قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ ، قَالَ : كَانَ إِسْلَامُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَدِيمًا ، وَكَانَ أَوَّلَ إِخْوَتِهِ ، أَسْلَمَ وَكَانَ بَدْءُ إِسْلَامِهِ أَنَّهُ رَأَى فِي النَّوْمِ أَنَّهُ وَاقِفٌ عَلَى شَفِيرِ النَّارِ ، فَذِكْرُ مِنْ سَعَتِهَا مَا اللَّهُ بِهِ أَعْلَمُ ، وَيَرَى فِي النَّوْمِ كَأَنَّ أَبَاهُ يَدْفَعُهُ فِيهَا وَيَرَى رَسُولَ اللَّهِ آخِذًا بِحَقْوَيْهِ لِئَلَّا يَقَعَ , فَفَزِعَ مِنْ نَوْمِهِ ، فَقَالَ : أَحْلِفُ بِاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَرُؤْيَا حَقٌّ ، فَلَقِيَ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي قُحَافَةَ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أُرِيدَ بِكَ خَيْرًا ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَاتَّبِعْهُ فَإِنَّكَ سَتَتَّبِعُهُ وَتَدْخُلُ مَعَهُ فِي الْإِسْلَامِ الَّذِي يَحْجِزُكَ مِنْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا ، وَأَبُوكَ وَاقِعٌ فِيهَا ، فَلَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ بِأَجْيَادَ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِلَى مَا تَدْعُو ؟ قَالَ : أَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَخَلْعَ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ حَجَرٍ لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ وَلَا يَدْرِي مَنْ عَبَدَهُ مِمَّنْ لَمْ يَعْبُدْهُ ، قَالَ خَالِدٌ : فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَسُّرَ رَسُولُ اللَّهِ بِإِسْلَامِهِ , وَتَغَيَّبَ خَالِدٌ ، وَعَلِمَ أَبُوهُ بِإِسْلَامِهِ ، فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِ مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِهِ مِمَّنْ لَمْ يُسْلِمْ ، وَرَافِعًا مَوْلَاهُ ، فَوَجَدُوهُ ، فَأَتَوْا بِهِ إِلَى أَبِيهِ أَبِي أُحَيْحَةَ ، فَأَنَّبَهُ وَبَكَّتَهُ وَضَرَبَهُ بِمِقْرَعَةٍ فِي يَدِهِ حَتَّى كَسَرَهَا عَلَى رَأْسِهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَتْبَعْتَ مُحَمَّدًا وَأَنْتَ تَرَى خِلَافَهُ قَوْمَهُ ، وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عَيْبِ آلِهَتِهِمْ وَعَيْبِ مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِهِمْ , فَقَالَ خَالِدٌ : قَدْ صَدَقَ وَاللَّهِ وَاتَّبَعْتُهُ ، فَغَضِبَ أَبُو أُحَيْحَةَ ، وَنَالَ مِنَ ابْنِهِ ، وَشَتَمَهُ ، ثُمَّ قَالَ : اذْهَبْ يَا لُكَعُ حَيْثُ شِئْتَ ، فَوَاللَّهِ لَأَمْنَعَنَّكَ الْقُوتَ ، فَقَالَ خَالِدٌ : إِنْ مَنَعْتَنِي ، وَإِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُنِي مَا أَعِيشُ بِهِ ، فَأَخْرَجَهُ ، وَقَالَ لِبَنِيهِ : لَا يُكَلِّمْهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا صَنَعْتُ بِهِ مَا صَنَعْتُ بِهِ ، فَانْصَرَفَ خَالِدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَكَانَ يَلْزَمُهُ وَيَكُونُ مَعَهُ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَكِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ ، قَالَ : كَانَ إِسْلَامُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ثَالِثًا أَوْ رَابِعًا ، وَكَانَ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَدْعُو سِرًّا ، وَكَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَيُصَلِّي فِي نَوَاحِي مَكَّةَ خَالِيًا ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا أُحَيْحَةَ ، فَدَعَاهُ فَكَلَّمَهُ أَنْ يَدَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ خَالِدٌ : لَا أَدَعُ دِينَ مُحَمَّدٍ حَتَّى أَمُوتَ عَلَيْهِ ، فَضَرَبَهُ أَبُو أُحَيْحَةَ بِقَرَّاعَةٍ فِي يَدِهِ حَتَّى كَسَرَهَا عَلَى رَأْسِهِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ إِلَى الْحَبْسِ ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِ ، وَأَجَاعَهُ ، وَأَعْطَشَهُ حَتَّى لَقَدْ مَكَثَ فِي حَرِّ مَكَّةَ ثَلَاثًا مَا يَذُوقَ مَاءً ، فَرَأَى خَالِدٌ فُرْجَةً ، فَخَرَجَ ، فَتَغَيَّبَ عَنْ أَبِيهِ فِي نَوَاحِي مَكَّةَ حَتَّى حَضَرَ خُرُوجَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى الْحَبَشَةِ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ ، فَلَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهَا
قَالَ : أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ الْأَعَزِّ الْمَكِّيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْأَزْرَقِيُّ ، قَالَا : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَمِّهِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ مَرِضَ ، فَقَالَ : لَئِنْ رَفَعَنِي اللَّهُ مِنْ مَرَضِي هَذَا لَا يُعْبَدُ إِلَهُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ بِبَطْنِ مَكَّةَ ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عِنْدَ ذَلِكَ : اللَّهُمَّ لَا تَرْفَعُهُ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، تَقُولُ : كَانَ أَبِي خَامِسًا فِي الْإِسْلَامِ ، قُلْتُ : فَمَنْ تَقَدَّمَهُ ؟ قَالَتُ : ابْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَابْنُ أَبِي قُحَافَةَ ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَأَسْلَمَ أَبِي قَبْلَ الْهِجْرَةِ الْأُولَى إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، وَهَاجَرَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ ، وَأَقَامَ بِهَا بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَوُلِدْتُ أَنَا بِهَا ، وَقَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِخَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ ، فَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ ، فَأَسْهَمُوا لَنَا ، ثُمَّ رَجَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَأَقَمْنَا ، وَخَرَجَ أَبِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ ، وَغَزَا مَعَهُ إِلَى الْفَتْحِ هُوَ وَعَمِّي - يَعْنِي : عَمْرًا - وَخَرَجَا مَعَهُ إِلَى تَبُوكَ ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَبِي عَامِلًا عَلَى صَدَقَاتِ الْيَمَنِ ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَأَبِي بِالْيَمَنِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، قَالَ : أَقَامَ خَالِدٌ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ ، وَكَانَ يَكْتُبُ لَهُ ، وَهُوَ الَّذِي كَتَبَ كِتَابَ أَهْلِ الطَّائِفِ لِوَفْدِ ثَقِيفٍ ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى فِي الصُّلْحِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خِلَافَتِهِ ، يَقُولُ : تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عَامِلُهُ عَلَى الْيَمَنِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ ، قَالَ : تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عَامِلُهُ عَلَى صَدَقَاتِ مَذْحِجٍ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، قَالَتْ : خَرَجَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ هُمَيْنَةُ بِنْتُ خَلَفِ بْنِ أَسْعَدَ الْخُزَاعِيَّةُ فَوَلَدَتْ لَهُ هُنَاكَ سَعِيدًا , وَأُمَّ خَالِدٍ وَهِيَ أَمَةُ امْرَأَةِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو مَعْشَرٍ ، يَقُولُ : هُمَيْنَةُ بِنْتُ خَلَفٍ ، وَأَمَّا فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، فَقَالَا : أَمِينَةُ بِنْتُ خَلَفٍ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، تَقُولُ : قَدِمَ أَبِي مِنَ الْيَمَنِ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ أَنْ بُويِعَ لِأَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ وَعُثْمَانَ : أَرَضِيتُمْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَنْ يَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ عَلَيْكُمْ غَيْرُكُمْ ، فَنَقَلَهَا عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ، فَلَمْ يَحْمِلْهَا أَبُو بَكْرٍ عَلَى خَالِدٍ ، وَحَمَلَهَا عُمَرُ عَلَيْهِ ، وَأَقَامَ خَالِدٌ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لَمْ يُبَايِعْ أَبَا بَكْرٍ ، ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ مُظْهِرًا وَهُوَ فِي دَارِهِ ، فَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ : أَتُحِبُّ أَنْ أُبَايِعَكَ ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أُحِبُّ أَنْ تَدْخُلَ فِي صُلْحِ مَا دَخَلَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ ، قَالَ : مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةَ أُبَايِعُكَ ، فَجَاءَ وَأَبُو بَكْرٍ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَبَايَعَهُ , وَكَانَ رَأْيُ أَبِي بَكْرٍ فِيْهِ حَسَنًا ، وَكَانَ مُعَظِّمًا لَهُ ، فَلَمَّا بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ الْجُنُودَ عَلَى الشَّامِ ، عَقَدَ لَهُ الْمُسْلِمِينَ ، وَجَاءَ بِاللِّوَاءِ إِلَى بَيْتِهِ ، فَكَلَّمَ عُمَرُ أَبَا بَكْرِ ، وَقَالَ : تُوَلِّي خَالِدًا وَهُوَ الْقَائِلَ مَا قَالَ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَرْسَلَ أَبَا أَرْوَى الدَّوْسِيَّ ، فَقَالَ : إِنَّ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ لَكَ : ارْدُدْ إِلَيْنَا لِوَاءَنَا فَأَخْرَجَهُ ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ ، وَقَالَ : وَاللَّهِ مَا سَرَّتْنَا وِلَايَتُكُمْ وَلَا سَاءَنَا عَزْلُكُمْ ، وَإِنَّ الْمُلِيمَ لَغَيْرُكَ ، فَمَا شَعَرْتُ إِلَّا بِأَبِي بَكْرٍ دَاخِلٌ عَلَى أَبِي يَعْتَذِرُ إِلَيْهِ وَيَعْزِمُ عَلَيْهِ أَلَّا يَذْكُرَ عُمَرَ بِحَرْفٍ ، فَوَاللَّهِ مَا زَالَ أَبِي يَتَرَحَّمُ عَلَى عُمَرَ حَتَّى مَاتَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، قَالَ : لَمَّا عَزَلَ أَبُو بَكْرٍ خَالِدًا وَلَّى يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ جُنْدَهُ ، وَدَفَعَ لِوَاءَهُ إِلَى يَزِيدَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمَّا عَزَلَ أَبُو بَكْرٍ خَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ ، أَوْصَى بِهِ شُرَحْبِيلَ ابْنَ حَسَنَةَ ، وَكَانَ أَحَدَ الْأُمَرَاءِ ، فَقَالَ : انْظُرْ خَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ فَاعْرِفْ لَهُ مِنَ الْحَقِّ عَلَيْكَ مِثْلَ مَا كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ يَعْرِفَهُ لَكَ مِنَ الْحَقِّ عَلَيْهِ لَوْ خَرَجَ وَالِيًا عَلَيْكَ ، وَقَدْ عَرَفْتَ مَكَانَهُ مِنَ الْإِسْلَامِ ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ لَهُ وَالٍ ، وَقَدْ كُنْتُ وَلَّيْتُهُ ، ثُمَّ رَأَيْتُ عَزْلَهُ ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ فِي دِينِهِ مَا أَغْبِطُ أَحَدًا بِالْإِمَارَةِ ، وَقَدْ خَيَّرْتُهُ فِي أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ ، فَاخْتَارَكَ عَلَى غَيْرِكَ عَلَى ابْنِ عَمِّهِ ، فَإِذَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى رَأْيِ التَّقِيِّ النَّاصِحِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَنْ تَبْدَأُ بِهِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، وَلْيَكُ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ ثَالِثًا ، فَإِنَّكَ وَاجِدٌ عِنْدَهُمْ نُصْحًا وَخَيْرًا ، وَإِيَّاكَ وَاسْتِبْدَادَ الرَّأْيِ عَنْهُمْ أَوْ تَطْوِي عَنْهُمْ بَعْضَ الْخَبَرِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : فَقُلْتُ لِمُوسَى بْنِ مُحَمَّدٍ : أَرَأَيْتَ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ قَدِ اخْتَارَكَ عَلَى غَيْرِكَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ لَمَّا عَزَلَهُ أَبُو بَكْرٍ كَتَبَ إِلَيْهِ : أَيُّ الْأُمَرَاءِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ فَقَالَ : ابْنُ عَمِّي أَحَبُّ إِلَيَّ فِي قَرَابَتِهِ ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ فِي دِينِي ، فَإِنَّ هَذَا أَخِي فِي دِينِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَنَاصِرِي عَلَى ابْنِ عَمِّي ، فَاسْتَحَبَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ شُرَحْبِيلِ ابْنِ حَسَنَةَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : شَهِدَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ فَتْحَ أَجْنَادِينَ وَفِحْلٍ وَمَرْجِ الصُّفَّرِ ، وَكَانَتْ أُمُّ الْحَكِيمِ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ تَحْتَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ ، فَقُتِلَ عَنْهَا بِأَجْنَادِينَ ، فَأَعْدَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ يَخْطُبُهَا ، وَكَانَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ يُرْسِلُ إِلَيْهَا فِي عِدَّتِهَا