوْفِ بْنِ وَائِلِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ ، حَضَنَتْ عُكْلَ أَمَةٌ لَهُمْ وَلَدَ عَوْفِ بْنِ وَائِلٍ ، فَنُسِبُوا إِلَيْهَا . وَالنَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ هُوَ الشَّاعِرُ ، وَكَانَ وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَسْلَمَ ، وَنَزَلَ الْبَصْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَكَتَبَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ لَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ : أَتَانَا رَجُلٌ مِنْ عُكْلٍ ، وَمَعَهُ كِتَابٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِطْعَةِ جِرَابٍ ، كَتَبَهُ لَهُمْ : مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُول اللَّهِ إِلَى بَنِي زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشٍ وَالرَّجُلُ هُوَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ الشَّاعِرُ ، وَبَنُو زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشٍ بَطْنٌ مِنْ عُكْلٍ
عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ بِشْرِ بْنِ عَبْدِ دُهْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَمَّامِ بْنِ أَبَانَ بْنِ يَسَارِ بْنِ مَالِكِ بْنِ خُطَيْطِ بْنِ جُشَمِ مِنْ ثَقِيفَ ، وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ ، فَأَسْلَمُوا ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى الْقَضِيَّةِ ، وَكَانَ عُثْمَانُ مِنْ أَصْغَرِهِمْ ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَهُمْ ، فَأَسْلَمَ ، وَأَقْرَأَهُ قُرْآنًا ، وَلَزِمَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ ، فَكَانَ يُقْرِئُهُ ، فَلَمَّا أَرَادَ وَفْدُ ثَقِيفٍ الِانْصِرَافَ إِلَى الطَّائِفِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمِّرْ عَلَيْنَا ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيَّ ، وَقَالَ : إِنَّهُ كَيِّسٌ ، وَقَدْ أَخَذَ مِنَ الْقُرْآنِ صَدْرًا ، فَقَالُوا : لَا نُغَيِّرُ أَمِيرًا أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَدِمَ مَعَهُمُ الطَّائِفَ ، فَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ ، وَيُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَخَطَّ الْبَصْرَةَ ، وَنَزَلَهَا مَنْ نَزَلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ عَلَيْهَا رَجُلًا لَهُ عَقْلٌ ، وَقِوَامٌ ، وَكِفَايَةٌ ، فَقِيلَ لَهُ : عَلَيْكَ بِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ فَقَالَ : ذَاكَ أَمِيرٌ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَا كُنْتُ لِأَنْزِعَهُ . قَالُوا لَهُ : اكْتُبْ إِلَيْهِ يُسْتَخْلَفْ عَلَى الطَّائِفِ ، وَيُقْبِلْ إِلَيْكَ قَالَ : أَمَّا هَذَا فَنَعَمْ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ ، فَاسْتَخْلَفَ أَخَاهُ الْحَكَمَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيَّ عَلَى الطَّائِفِ ، وَأَقْبَلَ إِلَى عُمَرَ ، فَوَجَّهَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ ، فَابْتَنَى بِهَا دَارًا ، وَاسْتَخْرَجَ فِيهَا أَمْوَالًا ، مِنْهَا شَطُّ عُثْمَانَ الَّذِي يُنْسَبُ إِلَيْهِ بِحِذَاءِ الْأُبُلَّةِ وَأَرْضِهَا ، وَبَقِيَ وَلَدُهُ بِهَا إِلَى الْيَوْمِ ، وَشَرُفُوا ، وَكَثُرَتْ غَلَّاتُهُم وَأَمْوَالُهُمْ ، وَلَهُمْ عَدَدٌ كَثِيرٌ ، وَبَقِيَّةٌ حَسَنَةٌ
الْجَارُودُ , وَاسْمُهُ : بِشْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَنَشِ بْنِ الْمُعَلَّى وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ جَذِيمَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ أَنْمَارِ بْنِ عَمْرِو بْنِ وَدِيعَةَ بْنِ لُكَيْزِ بْنِ أَفْصَى بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ ، وَيُكْنَى أَبَا الْمُنْذِرِ ، وَأُمُّهُ دَرْمَكَةُ بِنْتُ رُؤَيْمٍ ، أُخْتُ يَزِيدَ بْنِ رُؤَيْمٍ الشَّيْبَانِيِّ ، وَكَانَ الْجَارُودُ شَرِيفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا ، فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَفْدِ ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَعَرَضَهُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ الْجَارُودُ : إِنِّي قَدْ كُنْتُ عَلَى دِينٍ ، وَإِنِّي تَارِكٌ دِينِي لِدِينِكَ ، أَتَضْمَنُ لِي دِينِي ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَا ضَامِنٌ لَكَ ، قَدْ هَدَاكَ اللَّهُ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْجَارُودُ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ ، وَكَانَ غَيْرَ مَغْمُوصٍ عَلَيْهِ ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ إِلَى بِلَادِ قَوْمِهِ ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُمْلَانًا ، فَقَالَ : مَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكَ عَلَيْهِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ بِلَادِي ضَوَالُّ مِنَ الْإِبِلِ ، أَفَأَرْكَبُهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا هُنَّ حَرَقُ النَّارِ ، فَلَا تَقْرَبْهَا وَكَانَ الْجَارُودُ قَدْ أَدْرَكَ الرِّدَّةَ ، فَلَمَّا رَجَعَ قَوْمُهُ مَعَ الْمَعْرُورِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ النُّعْمَانِ قَامَ الْجَارُودُ ، فَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ ، وَدَعَا إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأُكَفِّرُ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ . وَقَالَ : رَضِينَا بِدِينِ اللَّهِ مِنْ كُلِّ حَادِثٍ وَبِاللَّهِ وَالرَّحْمَنِ نَرْضَى بِهِ رَبَّا ثُمَّ سَكَنَ الْجَارُودُ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَصْرَةَ ، وَوُلِدَ لَهُ أَوْلَادٌ ، وَكَانُوا أَشْرَافًا ، وَوَجَّهَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ الْجَارُودَ عَلَى الْقِتَالِ يَوْمَ سُهْرَكَ ، فَقُتِلَ فِي عَقَبَةِ الطِّينِ شَهِيدًا سَنَةَ عِشْرِينَ . قَالَ : وَيُقَالُ لَهَا عَقَبَةُ الْجَارُودِ . كَانَ الْمُنْذِرُ بْنُ الْجَارُودِ سَيِّدَا جَوَّادًا ، وَلَّاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ اصْطَخْرَ ، فَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ إِلَّا وَصَلَهُ ، ثُمَّ وَلَّاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ ثَغْرَ الْهِنْدِ ، فَمَاتَ هُنَاكَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ ، أَوْ أَوَّلَ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ وَيُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ ، وَأُمُّهُ هِنْدُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ ، وُلِدَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسَمِعَ مِنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خُطْبَتَهُ بِالْجَابِيَةِ ، وَسَمِعَ مِنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَمِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، وَمِنْ أَبِيهِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ قَدْ تَحَوَّلَ إِلَى الْبَصْرَةِ مَعَ أَبِيهِ ، وَابْتَنَى بِهَا دَارًا ، فَلَمَّا كَانَ أَيَّامُ مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو خَرَجَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْبَصْرَةِ ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ بَيْنَهُمْ ، وَتَدَاعَتِ الْقَبَائِلُ وَالْعَشَائِرُ ، وَأَجْمَعُوا أَمَرَهُمْ ، فَوَلَّوْا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ صَلَاتَهُمْ وَفَيْئَهُمْ ، وَكَتَبُوا بِذَلِكَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ إِنَّا قَدْ رَضِينَا بِهِ ، فَأَقَرَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْبَصْرَةِ ، وَصَعِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْمِنْبَرَ ، فَلَمْ يَزَلْ يُبَايِعُ النَّاسَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَتَّى نَعَسَ ، فَجَعَلَ يُبَايِعُهُمْ وَهُوَ نَائِمٌ مَادًّا يَدَهُ ، فَقَالَ سُحَيْمُ بْنُ وُثَيْلٍ الْيَرْبُوعِيُّ : بَايَعْتُ أَيْقَاظًا فَأَوْفَيْتُ بَيْعَتِي وَبَبَّهُ قَدْ بَايَعْتُهُ وَهْوَ نَائِمُ فَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَامِلًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى الْبَصْرَةِ حَتَّى عَزَلَهُ ، وَاسْتَعْمَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيَّ ، وَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ إِلَى عُمَانَ ، فَمَاتَ بِهَا
