أَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَأُمُّهُ بَرَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ , قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُهَاجِرِينِ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ يَعْنِي بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَهَا غَيْرَ أَبِي سَبْرَةَ فَإِنَّهُ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَهَا فَكَرِهَ ذَلِكَ لَهُ الْمُسْلِمُونَ وَوَلَدُهُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَيَدْفَعُونَهُ أَنْ يَكُونَ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ فَنَزَلَهَا بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ مِنْهَا وَيَغْضَبُونَ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ ، وَتُوُفِّيَ أَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمٍ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عَتَّابُ بْنُ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ وَأُمُّهُ أَرْوَى بِنْتُ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى حُنَيْنٍ اسْتَعْمَلَ عَتَّابَ بْنَ أُسَيْدٍ عَلَى مَكَّةَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَقَالَ لَهُ : تَدْرِي عَلَى مَنِ اسْتَعْمَلْتُكَ ؟ قَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : اسْتَعْمَلْتُكَ عَلَى أَهْلِ اللَّهِ وَأَقَامَ عَتَّابٌ لِلنَّاسِ الْحَجَّ تِلْكَ السَّنَةَ وَهِيَ سَنَةُ ثَمَانٍ وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَتَّابُ بْنُ أُسَيْدٍ عَامِلُهُ عَلَى مَكَّةَ وَأَخُوهُ خَالِدُ بْنُ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ أَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَمْ يَزَلْ بِهَا
كُرْزُ بْنُ عَلْقَمَةَ بْنِ هِلَالِ بْنِ جَرِيبَةَ بْنِ عَبْدِ نُهْمِ بْنِ حُلَيْلِ بْنِ حُبْشِيَّةَ ابْنِ سَلُولٍ مِنْ خُزَاعَةَ وَهُوَ الَّذِي قَفَّا أَثَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ حِينَ جَاءَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَانْتَهَى إِلَى بَابِ الْغَارِ الَّذِي هُمَا فِيهِ فَقَالَ : هَاهُنَا انْقَطَعَ الْأَثَرُ وَهُوَ الَّذِي نَظَرَ إِلَى قَدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَذِهِ الْقَدَمُ مِنْ تِلْكِ الْقَدَمِ الَّتِي فِي الْمَقَامِ يَعْنِي قَدَمَ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ ، وَكَانَ كُرْزٌ قَدْ عُمِّرَ عُمْرًا طَوِيلًا وَأَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى مَكَّةَ إِنْ كَانَ كُرْزُ بْنُ عَلْقَمَةَ حَيًّا فَمُرْهُ فَلْيُوقِفْكُمْ عَلَى مَعَالِمِ الْحَرَمِ فَفَعَلَ وَهِيَ مَعَالِمُهُمْ إِلَى السَّاعَةِ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ , وَأُمُّهُ رَيْطَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُزَاعَى بْنِ أُسَيْدِ مِنْ ثَقِيفٍ فَوَلَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدٍ خَالِدًا وَأُمَيَّةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ وَأُمُّهُمْ أُمُّ حُجَيْرٍ بِنْتُ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ , وَعُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ , وَأُمُّهُ أُمُّ سَعِيدٍ بِنْتُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ , وَعَبْدَ الْعَزِيزِ وَعَبْدَ الْمَلِكِ وَأُمُّهُمَا أُمُّ حَبِيبٍ بِنْتُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ , وَعِمْرَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَعَمْرًا وَالْقَاسِمَ , وَأُمَّ عَمْرٍو وَزَيْنَبَ , وَأُمُّهُمُ السَّرِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ , وَمُحَمَّدًا وَالْحُصَيْنَ وَالْمُخَارِقَ وَأُمَّ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأُمَّ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأُمَّ مُحَمَّدٍ وَمَرْيَمَ , وَأُمُّهُمْ مُلَيْكَةُ بِنْتُ الْحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ بْنِ الْأَزْرَقِ مِنْ مُرَادٍ , وَأَبَا عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ لِأُمِّ وَلَدٍ , وَالْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ لِأُمِّ وَلَدٍ , وَكَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ مَوْلَى آلِ قَائِظٍ وَهُمْ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ حُلَفَاءِ بَنِي زُهْرَةَ رَوَى عَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سُفْيَانُ : قُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ : مَعَ مَنْ كُنْتَ تَدْخُلُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ؟ قَالَ : مَعَ عَطَاءٍ وَالْعَامَّةِ وَكَانَ طَاوُسٌ يَدْخُلُ مَعَ الْخَاصَّةِ قَالَ سُفْيَانُ : وَكُنْتُ أَقُولُ لَهُ : أَيَّ شَيْءٍ رَأَيْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَصْنَعُ وَكَيْفَ رَأَيْتَهُ اسْتَخْرَجَهُ وَآتِيهِ بِمَا يَشْتَهِي قَالَ : وَكَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَبْلَ أَنْ أَلْقَاهُ يُحَدِّثُنَا عَنْهُ فَنَسْأَلُهُ عَنْهُ فَيَقُولُ : هَذَا شَيْخٌ قَدِيمٌ يُوهِمُنَا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى بَابِ دَارٍ بِمَكَّةَ فِي حَاجَةٍ لِي إِذْ سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ : ادْخُلْ بِنَا عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ فَقُلْتُ : مَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ ؟ قَالَ : شَيْخٌ فِي هَذِهِ الدَّارِ لَقِيَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَلَكِنَّهُ قَدْ ضَعُفَ حَتَّى لَا يَقْدِرَ عَلَى الْخُرُوجِ . قُلْتُ : أَفَأَدْخُلُ مَعَكُمْ عَلَيْهِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ وَيُحَدِّثُهُمْ فَقُلْتُ : أُلْقِي عَلَيْهِ مَا حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْهُ فَجَعَلَ يُحَدِّثُنِي بِهَا فَسَمِعْتُ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ أَحَادِيثَ ثُمَّ أَتَيْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ وَأَنْشَأَ يُحَدِّثُ إِلَى أَنْ قَالَ : حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ بِكَذَا وَكَذَا فَقُلْتُ : حَدَّثَنِي بِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي يَزِيدَ فَقَالَ : قَدْ وَقَعَتَ عَلَيْهِ ؟ قَالَ : ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ حَتَّى مَاتَ
أَبُو مَلِيحِ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مُعَتِّبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : لَمَّا قُتِلَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ ابْنُهُ أَبُو مَلِيحِ بْنُ عُرْوَةَ وَابْنُ أَخِيهِ قَارَبُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ مَسْعُودٍ لِأَهْلِ الطَّائِفِ : لَا نُجَامِعُكُمْ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا وَقَدْ قَتَلْتُمْ عُرْوَةَ ثُمَّ لَحِقَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَا فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَوَلَّيَا مَنْ شِئْتُمَا قَالَا : نَتَوَلَّى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَخَالَكُمَا أَبَا سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ فَحَالِفَاهُ فَفَعَلَا وَنَزَلَا عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَأَقَامَا بِالْمَدِينَةِ حَتَّى قَدِمَ وَفْدُ ثَقِيفٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ فَقَاضَوِا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا قَاضَوْهُ عَلَيْهِ وَأَسْلَمُوا وَرَجَعَا مَعَ الْوَفْدِ فَقَالَ أَبُو مَلِيحٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي قُتِلَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِائَتَا مِثْقَالِ ذَهَبٍ فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَقْضِيَهُ مِنْ حُلِيِّ الرَّبَّةِ يَعْنِي اللَّاتَ فَعَلْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَعَمْ
غَيْلَانُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ مُعَتِّبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَقِيفٍ . وَأُمُّ سَلَمَةَ بْنِ مُعَتِّبٍ كُنَّةُ بِنْتُ كُسَيْرَةَ بْنِ ثُمَالَةَ مِنَ الْأَزْدِ وَأَخُوهُ لِأُمِّهِ أَوْسُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مُعَتِّبٍ فَهُمَا ابْنَا كُنَّةَ إِلَيْهَا يُنْسَبُونَ . وَكَانَ غَيْلَانُ بْنُ سَلَمَةَ شَاعِرًا وَفَدَ عَلَى كِسْرَى فَسَأَلَهُ أَنْ يَبْنِي لَهُ حِصْنًا بِالطَّائِفِ فَبَنَى لَهُ حِصْنًا بِالطَّائِفِ ثُمَّ جَاءَ الْإِسْلَامُ فَأَسْلَمَ غَيْلَانُ وَعِنْدَهُ عَشَرُ نِسْوَةٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَفَارِقْ بَقِيَّتَهُنَّ فَقَالَ : قَدْ كُنَّ وَلَا يَعْلَمْنَ أَيَّتَهُنَّ آثَرُ عِنْدِي وَسَيَعْلَمْنَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَاخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَجَعَلَ يَقُولُ لِمَنْ أَرَادَ مِنْهُنَّ أَقْبِلِي وَمَنْ لَمْ يُرِدْ يَقُولُ لَهَا : أَدْبِرِي حَتَّى اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَفَارَقَ بَقِيَّتَهُنَّ وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ إِنَّ نَافِعًا كَانَ لِغَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ فَفَرَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأَسْلَمَ وَغَيْلَانُ مُشْرِكٌ ثُمَّ أَسْلَمَ غَيْلَانُ فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَاءَهُ
عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ بِشْرِ بْنِ عَبْدِ دُهْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَمَّامِ بْنِ أَبَانَ بْنِ يَسَارِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حُطَيْطِ بْنِ جُشَمِ بْنِ ثَقِيفٍ قَدِمَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ وَفْدِ ثَقِيفٍ وَكَانَ أَصْغَرَ الْوَفْدِ سِنًّا فَكَانُوا يَخْلِفُونَهُ عَلَى رِحَالِهِمْ يَتَعَاهَدُهَا لَهُمْ فَإِذَا رَجَعُوا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَامُوا وَكَانَتِ الْهَاجِرَةُ أَتَى عُثْمَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ قَبْلَهُمْ سِرًّا مِنْهُمْ وَكَتَمَهُمْ ذَلِكَ وَجَعَلَ يَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدِّينِ وَيَسْتَقْرِئُهُ الْقُرْآنَ فَقَرَأَ سُورًا مِنْ فِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ إِذَا وَجَدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمًا عَمَدَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلَهُ وَاسْتَقْرَأَهُ وَإِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَسَأَلَهُ وَاسْتَقْرَأَهُ ، فَأُعْجِبَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحَبَّهُ فَلَمَّا أَسْلَمَ الْوَفْدُ وَكَتَبَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ الَّذِي قَاضَاهُمْ عَلَيْهِ وَأَرَادُوا الرُّجُوعَ إِلَى بِلَادِهِمْ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِّرْ عَلَيْنَا رَجُلًا مِنَّا فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَهُوَ أَصْغَرُهُمْ لِمَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حِرْصِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ قَالَ عُثْمَانُ : فَكَانَ آخِرُ عَهْدٍ عَهِدَهُ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ اتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا , وَإِذَا أَمَمْتَ قَوْمَكَ فَاقْدُرْهُمْ بِأَضْعَفِهِمْ وَإِذَا صَلَّيْتَ لِنَفْسِكَ فَأَنْتَ وَذَاكَ
أَوْسُ بْنُ عَوْفٍ الثَّقَفِيُّ أَحَدُ بَنِي مَالِكٍ وَهُوَ الَّذِي رَمَى عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ فَقَتَلَهُ ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ وَقَدْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُقَاضِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَقِيفًا خَافَ مِنْ أَبِي مَلِيحِ بْنِ عُرْوَةَ وَمِنْ قَارَبِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ مَسْعُودٍ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَنَهَاهُمَا عَنْهُ وَقَالَ : أَلَسْتُمَا مُسْلِمَيْنِ ؟ قَالَا : بَلَى . قَالَ : فَتَأْخُذَانِ بِذُحُولِ الشِّرْكِ وَهَذَا رَجُلٌ قَدْ قَدِمَ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ وَلَهُ ذِمَّةٌ وَأَمَانٌ وَلَوْ قَدْ أَسْلَمَ صَارَ دَمُهُ عَلَيْكُمَا حَرَامًا ثُمَّ قَارَبَ بَيْنَهُمْ حَتَّى تَصَافَحُوا وَكَفُّوا عَنْهُ وَمَاتَ أَوْسُ بْنُ عَوْفٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ
زُرَارَةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَدَّاءِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَوْفِ بْنِ جُشَمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّخَعِ مِنْ مَذْحِجٍ وَكَانَ فِي وَفْدِ النَّخَعِ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّصْفِ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَهُمْ مِائَتَا رَجُلٍ فَنَزَلُوا فِي دَارِ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَدَثِ ثُمَّ جَاءُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقُرِّينَ بِالْإِسْلَامِ قَدْ بَايَعُوا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ بِالْيَمَنِ فَقَالَ لَهُ زُرَارَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُ فِيَ سَفَرِي هَذَا عَجَبًا فَقَالَ : وَمَا رَأَيْتَ ؟ قَالَ : رَأَيْتُ أَتَانًا تَرَكْتُهَا فِي الْحَيِّ كَأَنَّهَا وَلَدَتْ جَدْيًا أَسْفَعَ أَحْوَى فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ تَرَكْتَ أَمَةً لَكَ مُصِرَّةٍ عَلَى حَمْلٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَرَكْتُ أَمَةً لِي قَدْ حَمَلَتْ قَالَ : فَإِنَّهَا قَدْ وَلَدَتْ غُلَامًا وَهُوَ ابْنُكَ . قَالَ : فَمَا بَالُهُ أَسْفَعُ أَحْوَى ؟ فَقَالَ : ادْنُ مِنِّي فَدَنَا مِنْهُ قَالَ : هَلْ بِكَ مِنْ بَرَصٍ تَكْتُمُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عَلِمَ بِهِ أَحَدٌ وَلَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ غَيْرُكَ قَالَ : فَهُوَ ذَاكَ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَأَيْتُ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ عَلَيْهِ قُرْطَانِ وَدُمْلَجَانِ وَمَسَكَتَانِ قَالَ : ذَاكَ مَلِكُ الْعَرَبِ رَجَعَ إِلَى أَحْسَنِ زِيِّهِ وَبَهْجَتِهِ قَالَ : وَرَأَيْتُ عَجُوزًا شَمْطَاءَ خَرَجَتْ مِنَ الْأَرْضِ قَالَ : تِلْكَ بَقِيَّةُ الدُّنْيَا قَالَ : وَرَأَيْتُ نَارًا خَرَجَتْ مِنَ الْأَرْضِ فَحَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنٍ لِي يُقَالُ لَهُ عَمْرٌو وَهِيَ تَقُولُ لَظَى لَظَى بَصِيرٌ وَأَعْمَى أَطْعِمُونِي آكُلْكُمْ أَهْلَكُمْ وَمَالَكُمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تِلْكَ فِتْنَةٌ تَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْفِتْنَةُ ؟ قَالَ : يَقْتُلُ النَّاسُ إِمَامَهُمْ وَيَشْتَجِرُونَ اشْتِجَارَ أَطْبَاقِ الرَّأْسِ , وَخَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ يَحْسِبُ الْمُسِيءُ فِيهَا أَنَّهُ مُحْسِنٌ وَيَكُونُ دَمُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ الْمُؤْمِنِ أَحَلَّ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ , إِنْ مَاتَ ابْنُكَ أَدْرَكْتَ الْفِتْنَةَ وَإِنْ مِتَّ أَنْتَ أَدْرَكَهَا ابْنُكَ قَالَ : فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا أُدْرِكَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ لَا يُدْرِكُهَا ، فَمَاتَ وَبَقِيَ ابْنُهُ عَمْرٌو فَكَانَ مِمَّنْ خَلَعَ عُثْمَانَ بِالْكُوفَةِ
دَاذَوَيْهِ وَكَانَ مِنَ الْأَبْنَاءِ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا وَأَسْلَمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَكَانَ فِيمَنْ قَتَلَ الْأَسْوَدَ بْنَ كَعْبٍ الْعَنْسِيَّ الَّذِي تَنَبَّأَ بِالْيَمَنِ فَخَافَ قَيْسُ بْنُ مَكْشُوحٍ مِنْ قَوْمِ الْعَنْسِيِّ فَادَّعَى أَنَّ دَاذَوَيْهِ قَتَلَهُ ثُمَّ وَثَبَ عَلَى دَاذَوَيْهِ فَقَتَلَهُ لِيُرْضِيَ بِذَلِكَ قَوْمَ الْعَنْسِيِّ فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ بِقَيْسِ بْنِ مَكْشُوحٍ فِي وَثَاقٍ فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ فِي وَثَائِقَ فَقَالَ : قَتَلْتَ الرَّجُلَ الصَّالِحَ دَاذَوَيْهِ وَهَمَّ بِقَتْلِهِ فَكَلَّمَهُ قَيْسٌ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ وَقَالَ : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ اسْتَبْقِنِي لِحَرْبِكَ فَإِنَّ عِنْدِي بَصَرًا بِالْحُرُوبِ وَمَكِيدَةَ لِلْعَدُوِّ فَاسْتَبْقَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَبَعْثَهُ إِلَى الْعِرَاقِ وَأَمَرَ أَنْ لَا يُوَلَّى شَيْئًا وَأَنْ يُسْتَشَارَ فِي الْحَرْبِ
ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ مَسْلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الدُّوَلِ بْنِ حَنِيفَةَ الْحَنَفِيُّ كَانَ مَرَّ بِهِ رَسُولٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرَادَ ثُمَامَةُ قَتْلَهُ فَمَنَعَهُ عَمُّهُ مِنْ ذَلِكَ فَأَهْدَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمَ ثُمَامَةَ ، ثُمَّ خَرَجَ ثُمَامَةُ بَعْدَ ذَلِكَ مُعْتَمِرًا فَلَمَّا قَارَبَ الْمَدِينَةَ أَخَذَتْهُ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ عَهْدٍ وَلَا عَقْدٍ فَأَتَوْا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنْ تُعَاقِبْ تُعَاقِبْ ذَا ذَنْبٍ وَإِنْ تَعَفُ تَعْفُ عَنْ شَاكِرٍ ، فَعَفَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَنْبِهِ فَأَسْلَمَ وَأْذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخُرُوجِ إِلَى مَكَّةَ لِلْعُمْرَةِ فَخَرَجَ فَاعْتَمَرَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَضَيَّقَ عَلَى قُرَيْشٍ فَلَمْ يَدَعْ حَبَّةً تَأْتِيهِمْ مِنَ الْيَمَامَةِ فَلَمَّا ظَهَرَ مُسَيْلِمَةُ وَادَّعَى النُّبُوَّةَ قَامَ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ فِي قَوْمِهِ فَوَعَظَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ وَقَالَ : إِنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ نَبِيَّانِ بِأَمْرٍ وَاحِدٍ , وَإِنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ , وَلَا نَبِيَّ يُشْرَكُ مَعَهُ , وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ { حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ } هَذَا كَلَامُ اللَّهِ . أَيْنَ هَذَا مِنْ : يَا ضِفْدَعُ نِقِّي لَا الشَّرَابَ تَمْنَعِينَ وَلَا الْمَاءَ تُكَدِّرِينَ , وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَرَونَّ أَنَّ هَذَا كَلَامٌ مَا خَرَجَ مِنْ إِلَهٍ . فَلَمَّا قَدِمَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْيَمَامَةَ شَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَعَرَفَ بِهِ صِحَّةَ إِسْلَامِهِ
الْجَارُودُ وَاسْمُهُ بِشْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَنَشِ بْنِ الْمُعَلَّى وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ جَذِيمَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ أَنْمَارٍ قَالَ : وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْجَارُودَ لِأَنَّ بِلَادَ عَبْدِ الْقَيْسِ أَسَافَتْ حَتَّى بَقِيَتْ لِلْجَارُودِ شَلِيَّةٌ ، وَالشَّلَيَّةُ : هِيَ الْبَقِيَّةُ فَبَادَرَ بِهَا إِلَى أَخْوَالِهِ مِنْ بَنِي هِنْدٍ مِنْ بَنِي شَيْبَانَ فَأَقَامَ فِيهِمْ , وَإِبِلُهُ جَرِبَةٌ فَأَعْدَتْ إِبِلَهُمْ فَهَلَكَتْ ، فَقَالَ النَّاسُ : جَرَّدَهُمْ بِشْرٌ فَسُمِّيَ الْجَارُودَ فَقَالَ الشَّاعِرُ : جَرَدْنَاهُمُ بِالسَّيْفِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ كَمَا جَرَدَ الْجَارُودُ بَكْرَ بْنَ وَائِلِ وَأُمُّ الْجَارُودِ دَرْمَكَةُ بِنْتُ رُوَيْمٍ أُخْتُ يَزِيدَ بْنِ رُوَيْمٍ أَبِي حَوْشَبِ بْنِ يَزِيدَ الشَّيْبَانِيِّ . وَكَانَ الْجَارُودُ شَرِيفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا ، فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَفْدِ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَعَرَضَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ الْجَارُودُ : إِنِّي قَدْ كُنْتُ عَلَى دِينٍ وَإِنِّي تَارِكٌ دِينِي لِدِينِكَ أَفَتَضْمَنُ لِي دِينِي ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَا ضَامِنٌ لَكَ أَنْ قَدْ هَدَاكَ اللَّهُ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْجَارُودُ فَحَسَنُ إِسْلَامُهُ وَكَانَ غَيْرَ مَغْمُوصٍ عَلَيْهِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ إِلَى بِلَادِهِ فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمْلَانًا فَقَالَ مَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكَ عَلَيْهِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ بِلَادِي ضَوَالٌّ مِنَ الْإِبِل أَفَأَرْكَبُهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا هُوَ حَرْقُ النَّارِ فَلَا تَقْرَبْهَا وَكَانَ الْجَارُودُ قَدْ أَدْرَكَ الرِّدَّةَ فَلَمَّا رَجَعَ قَوْمُهُ مَعَ الْمَعْرُورِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ النُّعْمَانِ قَامَ الْجَارُودُ فَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ وَدَعَا إِلَى الْإِسْلَامِ وَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكْفِي مَنْ لَمْ يَشْهَدْ وَقَالَ : رَضِينَا بِدِينِ اللَّهِ مِنْ كُلِّ حَادِثٍ وَبِاللَّهِ وَالرَّحْمَنِ نَرْضَى بِهِ رَبَّا
عَمْرُو بْنُ عَبْدِ قَيْسِ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ عَصْرٍ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ الْأَشَجِّ وَكَانَ عَلَى ابْنَتَهِ أُمَامَةَ بِنْتِ الْأَشَجِّ وَبَعَثَهُ الْأَشَجُّ لِيَعْلَمَ عِلْمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَمَّلَهُ تَمْرًا كَأَنَّهُ يُرِيدُ بَيْعَهُ فَضَمَّ إِلَيْهِ دَلِيلًا مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ يُقَالُ لَهُ : الْأُرَيْقِطُ . وَقَالَ لَهُ : إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ عَلَامَةٌ فَاعْلَمْ لِي عِلْمَ ذَلِكَ فَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فِي عَامِ الْهِجْرَةِ فَأَتَى النَّبِيَّ وَأَتَاهُ بِتَمْرٍ فَقَالَ : هَذَا صَدَقَةٌ فَلَمْ يَقْبَلْهُ . فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِغَيْرِهِ وَقَالَ : هَذَا هَدِيَّةٌ فَقَبِلَهُ وَتَلَطَّفْ حَتَّى نَظَرَ إِلَى مَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَم وَعَلَّمَهُ الْحَمْدَ ، وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكِ الَّذِي خَلَقَ , وَقَالَ لَهُ : ادْعُ خَالَكَ وَرَجَعَ وَأَقَامَ دَلِيلُهُ بِمَكَّةَ فَقَدِمَ الْبَحْرَيْنِ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ فَخَرَجَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى أَبِيهَا نَافِرَةً وَقَالَتْ : صَبَأَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ عَمْرٌو فَانْتَهَرَهَا أَبُوهَا وَقَالَ : إِنِّي لَأُبْغِضُ الْمَرْأَةَ تُخَالِفُ زَوْجَهَا . وَأَتَاهُ الْأَشَجُّ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَأَسْلَمَ الْأَشَجُّ وَكَتَمَ إِسْلَامَهُ حِينًا ثُمَّ خَرَجَ مُكْتَتِمًا بِإِسْلَامِهِ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا وَفْدًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ هَجَرَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا فَقَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمُوا
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ وَيُكْنَى أَبَا الْحَسَنِ , وَأُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ , وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا , ثُمَّ نَزَلَ الْكُوفَةَ فِي الرَّحَبَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا : رَحَبَةُ عَلِيٍّ فِي أَخْصَاصٍ كَانَتْ فِيهَا وَلَمْ يَنْزِلِ الْقَصْرَ الَّذِي كَانَتْ تَنْزِلُهُ الْولَاةُ قَبْلَهُ , فَقُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ , وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً , وَدُفِنَ بِالْكُوفَةِ عِنْدَ مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ فِي قَصْرِ الْإِمَارَةِ وَالَّذِي وَلِيَ قَتْلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ , وَكَانَ خَارِجِيًّا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى وَالِدَيْهِ وَقَدْ رَوَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ كَتَبْنَا خَبَرَهُ فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا
سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَاسْمُهُ مَالِكُ بْنُ أُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ . وَيُكْنَى أَبَا إِسْحَاقَ . وَأُمُّهُ حَمْنَةُ بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا , وَهُوَ الَّذِي افْتَتَحَ الْقَادِسِيَّةَ وَنَزَلَ الْكُوفَةَ وَخَطَّهَا خِطَطًا لِقَبَائِلِ الْعَرَبِ , وَابْتَنَى بِهَا دَارًا وَوَلِيَهَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ثُمَّ عُزِلَ عَنْهَا , وَوَلِيَهَا بَعْدَهُ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ , وَرَجَعَ سَعْدٌ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَاتَ فِي قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ عَلَى عَشَرَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ فَحُمِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى رِقَابِ الرِّجَالِ فَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ , وَذَلِكَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ , وَصَلَّى عَلَيْهِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ , وَهُوَ يَوْمَئِذٍ وَالِي الْمَدِينَةِ لِمُعَاوِيَةَ , وَكَانَ سَعْدٌ يَوْمَ مَاتَ ابْنَ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً , وَكَانَ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ . هَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ فِي وَقْتِ وَفَاتِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ : تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَقَدْ كَتَبْنَا خَبَرَهُ فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا
سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَاحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ , وَيُكْنَى أَبَا الْأَعْوَرِ , وَأُمُّهُ فَاطِمَةُ ابْنَةُ بَعْجَةَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْمَعْمُورِ بْنِ حَيَّانَ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَلِيحٍ مِنْ خُزَاعَةَ وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَقَدْ كَانَ بِالْكُوفَةِ وَنَزَلَهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَتُوُفِّيَ بِالْعَقِيقِ فَحُمِلَ عَلَى رِقَابِ الرِّجَالِ , فَدُفِنَ بِالْمَدِينَةِ وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ , وَابْنُ عُمَرَ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسِينَ وَهُوَ يَوْمَئِذِ ابْنُ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً هَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ فِي وَقْتِ وَفَاتِهِ , وَقَالَ غَيْرُهُ : بَلْ مَاتَ بِالْكُوفَةِ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ , وَصَلَّى عَلَيْهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ وَالِي الْكُوفَةِ لِمُعَاوِيَةَ , وَقَدْ كَتَبْنَا خَبَرَهُ فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا
أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مِنْ مَذْحِجٍ , وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ , قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : سَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّهُ أَسْلَمَ بِمَكَّةَ وَهَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ , وَأَوَّلُ مَشَاهِدِهِ خَيْبَرُ , وَلَّاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْبَصْرَةَ ثُمَّ عَزَلَهُ عَنْهَا فَنَزَلَ الْكُوفَةَ وَابْتَنَى بِهَا دَارًا وَلَهُ بِهَا عَقِبٌ وَاسْتَعْمَلَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَلَى الْكُوفَةِ فَقُتِلَ عُثْمَانُ , وَأَبُو مُوسَى عَلَيْهَا , ثُمَّ قَدِمَ عَلِيٌّ الْكُوفَةَ فَلَمْ يَزَلْ أَبُو مُوسَى مَعَهُ وَهُوَ أَحَدُ الْحَكَمَيْنِ , وَمَاتَ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ , وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ فَأَخْبَرَنَا عَنْ خَالِدِ بْنِ إِلْيَاسَ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ , قَالَ : لَيْسَ أَبُو مُوسَى مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ وَمَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ
الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسَ , وَيُكْنَى أَبَا وَهْبٍ وَأُمُّهُ أَرْوَى بِنْتُ كُرَيْزِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ وَهُوَ أَخُو عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لِأُمِّهِ , وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قَدْ وَلَّاهُ الْكُوفَةَ فَابْتَنَى بِهَا دَارًا كَبِيرَةً إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَزَلَهُ عُثْمَانُ عَنِ الْكُوفَةِ وَوَلَّاهَا سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ فَرَجَعَ الْوَلِيدُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ مَا كَانَ خَرَجَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ إِلَى الرِّقَّةِ مُعْتَزِلًا لَهُمَا , فَلَمْ يَكُنْ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى تَصَرَّمَ الْأَمْرُ , وَمَاتَ بِالرَّقَّةِ وَلَهُ بِهَا بَقِيَّةٌ وَبِالْكُوفَةِ أَيْضًا بَعْضُ وَلَدِهِ , وَدَارُهُ بِالْكُوفَةِ الدَّارُ الْكَبِيرَةُ دَارُ الْقَصَّارِينَ
سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدَ بْنِ الْجَوْنِ بْنِ أَبِي الْجَوْنِ وَهُوَ عَبْدُ الْعُزَّى بْنُ مُنْقِذِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ أَصْرَمَ بْنِ ضَبِيسِ بْنِ حَرَامَ بْنِ حُبْشِيَّةَ بْنِ سَلُولِ بْنِ كَعْبٍ مِنْ خُزَاعَةَ وَيُكْنَى أَبَا مُطَرِّفٍ وَكَانَ اسْمُهُ يَسَارًا فَلَمَّا أَسْلَمَ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُلَيْمَانَ وَكَانَ مُسِنًّا وَنَزَلَ الْكُوفَةَ وَابْتَنَى بِهَا دَارًا فِي خُزَاعَةَ وَشَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ صِفِّينَ وَكَانَ فِيمَنْ كَتَبَ إِلَى الْحُسَيْنِ يَسْأَلُهُ الْقُدُومَ عَلَيْهِمُ الْكُوفَةَ , فَلَمَّا قَدِمَ الْحُسَيْنُ الْكُوفَةَ اعْتَزَلَهُ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ , فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ نَدِمَ مَنْ خَذَلَهُ , وَتَابُوا مِنْ خِذْلَانِهِ , وَخَرَجُوا فَعَسْكَرُوا بِالنُّخَيْلَةِ يَطْلُبُونَ بِدَمِ الْحُسَيْنِ فَسُمُّوا التَّوَّابِينَ , وَوَلَّوْا عَلَيْهِمْ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدَ , ثُمَّ خَرَجُوا يُرِيدُونَ الشَّامَ فَلَمَّا كَانُوا بِعَيْنِ الْوَرْدَةِ مِنْ أَرْضِ الْجَزِيرَةِ لَقِيَتْهُمْ خَيْلُ أَهْلِ الشَّامِ عَلَيْهِمُ الْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ فَقَاتَلُوهُمْ فَقَتَلُوا أَكْثَرَهُمْ فَلَمْ يَنْفَلِتْ مِنْهُمْ إِلَّا الْيَسِيرُ وَقُتِلَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدَ يَوْمَئِذٍ وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ , وَكَانَ يَوْمَ قُتِلَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً
ضِرَارُ بْنُ الْأَزْوَرِ وَاسْمُ الْأَزْوَرِ مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ جَذِيمَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ وَكَانَ فَارِسًا . وَأَسْلَمَ وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَ اللَّقُوحِ : دَعْ دَاعِيَ اللَّبَنِ . وَقَاتَلَ ضِرَارُ بْنُ الْأَزْوَرِ يَوْمَ الْيَمَامَةِ أَشَدَّ الْقِتَالِ حَتَّى قُطِعَتْ سَاقَاهُ جَمِيعًا فَجَعَلَ يَحْبُو عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيُقَاتِلُ وَتَطَؤُهُ الْخَيْلُ حَتَّى غَلَبَهُ الْمَوْتُ قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ مَكَثَ ضِرَارُ بْنُ الْأَزْوَرِ بِالْيَمَامَةِ مَجْرُوحًا قَبْلَ أَنْ يَرْحَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِيَوْمٍ فَمَاتَ وَقَدْ كَانَ قَالَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي عَلَى الْمِيمِ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَهَذَا أَثْبَتُ عِنْدَنَا مِنْ غَيْرِهِ
النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ وَأُمُّهُ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ أُخْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ وَيُكْنَى النُّعْمَانَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا فِي رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الْكُوفَةِ فَيَرْوُونَ عَنْهُ رِوَايَةً كَثِيرَةً يَقُولُ فِيهَا : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَكْبَرُ سِنًّا مِمَّا رَوَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي مَوْلِدِهِ وَكَانَ وَلِيَ الْكُوفَةِ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَأَقَامَ بِهَا وَكَانَ عُثْمَانَيًّا ثُمَّ عَزَلَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَصَارَ إِلَى الشَّامِ فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ دَعَا النُّعْمَانُ لِابْنِ الزُّبَيْرِ , وَكَانَ عَامِلًا عَلَى حِمْصَ , فَلَمَّا قُتِلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ بِمَرْجٍ رَاهِطٍ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ فِي خِلَافَةِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ هَرَبَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ مِنْ حِمْصَ فَطَلَبَهُ أَهْلُ حِمْصَ فَأَدْرَكُوهُ فَقَتَلُوهُ وَاحْتَزُّوا رَأْسَهُ وَوَضَعُوهُ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ الْكَلْبِيَّةِ
رَافِعُ بْنُ أَبِي رَافِعٍ الطَّائِيُّ وَهُوَ رَافِعُ بْنُ عَمْرٍو وَيُقَالُ : ابْنُ عَمِيرَةَ بْنِ جَابِرِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مِحْضَبِ بْنِ حِزْمِرِ بْنِ لَبِيدِ بْنِ سِنْبِسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَرْوَلِ بْنِ ثُعْلٍ مِنْ طَيِّئٍ ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ : رَافِعُ الْخَيْرِ ، غَزَا مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ غَزْوَةَ ذَاتِ السَّلَاسِلِ حِينَ بَعَثَهُ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَزَا مَعَ عَمْرٍو هَذِهِ الْغَزَاةَ , وَفِيهَا صَحِبَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَرَوَى عَنْهُ , وَرَجَعَ إِلَى بِلَادِ قَوْمِهِ وَلَمْ يَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ كَانَ دَلِيلَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ حِينَ تَوَجَّهَ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى الشَّامِ فَسَلَكَ بِهِمُ الْمَفَازَةَ فَقِيلَ فِيهِ : لِلَّهِ دَرُّ رَافِعٍ أَنَّى اهْتَدَى فَوَّزَ مِنْ قُرَاقِرٍ إِلَى سِوَى خَمْسًا إِذَا مَا سَارَهَا الْجِبْسُ بَكَى مَا سَارَهَا قَبْلَكَ مِنْ إِنْسٍ أُرَى ثُمَّ صَارَ رَافِعٌ فِي آخِرِ زَمَانِهِ عَرِيفَ قَوْمِهِ , وَقَدْ رَوَى عَنْهُ طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ
رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشِ بْنِ جَحْشِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِجَادِ بْنِ عَبْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ غَالِبِ بْنِ قُطَيْعَةَ بْنِ عَبْسِ بْنِ بَغِيضِ بْنِ رَيْثِ بْنِ غَطَفَانَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ بْنَ مُضَرَ قَالَ : قَالَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى حِرَاشِ بْنِ جَحْشٍ فَخَرَقَ كِتَابِهِ . قَالَ : وَقَدْ رَوَى رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَخَرَشَةَ بْنَ الْحُرِّ قَالَ : وَقَالَ حَجَّاجٌ : قُلْتُ لِشُعْبَةَ : قَدْ أَدْرَكَ رِبْعِيٌّ عَلِيًّا ؟ قَالَ : نَعَمْ حَدَّثَ عَنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يَقُلْ سَمِعَ قَالَ : وَتُوُفِّيَ رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ فِي وِلَايَةِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ بَعْدَ الْجَمَاجِمِ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ وَالْعَقِبُ لِأَخِيهِ مَسْعُودِ بْنِ حِرَاشٍ , وَقَدْ رَوَى مَسْعُودٌ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا , وَأَخُوهُمَا رَبِيعُ بْنُ حِرَاشٍ الَّذِي تَكَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ , وَأَمَّا أَبُو نُعَيْمٍ فَقَالَ : تُوُفِّيَ رِبْعِيُّ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ ثِقَةً لَهُ أَحَادِيثَ صَالِحَةٌ وَتُوُفِّيَ رِبْعِيُّ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ
الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنَسِ بْنِ الدَّيَّانِ وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ قَطَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبِ مِنْ مَذْحِجٍ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ : دُلُّونِي عَلَى رَجُلٍ إِذَا كَانَ فِي الْقَوْمِ وَهُوَ أَمِيرٌ فَكَأَنَّهُ لَيْسَ بِأَمِيرٍ وَإِذَا كَانَ فِيهِمْ وَهُوَ غَيْرُ أَمِيرٍ فَكَأَنَّهُ أَمِيرٌ فَقَالُوا : مَا نَعْلَمُهُ إِلَّا الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنَسٍ وَكَانَ مُتَوَاضِعًا خَيِّرًا وَقَدْ وَلِيَ خُرَاسَانَ وَفَتَحَ عَامَّتَهَا وَكَانَ لَهُ أَخٌ يُقَالُ لَهُ الْمُهَاجِرُ بْنُ زِيَادٍ , وَكَانَ صَالِحًا وَقُتِلَ مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ شَهِيدًا يَوْمَ تُسْتَرَ وَلَهُ يَقُولُ الْقَائِلُ : وَيَوْمَ قَامَ أَبُو مُوسَى بِخُطْبَتِهِ رَاحَ الْمُهَاجِرُ فِي حِلٍّ بِإِجْمَالِ فَالْبَيْتُ بَيْتُ بَنِي الدَّيَّانِ نَعْرِفُهُ فِي آلِ مَذْحِجِ مِثْلُ الْجَوْهَرِ الْغَالِي قَالَ : وَكَانَ الْمُهَاجِرُ أَرَادَ يَوْمَ تُسْتَرَ أَنْ يَشْرِيَ نَفْسَهُ لِلَّهِ وَكَانَ صَائِمًا فَجَاءَ أَخٌ لَهُ إِلَى أَبِي مُوسَى فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فَقَالَ : أَعْزِمُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ صَائِمًا أَنْ يُفْطِرَ فَأَفْطَرَ الْمُهَاجِرُ ثُمَّ رَاحَ فَقُتِلَ
عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ بْنِ عَمِيرَةَ بْنِ مُقَاتِلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَلْوِيِّ بْنِ عَلْيَانَ بْنِ أَرْحَبَ بْنِ دُعَامٍ مِنْ هَمْدَانَ رَوَى عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ شَرِيفًا وَهُوَ الَّذِي بَعَثَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ فِي الصُّلْحِ بَيْنَهُ وَبَيْنِ مُعَاوِيَةَ فَأَعْجَبَ مُعَاوِيَةَ مَا رَأَى مِنْ جَهْرِ عَمْرٍو وَفَصَاحَتِهِ وَجِسْمِهِ فَقَالَ : أَمُضَرِيٌّ أَنْتَ ؟ قَالَ : لَا . ثُمَّ قَالَ : إِنِّي لَمِنْ قَوْمٍ بَنَى اللَّهُ مَجْدَهُمْ عَلَى كُلِّ بَادٍ فِي الْأَنَامِ وحاضرِ أُبُوَّتُنَا آبَاءُ صِدْقٍ نَمَى بِهِمْ إِلَى الْمَجْدِ آبَاءٌ كِرَامُ الْعَنَاصِرِ وَأُمَّاتُنَا أَكْرِمْ بِهِنَّ عَجَائِزًا وَرِثْنَ الْعُلَا عَنْ كَابِرٍ بَعْدَ كَابِرِ جَنَاهُنَّ كَافُورٌ وَمِسْكٌ وَعَنْبَرٌ وَلَيْسَ ابْنُ هِنْدٍ مِنْ جُنَاةِ الْمَغَافِرِ أَنَا امْرُؤٌ مِنْ هَمْدَانَ ثُمَّ أَحَدُ أَرْحَبَ وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ
حُجْرُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْأَكْرَمَيْنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ مُرَتَّعِ بْنِ كِنْديٍّ وَهُوَ حُجْرُ الْخَيْرِ وَأَبُوهُ عَدِيٌّ الْأَدْبَرُ طُعِنَ مُوَلِّيًا فَسُمِّيَ الْأَدْبَرَ , وَكَانَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ جَاهِلِيًّا إِسْلَامِيًّا , قَالَ : وَذَكَرَ بَعْضُ رُوَاةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَخِيهِ هَانِئِ بْنِ عَدِيٍّ وَشَهِدَ حُجْرٌ الْقَادِسِيَّةَ وَهُوَ الَّذِي افْتَتَحَ مَرْجَ عَذْرَى وَكَانَ فِي أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ مِنَ الْعَطَاءِ , وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَشَهِدَ مَعَهُ الْجَمَلَ وَصِفِّينَ , فَلَمَّا قَدِمَ زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَالِيًا عَلَى الْكُوفَةِ دَعَا بِحُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ فَقَالَ : تَعْلَمُ أَنِّي أَعْرِفُكَ , وَقَدْ كُنْتُ أَنَا وَإِيَّاكَ عَلَى مَا قَدْ عَلِمْتَ يَعْنِي مِنْ حُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ غَيْرُ ذَلِكَ وَإِنِّي أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تَقْطُرَ لِي مِنْ دَمِكَ قَطْرَةً فَأَسْتَفْرِغَهُ كُلَّهُ , امْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ مَنْزِلُكَ , وَهَذَا سَرِيرِي فَهُوَ مَجْلِسُكَ وَحَوَائِجُكَ مَقْضَيَّةٌ لَدَيَّ , فَاكْفِنِي نَفْسَكَ ؛ فَإِنِّي أَعْرِفُ عَجَلَتَكَ ، فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي نَفْسِكَ وَإِيَّاكَ وَهَذِهِ السَّفَلَةَ وَهَؤُلَاءِ السُّفَهَاءَ أَنْ يَسْتَزِلُّوكَ عَنْ رَأْيِكَ فَإِنَّكَ لَوْ هُنْتَ عَلَيَّ أَوِ اسْتَخْفَفْتَ بِحَقِّكَ لَمْ أَخُصَّكَ بِهَذَا مِنْ نَفْسِي . فَقَالَ حُجْرٌ : قَدْ فَهِمْتُ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَتَاهُ إِخْوَانُهُ مِنَ الشِّيعَةِ فَقَالُوا : مَا قَالَ لَكَ الْأَمِيرُ ؟ قَالَ : قَالَ لِي : كَذَا وَكَذَا , قَالُوا : مَا نَصَحَ لَكَ فَأَقَامَ وَفِيهِ بَعْضُ الِاعْتِرَاضِ , وَكَانَتِ الشِّيعَةُ يَخْتَلِفُونَ إِلَيْهِ , وَيَقُولُونَ : إِنَّكَ شَيْخُنَا وَأَحَقُّ النَّاسِ بِإِنْكَارِ هَذَا الْأَمْرِ , وَكَانَ إِذَا جَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ مَشَوْا مَعَهُ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةُ زِيَادٍ عَلَى الْكُوفَةِ , وَزِيَادٌ بِالْبَصْرَةِ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ وَقَدْ أَعْطَيْتَ الْأَمِيرَ مِنْ نَفْسِكَ مَا قَدْ عَلِمْتَ ؟ فَقَالَ لِلرَّسُولِ : تُنْكِرُونَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ ، إِلَيْكَ وَرَاءَكَ أَوْسَعُ لَكَ فَكَتَبَ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ بِذَلِكَ إِلَى زِيَادٍ وَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنْ كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ بِالْكُوفَةِ فَالْعَجَلَ , فَأَغَذَّ زِيَادٌ السَّيْرَ حَتَّى قَدِمَ الْكُوفَةَ فَأَرْسَلَ إِلَى عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ , وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ وَخَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ الْعُذْرِيِّ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ وَإِلَى عِدَّةٍ مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَأَرْسَلَهُمْ إِلَى حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ لِيُعْذِرَ إِلَيْهِ وَيَنْهَاهُ عَنْ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ وَأَنَ يَكُفَّ لِسَانَهُ عَمَّا يَتَكَلَّمُ بِهِ فَأَتَوْهُ فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى شَيْءٍ وَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ وَجَعَلَ يَقُولُ : يَا غُلَامُ اعْلِفِ الْبَكْرَ قَالَ : وَبَكْرٌ فِي نَاحِيَةِ الدَّارِ فَقَالَ لَهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ : أَمَجْنُونٌ أَنْتَ أُكَلِّمُكَ بِمَا أُكَلِّمُكَ بِهِ وَأَنْتَ تَقُولُ : يَا غُلَامُ اعْلِفِ الْبَكْرَ ؟ فَقَالَ عَدِيٌّ لِأَصْحَابِهِ : مَا كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا الْبَائِسَ بَلَغَ فِيهِ الضَّعْفُ كُلَّ مَا أَرَى فَنَهَضَ الْقَوْمُ عَنْهُ وَأْتَوْا زِيَادًا فَأَخْبَرُوهُ بِبَعْضٍ وَخَزَنُوا بَعْضًا وَحَسَّنُوا أَمْرَهُ وَسَأَلُوا زِيَادًا الرِّفْقَ بِهِ فَقَالَ : لَسْتُ إِذًا لِأَبِي سُفْيَانَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الشُّرَطَ وَالْبُخَارَيَّةِ فَقَاتَلَهُمْ بِمَنْ مَعَهُ ثُمَّ انْفَضُّوا عَنْهُ وَأُتِيَ بِهِ زِيَادٌ وَبِأَصْحَابِهِ , فَقَالَ لَهُ : وَيْلَكَ مَا لَكَ . فَقَالَ : إِنِّي عَلَى بَيْعَتِي لِمُعَاوِيَةَ لَا أُقِيلُهَا وَلَا أَسْتَقِيلُهَا , فَجَمَعَ زِيَادٌ سَبْعِينَ مِنْ وجُوهِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَالَ : اكْتُبُوا شَهَادَتَكُمْ عَلَى حُجْرٍ وَأَصْحَابِهِ فَفَعَلُوا ثُمَّ وَفَدَهُمْ عَلَى مُعَاوِيَةَ , وَبَعَثَ بِحُجْرٍ وَأَصْحَابِهِ إِلَيْهِ , وَبَلَغَ عَائِشَةَ الْخَبَرُ فَبَعَثَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيَّ إِلَى مُعَاوِيَةَ تَسْأَلُهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُمْ , فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الثَّقَفِيُّ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جِدَادَهَا جِدَادَهَا لَا تُعِنّْ بَعْدَ الْعَامِ أَبْرًا فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : لَا أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُمُ وَلَكِنِ اعْرِضُوا عَلَيَّ كِتَابَ زِيَادٍ فَقُرِئَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَجَاءَ الشُّهُودُ فَشَهِدُوا , فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ : أَخْرِجُوهُمْ إِلَى عُذْرَى فَاقْتُلُوهُمْ هُنَالِكَ , قَالَ : فَحُمِلُوا إِلَيْهَا , فَقَالَ حُجْرٌ : مَا هَذِهِ الْقَرْيَةُ ؟ قَالُوا : عَذْرَاءُ , قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَوَّلُ مُسْلِمٌ نَبَّحَ كِلَابَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ , ثُمَّ أُتِيَ بِي الْيَوْمَ إِلَيْهَا مَصْفُودًا وَدُفِعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لِيَقْتُلَهُ وَدُفِعَ حُجْرٌ إِلَى رَجُلٍ مِنْ حِمْيَرَ فَقَدَّمَهُ لِيَقْتُلَهُ فَقَالَ : يَا هَؤُلَاءِ دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَتَرَكُوهُ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَطَوَّلَ فِيهِمَا , فَقِيلَ لَهُ : طَوَّلْتَ أَجَزِعْتَ ؟ فَانْصَرَفَ , فَقَالَ : مَا تَوَضَّأْتُ قَطُّ إِلَّا صَلَّيْتُ وَمَا صَلَّيْتُ صَلَاةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْ هَذِهِ وَلَئِنْ جَزِعْتُ لَقَدْ رَأَيْتُ سَيْفًا مَشْهُورًا وَكَفَنًا مَنْشُورًا وَقَبْرًا مَحْفُورًا وَكَانَتْ عَشَائِرُهُمْ جَاءُوا بِالْأَكْفَانِ وَحَفَرُوا لَهُمُ الْقُبُورَ وَيُقَالُ : بَلْ مُعَاوِيَةُ الَّذِي حَفَرَ لَهُمُ الْقُبُورَ وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ بِالْأَكْفَانِ , وَقَالَ حُجْرٌ : اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعْدِيكَ عَلَى أُمَّتِنَا ؛ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ شَهِدُوا عَلَيْنَا , وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَتَلُونَا , قَالَ : فَقِيلَ لِحُجْرٍ مُدَّ عُنُقَكَ , فَقَالَ : إِنَّ ذَاكَ لَدَمٌ مَا كُنْتُ لِأُعِينَ عَلَيْهِ , فَقُدِّمَ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ قَدْ بَعَثَ رَجُلًا مِنْ بَنِي سَلَامَانَ بْنِ سَعْدٍ يُقَالُ لَهُ : هُدْبَةُ بْنُ فَيَّاضٍ فَقَتَلَهُمْ وَكَانَ أَعْوَرَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنْ خَثْعَمٍ , فَقَالَ : إِنْ صَدَقْتِ الطَّيْرُ قُتِلَ نِصْفُنَا وَنَجَا نِصْفُنَا , قَالَ : فَلَمَّا قُتِلَ سَبْعَةٌ أَرْدَفَ مُعَاوِيَةُ بِرَسُولٍ بِعَافِيَتِهِمْ جَمِيعًا فَقُتِلَ سَبْعَةٌ وَنَجَا سِتَّةٌ أَوْ قُتِلَ سِتَّةٌ وَنَجَا سَبْعَةٌ قَالَ : وَكَانُوا ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا , وَقَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِرِسَالَةِ عَائِشَةَ وَقَدْ قُتِلُوا , فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَيْنَ عَزَبَ عَنْكَ حِلْمُ أَبِي سُفْيَانَ , فَقَالَ : غَيْبَةُ مِثْلِكَ عَنِّي مِنْ قَوْمِي وَقَدْ كَانَتْ هِنْدُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ مَخْرَبَةَ الْأَنْصَارِيَّةُ , وَكَانَتْ شِيعَيَّةً , قَالَتْ حِينَ سِيرَ بِحُجْرٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ : تَرَفَّعْ أَيُّهَا الْقَمَرُ الْمُنِيرُ تَرَفَّعْ هَلْ تَرَى حُجْرًا يَسِيرُ يَسِيرُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ حَرْبٍ لِيَقْتُلَهُ كَمَا زَعَمَ الْخَبِيرُ تَجَبَّرَتِ الْجَبَابِرُ بَعْدَ حُجْرٍ وَطَابَ لَهَا الْخَوَرْنَقُ وَالسَّدِيرُ وَأَصْبَحَتِ الْبِلَادُ لَهُ مُحُولًا كَأَنْ لَمْ يُحْيِهَا يَوْمًا مَطِيرُ أَلَا يَا حُجْرُ حُجْرَ بَنِي عَدِيٍّ تَلَقَّتْكَ السَّلَامَةُ وَالسُّرُورُ أَخَافُ عَلَيْكَ مَا أَرْدَى عَدِيًّا وَشَيْخًا فِي دِمَشْقَ لَهُ زَئِيرُ فَإِنْ تَهْلِكْ فَكُلُّ عَمِيدِ قَوْمٍ إِلَى هُلْكٍ مِنَ الدُّنْيَا يَصِيرُ
صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ بْنِ حُجْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْهِجْرِسِ بْنِ صَبِرَةَ بْنِ حِدْرِجَانَ بْنِ عِسَاسِ بْنِ لَيْثِ بْنِ حُدَادِ بْنِ ظَالِمِ بْنِ ذُهْلِ بْنِ عِجْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ وَدِيعَةَ بْنِ أَفْصَى بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ مِنْ رَبِيعَةَ وَكَانَ صَعْصَعَةُ أَخَا زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَكَانَ صَعْصَعَةُ يُكْنَى أَبَا طَلْحَةَ , وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْخِطَطِ بِالْكُوفَةِ , وَكَانَ خَطِيبًا , وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَشَهِدَ مَعَهُ الْجَمَلَ هُوَ وَأَخَوَاهُ زَيْدٌ وَسَيْحَانُ ابْنَا صُوحَانَ , وَكَانَ سَيْحَانُ الْخَطِيبُ قَبْلَ صَعْصَعَةَ وَكَانَتِ الرَّايَةُ يَوْمَ الْجَمَلِ فِي يَدِهِ فَقُتِلَ , فَأَخَذَهَا زَيْدٌ فَقُتِلَ فَأَخَذَهَا صَعْصَعَةُ وَقَدْ رَوَى صَعْصَعَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : قُلْتُ لِعَلِيٍّ : انْهَنَا عَمَّا نَهَانَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَرَوَى صَعْصَعَةُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَتُوُفِّيَ صَعْصَعَةُ بِالْكُوفَةِ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ , وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ
مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ بْنِ بِشْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَامِرِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُذْرَةَ بْنِ زَيْدِ اللَّاتِ بْنِ رُفَيْدَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ كَلْبٍ وَيُكْنَى مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ : أَبَا النَّضْرِ , وَكَانَ جَدُّهُ بِشْرُ بْنُ عَمْرٍو وَبَنُوهُ السَّائِبُ وَعُبَيْدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ شَهِدُوا الْجَمَلَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ , وَقُتِلَ السَّائِبُ بْنُ بِشْرٍ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَلَهُ يَقُولُ ابْنُ وَرْقَاءَ النَّخَعِيُّ : مَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي عُبَيْدًا بِأَنَّنِي عَلَوْتُ أَخَاهُ بِالْحُسَامِ الْمُهَنَّدِ فَإِنْ كُنْتَ تَبْغِي الْعِلْمَ عَنْهُ فَإِنَّهُ مُقِيمٌ لَدَى الدَّيْرَيْنِ غَيْرَ مُوَسَّدِ وَعَمْدًا عَلَوْتُ الرَّأْسَ مِنْهُ بِصَارِمٍ فَأَثْكَلْتُهُ سُفْيَانَ بَعْدَ مُحَمَّدِ سُفْيَانُ وَمُحَمَّدٌ ابْنَا السَّائِبِ وَشَهِدَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْجَمَاجِمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ عَالِمًا بِالتَّفْسِيرِ وَأَنْسَابِ الْعَرَبِ وَأَحَادِيثِهِمْ وَتُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فِي خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ كُلِّهِ ابْنُهُ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ وَكَانَ عَالِمًا بِالنَّسَبِ وَأَحَادِيثِ الْعَرَبِ وَأَيَّامِهِمْ , قَالُوا : وَلَيْسَ بِذَاكَ فِي رِوَايَتِهِ ، ضَعِيفٌ جِدًّا
مِسْعَرُ بْنُ كِدَامِ بْنِ ظُهَيْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَيُكْنَى أَبَا سَلَمَةَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ : تُوُفِّيَ مِسْعَرٌ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ : سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ قَالَ : رُبَّمَا رَأَيْتُ مِسْعَرًا يَجِيئُهُ الرَّجُلُ فَيُحَدِّثُهُ بِالشَّيْءِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ فَيَسْتَمِعُ لَهُ وَيُنْصِتُ وَقَالَ الْهَيْثَمُ : لَمْ يَسْمَعْ مِسْعَرٌ حَدِيثًا قَطُّ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَكَانَتْ لَهُ أُمٌّ عَابَدَةٌ فَكَانَ يَحْمِلُ مَعَهَا لِبْدًا وَيَمْشِي مَعَهَا حَتَّى يَدْخُلَا الْمَسْجِدَ فَيَبْسُطُ لَهَا اللِّبْدَ فَتَقُومُ فَتُصَلِّي وَيَتَقَدَّمُ هُوَ إِلَى مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ مَنْ يُرِيدُ فَيُحَدِّثُهُمْ ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى أُمِّهِ فَيَحْمِلُ لِبْدَهَا وَيَنْصَرِفُ مَعَهَا ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَأْوًى إِلَّا مَنْزِلَهُ وَالْمَسْجِدَ وَكَانَ مُرْجِئًا فَمَاتَ فَلَمْ يَشْهَدْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَلَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ
وَأَخُوهُ حَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَهُوَ صَالِحُ بْنُ صَالِحٍ وَيُكْنَى حَسَنٌ : أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ نَاسِكًا عَابِدًا فَقِيهًا أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : مَا رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ حَيٍّ مُتَرَبِّعًا قَطُّ قَالَ : وَجَاءَهُ يَوْمًا سَائِلٌ فَسَأَلَهُ فَنَزَعَ جَوْرَبَيْهِ فَأَعْطَاهُ قَالَ : وَرَأَيْتُهُ فِي الْجُمُعَةِ وَاخْتَفَى لَيْلَةَ الْأَحَدِ فَاخْتَفَى سَبْعَ سِنِينَ حَتَّى مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ مُسْتَخْفِيًا بِالْكُوفَةِ وَعَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ رَوْحُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُهَلَّبِ وَالِيًا لِلْمَهْدِيِّ , قَالَ : وَكَانَ حَسَنُ بْنُ حَيٍّ مُتَشَيِّعًا وَزَوَّجَ عِيسَى بْنَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ ابْنَتَهُ وَاسْتَخْفَى مَعَهُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ بِالْكُوفَةِ حَتَّى مَاتَ عِيسَى بْنُ زَيْدِ مُسْتَخْفِيًا وَكَانَ الْمَهْدِيُّ قَدْ طَلَبَهُمَا وَجَدَّ فِي طَلَبِهِمَا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا حَتَّى مَاتَا , وَمَاتَ حَسَنُ بْنُ حَيٍّ بَعْدَ عِيسَى بْنِ زَيْدِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ
أَبُو أُسَامَةَ وَاسْمُهُ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زِيَادٍ وَهُوَ الْمُعْتَقُ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ . قَالَ : وَسَمِعْتُ مِنَ يَذْكُرُ أَنَّ زِيَادًا الْمُعْتَقَ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ نَفْسِهِ , وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَعَ آلِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدِ فِي سِكَّةٍ وَاحِدَةٍ فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ : نَحْنُ وَأَنْتُمْ سَوَاءٌ , فَانْتَقَلُواعَنْهُمْ فَادَّعَى وَلَدُ الْحَسَنِ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُمْ مَوَالٍ لَهُمْ فَنَسَبَهُمُ النَّاسَ إِلَيْهِمْ وَأَمَّا أَبُو أُسَامَةَ فَأَخْبَرَنِي ابْنُهُ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يَخْبُرُ أَمْرَهُ أَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ يَذْكُرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا قَطُّ وَتُوُفِّيَ أَبُو أُسَامَةَ بِالْكُوفَةِ يَوْمَ الْأَحَدِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ فِي خِلَافَةِ الْمَأْمُونِ وَكَانَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ الْهَاشِمِيُّ , وَكَانَ حَضَرَ جِنَازَتَهُ فَقَدَّمُوهُ لِسِنِّهِ وَمَكَانِهِ , وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ بِوَالٍ , وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ , يُدَلِّسُ وَتَبَيَّنَ تَدْلِيسُهُ وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ وَجَمَاعَةٍ
حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ وَيُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، كَانَ هُوَ وَأَخٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ : مُحَمَّدٌ تَوْأَمَيْنِ وُلِدَا فِي بَطْنٍ فَتَزَوَّجَ مُحَمَّدٌ وَوُلِدَ لَهُ أَوْلَادٌ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ حُسَيْنٌ قَطُّ وَلَمْ يَتَسَرَّ وَأَذَّنَ فِي مَسْجِدِ جُعْفِيٍّ سِتِّينَ سَنَةً وَكَانَ عَابِدًا نَاسِكًا لَهُ فَضْلٌ قَارِئًا لِلْقُرْآنِ , يُقْرِئُ النَّاسَ وَقَدْ رَوَى عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ وَمُوسَى الْجُهَنِيِّ وَالْأَعْمَشِ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَغَيْرِهِمْ , وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يُعَظِّمُهُ قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ رَآهُ وَقَدْ قَدِمَ حُسَيْنٌ مَكَّةَ حَاجًّا وَلَقِيَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ يَدَهُ فَقَبَّلَهَا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَأَبُو أُسَامَةَ وَمَشَايَخُ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُعَظِّمُونَهُ وَيَأْتُونَهُ فَيَتَحَدَّثُونَ إِلَيْهِ , وَكَانَ مَأْلَفًا لِأَهْلِ الْقُرْآنِ وَأَهْلِ الْخَيْرِ , وَتُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ فِي ذِيِ الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَمِائَتَيْنِ فِي خِلَافَةِ الْمَأْمُونِ
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُخْتَارِ الْعَبْسِيُّ وَيُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ , قَرَأَ عَلَى عِيسَى بْنِ عُمَرَ وَعَلَى عَلِيِّ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ , وَكَانَ يُقْرِئُ الْقُرْآنَ فِي مَسْجِدِهِ , وَرَوَى عَنِ الْأَعْمَشِ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ وَزَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَعُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَغَيْرِهِمْ ، وَكَانَ مِنْ أَرْوَى أَهْلِ زَمَانِهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ . وَتُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ فِي آخِرِ شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ فِي خِلَافَةِ الْمَأْمُونِ , وَكَانَ ثِقَةً صَدُوقًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَثِيرَ الْحَدِيثِ , حَسَنَ الْهَيْئَةِ , وَكَانَ يَتَشَيَّعُ وَيَرْوِي أَحَادِيثَ فِي التَّشَيُّعِ مُنْكَرَةً فَضُعِّفَ بِذَلِكَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ , وَكَانَ صَاحِبَ قُرْآنٍ