حديث رقم: 1790

أنا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمًا أَيُّوبَ النَّبِيَّ وَمَا أَصَابَهُ مِنَ الْبَلَاءِ ، وَذَكَرَ أَنَّ الْبَلَاءَ الَّذِي أَصَابَهُ كَانَ بِهِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا عَيْنَاهُ تَدُورَانِ ، وَلِسَانُهُ صَحِيحٌ يَذْكُرُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ وَفُؤَادُهُ صَحِيحٌ ، وَعَقْلُهُ عَلَى حَالِهِ الْأُولَى ، فَأَمَّا جَسَدُهُ فَقَدِ اعْتَرقَهُ الْبَلَاءُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ إِلَّا أَوْصَالُهُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ، عُرُوقُهُ وَعصَبُهُ ، وَكَمَا شَاءَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِلْدِهِ ، مَعَ ذَهَابِ الْأَهْلِ وَالْمَالِ ، وَكَانَ كَذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشْرَةَ سَنَةً ، حَتَّى تَفَرَّقَ عَنْهُ إِخْوَانُهُ ، وَمَلَّهُ النَّاسُ ، وَصَابَرَهُ رَجُلَانِ كَانَا مِنْ أَخَصِّ إِخْوَانِهِ وَأَصْحَابِهِ ، فَكَانَ يَأْتِيَانِهِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً فَيُحدِّثَانِهِ قَالَ : وَكَانَتِ امْرَأَةُ أَيُّوبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ تَقُومُ عَلَيْهِ ، وَكَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى حَاجَتِهِ فَرَاثَ عَلَيْهَا اتَّبَعَتْهُ فَتَجِدُهُ مِرَارًا كَثِيرَةً سَاقِطًا فَترفُعُهُ وَتَحْمِلُهُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ ، فَقَالَ أَحَدُ صَاحِبَيْهِ لِلْآخَرِ : أَمَا يُعْجِبُكَ شَأْنُ أَيُّوبَ ؟ إِنَّهُ فِي هَذَا الْبَلَاءِ مُنْذُ ثَمَانِيَةَ عَشْرَةَ سَنَةً ، لَا يَرْحَمُهُ اللَّهُ مِمَّا بِهِ ، إِنِّي لَأَظُنُّهُ قَدْ أَذْنَبَ ذَنْبًا مَا عَمِلَ أَحَدٌ مِثْلَهُ قَطُّ ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ : هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَنَبِيُّهُ ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ رَاحَا إِلَيْهِ كَمَا كَانَا يَصْنَعَانِ فَحَدَّثَاهُ وَقصَّرَا عَنْهُ ، ثُمَّ أَبَتْ نَفْسُ الرَّجُلِ إِلَّا أَنْ يُكَلِّمَهُ ، فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، لَقَدْ أَعْجَبَنِي أَمْرُكَ ، وَذَكَرْتُ إِلَى أَخِيكَ وَصَاحِبِكَ أَنَّهُ قَدِ ابْتَلَاكَ بِذَهَابِ الْأَهْلِ وَالْمَالِ ، وَفِي جَسَدِكَ مُنْذُ ثَمَانِيَةَ عَشْرَةَ سَنَةً ، حَتَّى بَلَغْتَ مَا تَرَى ، لَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَيَكْشِفَ عَنْكَ ، لَقَدْ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا ، مَا أَظُنُّ أَنَّ أَحَدًا بَلَغَهُ ، فَقَالَ أَيُّوبُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا أَدْرِي مَا تَقُولَانِ , غَيْرَ أَنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ يَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أَمُرُّ عَلَى الرَّجُلَيْنِ يَتَزَعَّمَانِ ، فَكُلٌّ يَحْلِفُ بِاللَّهِ ، أَوْ عَلَى النَّفَرِ يَتَزَعَّمُونَ فَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأُكَفِّرُ عَنْ أَيْمَانِهِمْ كَرَاهِيَةَ أَنْ لَا يَأْثَمَ أَحَدُهُمْ وَلَا يَذْكُرَهُ أَحَدٌ إِلَّا بِحَقٍّ ، فَنَادَى رَبَّهُ ، إِنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، وَإِنَّمَا كَانَ دُعَاؤُهُ عَرْضًا عَرَضَهُ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، يُخْبِرُهُ بِالَّذِي بَلَّغَ صَابِرًا لِمَا يَكُونُ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ ، فَخَرَجَ لِمَا كَانَ يَخْرُجُ إِلَيْهِ مِنْ حَاجَتِهِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ ، ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ، فَاغْتَسَلَ فَأَعَادَ اللَّهُ لَحْمَهُ وَشعْرَهُ وَبشَرَهُ عَلَى أَحْسَنِ مَا كَانَ يَكُونُ ، وَشَرِبَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ مَا كَانَ فِي جَوْفِهِ مِنَ أَلَمٍ وَضَعْفٍ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ مِنَ السَّمَاءِ فَاتَّزَرَ بِأَحَدِهِمَا ، وَارْتَدَى بِالْآخَرِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي إِلَى مَنْزِلِهِ وَرَاثَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَأَقْبَلَتْ حَتَّى لَقِيَتْهُ وَهِيَ لَا تَعْرِفُهُ ، فَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ : أَيْ رَحِمَكَ اللَّهُ ، هَلْ رَأَيْتَ هَذَا الرَّجُلَ الْمُبْتَلَى ؟ قَالَ : مَنْ هُوَ ؟ قَالَتْ : نَبِيُّ اللَّهِ أَيُّوبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ، أَمَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَشْبَهَ بِهِ مِنْكَ إِذْ كَانَ صَحِيحًا , قَالَ : فَإِنِّي أَيُّوبُ ، وَأَخَذَ ضِغْثًا ضَرَبَهَا بِهِ - فَزَعَمَ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ ذَلِكَ الضِّغْثَ كَانَ ثُمَامًا - ، وَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ أَهْلَهُ وَمِثلَهُمْ مَعَهُمْ ، فَأَقْبَلَتْ سَحَابَةٌ حَتَّى سَجَلَتْ فِي أَنْدَرِ قَمْحِهِ ذَهَبًا حَتَّى امْتَلَأَتْ ، وَأَقْبَلَتْ سَحَابَةٌ أُخْرَى إِلَى أَنْدَرِ شَعِيرِهِ وَقَطَانِيِّهِ فَسَجَلَتْ فِيهِ وَرِقًا حَتَّى امْتَلَأَ