يَتَعَرَّضُ لِلْخِطْبَةِ ، فَحَطَّتْ إِلَى خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ ، فَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ ، فَلَمَّا نَزَلَ الْمُسْلِمُونَ مَرْجَ الصُّفَّرِ ، أَرَادَ خَالِدٌ أَنْ يُعَرِّسَ بِأُمِّ حَكِيمٍ ، فَجَعَلَتْ تَقُولُ : لَوْ أَخَّرْتَ الدُّخُولَ حَتَّى يَفُضَّ اللَّهُ هَذِهِ الْجُمُوعَ ، فَقَالَ خَالِدٌ : إِنَّ نَفْسِي تُحَدِّثُنِي أَنِّي أُصَابُ فِي جُمُوعِهِمْ ، قَالَتْ : فَدُونَكَ ، فَأَعْرَسَ بِهَا عِنْدَ الْقَنْطَرَةِ الَّتِي بِالصُّفَّرِ ، فَبِهَا سُمِّيَتْ قَنْطَرَةَ أُمِّ حَكِيمٍ ، وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا فِي صُبْحِ مُدْخَلِهِ ، فَدَعَا أَصْحَابَهُ عَلَى طَعَامٍ ، فَمَا فَرَغُوا مِنَ الطَّعَامِ حَتَّى صَفَّتِ الرُّومُ صُفُوفَهَا صُفُوفًا خَلْفَ صُفُوفٍ ، وَبَرَزَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مُعَلَّمٌ يَدْعُو إِلَى الْبِرَازِ ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْعَامِرِيُّ ، فَنَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ ، فَبَرَزَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ ، فَقَتَلَهُ حَبِيبٌ ، وَرَجَعَ إِلَى مَوْضِعِهِ ، وَبَرَزَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ ، فَقَاتَلَ ، فَقُتِلَ ، وَشَدَّتْ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا ، وَعَدَتْ وَإِنَّ عَلَيْهَا لَدِرْعَ الْحَلُوقِ فِي وَجْهِهَا ، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ عَلَى النَّهَرِ ، وَصَبَرَ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا ، وَأَخَذَتِ السُّيُوفُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، فَلَا يُرْمَى بِسَهْمٍ وَلَا يُطْعَنُ بِرُمْحٍ ، وَلَا يُرْمَى بِحَجَرٍ ، وَلَا يُسْمَعُ إِلَّا وَقْعُ السُّيُوفِ عَلَى الْحَدِيدِ وَهَامِ الرِّجَالِ وَأَبْدَانِهِمْ ، وَقَتَلَتْ أُمُّ حَكِيمٍ يَوْمَئِذٍ سَبْعَةً بِعَمُودِ الْفُسْطَاطِ الَّذِي بَاتَ فِيهِ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ مُعَرِّسًا بِهَا ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ مَرْجِ الصُّفَّرِ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَشْيَاخُنَا أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، وَهُوَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَتَلَ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، ثُمَّ لَبِسَ سَلَبَهُ دِيبَاجًا أَوْ حَرِيرًا ، فَنَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَهُوَ مَعَ عُمَرَ ، فَقَالَ عُمَرُ : مَا تَنْظُرُونَ ، مَنْ شَاءَ فَلْيَعْمَلْ مِثْلَ عَمَلِ خَالِدٍ ، ثُمَّ يَتَلَبَّسْ لِبَاسَ خَالِدٍ
قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْأَزْرَقِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَمِّهِ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَهُ فِي رَهْطٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى مَلِكِ الْحَبَشَةِ ، فَقَدِمُوا عَلَيْهِ وَمَعَ خَالِدٍ امْرَأَةٌ لَهُ ، قَالَ : فَوَلَدَتْ لَهُ جَارِيَةً ، وَتَحَرَّكَتْ وَتَكَلَّمَتْ هُنَاكَ ، ثُمَّ إِنَّ خَالِدًا أَقْبَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ، وَقَدْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ ، فَأَقْبَلَ يَمْشِي وَمَعَهُ ابْنَتُهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ نَشْهَدْ مَعَكَ بَدْرًا ، فَقَالَ : أَوَمَا تَرْضَى يَا خَالِدُ أَنْ يَكُونَ لِلنَّاسِ هِجْرَةٌ ، وَلَكُمْ هِجْرَتَانِ ثِنْتَانِ قَالَ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : فَذَاكَ لَكُمْ . ثُمَّ إِنَّ خَالِدًا قَالَ لِابْنَتِهِ : اذْهَبِي إِلَى عَمِّكِ ، اذْهَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَسَلِّمِي عَلَيْهِ ، فَذَهَبَتِ الْجُوَيْرِيَّةُ حَتَّى أَتَتْهُ مِنْ خَلْفِهِ ، فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا قَمِيصٌ أَصْفَرُ ، فَأَشَارَتْ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تُرِيهِ فَقَالَ : سَنَهْ سَنَهْ سَنَهْ يَعْنِي : حَسَنٌ ، يَعْنِي بِالْحَبَشِيَّةِ : أَبْلِي وَأَخْلِقِي ، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي