حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ أَبِي سَعِيدٍ الْبَصْرِيِّ ، قَالَ : سُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ ، عَنِ الْحُزْنِ أَيُّ شَيْءٍ هُوَ ؟ ، قَالَ : هُوَ الْأَسَفُ ، فَقِيلَ لَهُ : الْمَحْزُونُ يَتَهَنَّأُ بِمَا فِيهِ ؟ ، قَالَ : لَا ، قِيلَ : وَلِمَ ذَاكَ ؟ ، قَالَ : لِأَنَّ الْمَحْزُونَ خَائِفٌ وَمَنْ خَافَ اتَّقَى ، وَمِنِ اتَّقَى حَذِرَ وَمِنْ حَذِرَ حَاسَبَ نَفْسَهُ ، وَسُئِلَ عَالِمٌ آ خَرُ عَنِ الْحُزْنِ مَا هُوَ ؟ ، وَمَا مَوْقِعُهُ مِنَ الْقَلْبِ ؟ ، قَالَ : أَمَا مَوْقِعُهُ فِي الْقَلْبِ فَهُوَ مَخَافَةُ أَنْ يُقْذَفَ ، وَأَمَّا مَا هُوَ فَهُمُّ التَعْظِيمِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَالْحَيَاءُ مِنْهُ ، ثُمَّ أَرْخَى عَيْنَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : لَوْ أَنَّ مَحْزُونًا بَكَى فِي أُمَّةٍ لَرَحِمَ اللَّهُ تِلْكَ الْأُمَّةِ بِبُكَائِهِ ، وَسُئِلَ عَالِمٌ آخِرُ عَنِ الْمَحْزُونِينَ لِأَيِّ شَيْءٍ حَزِنُوا ؟ قَالَ : حَزِنُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَتَلَهَّفُوا عَلَيْهَا أَنْ لَا تَكُونَ مُطَابِقَةً لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، قَالَ : أَتَيْنَا عَابِدًا مَرَّةً فَقَالَ الْعَابِدُ : إِنَّمَا الْبُكَاءُ شِفَاءُ الْقُلُوبِ وَرَاحَتُهَا وَلَكِنَّ ضَنَاهَا وَنِكَايَتَهَا فِي الْحُزْنِ وَالْكَمَدِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْقَارِئَ ، فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يَبْكِي ، وَيَقُولُ : ابْكِ لِذَنْبِكَ طُولَ اللَّيْلِ مُجْتَهِدًا إِنَّ الْبُكَاءَ مُعَوَّلُ الْأَحْزَانِ لَا تَنْسَ ذَنْبَكَ فِي النَّهَارِ وَطُولِهِ إِنَّ الذُّنُوبَ تُحِيطُ بِالْإِنْسَانِ ثُمَّ يَبْكِي بُكَاءً شَدِيدًا ، وَيُرَدِّدُ ذَلِكَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : كَتَبَ إِلَيَّ إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ ، يَذْكُرُ أَنَّ عَبَّادَ بْنَ كُلَيْبٍ ، حَدَّثَهُمْ ، قَالَ : كُنْتُ بِعِبَادَانَ فَرَأَيْتُ شَابًّا مِنْ قُرَيْشٍ عَلَيْهِ جُبَّةٌ صُوفٌ وَحَوْلَهُ رِجَالٌ ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي ، هَذَا الشَّابُّ يَلْبَسُ الصُّوفَ ، ثُمَّ قُلْتُ : مَا أُرَانِي إِلَّا قَدِ اغْتَبْتُهُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ ، يَقُولُ : إِنَّ لِلَّهِ ، عِبَادًا يَسْتَرِيحُونَ إِلَى الْغُمُومِ ، فَقُلْتُ : يَرْحَمُكُ اللَّهُ تَلْبَسُ الصُّوفَ ، فَقَالَ : أَمَّا أَنَا عَبْدٌ ، فَإِذَا عُتِقْتُ لَبِسْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِشَرِيكٍ ، فَقَالَ : مَا أَكْرَهَ لُبْسَ الصُّوفِ لِمِثْلِ هَذَا مَا خَرَجَ هَذَا الْكَلَامُ إِلَّا مِنْ كَنِزٍ