حديث رقم: 5099

قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ الدَّوْسِيِّ ، وَكَانَ لَهُ حِلْفٌ فِي قُرَيْشٍ قَالَ : كَانَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ رَجُلًا شَرِيفًا شَاعِرًا كَثِيرَ الضِّيَافَةِ , فَقَدِمَ مَكَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِهَا , فَمَشَى إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ , فَقَالُوا : يَا طُفَيْلُ إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلَادِنَا وَهَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَدْ أَعْضَلَ بِنَا وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا وَشَتَّتَ أَمْرَنَا ، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ كَالسِّحْرِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَبِيهِ , وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَخِيهِ , وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ ، إِنَّا نَخْشَى عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ مِثْلَ مَا دَخَلَ عَلَيْنَا مِنْهُ , فَلَا تُكَلِّمْهُ وَلَا تَسْمَعْ مِنْهُ ، قَالَ الطُّفَيْلُ : فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا بِي حَتَّى أَجْمَعْتُ أَنْ لَا أَسْمَعَ مِنْهُ شَيْئًا ، وَلَا أُكَلِّمُهُ ، فَغَدَوْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَقَدْ حَشَوْتُ أُذُنَيَّ كُرْسُفًا - يَعْنِي قَطْنًا - فَرَقًا مِنْ أَنْ يَبْلُغَنِي شَيْءٌ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى كَانَ يُقَالُ لِي : ذُو الْقُطْنَتَيْنِ ، قَالَ : فَغَدَوْتُ يَوْمًا إِلَى الْمَسْجِدِ , فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ , فَقُمْتُ قَرِيبًا مِنْهُ فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُسْمِعَنِي بَعْضَ قَوْلِهِ , فَسَمِعْتُ كَلَامًا حَسَنًا , فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : وَاثُكْلَ أُمِّي وَاللَّهِ إِنِّي لِرَجُلٌ لَبِيبٌ شَاعِرٌ مَا يَخْفَى عَلَيَّ الْحَسَنُ مِنَ الْقَبِيحِ , فَمَا يَمْنَعُنِي مِنْ أَنْ أَسْمَعَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ مَا يَقُولُ ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَأْتِي بِهِ حَسَنًا قِبْلَتُهُ ، وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا تَرَكْتُهُ . فَمَكَثْتُ حَتَّى انْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ , ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ حَتَّى إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ دَخَلْتُ مَعَهُ , فَقُلْتُ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّ قَوْمَكَ قَالُوا لِي كَذَا وَكَذَا لِلَّذِي قَالُو لِي ، فَوَاللَّهِ مَا تَرَكُونِي يُخَوِّفُونِي أَمْرَكَ حَتَّى سَدَدْتُ أُذُنِي بِكُرْسُفٍ لِأَنْ لَا أَسْمَعَ قَوْلَكَ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ أَبَى إِلَّا أَنْ يُسْمِعَنِيهِ ، فَسَمِعْتُ قَوْلًا حَسَنًا , فَاعْرِضْ عَلَيَّ أَمْرَكَ ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْإِسْلَامَ وَتَلَا عَلَيْهِ الْقُرْآنَ , فَقَالَ : لَا وَاللَّهُ مَا سَمِعْتُ قَوْلًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا ، وَلَا أَمْرًا أَعْدَلَ مِنْهُ ، فَأَسْلَمْتُ وَشَهِدْتُ شَهَادَةَ الْحَقِّ , فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي امْرُؤٌ مُطَاعٌ فِي قَوْمِي وَأَنَا رَاجِعٌ إِلَيْهِمْ فَدَاعِيهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ , فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ لِي عَوْنًا عَلَيْهِمْ فِيمَا أَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَهُ آيَةً ، قَالَ : فَخَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةِ تُطْلِعُنِي عَلَى الْحَاضِرِ وَقَعَ نُورٌ بَيْنَ عَيْنِي مِثْلُ الْمِصْبَاحِ , فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ فِي غَيْرِ وَجْهِي , فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَظُنُّوا أَنَّهَا مُثْلَةٌ وَقَعَتْ فِي وَجْهِي لِفِرَاقِ دِينِهِمْ , فَتَحَوَّلَ النُّورُ , فَوَقَعَ فِي رَأْسِ سَوْطِي , فَجَعَلَ الْحَاضِرُ يَتَرَاءَوْنَ ذَلِكَ النُّورَ فِي سَوْطِي كَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّقِ ، فَدَخَلَ بَيْتَهُ قَالَ : فَأَتَانِي أَبِي , فَقُلْتُ لَهُ : إِلَيْكَ عَنِّي يَا أَبَتَاهُ , فَلَسْتَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْكَ ، قَالَ : وَلِمَ يَا بُنَيَّ ؟ ، قُلْتُ : إِنِّي أَسْلَمْتُ وَاتَّبَعْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : يَا بُنَيَّ دِينِي دِينُكَ ، قَالَ : فَقُلْتُ فَاذْهَبْ فَاغْتَسِلْ وَطَهِّرْ ثِيَابَكَ ، ثُمَّ جَاءَ , فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ ، ثُمَّ أَتَتْنِي صَاحِبَتِي , فَقُلْتُ لَهَا : إِلَيْكِ عَنِّي فَلَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتِ مِنِّي ، قَالَتْ : وَلِمَ بِأَبِي أَنْتَ ؟ ، قُلْتُ : فَرَّقَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ الْإِسْلَامُ ، إِنِّي أَسْلَمْتُ وَتَابَعْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ ، قَالَتْ : فَدِينِي دِينُكَ ، قُلْتُ : فَاذْهَبِي إِلَى حِسْيِ ذِي الشِّرَى فَتَطَهَّرِي مِنْهُ ، وَكَانَ ذُو الشِّرَى صَنَمَ دَوْسٍ ، وَالْحِسْيِ حِمَى لَهُ يُحَمُّونَهُ , وَبِهِ وَشَلٌ مِنْ مَاءٍ يَهْبِطُ مِنَ الْجَبَلِ ، فَقَالَتْ : بِأَبِي أَنْتَ أَتَخَافُ عَلَى الصِّبْيَةِ مِنْ ذِي الشِّرَى شَيْئًا ؟ ، قُلْتُ : لَا ، أَنَا ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَكِ ، قَالَ : فَذَهَبَتْ فَاغْتَسَلَتْ ، ثُمَّ جَاءَتْ , فَعَرَضْتُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ , فَأَسْلَمَتْ ، ثُمَّ دَعَوْتُ دَوْسًا إِلَى الْإِسْلَامِ , فَأَبْطَأُوا عَلَيَّ ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَكَّةَ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ غَلَبَتْنِي دَوْسٌ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ , فَقَالَ : اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا

حديث رقم: 5100

قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللهَ عَلَى دَوْسٍ فَقَالَ : اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا ، وَأْتِ بِهَا . رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ طُفَيْلٍ قَالَ : فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اخْرُجْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهُمْ وَارْفُقْ بِهِمْ ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ , فَلَمْ أَزَلْ بِأَرْضِ دَوْسٍ أَدْعُوهَا حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَمَضَى بَدْرٌ وَأُحُدٌ وَالْخَنْدَقُ ، ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِي ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِخَيْبَرَ حَتَّى نَزَلَتُ الْمَدِينَةَ بِسَبْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ بَيْتًا مِنْ دَوْسٍ , ثُمَّ لَحِقْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِخَيْبَرَ , فَأَسْهَمَ لَنَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، وَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنَا مَيْمَنَتَكَ ، وَاجْعَلْ شِعَارَنَا مَبْرُورًا ، فَفَعَلَ , فَشِعَارُ الْأَزْدِ كُلِّهَا إِلَى الْيَوْمِ مَبْرُورٌ ، قَالَ الطُّفَيْلُ : ثُمَّ لَمْ أَزَلْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى فَتْحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَكَّةَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْعَثْنِي إِلَى ذِي الْكَفَّيْنِ صَنَمِ عَمْرِو بْنِ حُمَمَةَ حَتَّى أَحْرِقَهُ , فَبَعَثَهُ إِلَيْهِ , فَأَحْرَقَهُ وَجَعَلَ الطُّفَيْلُ يَقُولُ وَهُوَ يُوقِدُ النَّارَ عَلَيْهِ وَكَانَ مِنْ خَشَبٍ : يَا ذَا الْكَفَّيْنِ لَسْتُ مِنْ عِبَادَكَ مِيلَادُنَا أَقْدَمُ مِنْ مِيلَادِكَ أَنَا حَشَشْتُ النَّارَ فِي فُؤَادِكَ

حديث رقم: 5101

قَالَ : أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ لَهُ صَنَمٌ يُقَالُ لَهُ : ذُو الْكَفَّيْنِ , فَكَسَرَهُ وَحَرَقَهُ بِالنَّارِ ، وَقَالَ : يَا ذَا الْكَفَّيْنِ لَسْتُ مِنْ عِبَادِكَ مِيلَادُنَا أَقْدَمُ مِنْ مِيلَادِكَ أَنَا حَشَوْتُ النَّارَ فِي فُؤَادِكَ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ الطُّفَيْلِ الْأَوَّلِ قَالَ : فَلَمَّا أَحْرَقْتُ ذَا الْكَفَّيْنِ بَانَ لِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ تَمَسَّكَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ ، فَأَسْلَمُوا جَمِيعًا , وَرَجَعَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَكَانَ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى قُبِضَ ، فَلَمَّا ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ خَرَجَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ , فَجَاهَدَ حَتَّى فَرَغُوا مِنْ طُلَيْحَةَ وَأَرْضِ نَجْدٍ كُلِّهَا ، ثُمَّ سَارَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْيَمَامَةِ , وَمَعَهُ ابْنُهُ عَمْرُو بْنُ الطُّفَيْلِ , فَقُتِلَ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو بِالْيَمَامَةَ شَهِيدًا , وَجُرِحَ ابْنُهُ عَمْرُو بْنُ الطُّفَيْلِ ، وَقَطَعَتْ يَدُهُ ، ثُمَّ اسْتَبَلَّ وَصَحَّتْ يَدُهُ ، فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِذْ أُتِيَ بِطَعَامٍ فَتَنَحَّى عَنْهُ ، فَقَالَ عُمَرُ : مَا لَكَ لَعَلَّكَ تَنَحَّيْتَ لِمَكَانِ يَدِكَ ؟ ، قَالَ : أَجَلْ ، قَالَ : وَاللَّهِ لَا أَذُوقُهُ حَتَّى تَسُوطَهُ بِيَدِكَ ، فَوَاللَّهِ مَا فِي الْقَوْمِ أُحُدٌ بَعْضُهُ فِي الْجَنَّةِ غَيْرَكَ . ثُمَّ خَرَجَ عَامَ الْيَرْمُوكِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , فَقُتِلَ شَهِيدًا