قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمَّا أَخْرَجَ الْمُشْرِكُونَ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ إِلَى بَدْرٍ كُرْهًا ، قَالَ فِيهِمْ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ : حَرَامٌ عَلَيَّ حَرْبُ أَحْمَدَ إِنَّي أَرَى أَحْمَدًا مِنِّي قَرِيبًا أَوَاصِرُهُ وَإِنْ تَكُ فِهْرٌ أَلَّبَتْ وَتَجَمَّعَتْ عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا شَكَّ نَاصِرُهُ قَالَ هِشَامٌ : وَأَمَّا مَعْرُوفُ بْنُ الْخَرَّبُوذَ ، فَأَنْشَدَ لِنَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ : فَقُلْ لِقُرَيْشٍ إِيلِبِي وَتَحَزَّبِي عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا شَكَّ نَاصِرُهُ وَقَالَ أَيْضًا نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ لَمَّا أَسْلَمَ : إِلَيْكُمْ إِلَيْكُمْ إِنَّنِي لَسْتُ مِنْكُمُ تَبَرَّأَتُ مِنْ دِينِ الشِّيُوخِ الْأَكَابِرِ لَعَمْرُكَ مَا دِينِي بِشَيْءٍ أَبِيعُهُ وَمَا أَنَا إِذْ أَسْلَمْتُ يَوْمًا بِكَافِرِ شَهِدْتُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ مُحَمَّدًا أَتَى بِالْهُدَى مِنْ رَبِّهِ وَالْبَصَائِرِ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَدْعُو إِلَى التُّقَى وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ بِشَاعِرِ عَلَى ذَاكَ أَحْيَا ثُمَّ أُبْعَثُ مُوقِتًا وَأَثْوِي عَلَيْهِ مَيْتًا فِي الْمَقَابِرِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى النَّوْفَلِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ ، قَالَ : لَمَّا أُسِرَ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ بِبَدْرٍ ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : افْدِ نَفْسَكَ يَا نَوْفَلُ . قَالَ : مَا لِي شَيْءٌ أَفْدِي بِهِ نَفْسِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : افْدِ نَفْسَكَ بِرِمَاحِكَ الَّتِي بِجَدَةَ . قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ , فَفَدَى نَفْسَهُ بِهَا وَكَانَتْ أَلْفَ رُمْحٍ ، وَأَسْلَمَ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ ، وَكَانَ أَسَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ، أَسَنُّ مِنْ عَمِّهِ حَمْزَةَ وَالْعَبَّاسِ ، وَأَسَنُّ مِنْ إِخْوَتِهِ رَبِيعَةَ وَأَبِي سُفْيَانَ وَعَبْدِ شَمْسٍ بَنِي الْحَارِثِ ، وَرَجَعَ نَوْفَلٌ إِلَى مَكَّةَ ، ثُمَّ هَاجَرَ هُوَ وَالْعَبَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَيَّامَ الْخَنْدَقِ ، وَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَا قَبْلَ ذَلِكَ شَرِيكَيْنِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مُتَفَاوِضَيْنِ فِي الْمَالِ مُتَحَابَيْنِ مُتَصَافِيَيْنِ ، وَأَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ مَنْزِلًا عِنْدَ الْمَسْجِدِ بِالْمَدِينَةِ ، أَقْطَعَهُ وَأَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْعَبَّاسَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ، وَفَرَعَ بَيْنَهُمَا بِحَائِطٍ فَكَانَتْ دَارُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ فِي مَوْضِعِ رَحَبَةِ الْقَضَاءِ وَمَا يَلِيَهَا إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُقَابِلَ دَارِ الْإِمَارَةِ الْيَوْمَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا : دَارُ مَرْوَانَ ، وَأَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ أَيْضًا دَارَهُ الْأُخْرَى الَّتِي بِالْمَدِينَةِ عَلَى طَرِيقِ الثَّنِيَّةِ عِنْدَ السُّوقِ ، وَكَانَ مِرْبَدًا لِإِبِلِهِ ، وَقَسَمَهَا نَوْفَلٌ بَيْنَ بَنِيهِ فِي حَيَاتَهُ ، فَبَقِيَّتُهُمْ فِيهَا إِلَى الْيَوْمِ ، وَشَهِدَ نَوْفَلٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَتْحَ مَكَّةَ وَحُنَيْنٍ وَالطَّائِفَ ، وَثَبَتَ يَوْمَ حُنَيْنٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَكَانَ عَنْ يَمِينِهِ يَوْمَئِذٍ ، وَأَعَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ بِثَلَاثَةِ آلَافِ رُمْحٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رِمَاحِكَ يَا أَبَا الْحَارِثِ تَقْصِفُ فِي أَصْلَابِ الْمُشْرِكِينَ ، وَتُوُفِّيَ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ بَعْدَ أَنِ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِسَنَةٍ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ، فَصَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، ثُمَّ تَبِعَهُ إِلَى الْبَقِيعِ حَتَّى دُفِنَ هُنَاكَ