أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ يَقُولُ : سَمِعْتُ طَاوُسًا يَقُولُ : خَسَفَتِ الشَّمْسُ ، فَصَلَّى بِنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي صُفَّةِ زَمْزَمَ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : هَذَا وَمَعَ الْمَحْفُوظِ عِنْدَنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، حَدِيثُ عَائِشَةَ وَأَبِي مُوسَى وَكَثِيرِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ، مُوَافِقَةٌ كُلُّهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ ، قَالَ : فَمَا جَعَلَ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَثْبَتَ مِنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؟ فَقُلْتُ : الدَّلَالَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُوَافِقَةٌ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْهُ ، قَالَ : فَأَيْنَ الدَّلَالَةُ ؟
قِيلَ : رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ عُمَرَ ، وَصَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ : رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ صَلَّى عَلَى ظَهْرِ زَمْزَمَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ رَكْعَتَيْنِ ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ . قَالَ : وَابْنُ عَبَّاسٍ لَا يُصَلِّي فِي الْخُسُوفِ خِلَافَ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، قَالَ : وَإِذَا كَانَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَعُمَرُ وَصَفْوَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَرْوُونَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافَ مَا رَوَى سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ ، كَانَتْ رِوَايَةُ ثَلَاثَةٍ أَوْلَى أَنْ تُقْبَلَ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَكْثَرُ حَدِيثًا وَأَشْبَهُ بِالْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْ سُلَيْمَانَ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى فِي زَلْزَلَةٍ ثَلَاثَ رُكُوعَاتٍ ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ . قُلْتُ : لَوْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَرَّقَ بَيْنَ خُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالزَّلْزَلَةِ ، وَإِنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فَأَحَادِيثُنَا أَكْثَرُ وَأَثْبَتُ مِمَّا رَوَيْتَ ، فَأَخَذْنَا بِالْأَكْثَرِ الْأَثْبَتِ ، كَذَلِكَ نَقُولُ نَحْنُ وَأَنْتَ ، قَالَ : وَمِنْ أَصْحَابِكُمْ مَنْ قَالَ : لَا يُصَلَّى فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ كَمَا يُصَلَّى فِي خُسُوفِ الشَّمْسِ ، قُلْتُ : فَقَدْ خَالَفَنَا نَحْنُ وَأَنْتَ ، فَلَا عَلَيْكَ أَنْ لَا تَذْكُرَ قَوْلَهُ ، قَالَ : فَمَا الْحُجَّةُ عَلَيْكَ ؟ قُلْتُ : حَدِيثُهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ ، وَهُوَ يَرْوِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ : إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ ، وَلَا لِحَيَاتِهِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ، ثُمَّ كَانَ ذِكْرُ اللَّهِ الَّذِي فَزِعَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ الصَّلَاةَ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ ، وَأَمْرُهُ مِثْلُ فِعْلِهِ ، وَقَدْ أَمَرَ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ بِالْفَزَعِ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ، كَمَا أَمَرَ بِهِ فِي خُسُوفِ الشَّمْسِ ، وَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ {{ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى }} ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ إِلَّا هَذَا كَانَتْ عَلَيْهِ ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَهُمْ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَنْ يَفْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ، وَإِلَى الصَّلَاةِ ، وَفِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ صَلَّى فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ كَمَا صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ ، ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ . قَالَ : فَمِنْ أَيْنَ تَرَاهُ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : مَا يَعْلَمُ كُلُّ النَّاسِ كُلَّ شَيْءٍ ، وَمَا يُؤْمَنُ فِي الْعِلْمِ أَنْ يَجْهَلَهُ بَعْضُ مَنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