أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ الْبَزَّازُ ، أنا أَبُو أَحْمَدَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الدِّهْقَانُ وَعُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ وَأَحْمَدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ شَمْسٍ السَّابِحُ , قَالُوا : ثنا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ الدِّيرْعَاقُولِيُّ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ , قَالَ : نا سُفْيَانُ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَوَائِلِ بْنِ دَاوُدَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ ، حَدَّثَنِي أَرْبَعَةٌ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ , عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ , وَسَاقَ قِصَّةَ الْإِفْكِ بِطُولِهَا , وَقَالَ فِيهَا : فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ بَرِيرَةَ فَقَالَ : هَلْ عَلِمْتِ عَلَى عَائِشَةَ شَيْئًا يَرِيبُكِ , أَوْ رَأَيْتِ شَيْئًا تَكْرَهِينَهُ ؟ قَالَتْ : أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي , عَائِشَةُ أَطْيَبُ مِنْ طِيبِ الذَّهَبِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَالِكِيُّ , أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الطِّيبِ قَالَ : إِنْ قَالَ قَائِلٌ : أَفَتَرَوْنَ وُجُوبَ قَبُولِ تَعْدِيلِ الْمَرْأَةِ الْعَدْلِ الْعَارِفَةِ , بِمَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ الْعَدْلُ , وَمَا بِهِ يَحْصُلُ الْجَرْحُ ؟ قِيلَ : أَجَلْ , وَلَا شَيْءَ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ , مِنْ إِجْمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ , وَلَوْ حَصَلَ عَلَى مَنْعِهِ تَوْقِيفٌ أَوْ إِجْمَاعٌ لَمَنَعْنَاهُ وَتَرَكْنَا لَهُ الْقِيَاسَ , وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ لَا يَقْبَلُ فِي التَّعْدِيلِ النِّسَاءَ , وَلَا يَقْبَلُ فِيهِ أَقَلَّ مِنْ رَجُلَيْنِ , وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ أَنَّ أَقْصَى حَالَاتِ الْعَدْلِ وَتَعْدِيلِهِ أَنْ يَكُونَ بِمَثَابَةِ الْمُخْبِرِ وَالْخَبَرِ وَالشَّاهِدِ وَالشَّهَادَةِ , فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ خَبَرَ الْمَرْأَةِ الْعَدْلِ مَقْبُولٌ , وَأَنَّهُ إِجْمَاعٌ مِنَ السَّلَفِ , وَجَبَ أَيْضًا قَبُولُ تَعْدِيلِهَا لِلرِّجَالِ , حَتَّى يَكُونَ تَعْدِيلُهُنَّ الَّذِي هُوَ إِخْبَارٌ عَنْ حَالِ الْمُخْبِرِ وَالشَّاهِدِ , بِمَثَابَةِ خَبَرِهِنَّ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ , وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ لِلنِّسَاءِ مَدْخَلٌ فِي الشَّهَادَاتِ فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْأَحْكَامِ , جَازَ لِذَلِكَ قَبُولُ تَزْكِيَتِهِنَّ , كَمَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُنَّ , وَيَجِبُ عَلَى هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ أَلَّا يُقْبَلَ تَعْدِيلُهُنَّ لِلشُّهُودِ فِي الْحُكْمِ الَّذِي لَا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ , حَتَّى يَجْرِيَ رَدُّ التَّزْكِيَةِ فِي ذَلِكَ مَجْرَى رَدِّ الشَّهَادَةِ , وَيَجِبُ أَيْضًا قَبُولُ تَزْكِيَةِ الْعَبْدِ لِلْمُخْبِرِ دُونَ الشَّاهِدِ , لِأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ مَقْبُولٌ وَشَهَادَتُهُ مَرْدُودَةٌ , وَالَّذِي يُوجِبُهُ الْقِيَاسُ وُجُوبُ قَبُولِ تَزْكِيَةِ كُلِّ عَدْلٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى , حُرٍّ وَعَبْدٍ , لِشَاهِدٍ وَمُخْبِرٍ , حَتَّى تَكُونَ تَزْكِيَتُهُ مُطَابِقَةً لِلظَّاهِرِ مِنْ حَالِهِ , وَالرُّجُوعِ إِلَى قَوْلِهِ وَانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَالظِّنَّةِ عَنْهُ , إِلَّا أَنْ يَرِدَ تَوْقِيفٌ أَوْ إِجْمَاعٌ , أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ ذَلِكَ عَلَى تَحْرِيمِ الْعَمَلِ بِتَزْكِيَةِ بَعْضِ الْعُدُولِ الْمَرْضِيِّينَ , فَيُصَارُ إِلَى ذَلِكَ , وَيُتْرَكُ الْقِيَاسُ لِأَجْلِهِ , وَمَتَى لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ كَانَ مَا ذَكَرْنَاهُ مُوجِبًا لِتَزْكِيَةِ كُلِّ عَدْلٍ لِكُلِّ شَاهِدٍ وَمُخْبِرٍ , فَإِنْ قِيلَ : مَا تَقُولُونَ فِي تَزْكِيَةِ الصَّبِيِّ الْمُرَاهِقِ وَالْغُلَامِ الضَّابِطِ لِمَا يَسْمَعُهُ , أَتُقْبَلُ أَمْ لَا ؟ قِيلَ : لَا , لِمَنْعِ الْإِجْمَاعِ مِنْ ذَلِكَ , وَلِأَجْلِ أَنَّ الْغُلَامَ , وَإِنْ كَانَتْ حَالُهُ ضَبْطَ مَا سَمِعَ وَالتَّعْبِيرَ عَنْهُ عَلَى وَجْهِهِ , فَإِنَّهُ غَيْرُ عَارِفٍ بِأَحْكَامِ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ وَمَا بِهِ مِنْهَا يَكُونُ الْعَدْلُ عَدْلًا وَالْفَاسِقُ فَاسِقًا , وَإِنَّمَا يُكْمِلُ لِذَلِكَ الْمُكَلَّفُ , فَلَمْ يَجُزْ لِأَجْلِ ذَلِكَ قَبُولُ تَزْكِيَتِهِ , وَلِأَنَّهُ لَا تَعَبُّدَ عَلَيْهِ فِي تَزْكِيَةِ الْفَاسِقِ وَتَفْسِيقِ الْعَدْلِ , فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ خَائِفًا مِنْ مَأْثَمٍ وَعِقَابٍ , لَمْ يُؤْمَنْ مِنْهُ تَفْسِيقُ الْعَدْلِ وَتَعْدِيلُ الْفَاسِقِ , وَلَيْسَ هَذِهِ حَالَ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ , فَافْتَرَقَ الْأَمْرُ فِيهِمَا