حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ أَبِي يَحْيَى السُّلَمِيُّ ، ذَكَرَ أَبُو عُمَرَ الْعُمَرِيُّ ، عَنْ شَيْخٍ ، مِنْ مُحَارِبٍ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ ، كَانَ يَوْمًا فِي عِدَّةٍ مِنْ وَلَدِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ فَقَالُوا : لَنُنْشِدُكَ أَجْمَلَ حِكَمٍ وَأَشْعَرَ مَا يُرْوَى فَأَنْشَدُوا لِزُهَيْرٍ ، وَالنَّابِغَةِ ، وَامْرِئِ الْقَيْسِ ، وَطَرَفَةَ ، وَلَبِيدٍ ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : أَشْعُرُ مِنْهُمُ الَّذِي يَقُولُ : وَذِي رَحِمٍ قَلَّمْتُ أَظْفَارَ صُنْعِهِ بِحِلْمِي عَنْهُ وَهُوَ لَيْسَ لَهُ حِلْمُ يُحَاوِلُ رَغْمِي لَا يُحَاوِلُ غَيْرُهُ وَكَالْمَوْتِ عِنْدِي أَنْ يَحِلَّ بِهِ الرُّغْمُ فَإِنْ أَعْفُ عَنْهُ أَغُضَّ عَيْنِي عَلَى قَذًى وَلَيْسَ بِهِ بِالصَّفْحِ عَنْ دِينِهِ عِلْمُ وَإِنْ أَنْتَصِرْ مِنْهُ أَكُنْ مِثْلَ رَائِشٍ سِهَامَ عَدُوٍّ يُسْتَهَاضُ بِهَا الْعَظْمُ صَبَرْتُ عَلَى مَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَمَا يَسْتَوِي حَرْبُ الْأَقَارِبِ وَالسَّلْمُ وَيَشْتُمُ عِرْضِي بِالْمُغَيَّبِ جَاهِلًا وَلَيْسَ لَهُ عِنْدِي هَوَانٌ وَلَا شَتْمُ إِذَا سُمْتُهُ وَصْلَ الْقَرَابَةِ سَامَنِي قَطِيعَتَهَا تِلْكَ السَّفَاهِدُ وَالْإِثْمُ وَإِنْ أَدَعْهُ لِلنُّصْفِ يَأْبَ وَيَعْصَنِي وَيَدْعُ لِحُكْمٍ جَائِرٍ غَيْرُهُ الْحُكْمُ وَقَدْ كُنْتُ أَطْوِي الْكَاشِحَيْنِ وَأَشْتَفِي وَأَقْطَعُ قَطْعًا لَيْسَ يَنْفَعُهُ الْحَسْمُ وَقَدْ كُنْتُ أَجْزِي النُّكْرَ بِالنُّكْرِ مِثْلَهُ وَأَحْلُمُ أَحْيَانًا وَلَوْ عَظُمَ الْجُرْمُ وَلَوْلَا اتِّقَاءُ اللَّهِ وَالرَّحِمُ الَّتِي رِعَايَتُهَا حَقٌّ وَتَعْطِيلُهَا ظُلْمُ إِذَنْ لَعَلَاهُ بَارِقِي وَخَطَّهُ بِوَشْمِ شَنَارٍ لَا يُشَابِهُهُ وَشْمُ وَيَسْعَى إِذَا أَبْنِي لِيَهْدِمَ صَالِحِي وَلَيْسَ الَّذِي بَيْنِي كَمَنْ شَأْنُهُ الْهَدْمُ يَوَدُّ لَوْ أَنِّي مُعْدِمٌ ذُو خَصَاصَةٍ وَأَكْرَهُ حَمْدِي أَنْ يُخَالِطَهُ الْعُدْمُ وَتَعْتَدُّ عَمَّا فِي الْحَوَادِثِ نَكْبَتِي وَمَا أَنْ لَهُ فِيهَا سَناءٌ وَلَا غَنْمُ أَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْكِبِ الدَّهْرُ مَدْرَعًا أُكَالِبُ عَنْهُ الْخَصْمَ إِذْ عَضَّهُ الْخَصْمُ وَأَلْجُمُ عَنْهُ كُلَّ أَبْلَجَ طَامِحٍ أَلَدَّ شَدِيدَ الْخَصْمِ غَايَتُهُ الْعَشْمُ فَمَا زِلْتُ فِي لِينٍ لَهُ وَتَعَطُّفٍ عَلَيْهِ كَمَا تَحْنُو عَلَى الْوَلَدِ الْأُمُّ وَقَوْلِي إِذَا أَخْشَى عَلَيْهِ مُصِيبَةً أَلَا اسْلَمْ فِدَاكَ الْخَالُ ذُو الرِّفْدِ وَالْعَمُّ وَسَتْرِي عَلَى أَشْيَاءَ مِنْهُ تُرِيبُنِي وَكَظْمِي عَلَى غَيْظِي وَقَدْ يَنْفَعُ الْكَظْمُ لِأَسْتَلَّ مِنْهُ الضِّغْنَ حَتَّى اسْتَلَلْتُهُ وَقَدْ كَانَ ذَا حِقْدٍ يَضِيقُ بِهِ الْجُرْمُ دَفَنْتُ انْثِلَامًا بَيْنَنَا فَرَقَعْتُهُ بِرِفْقِي وَإِحْنَائِي وَقَدْ يُرَقَّعُ الثَّلْمُ فَأَبْرَأْتُ غُلَّ الصَّدْرِ مِنْهُ تَوَسُّعًا بِحِلْمِي كَمَا يُشْفَى بِأَدْوِيَةٍ كَلْمُ وَأَطْفَأْتُ نَارَ الْحَرْبِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَأَصْبَحَ بَعْدَ الْحَرْبِ وَهْوَ لَنَا سِلْمُ وَالشِّعْرُ لِمَعْنِ بْنِ أَوْسٍ الْمُزَنِيِّ
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، قَالَ : قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ ، : كَانَ يُقَالُ : مَنْ أَسَاءَ فَأُحْسِنَ إِلَيْهِ حَصَلَ لَهُ حَاجِزٌ مِنْ قَلْبِهِ يَرْدَعُهُ عَنْ مِثْلِ إِسَاءَتِهِ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ، ذَكَرَ عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ ، قَالَ : قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ وَالْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ وَمَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ يُعْطَهُ وَمَنْ يَتَوَقَّ الشَّرَّ يُوَقَّهُ
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ ، ذَكَرَ جَدِّي عَرْعَرَةُ بْنُ الْبِرِنْدِ ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ الْحَسَنِ ، قَالَ : قَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ : لَسْتُ بِحَلِيمٍ وَلَكِنْ أَتَحَلَّمُ
بَلَغَنِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرٍو أَبِي عُمَرَ الْعُمَرِيِّ ، قَالَ : مَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بِنَاسٍ مِنْ بَنِي جُمَحٍ فَنَالُوا مِنْهُ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَمَرَّ بِهِمْ وَهُمْ جُلُوسٌ فَقَالَ : يَا بَنِي جُمَحٍ ، قَدْ بَلَغَنِي شَتْمُكُمْ إِيَّايَ وَانْتِهَاكُكُمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَقَدِيمًا شَتَمَ اللِّئَامُ الْكِرَامَ فَأَبْغَضُوهُمْ وَأَيْمِ اللَّهِ مَا يَمْنَعُنِي مِنْكُمْ إِلَّا شِعْرٌ عَرَضَ لِي فَذَلِكَ الَّذِي حَجَزَنِي عَنْكُمْ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : وَمَا الشِّعْرُ الَّذِي نَهَاكُمْ عَنْ شَتْمِنَا ؟ فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا عَطْفًا عَلَيْكُمْ تَرَكْتُكُمْ وَلَكِنَّنِي أَكْرَمْتُ نَفْسِي عَنِ الْجَهْلِ نَأَوْتُ بِهَا عَنْكُمْ وَقُلْتُ لِعَاذِلِي عَلَى الْحِلْمِ دَعْنِي قَدْ تَدَارَكِنِي عَقْلِي وَجَلَّلَنِي شَيْبُ الْقَذَالِ وَمَنْ يَشِبْ يَكُنْ قَمِنًا مِنْ أَنْ يَضِيقَ عَنِ الْعَذْلِ وَقُلْتُ لَعَلَّ الْقَوْمَ أَخْطَأَ رَأْيُهُمْ فَقَالُوا وَخَالُوا الْوَعْثَ كَالْمَنْهَجِ السَّهْلِ فَمَهَلًا أَرِيحُوا الْحِلْمَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ بَنِي جُمَحٍ لَا تَشْرَبُوا أَكْدَرَ الضَّحْلِ