حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ ، قَالَ : جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ، إِلَى ابْنِ سَلَامٍ فَقَالَ : إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ ثَلَاثٍ قَالَ : تَسْأَلُنِي وَأَنْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَسَلْ ، قَالَ : أَخْبِرْنِي عَنْ تُبَّعٍ مَا كَانَ ، وَعَنْ عُزَيْرٍ مَا كَانَ ، وَعَنْ سُلَيْمَانَ لِمَ تَفَقَّدَ الْهُدْهُدَ ؟ فَقَالَ : أَمَّا تُبَّعٌ فَكَانَ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ فَظَهَرَ عَلَى النَّاسِ وَشَاءَ فِتْيَةً مِنَ الْأَخْيَارِ فَاسْتَدْخَلَهُمْ وَكَانَ يُحَدِّثُهُمْ وَيُحَدِّثُونَهُ ، فَقَالَ قَوْمُهُ : إِنَّ تُبَّعًا قَدْ تَرَكَ دِينَكُمْ وَبَايَعَ الْفِتْيَةَ ، فَقَالَ : تُبَّعٌ لِلْفِتْيَةِ قَدْ تَسْمَعُونَ مَا قَالَ هَؤُلَاءِ ، قَالُوا : بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ النَّارُ الَّتِي تَحْرِقُ الْكَاذِبَ وَيَنْجُو مِنْهَا الصَّادِقُ ، قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : تُبَّعٌ لِلْفِتْيَةِ ، ادْخُلُوهَا ، قَالَ : فَتَقَلَّدُوا مَصَاحِفَهُمْ فَدَخَلُوهَا فَانْفَرَجَتْ لَهُمْ حَتَّى قَطَعُوهَا ، ثُمَّ قَالَ لِقَوْمِهِ : ادْخُلُوهَا ، فَلَمَّا دَخَلُوهَا سَفَعَتِ النَّارُ وُجُوهَهُمْ فَنَكَصُوا فَقَالَ : لَتَدْخُلُنَّهَا ، قَالَ : فَدَخَلُوهَا فَانْفَرَجَتْ لَهُمْ حَتَّى إِذَا تَوَسَّطُوهَا أَحَاطَتْ بِهِمْ فَأَحْرَقَتْهُمْ ، قَالَ : فَأَسْلَمَ تُبَّعٌ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا ، وَأَمَّا عُزَيْرٌ فَإِنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ لَمَّا خَرِبَ وَدَرَسَ الْعِلْمُ وَحُرِّقَتِ التَّوْرَاةُ ، كَانَ يَتَوَحَّشُ فِي الْجِبَالِ ، فَكَانَ يَرِدُ عَيْنًا يَشْرَبُ مِنْهَا ، قَالَ : فَوَرَدَهَا يَوْمًا فَإِذَا امْرَأَةٌ قَدْ تَمَثَّلَتْ لَهُ ، فَلَمَّا رَآهَا نَكَصَ ، فَلَمَّا أَجْهَدَهُ الْعَطَشُ أَتَاهَا فَإِذَا هِيَ تَبْكِي ، قَالَ : مَا يُبْكِيكِ ؟ قَالَتْ : أَبْكِي عَلَى ابْنِي ، قَالَ : كَانَ ابْنُكِ يَرْزُقُ ؟ قَالَتْ : لَا ، قَالَ : كَانَ يَخْلُقُ ؟ قَالَتْ : لَا ، قَالَ : فَلَا تَبْكِينَ عَلَيْهِ ، قَالَتْ : فَمَنْ أَنْتَ ؟ أَتُرِيدُ قَوْمَكَ ؟ ادْخُلْ هَذَا الْعَيْنَ فَإِنَّكَ سَتَجِدُهُمْ ، قَالَ : فَدَخَلَهَا ، قَالَ : فَكَانَ كُلَّمَا دَخَلَهَا زِيدَ فِي عِلْمِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْمِهِ وَقَدْ رَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عِلْمَهُ ، فَأَحْيَا لَهُمُ التَّوْرَاةَ وَأَحْيَا لَهُمُ الْعِلْمَ قَالَ : فَهَذَا عُزَيْرٌ ، وَأَمَّا سُلَيْمَانُ فَإِنَّهُ نَزَلَ مَنْزِلًا فِي سَفَرٍ فَلَمْ يَدْرِ مَا بُعْدُ الْمَاءِ مِنْهُ ، فَسَأَلَ مَنْ يَعْلَمُ عِلْمَهُ ، فَقَالُوا : الْهُدْهُدُ ، فَهُنَاكَ تَفَقَّدَهُ