أَبُو صُفْرَةَ الْعَتَكِيُّ وَاسْمُهُ : ظَالِمُ بْنُ سَرَّاقِ بْنِ صُبْحِ بْنِ كِنْدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ وَائِلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ العَتِيكِ بْنِ الْأَسَدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ عَمْرِو مُزَيْقِيَاءَ بْنِ عَامِرِ مَاءِ السَّمَاءِ بْنِ حَارِثَةَ الْغِطْرِيفِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَازِنِ بْنِ الْأَزْدِ ، وَكَانَ أَبُو صُفْرَةَ مِنْ أَزْدِ دَبَاءَ ، وَدَبَاءُ فِيمَا بَيْنَ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ ، وَقَدْ كَانُوا أَسْلَمُوا ، وَقَدِمَ وَفْدُهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقِرِّينَ بِالْإِسْلَامِ ، فَبَعَثَ عَلَيْهِمْ مُصَدِّقًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ الْأَزْدِيُّ مِنْ أَهْلِ دَبَاءَ ، وَكَتَبَ لَهُ فَرَائِضَ الصَّدَقَاتِ ، فَكَانَ يَأْخُذُ صَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ ، وَيَرُدُّهَا عَلَى فُقَرَائِهِمْ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَدُّوا وَمَنَعُوا الصَّدَقَةَ ، فَكَتَبَ حُذَيْفَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بِذَلِكَ ، فَوَجَّهَ أَبُو بَكْرٍ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ إِلَيْهِمْ ، فَالْتَقَوْا فَاقْتَتَلُوا ، ثُمَّ رَزَقَ اللَّهُ عِكْرِمَةَ عَلَيْهِمُ الظَّفَرَ ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ ، وَأَكْثَرَ فِيهِمُ الْقَتْلَ ، وَمَضَى فَلُّهُمْ إِلَى حِصْنِ دَبَاءَ ، فَتَحَصَّنُوا فِيهِ ، وَحَصَرَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فِي حِصْنِهِمْ ، ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ الْأَزْدِيِّ ، فَقَتَلَ مِائَةً مِنْ أَشْرَافِهِمْ ، وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ ، وَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَفِيهِمْ أَبُو صُفْرَةَ - غُلَامٌ لَمْ يَبْلُغْ يَوْمَئِذٍ - فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ قَتَلَهُمْ ، فَقَالَ عُمَرُ : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ ، قَوْمٌ إِنَّمَا شَحُّوا عَلَى أَمْوَالِهِمْ ، فَيَأْبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدَعَهُمْ فَلَمْ يَزَالُوا مَوْقُوفِينَ فِي دَارِ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ حَتَّى تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ ، وَوَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَدَعَاهُمْ ، فَقَالَ : قَدْ أَفْضَى إِلَيَّ هَذَا الْأَمْرُ ، فَانْطَلِقُوا إِلَى أَيِّ الْبِلَادِ شِئْتُمْ ، فَأَنْتُمْ قَوْمٌ أَحْرَارٌ ، لَا فِدْيَةَ عَلَيْكُمْ ، فَخَرَجُوا حَتَّى نَزَلُوا الْبَصْرَةَ ، وَرَجَعَ بَعْضُهُمْ إِلَى بِلَادِهِ ، فَكَانَ أَبُو صُفْرَةَ - وَهُوَ أَبُو الْمُهَلَّبِ - مِمَّنْ نَزَلَ الْبَصْرَةَ ، وَشَرُفَ بِهَا هُوَ وَوَلَدُهُ
الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ ، وَاسْمُ أَبِي الْحَسَنِ يَسَارٌ ، يُقَالُ إِنَّهُ مِنْ سَبْي مَيْسَانَ ، وَقَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَاشْتَرَتْهُ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، فَأَعْتَقَتْهُ ، وَذُكِرَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ أَبَوَايَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ ، وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي سَلَمَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَسَاقَهُمَا إِلَيْهَا مِنْ مَهْرِهَا ، فَأَعْتَقَتْهُمَا ، وَيُقَالُ بَلْ كَانَتْ أُمُّ الْحَسَنِ مَوْلَاةً لِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَوُلِدُ الْحَسَنُ بِالْمَدِينَةِ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَيَذْكُرُونَ أَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ رُبَّمَا غَابَتْ ، فَيَبْكِي الصَّبِيُّ ، فَتُعْطِيهِ أُمُّ سَلَمَةَ ثَدْيَهَا تُعَلِّلُهُ بِهِ إِلَى أَنْ تَجِيءَ أُمُّهُ ، فَدَرَّ عَلَيْهَا ثَدْيُهَا ، فَشَرِبَهُ ، فَيَرَوْنَ أَنَّ تِلْكَ الْحِكْمَةَ وَالْفَصَاحَةَ مِنْ بَرَكَةِ ذَلِكَ ، وَنَشَأَ الْحَسَنُ بِوَادِي الْقُرَى ، وَكَانَ فَصِيحًا
سُلَيْمَانُ بْنُ طَرْخَانَ التَّيْمِيُّ وَيُكْنَى أَبَا الْمُعْتَمِرِ قَالَ : سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، يَقُولُ : لَيْسَ بِتَيْمِيٍّ ، وَلَكِنَّهُ مُرِّيُّ ، وَمَنْزِلُهُ فِي التَّيْمِ ، فَنُسِبَ إِلَيْهِمْ ، قَالَ : وَكَانَ ثِقَةً ، كَثِيرَ الْحَدِيثِ ، وَكَانَ مِنَ الْعُبَّادِ الْمُجْتَهِدِينَ ، وَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ ، يُصَلِّي الْغَدَاةَ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، وَكَانَ هُوَ وَابْنُهُ الْمُعْتَمِرُ يَدُورَانِ بِاللَّيْلِ فِي الْمَسَاجِدِ ، فَيُصَلِّيَانِ مَرَّةً فِي هَذَا الْمَسْجِدِ ، وَمَرَّةً فِي هَذَا الْمَسْجِدِ حَتَّى يُصْبِحَا ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ مَائِلًا إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ سُلَيْمَانُ : أَخَذَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ صَحِيفَةَ جَابِرٍ ، فَقَالُوا : خُذْهَا ، فَقُلْتُ : لَا وَتُوُفِّيَ سُلَيْمَانُ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ
يُوسُفُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ السَّمْتِيُّ وَيُكْنَى أَبَا خَالِدٍ ، مَوْلَى سَهْلِ بْنِ صَخْرٍ اللَّيْثِيِّ ، مِنْ بَنِي كِنَانَةَ ، وَلَهُ صُحْبَةٌ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ أَعْتَقَ عُمَيْرًا ، وَوُلِدَ يُوسُفُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِي وِلَايَةِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ ، وَسُمِّيَ بِاسْمِهِ ، وَكَانَ قَدْ طَلَبَ الْعِلْمَ ، وَلَقِيَ خَالِدًا الْحَذَّاءَ ، وَيُونُسَ ، وَابْنَ عَوْنٍ ، وَهِشَامًا ، وَطَبَقَتَهُمْ ، وَلَقِيَ الْأَعْمَشَ ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ ، وَعَبْدَ الْمَلِك بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ ، وَغَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، وَلَقِيَ مُوسَى بْنَ عُقْبَةَ ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَجْلَانَ ، وَنُظَرَاءَهُمْ ، وَكَانَ لَهُ بَصَرٌ بِالرَّأْيِ وَالْفَتْوَى وَالْكُتُبِ وَالشُّرُوطِ ، وَكَانَ النَّاسُ يَتَّقُونَ حَدِيثَهُ لِرَأْيِهِ ، وَكَانَ ضَعِيفًا فِي الْحَدِيثِ ، وَقِيلَ لَهُ السَّمْتِيُّ لِلِحْيَتِهِ وَهَيْئَتِهِ وَسَمْتِهِ ، وَالدَّارُ الَّتِي كَانَ فِيهَا يُوسُفُ بِالْبَصْرَةِ هِيَ دَارُ سَهْلِ بْنِ صَخْرٍ ، وَتُوُفِّيَ يُوسُفُ بِالْبَصْرَةِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِقْسَمٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قُطْبَةَ الْأَسَدِيِّ أَسَدِ خُزَيْمَةَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، وَكَانَ مِقْسَمٌ مِنْ سَبْيِ الْقِيقَانِيَّةِ مَا بَيْنَ خُرَاسَانَ وَزَابُلِسْتَانَ ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مِقْسَمٍ تَاجِرًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، وَكَانَ يَقْدَمُ الْبَصْرَةَ بِتِجَارَتِهِ ، فَيَبِيعُ وَيَرْجِعُ ، فَتَخَلَّفَ فَتَزَوَّجَ عُلَيَّةَ بِنْتَ حَسَّانَ مَوْلَاةً لِبَنِي شَيْبَانَ ، وَكَانَتِ امْرَأَةً نَبِيلَةً عَاقِلَةً بَرْزَةً ، لَهَا دَارٌ بِالْعَوَقَةِ بِالْبَصْرَةِ تُعْرَفُ بِهَا ، وَكَانَ صَالِحٌ الْمُرِّيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَفُقَهَائِهَا يَدْخُلُونَ عَلَيْهَا ، فَتَبْرُزُ لَهُمْ ، وَتُحَادِثُهُمْ ، وَتُسَائِلُهُمْ ، فَوَلَدَتْ لِإِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ ، فَنُسِبَ إِلَيْهَا ، وَأَقَامَ بِالْبَصْرَةِ ، وَوَلَدَتْ لِإِبْرَاهِيمَ بَعْدَ إِسْمَاعِيلَ رِبْعِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ ، وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ يُكْنَى أَبَا بِشْرٍ ، وَكَانَ ثِقَةً ، ثَبْتًا فِي الْحَدِيثِ ، حُجَّةً ، وَقَدْ وَلِيَ صَدَقَاتِ الْبَصْرَةِ ، وَوَلِيَ الْمَظَالِمَ بِبَغْدَادَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ هَارُونَ ، وَنَزَلَ بَغْدَادَ هُوَ وَوَلَدُهُ ، وَاشْتَرَى بِهَا دَارًا ، وَتُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فِي مَقَابِرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، وَكَانَ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ بِبَغْدَادَ يَوْمَ مَاتَ إِسْمَاعِيلُ
أَبُو سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبُ وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي الْوَضَّاحِ ، كَانَ مِنْ حَيِّ مِنْ قُضَاعَةَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَكَانَ أَصْلُهُ جَزَرِيًّا ، فَلَمَّا تَوَلَّى أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ عَلَى الْجَزِيرَةِ ضَمَّ أَبَا سَعِيدٍ إِلَى الْمَهْدِيِّ ، وَالْمَهْدِيُّ يَوْمَئِذٍ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ نَحْوِهَا ، فَقَدِمَ مَعَهُ إِلَى بَغْدَادَ ، ثُمَّ ضَمَّ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ إِلَى الْمَهْدِيِّ سُفْيَانَ بْنَ حُسَيْنٍ ، فَضَمَّ الْمَهْدِيُّ أَبَا سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْمَهْدِيِّ ، فَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ أَبُو سَعِيدٍ بِبَغْدَادَ فِي خِلَافَةِ مُوسَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ الْخَيْزُرَانِ ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ فِي الرَّصَافَةِ ، وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ يَرْوِي عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ ، وَخَصِيفٍ ، وَعَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ ، وَعَلِيِّ بْنِ بُدَيْمَةَ ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حُرَّةَ ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ ، وَالْأَعْمَشِ ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، وَمِسْعَرٍ ، وَالْأَجْلَحِ الْكِنْدِيِّ ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَكَانَ ثِقَةً
أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي وَاسْمُهُ : يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ بُجَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُحَافَةَ بْنِ نُفَيْلِ بْنِ سَدُوسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ بْنِ سُحْمَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرَادَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْغَوْثِ بْنِ بَجِيلَةَ ، وَأُمُّ سَعْدِ بْنِ بُجَيْرٍ حَبْتَةُ بِنْتُ مَالِكٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ سَعْدٌ بِأُمِّهِ ، يُقَالُ لَهُ سَعْدُ بْنُ حَبْتَةَ ، وَهُمْ حُلَفَاءُ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، وَكَانَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ حَدِيثٌ كَثِيرٌ عَنْ أَبِي خُصَيْفٍ ، وَالْمُغِيرَةِ ، وَحُصَيْنٍ ، وَمُطَرِّفٍ ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، وَالْأَعْمَشِ ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْكُوفِيِّينَ ، وَكَانَ يُعْرَفُ بِالْحِفْظِ لِلْحَدِيثِ ، وَكَانَ يَحْضُرُ الْمُحَدِّثَ فَيَحْفَظُ خَمْسِينَ وَسِتِّينَ حَدِيثًا ، فَيَقُومُ فَيُمْلِيهَا عَلَى النَّاسِ ، ثُمَّ لَزِمَ أَبَا حَنِيفَةَ النُّعْمَانَ بْنَ ثَابِتٍ فَتَفَقَّهَ وَغَلَبَ عَلَيْهِ الرَّأْيُ وَجَفَا الْحَدِيثَ ، وَكَانَ صَيَّرَهُ الْمَهْدِيُّ مَعَ ابْنِهِ مُوسَى وَهُوَ وَلِيُّ عَهْدِهِ عَلَى قَضَائِهِ ، وَكَانَ مَعَهُ بِجُرْجَانَ حِينَ أَتَتْهُ الْخِلَافَةُ ، ثُمَّ قَدِمَ مَعَهُ بَغْدَادَ فَوَلَّاهُ قَضَاءَهَا ، فَلَمْ يَزَلْ هُوَ وَوَلَدُهُ إِلَى أَنْ مَاتَ لِخَمْسِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ فِي خِلَافَةِ هَارُونَ
أَبُو الْبَخْتَرِيِّ الْقَاضِي وَاسْمُهُ وَهْبُ بْنُ وَهْبِ بْنِ وَهْبِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ ، كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا ، فَنَزَلَ الشَّامَ ، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ ، فَوَلَّاهُ هَارُونُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْقَضَاءَ بِعَسْكَرِ الْمَهْدِيِّ ، ثُمَّ عَزَلَهُ فَوَلَّاهُ مَدِينَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ بَكَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ ، وَجَعَلَ إِلَيْهِ صَلَاتَهَا وَحَرْبَهَا وَقَضَاءَهَا ، وَكَانَ شَيْخًا مَرِيئًا مِنْ رِجَالِ قُرَيْشٍ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْحَدِيثِ بِذَاكَ ، رَوَى مُنْكَرَاتٍ فَتُرِكَ حَدِيثُهُ ، ثُمَّ عُزِلَ عَنِ الْمَدِينَةِ ، فَقَدِمَ بَغْدَادَ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ بِهَا سَنَةَ مِائَتَيْنِ
مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الْأَسْلَمِيُّ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ ، وَيُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، فَقَدِمَ بَغْدَادَ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ فِي دَيْنٍ لَحِقَهُ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا ، وَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ وَالرَّقَّةِ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا إِلَى أَنْ قَدِمَ الْمَأْمُونُ مِنْ خُرَاسَانَ ، فَوَلَّاهُ الْقَضَاءَ بِعَسْكَرِ الْمَهْدِيِّ ، فَلَمْ يَزَلْ قَاضِيًا حَتَّى مَاتَ بِبَغْدَادَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَتَيْنِ ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ فِي مَقَابِرِ الْخَيْزُرَانِ ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، وَذُكِرَ أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَقَدْ رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ ، وَرَبِيعَةَ ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ ، وَمَعْمَرٍ ، وَابْنِ جُرَيْجٍ ، وَثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، وَالْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ ، وَعَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، وَمَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ ، وَأَفْلَحَ بْنِ سَعِيدٍ ، وَأَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، وَكَانَ عَالِمًا بِالْمَغَازِي وَاخْتِلَافِ النَّاسِ وَأَحَادِيثِهِمْ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَيُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، مَوْلًى لِبَنِي شَيْبَانَ ، وَكَانَ أَصْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ ، وَكَانَ أَبُوهُ فِي جُنْدِ أَهْلِ الشَّامِ ، فَقَدِمَ وَاسِطَ ، فَوُلِدَ مُحَمَّدٌ بِهَا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ ، وَنَشَأَ بِالْكُوفَةِ ، وَطَلَبَ الْحَدِيثَ ، وَسَمِعَ سَمَاعًا كَثِيرًا مِنْ مِسْعَرٍ ، وَمَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ ، وَعُمَرَ بْنِ ذَرٍّ ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَالْأَوْزَاعِيِّ ، وَابْنِ جُرَيْجٍ ، وَمُحِلٍّ الضَّبِّيِّ ، وَبَكْرِ بْنِ مَاعِزٍ ، وَأَبِي حُرَّةَ ، وَعِيسَى الْخَيَّاطِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَجَالِسَ أَبَا حَنِيفَةَ وَسَمِعَ مِنْهُ ، وَنَظَرَ فِي الرَّأْيِ فَغَلَبَ عَلَيْهِ وَعُرِفَ بِهِ ، وَنَفَذَ فِيهِ ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ فَنَزَلَهَا ، وَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَسَمِعُوا مِنْهُ الْحَدِيثَ وَالرَّأْيَ ، وَخَرَجَ إِلَى الرَّقَّةِ وَهَارُونُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِهَا ، فَوَلَّاهُ قَضَاءَ الرَّقَّةِ ثُمَّ عَزَلَهُ ، فَقَدِمَ بَغْدَادَ ، فَلَمَّا خَرَجَ هَارُونُ إِلَى الرَّيِّ الْخَرْجَةَ الْأُولَى أَمَرَهُ فَخَرَجَ مَعَهُ ، فَمَاتَ بِالرَّيِّ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً
عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيَّةِ امْرَأَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ : جَاءَنِي عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ بِسِجِلِّ أَبِيهِ بِعِتْقِهِ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، فِيهِ شَهَادَةُ جَدِّي إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَلَمَةَ ، وَرَجُلٍ آخَرَ مَعَهُ مِمَّنْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ : وُلِدْتُ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي آخِرِ خِلَافَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ وَقَدْ رَوَى عَلِيٌّ عَنْ شُعْبَةَ ، وَزُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، وصَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ ، وَلَيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَتُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ فِي سَنَةِ ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ ، وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ بَابِ حَرْبٍ ، وَكَانَ لَهُ يَوْمَ تُوُفِّيَ سِتٌّ وَتِسْعُونَ سَنَةً وَأَشْهُرٍ
هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَيُكْنَى أَبَا الْأَشْهَبِ ، وَأُمُّهُ الزَّهْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ ، وَأُمُّهَا هَوْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ ، وَوُلِدَ هَوْذَةُ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ ، وَطَلَبَ الْحَدِيثَ ، وَكَتَبَ عَنْ يُونُسَ ، وَهِشَامٍ ، وَعَوْفٍ ، وَابْنِ عَوْنٍ ، وَابْنِ جُرَيْجٍ ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ ، فَذَهَبَتْ كُتُبُهُ ، فَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ إِلَّا كِتَابُ عَوْفٍ وَشَيْءٌ يَسِيرٌ لِابْنِ عَوْنٍ ، وَابْنِ جُرَيْجٍ ، وَأَشْعَثَ ، وَالتَّيْمِيِّ ، وَمَاتَ هَوْذَةُ بِبَغْدَادَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ فِي خِلَافَةِ الْمَأْمُونِ ، وَدُفِنَ خَارِجَ بَابِ خُرَاسَانَ ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ ، وَكَانَ رَجُلًا طَوِيلًا أَسْمَرَ ، يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ
الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُرِّ بْنِ زَعْلَانَ وَيُكْنَى أَبَا عَلِيٍّ ، وَيُلَقَّبُ إِشْكَابَ ، وَهُوَ مِنْ أَبْنَاءِ أَهْلِ خُرَاسَانَ مِنْ أَهْلِ نَسَا ، وَكَانَ أَبُوهُ مِمَّنْ خَرَجَ فِي دَعْوَةِ آلِ الْعَبَّاسِ مَعَ أُسَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الَّذِي ظَهْرَ بِنَسَا وَسُوِّدَ ، وَوَلِيَ أُسَيْدٌ أَصْبَهَانَ ، فَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُرِّ مَعَهُ فِي أَصْحَابِهِ ، فَوُلِدَ لَهُ الْحُسَيْنُ بأَصْبَهَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ ، وَنَشَأَ الْحُسَيْنُ بِبَغْدَادَ ، وَطَلَبَ الْحَدِيثَ ، وَلَقِيَ مُحَمَّدَ بْنَ رَاشِدٍ ، وَشَرِيكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، وَفُلَيْحًا ، وَحَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ ، وَغَيْرَهُمْ ، وَلَزِمَ أَبَا يُوسُفَ الْقَاضِيَ ، فَأَبْصَرَ الرَّأْيَ ، ثُمَّ قَعَدَ عِنْدَهُمْ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقَضَاءِ وَلَا غَيْرِهِ ، وَلَمْ يَزَلْ بِبَغْدَادَ يُؤْتَى فِي الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ ، فِي خِلَافَةِ الْمَأْمُونِ وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ سَنَةً
بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ رَوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي كُتُبَهُ وَإِمْلَاءَهُ ، وَرَوَى عَنْ شَرِيكٍ ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَصَالِحٍ الْمُرِّيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَرَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِبَغْدَادَ فِي الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا ، وَكَانَ يُحَدِّثُ وَيُفْتِي النَّاسَ بِبَغْدَادَ ، وَسَعَى بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ : إِنَّهُ لَا يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ، فَأَمَرَ بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو إِسْحَاقَ أَنْ يُحْبَسَ فِي مَنْزِلِهِ ، فَحُبِسَ فِي مَنْزِلِهِ ، وَوُكِّلَ بِبَابِهِ الشُّرَطُ ، وَنُهِيَ أَنْ يُفْتِيَ أَحَدًا بِشَيْءٍ ، فَلَمَّا وَلِيَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْخِلَافَةَ أَمَرَ بِإِطْلَاقِهِ وَأَنْ يُفْتِيَ النَّاسَ وَيُحَدِّثَهُمْ ، فَبَقِيَ حَتَّى كَبِرَتْ سِنُّهُ ، وَتَكَلَّمَ بِالْوَقْفِ فَأَمْسَكَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ عَنْهُ وَتَرَكُوهُ
بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْأَعْرَجِ بْنِ سَعْدِ بْنِ رَزَاحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَهْمِ بْنِ مَازِنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ سَلَامَانَ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ أَفْصَى ، وَيُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَسْلَمَ حِينَ مَرَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْهِجْرَةِ ، وَأَقْرَأَهُ صَدْرًا مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا بَعْدَ أُحُدٍ ، فَتَعَلَّمَ بَقِيَّةَ سُورَة مَرْيَمَ ، وَغَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَغَازِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَسَكَنَ الْمَدِينَةَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا فُتِحَتِ الْبَصْرَةُ وَمُصِّرَتْ تَحَوَّلَ إِلَيْهَا بُرَيْدَةُ ، فَاخْتَطَّ بِهَا دَارًا ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا غَازِيًا إِلَى خُرَاسَانَ ، فَمَاتَ بِمَرْوَ فِي خِلَافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، وَبَقِيَ وَلَدُهُ بِهَا ، وَقَدِمَ مِنْهُمْ قَوْمٌ فَنَزَلُوا بَغْدَادَ ، فَمَاتُوا بِهَا
أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ وَاسْمُهُ فِيمَا ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، وَبَعْضُ وَلَدِ أَبِي بَرْزَةَ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَضْلَةَ ، وَقَالَ غَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ : اسْمُهُ : نَضْلَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ آخَرُونَ : نَضْلَةُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَنَّادِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ دِعْبِلِ بْنِ أَنَسِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ سَلَامَانَ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ أَفْصَى أَسْلَمَ أَبُو بَرْزَةَ قَدِيمًا ، وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتْحَ مَكَّةَ ، وَقَتَلَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ خَطَلٍ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ، وَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَرْزَةَ يَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنْ قُبِضَ ، فَتَحَوَّلَ إِلَى الْبَصْرَةِ ، فَنَزَلَهَا حِينَ نَزَلَهَا الْمُسْلِمُونَ ، وَبَنَى بِهَا دَارًا ، وَلَهُ بِهَا بَقِيَّةٌ وَعَقِبٌ ، ثُمَّ غَزَا خُرَاسَانَ فَمَاتَ بِهَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ ، وَأُمُّهُ أَرْوَى بِنْتُ أَبِي الْفَرَعَةِ ، وَاسْمُ أَبِي الْفَرَعَةِ : حَارِثَةُ بْنُ كَعْبِ بْنِ مُطَرِّفِ بْنِ ضُرَيْسٍ ، مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ ، تَحَوَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلَى الْبَصْرَةِ وَنَزَلَهَا ، وَرَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ ، وَكَانَ اسْمُهُ عَبْدَ الْكَعْبَةِ ، فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَسْلَمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، وَقَالَ لَهُ : يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ وَاسْتَعْمَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ عَلَى سِجِسْتَانَ ، وَغَزَا خُرَاسَانَ ، فَفَتَحَ بِهَا فُتُوحًا ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَصْرَةِ ، فَمَاتَ بِهَا سَنَةَ خَمْسِينَ ، وَصَلَّى عَلَيْهِ زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ
الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ أَخْبَرَنَا عَمَّارُ بْنُ نَصْرٍ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ : كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، وَقَدْ لَقِيَ ابْنَ عُمَرَ ، وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، وَكَانَ هَرَبَ مِنَ الْحَجَّاجِ ، فَأَتَى مَرْوَ ، فَسَكَنَ قَرْيَةً مِنْهَا يُقَالُ لَهَا بُرْزُ ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى مِنْهَا يُقَالُ لَهَا سَذَوَّرُ ، فَكَانَ فِيهَا إِلَى أَنْ مَاتَ ، وَقَدْ كَانَ طُلِبَ أَيْضًا بِخُرَاسَانَ حِينَ ظَهَرَتْ دَعْوَةُ وَلَدِ الْعَبَّاسِ ، فَتَغَيَّبَ ، فَتَخَلَّصَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، وَهُوَ مُخْتَفٍ ، فَسَمِعَ مِنْهُ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ : مَا يَسُرُّنِي بِهَا كَذَا وَكَذَا لِشَيْءٍ سَمَّاهُ وَمَاتَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ فِي خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ الصَّائِغُ كَانَ هُوَ وَمُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْعَبْدِيُّ صَدِيقَيْنِ لِأَبِي مُسْلِمٍ الدَّاعِيَةِ بِخُرَاسَانَ ، يَجْلِسَانِ إِلَيْهِ وَيَسْمَعَانِ كَلَامَهُ ، فَلَمَّا أَظْهَرَ الدَّعْوَةَ بِخُرَاسَانَ وَقَامَ بِهَذَا الْأَمْرِ دَسَّ إِلَيْهِمَا مَنْ يَسْأَلُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ ، وَعَنِ الْفَتْكِ بِهِ ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ : لَا أَرَى أَنْ يُفْتَكَ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ قَيْدُ الْفَتْكِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ : أَرَى أَنْ يُفْتَكَ بِهِ وَيُقْتَلَ فَوَلَّى أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدَ بْنَ ثَابِتٍ الْعَبْدِيَّ قَضَاءُ مَرْوَ ، وَبَعَثَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ فَقُتِلَ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغَ كَانَ أَتَى أَبَا مُسْلِمٍ فَوَعَظَهُ ، فَقَالَ لَهُ : انْصَرِفْ إِلَى مَنْزِلِكَ ، فَقَدْ عَرَفْنَا رَأْيَكَ فَرَجَعَ ، ثُمَّ تَحَنَّطَ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَكَفَّنَ ، وَأَتَاهُ وَهُوَ فِي مَجْمَعٍ مِنَ النَّاسِ فَوَعَظَهُ وَكَلَّمَهُ بِكَلَامٍ شَدِيدٍ فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ وَطُرِحَ فِي بِئْرٍ
مُعَاذُ بْنُ جَبَلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَوْسِ بْنِ عَائِذِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُدَيِّ بْنِ سَعْدٍ أَخِي سَلَمَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَسَدِ بْنِ شَارِدَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جُشَمِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَالَ : وَيُكْنَى مُعَاذٌ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَأُمُّهُ هِنْدُ بِنْتُ سَهْلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ ، وَأَخُوهُ لِأُمِّهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ ، وَشَهِدَ مُعَاذٌ الْعَقَبَةَ مَعَ السَّبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ ، وَشَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَشَهِدَ أُحُدًا ، وَالْخَنْدَقَ ، وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ عَامِلًا وَمُعَلِّمًا ، وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْيَمَنِ ، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ عَلَيْهَا عَلَى الْجُنْدِ ، ثُمَّ قَدِمَ مَكَّةَ ، فَوَافَى عُمَرَ عَامَئِذٍ عَلَى الْحَجِّ
سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ دُلَيْمِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ أَبِي حَزِيمَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ طَرِيفِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ سَاعِدَةَ ، مِنَ الْأَنْصَارِ ، وَيُكْنَى أَبَا ثَابِتٍ ، وَأُمُّهُ عَمْرَةُ بِنْتُ مَسْعُودِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ ، وَهُوَ ابْنُ خَالَةِ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ الْأَشْهَلَيِّ ، مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ ، وَكَانَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ ، وَيُحْسِنُ الْعَوْمَ وَالرَّمْيَ ، وَكَانَ مَنْ أَحْسَنَ ذَلِكَ سُمِّيَ الْكَامِلَ ، وَشَهِدَ سَعْدٌ الْعَقَبَةَ مَعَ السَّبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ ، وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ الِاثْنَيْ عَشَرَ ، وَكَانَ سَيِّدَا جَوَّادًا ، وَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا ، وَكَانَ تَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ إِلَى بَدْرٍ ، وَيَأْتِي دُورَ الْأَنْصَارِ يَحُضُّهُمْ عَلَى الْخُرُوجِ ، فَنُهِشَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَئِنْ كَانَ سَعْدٌ لَمْ يَشْهَدْهَا لَقَدْ كَانَ عَلَيْهَا حَرِيصًا وَشَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ أُحُدًا ، وَالْخَنْدَقَ ، وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ وَمَعَهُمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، فَتَشَاوَرُوا فِي الْبَيْعَةِ لَهُ ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فَخَرَجَا حَتَّى أَتَيَاهُمْ وَمَعَهُمَا نَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ ، فَجَرَى بَيْنَهُمْ كَلَامٌ وَمُحَاوَرَةٌ ، فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ : ابْسُطْ يَدَكَ فَبَايَعَهُ ، وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ ، وَلَمْ يُبَايِعْهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، فَتَرَكَهُ فَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ حَتَّى تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ ، وَوَلِيَ عُمَرُ ، فَلَمْ يُبَايِعْ لَهُ أَيْضًا ، فَلَقِيَهُ عُمَرُ ذَاتَ يَوْمٍ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : إِيهِ يَا سَعْدُ ، إِيهِ يَا سَعْدُ فَقَالَ سَعْدٌ : إِيهِ يَا عُمَرُ فَقَالَ عُمَرُ : أَنْتَ صَاحِبُ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ فَقَالَ سَعْدٌ : نَعَمْ ، أَنَا ذَلِكَ ، وَقَدْ أَفْضَى اللَّهُ إِلَيْكَ هَذَا الْأَمْرَ ، وَكَانَ وَالِيهِ صَاحِبُكَ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْكَ ، وَقَدْ وَاللَّهِ أَصْبَحْتُ كَارِهًا لِجِوَارِكَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّ مَنْ كَرِهَ جَارًا جَاوَرَهُ تَحَوَّلَ عَنْهُ فَقَالَ سَعْدٌ : أَمَا إِنِّي غَيْرُ مُسْتَسِرٍّ بِذَلِكَ ، وَأَنَا مُتَحَوِّلٌ إِلَى جِوَارِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ جِوَارِكَ قَالَ : فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى خَرَجَ مُهَاجِرًا إِلَى الشَّامِ ، فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ
أَبُو الدَّرْدَاءِ وَاسْمُهُ عُوَيْمِرُ بْنُ زَيْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَائِشَةَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ، وَأُمُّهُ مَحَبَّةُ بِنْتُ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْإِطْنَابَةِ بْنِ عَامِرِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ كَعْبٍ وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ آخِرَ أَهْلِ دَارِهِ إِسْلَامًا ، فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، وَكَانَ أَخًا لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ ، فَأَخَذَ قَدُومًا ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ صَنَمَ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَهُوَ يَقُولُ : تَبَرَّأْ مِنْ أَسْمَاءِ الشَّيَاطِينِ كُلِّهَا أَلَا كُلُّ مَا يُدْعَى مَعَ اللَّهِ بَاطِلُ ، وَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَخْبَرَتْهُ امْرَأَتُهُ بِمَا صَنَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ ، فَقَالَ : لَوْ كَانَ عِنْدَ هَذَا خَيْرٌ لَدَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، فَأَسْلَمَ
خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ مَخْزُومٍ وَيُكْنَى أَبَا سُلَيْمَانَ ، وَأُمُّهُ عَصْمَاءُ : وَهِيَ لُبَابَةُ الصُّغْرَى بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ حَرْبِ بْنِ بُجَيْرِ بْنِ الْهُزَمِ بْنِ رُوَيْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ ، وَهِيَ أُخْتُ أُمِّ الْفَضْلِ بْنِ الْحَارِثِ أُمِّ بَنِي الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَكَانَ خَالِدٌ مِنْ فُرْسَانِ قُرَيْشٍ وَأَشِدَّائِهِمْ ، وَشَهِدَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ ، ثُمَّ قَذَفَ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ حُبَّ الْإِسْلَامِ ؛ لِمَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ ، وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْقَضِيَّةِ مَكَّةَ ، فَتَغَيَّبَ خَالِدٌ ، فَسَأَلَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَاهُ ، فَقَالَ : أَيْنَ خَالِدٌ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : يَأْتِي اللَّهُ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا مِثْلُ خَالِدٍ مَنْ جَهِلَ الْإِسْلَامِ ، وَلَوْ كَانَ جَعَلَ نِكَايَتَهُ وَجَدَّهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَلَقَدَّمْنَاهُ عَلَى غَيْرِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، فَزَادَهُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ ، وَنَشَّطَهُ لِلْخُرُوجِ ، فَأَجْمَعَ الْخُرُوجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَالِدٌ : فَطَلَبْتُ مَنْ أُصَاحِبُ ، فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ ، فَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي أُرِيدُ ، فَأَسْرَعَ الْإِجَابَةَ قَالَ : فَخَرَجْنَا جَمِيعًا ، فَلَمَّا كُنَّا بِالْهَدَّةِ إِذَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَ : مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ قُلْنَا : وَبِكَ قَالَ : أَيْنَ مَسِيرُكُمْ ؟ فَأَخْبَرَنَاهُ ، وَأَخْبَرَنَا أَيْضًا أَنَّهُ يُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاصْطَحَبْنَا جَمِيعًا حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ ، فَلَمَّا طَلَعْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ بِالنُّبُوَّةِ ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ، فَأَسْلَمْتُ ، وَشَهِدْتُ شَهَادَةَ الْحَقِّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ كُنْتُ أَرَى لَكَ عَقْلًا ، رَجَوْتُ أَنْ لَا يُسْلِمَكَ إِلَّا إِلَى خَيْرٍ وَبَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقُلْتُ : اسْتَغْفِرْ لِي كُلَّ مَا أَوْضَعْتُ فِيهِ مِنْ صَدٍّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ، فَقَالَ : إِنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، عَلَيَّ ذَلِكَ قَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيد كُلَّ مَا أَوْضَعَ فِيهِ مِنْ صَدٍّ عَنْ سَبِيلِكِ قَالَ خَالِدٌ : وَتَقَدَّمَ خَالِدٌ ، وَتَقَدَّمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ ، فَأَسْلَمَا ، وَبَايَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَاللَّهِ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أَسْلَمْتُ يَعْدِلُ بِي أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِيمَا يُجْزِئُهُ
الْحَارِثُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ أَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا ، وَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ، وَلَمْ يَزَلْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا جَاءَ كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ يَسْتَنْفِرُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى غَزَاةِ الرُّومِ قَدِمَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو جَمِيعًا عَلَى أَبِي بَكْرٍ الْمَدِينَةَ ، فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ فِي مَنَازِلِهِمْ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ، وَرَحَّبَ بِهِمْ ، وَسُرَّ بِمَكَانِهِمْ ، ثُمَّ خَرَجُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ غُزَاةً إِلَى الشَّامِ ، فَشَهِدُوا ، وَشَهِدَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ فِحْلًا وَأَجْنَادِينَ ، وَمَاتَ بِالشَّامِ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ ، فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ، أَسْلَم قَدِيمًا بِمَكَّةَ ، فَحَبَسَهُ أَبُوهُ وَأَوْثَقَهُ فِي الْحَدِيدِ ، وَمَنْعَهُ الْهِجْرَةَ ، ثُمَّ أَفْلَتَ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ ، فَخَرَج إِلَى أَبِي بَصِيرٍ بِالْعِيصِ ، فَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ حَتَّى مَاتَ أَبُو بَصِيرٍ ، فَقَدِمَ أَبُو جَنْدَلٍ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمْ يَزَلْ يَغْزُو مَعَهُ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَخَرَج إِلَى الشَّامِ فِي أَوَّلِ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَلَمْ يَزَلْ يَغْزُو ، وَيُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى مَاتَ بِالشَّامِ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ ، فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَلَمْ يَدَعْ أَبُو جَنْدَلٍ عَقِبًا
يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ ، وَأُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ نَوْفَلِ بْنِ حَلْفِ بْنِ قَوَّالَةَ ، مِنْ بَنِي كِنَانَةَ ، أَسْلَمَ يَزِيدُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا ، وَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ، وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ، وَلَمْ يَزَلْ يُذْكَرُ بِخَيْرٍ ، وَعَقَدَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعَ أُمَرَاءِ الْجُيُوشِ إِلَى الشَّامِ ، وَقَالَ : إِنِ اجْتَمَعْتُمْ فِي كَيْدٍ فَيَزِيدُ عَلَى النَّاسِ ، وَإِنْ تَفَرَّقْتُمْ فَمَنْ كَانَتِ الْوَقْعَةُ مِمَّا يَلِي عَسْكَرَهُ فَهُوَ عَلَى أَصْحَابِهِ ، وَشَيَّعَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَاجِلًا ، وَقَالَ : إِنِّي أَحْتَسِبُ خُطَايَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُوصِيهِ ، فَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ وَالِيهِ ، فَوَلَّاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دِمَشْقَ ، فَلَمْ يَزَلْ وَالِيًا بِهَا حَتَّى مَاتَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ ، وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ
مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ ، وَأُمُّهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ ، وَيُكْنَى مُعَاوِيَةُ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَلَهُ عَقِبٌ ، وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ أَسْلَمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلَامَهُ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ : فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ ، فَأَظْهَرْتُ إِسْلَامِي ، وَلَقِيتُهُ ، فَرَحَّبَ بِي ، وَكَتَبَ لَهُ ، وَشَهِدَ مُعَاوِيَةُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ ، وَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ، وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً وَزَنَهَا لَهُ بِلَالٌ ، وَرَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ ، وَولَّاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دِمَشْقَ عَمَلَ أَخِيهِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ حِينَ مَاتَ يَزِيدُ ، فَلَمْ يَزَلْ وَالِيًا لِعُمَرَ حَتَّى قُتِلَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، ثُمَّ وَلَّاهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ذَلِكَ الْعَمَلَ ، وَجَمَعَ لَهُ الشَّامَ كُلَّهَا حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَكَانَتْ وِلَايَتُهُ عَلَى الشَّامِ عِشْرِينَ سَنَةً أَمِيرًا ، ثُمَّ بُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ ، وَاجْتُمِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَلَمْ يَزَلْ خَلِيفَةً عِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى مَاتَ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ لِلنِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ سِتِّينَ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً
رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجُذَامِيُّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَافِدًا ، فَأَسْلَمَ ، وَأَجَازَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ أَيَّامًا يَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ ، ثُمَّ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ مَعَهُ كِتَابًا إِلَى قَوْمِهِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، فَأَجَابُوا وَأَسْرَعُوا ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ إِلَى نَاحِيَتِهِ ، فَأَغَارَ عَلَيْهِمْ ، فَقَتَلَ وَسَبَى ، فَرَجَعَ رِفَاعَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ أَبُو يَزِيدَ بْنُ عَمْرٍو ، وَأَبُو أَسْمَاءَ بْنُ عَمْرٍو ، وَسُوَيْدُ بْنُ زَيْدٍ ، وَأَخُوهُ بَرْذَعُ بْنُ زَيْدٍ ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ عَدِيٍّ ، فَرَفَعَ رِفَاعَةُ كِتَابَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَرَأَهُ وَأَخْبَرَهُ بِمَا فَعَلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ، فَقَالَ : كَيْفَ أَصْنَعُ بِالْقَتْلَى ؟ فَقَالَ أَبُو يَزِيدَ : أَطْلِقْ لَنَا مَنْ كَانَ حَيًّا ، وَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صَدَقَ أَبُو يَزِيدَ ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى زَيْدٍ ، فَأَطْلَقَ لَهُمْ مَنْ أَسَرَهُ ، وَرَدَّ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ
أَبُو مُسْهِرٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ الْغَسَّانَيُّ ، مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ ، وَكَانَ رَاوِيَةً لِسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الشَّامِيِّينَ ، وَكَانَ أَشْخَصَ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَارُونَ وَهُوَ بِالرَّقَّةِ ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْقُرْآنِ ، فَقَالَ : هُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَأَبَى أَنْ يَقُولَ : مَخْلُوقٌ ، فَدَعَا لَهُ بِالسَّيْفِ وَالنَّطْعِ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ : مَخْلُوقٌ ، فَتَرَكَهُ مِنَ الْقَتْلِ ، وَقَالَ : أَمَا إِنَّكَ لَوْ قُلْتَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ أَدْعُوَ لَكَ بِالسَّيْفِ لَقَبِلْتُ مِنْكَ وَرَدَدْتُكَ إِلَى بِلَادِكَ وَأَهْلِكَ ، وَلَكِنَّكَ تَخْرُجُ الْآنَ ، فَتَقُولُ : قُلْتُ ذَلِكَ فَرَقًا مِنَ الْقَتْلِ ، أَشْخِصُوهُ إِلَى بَغْدَادَ فَاحْبِسُوهُ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ ، فَأُشْخِصَ مِنَ الرَّقَّةِ إِلَى بَغْدَادَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ ، فَحُبِسَ قِبَلَ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، فَلَمْ يَلْبَثْ فِي الْحَبْسِ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ فِيهِ ، فِي غُرَّةِ رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ ، فَأُخْرِجَ لِيُدْفَنَ ، فَشَهِدَهُ قَوْمٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ
الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ وَاسْمُ أَبِي مَنِيعٍ : يُوسُفُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، مَوْلَى عَبْدَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ أَخَا امْرَأَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنَ الرَّضَاعَةِ ، وَهِيَ عَبْدَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، وَكَانَ الزُّهْرِيُّ لَمَّا قَدِمَ عَلَى هِشَامٍ بِالرَّصَافَةِ ، وَقَبْلَ ذَلِكَ كَانَ نَازِلًا عِنْدَهُمْ عِشْرِينَ عَامًا غَيْرَ أَشْهُرٍ ، فَلَزِمَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ ، فَسَمِعَ عِلْمَهُ وَكُتُبَهُ ، فَسَمِعَهَا مِنْهُ ابْنُهُ يُوسُفُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَسَمِعَهَا مِنْهُ ابْنُ ابْنِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ ، وَسَمِعَهَا مِنْهُ ابْنُ ابْنِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ ، فِي آخِرِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ ، وَقَالَ : أَنَا كُنْتُ أَحْمِلُ الْكُتُبَ إِلَيْهِ ، فَيَقْرَأُهَا عَلَى النَّاسِ ، قَالَ الْحَجَّاجُ : وَمَاتَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ سَنَةَ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ نَيِّفٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً ، أَسْوَدُ شَعْرِ الرَّأْسِ ، أَبْيَضُ اللِّحْيَةِ ، وَكَانَ ذَا جُمَّةٍ ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ ، وَقَالَ الْحَجَّاجُ : فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ : أَنَا الْيَوْمَ ابْنُ سِتٍّ وَسَبْعِينَ سَنَةً
عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بْنِ وَائِلِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَهْمٍ وَيُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، أَسْلَمَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ ، ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهَاجِرًا فِي هِلَالِ صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ ، وَصَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ ، وَبَعْثَهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ إِلَى سُوَاعٍ صَنَمِ هُذَيْلٍ فَهَدَمَهُ ، وَبَعْثَهُ أَيْضًا إِلَى جَيْفَرٍ وَعَبْدٍ ابْنَيِ الْجَلَنْدَا وَكَانَا مِنَ الْأَزْدِ بِعُمَانَ يَدْعُوهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ ، فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَمْرٌو بِعُمَانَ ، فَخَرَجَ مِنْهَا ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَبَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَحَدَ الْأُمَرَاءِ إِلَى الشَّامِ ، فَتَوَلَّى مَا تَوَلَّى مِنْ فَتْحِهَا ، وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ ، وَولَّاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِلَسْطِينَ وَمَا وَالَاهَا ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَسِيرَ إِلَى مِصْرَ ، فَسَارَ إِلَيْهَا فِي الْمُسْلِمِينَ ، وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ ، فَفَتَحَ مِصْرَ ، وَولَّاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِصْرَ إِلَى أَنْ مَاتَ ، وَولَّاهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مِصْرَ سِنِينَ ، ثُمَّ عَزَلَهُ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ ، فَقَدِمَ عَمْرٌو الْمَدِينَةَ ، فَأَقَامَ بِهَا ، فَلَمَّا نَشِبَ النَّاسُ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ ، فَنَزَلَ بِهَا فِي أَرْضٍ لَهُ بِالسَّبَعِ مِنْ أَرْضِ فِلَسْطِينَ ، حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَصَارَ إِلَى مُعَاوِيَةَ ، فَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ يُظْهِرُ الطَّلَبَ بِدَمِ عُثْمَانَ ، وَشَهِدَ مَعَهُ صِفِّينَ ، ثُمَّ وَلَّاهُ مُعَاوِيَةُ مِصْرَ ، فَخَرَجَ إِلَيْهَا ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا وَالِيًا ، وَابْتَنَى بِهَا دَارًا ، وَنَزَلَهَا إِلَى أَنْ مَاتَ بِهَا يَوْمَ الْفِطْرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ ، فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ ، وَدُفِنَ بِالْمُقَطَّمِ مَقْبَرَةِ أَهْلِ مِصْرَ ، وَهُوَ سَفْحُ الْجَبَلِ ، وَقَالَ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ : أَجْلِسُونِي فَأَجْلَسُوهُ ، فَأَوْصَى : إِذَا رَأَيْتُمُونِي قَدْ قُبِضْتُ فَخُذُوا فِي جَهَازِي ، وَكَفِّنُونِي فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ ، وَشُدُّوا إِزَارِي ، فَإِنِّي مُخَاصَمٌ ، وَأَلْحِدُوا لِي ، وَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ ، وَأَسْرِعُوا بِي إِلَى حُفْرَتِي ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بِأَشْيَاءَ فَتَرَكَهَا ، وَنَهَيْتَهُ عَنْ أَشْيَاءَ فَارْتَكَبَهَا ، فَلَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ثَلَاثًا ، جَامِعًا يَدَيْهِ مُعْتَصِمًا بِهِمَا حَتَّى قُبِضَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ جَذِيمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ، وَكَانَ قَدْ أَسْلَم قَدِيمًا ، وَكَتَبَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيَ ، ثُمَّ افْتُتِنَ ، وَخَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ مُرْتَدًّا ، فَأَهْدَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمَهُ يَوْمَ الْفَتْحِ ، فَجَاءَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاسْتَأْمَنَ لَهُ ، فَآمَنَهُ ، وَكَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ ، وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، تُبَايِعُهُ ؟ فَبَايَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَقَالَ : الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ ، وَولَّاهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مِصْرَ بَعْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، فَنَزَلَهَا ، وَابْتَنَى بِهَا دَارًا ، فَلَمْ يَزَلْ وَالِيًا بِهَا حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ لَهِيعَةَ الْحَضْرَمِيُّ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَيُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَكَانَ ضَعِيفًا ، وَعِنْدَهُ حَدِيثٌ كَثِيرٌ ، وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ أَحْسَنُ حَالًا فِي رِوَايَتِهِ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ بِآخِرِهِ ، وَأَمَّا أَهْلُ مِصْرَ فَيَذْكُرُونَ أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِطْ ، وَلَمْ يَزَلْ أَوَّلُ أَمْرِهِ وَآخِرُهُ وَاحِدًا ، وَلَكِنْ كَانَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ فَيَسْكُتُ عَلَيْهِ ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ : وَمَا ذَنْبِي ، إِنَّمَا يَجِيئُونَ بِكِتَابٍ يَقْرَءُونَهُ وَيَقُومُونَ ، وَلَوْ سَأَلُونِي لَأَخْبَرْتُهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِي قَالَ : وَمَاتَ ابْنُ لَهِيعَةَ بِمِصْرَ يَوْمَ الْأَحَدِ لِلنِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ فِي خِلَافَةِ هَارُونَ