حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ أَبُو خَالِدٍ الْأُمَوِيُّ ، نا مَسْلَمَةُ الْعَابِدُ ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَقُولُ : إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا كَمَنْ رَأَى أَهْلَ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَهُمْ مُخَلَّدُونَ ، وَكَمَنْ رَأَى أَهْلَ النَّارِ فِي النَّارِ مُعَذَّبُونَ ، قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَهٌ ، وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ ، وَحَوَائِجُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَقْضِيَّةٌ ، وَأَنْفُسُهُمْ عَنِ الدُّنْيَا عَفِيفَةٌ ، صَبَرُوا أَيَّامًا قِصَارًا لِعُقْبَى رَاحَةٍ طَوِيلَةٍ ، أَمَّا اللَّيْلُ فَصَافَّةٌ أَقْدَامُهُمْ ، تَسِيلُ دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ ، يَجْأَرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ : رَبَّنَا رَبَّنَا ، وَأَمَّا النَّهَارَ فَحُكَمَاءُ ، عُلَمَاءُ ، بَرَرَةٌ ، أَتْقِيَاءُ ، كَأَنَّهُمُ الْقِدَاحُ ، يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى ، وَمَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ ، وَيَقُولُ : قَدْ خَلطُوا ، وَقَدْ خَالَطَ الْقَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، نا أَبُو الْوَلِيدِ خَلَفٌ قَالَ : سَمِعْتُ رَجُلًا بِعَسْقَلَانَ فِي لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ فِي السَّحَرِ سَاجِدًا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ وَهُوَ يَبْكِي وَيَقُولُ فِي سُجُودِهِ : الْقِفَارُ دَمَانَا بَاعِدَا الْبَوَاكِي عَنَّا
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ عَوْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشَّامِيُّ ، ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، نا أَبُو الْمُخَارِقِ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِرَجُلٍ مُغَيَّبٍ فِي نُورِ الْعَرْشِ ، فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا ، مَلَكٌ ؟ قِيلَ : لَا ، قُلْتُ : نَبِيٌّ ؟ قِيلَ : لَا ، قُلْتُ : مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : هَذَا رَجُلٌ كَانَ فِي الدُّنْيَا لِسَانُهُ رَطِبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ، وَقَلْبُهُ مُعَلَّقًا بِالْمَسَاجِدِ ، وَلَمْ يَسْتَسِبَّ لِوَالِدَيْهِ قَطُّ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ عَوْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّرِيِّ ، قَالَ : كَانَ شَابٌّ بِالْبَصْرَةِ مُتَعَبِّدًا ، وَكَانَتْ عَمَّةٌ لَهُ تَبْعَثُ إِلَيْهِ بِطَعَامِهِ ، فَلَمْ تَبْعَثْ إِلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِشَيْءٍ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ، أَرَفَعْتَ رِزْقِي ؟ فَطُرِحَ إِلَيْهِ مِنْ زَاوِيَةِ الْمَسْجِدِ مِزْوَدٌ فِيهِ سَوِيقٌ ، وَقِيلَ لَهُ : هَاكَ يَا قَلِيلَ الصَّبْرِ ، فَقَالَ : وَعِزَّتِكَ إِذْ بَكَّتَنِي لَا ذُقْتُهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ عَوْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، ذَكَرَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّد عَنْ أَحْمَدَ الْمَيْمُونِيِّ مِنْ وَلَدِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ : قَدِمَ عَلَيْنَا أَحْمَدُ الْمَوْصِلِيُّ ، فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ لِي : يَا أَحْمَدُ ، إِنْ تَعْمَلْ فَقَدْ عَمِلَ الْعَامِلُونَ قَبْلَكَ ، وَإِنْ تَعْبُدْ فَقَدَ تَعَبَّدَ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَرِّبُوا الْآخِرَةَ وَبَاعَدُوا الدُّنْيَا ، أُولَئِكَ الَّذِينَ وَلِيَ اللَّهُ إِقَامَتَهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ ، فَلَمْ يَأْخُذُوا يَمِينًا وَلَا شِمَالًا ، فَلَوْ سَمِعْتَ نَغَمَةً مِنْ نَغَمَاتِهِمُ الْمُخْتَمِرَةِ فِي صُدُورِهِمُ ، الْمُتَغَرْغِرَةِ فِي حُلُوقِهِمْ لَنَغَّصَتْ عَلَيْكَ عَيْشَكَ ، وَلَطَرَدَتْ عَنْكَ الْبُطْلَانَ أَيَّامَ حَيَاتِكَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْأُرْدُنِّيُّ ، ذَكَرَ عَبَّادٌ أَبُو عُتْبَةَ الْخَوَّاصُ : ذَكَرَ رَجُلٌ مِنَ الزُّهَّادِ مِمَّنْ كَانَ يَسِيحُ فِي الْبِلَادِ ، قَالَ : لَمْ يَكُنْ هَمُّهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا وَلَا لَذَّةٍ إِلَّا فِي لُقِيِّهِمْ ، يَعْنِي الْأَبْدَالَ وَالزُّهَّادَ ، قَالَ : فَأَتَى ذَاتَ يَوْمٍ سَاحِلًا مِنْ سَوَاحِلِ الْبَحْرِ لَيْسَ يَسْكُنُهُ النَّاسُ وَلَا تَرْفَأُ إِلَيْهِ السُّفُنُ ، إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْبَحْرِ مِنْ تِلْكَ الْجِبَالِ ، فَلَمَّا رَآنِي هَرَبَ وَجَعَلَ يَسْعَى ، وَاتَّبَعْتُهُ أَسْعَى خَلْفَهُ ، فَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ ، وَأَدْرَكْتُهُ ، فَقُلْتَ : مِمَّنْ تَهْرَبُ رَحِمَكَ اللَّهُ ؟ فَلَمْ يُكَلِّمْنِي ، فَقُلْتُ : إِنِّي أُرِيدُ الْخَيْرَ ، فَعَلِّمْنِي ، قَالَ : عَلَيْكَ بِلُزُومِ الْحَقِّ حَيْثُ كُنْتَ ، فَوَاللَّهِ مَا أَنَا بِحَامِدٍ لِنَفْسِي فَأَدْعُوكَ إِلَى مِثْلِ عَمَلِهَا ، ثُمَّ صَاحَ صَيْحَةً فَسَقَطَ مَيِّتًا ، فَمَكَثْتُ لَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِهِ ، وَهَجَمَ اللَّيْلُ عَلَيْنَا ، فَتَنَحَّيْتُ فَنِمْتُ نَاحِيَةً عَنْهُ ، فَأُرِيتُ فِي مَنَامِي أَرْبَعَةَ نَفَرٍ هَبَطُوا عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى خَيْلٍ لَهُمْ ، فَحَفَرُوا لَهُ ثُمَّ كَفَّنُوهُ وَصَلُّوا عَلَيْهِ ، ثُمَّ دَفَنُوهُ ، قَالَ : فَاسْتَيْقَظْتُ فَزِعًا لِلَّذِي رَأَيْتُ ، فَذَهَبَ عَنِّي النَّوْمُ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ انْطَلَقْتُ إِلَى مَوْضِعِهِ فَلَمْ أَرَهُ فِيهِ ، فَلَمْ أَزَلْ أَطْلُبُ أَثَرَهُ وَأَنْظُرُ حَتَّى رَأَيْتُ قَبْرًا جَدِيدًا ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ الْقَبْرُ الَّذِي رَأَيْتُ فِيَ مَنَامِي
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ذَكَرَ عَمَّارُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَلَبِيُّ ، ذَكَرَ حُصَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْوَزَّانُ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ زَيْدٍ ، يَقُولُ : خَرَجْتُ إِلَى الشَّامِ فِي طَلَبِ الْعُبَّادِ ، فَجَعَلْتُ أَجِدُ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ شَدِيدَ الِاجْتِهَادِ ، حَتَّى قَالَ لِي رَجُلٌ : قَدْ كَانَ هَا هُنَا رَجُلٌ مِنَ النَّحْوِ الَّذِي تُرِيدُ ، وَلَكِنَّا فَقَدْنَا مِنْ عَقْلِهِ ، فَلَا نَدْرِي يُرِيدُ أَنْ يَحْتَجِبَ مِنَ النَّاسِ بِذَلِكَ ، أَوْ هُوَ شَيْءٌ أَصَابَهُ ؟ قُلْتُ : وَمَا أَنْكَرْتُمْ مِنْهُ ؟ قَالَ : إِذَا كَلَّمَهُ أَحَدٌ قَالَ : الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ ، لَا يَزِيدُهُ عَلَيْهِ ، قَالَ : قُلْتُ : فَكَيْفَ لِي بِهِ ؟ قَالَ : هَذِهِ مَدْرَجَتُهُ قَالَ : فَانْتَظَرْتُهُ فَإِذَا بِرَجُلٍ وَالِهٍ وكَرِيهِ الْمَنْظَرِ ، كَرِيهِ الْوَجْهِ ، وَافِرِ الشَّعْرِ ، مُغَيَّرِ اللَّوْنِ ، وَإِذَا الصِّبْيَانُ حَوْلَهُ وَخَلْفَهُ ، وَهُوَ سَاكِتٌ يَمْشِي ، وَهُمْ خَلْفَهُ سُكُوتٌ يَمْشُونَ ، عَلَيْهِ أَطْمَارٌ لَهُ دَنِسَةٌ ، قَالَ : فَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ ، فَقُلْتُ : رَحِمَكَ اللَّهُ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُكَلِّمَكَ ، فَقَالَ : الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ ، فَقُلْتُ : قَدْ أُخْبِرْتُ بِقِصَّتِكَ ، فَقَالَ : الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَجَعَ الصِّبْيَانُ الَّذِينَ كَانُوا يَتَّبِعُونَهُ ، فَاعْتَزَلَ إِلَى سَارِيَةٍ ، فَرَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ : رَجُلٌ غَرِيبٌ يُرِيدُ أَنْ يُكَلِّمَكَ وَيَسْأَلَكَ عَنْ شَيْءٍ ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَطِلْ ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَقْصِرْ ، فَلَسْتُ بِبَارِحٍ أَوْ تُكَلِّمَنِي ، قَالَ : وَهُوَ فِي سُجُودِهِ يَدْعُو وَيَتَضَرَّعُ ، قَالَ : فَفَهِمْتُ عَنْهُ وَهُوَ سَاجِدٌ وَهُوَ يَقُولُ : سَتَرَكَ سَتَرَكَ ، قَالَ : فَأَطَالَ السُّجُودَ حَتَّى سَئِمْتُ ، قَالَ : فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَلَمْ أَسْمَعْ لَهُ نَفَسًا وَلَا حَرَكَةً ، قَالَ : فَحَرَّكْتُهُ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ كَأَنَّهُ قَدْ مَاتَ مُنْذُ دَهْرٍ طَوِيلٍ ، قَالَ : فَخَرَجْتَ إِلَى صَاحِبِي الَّذِي دَلَّنِي عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ : تَعَالَ فَانْظُرْ إِلَى الَّذِي زَعَمْتَ أَنَّكَ أَنْكَرْتَ مِنْ عَقْلِهِ ، قَالَ : وَقَصَصْتُ عَلَيْهِ مِنْ قِصَّتِهِ ، قَالَ : فَهَيَّأْنَاهُ وَدَفَنَّاهُ