حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ ، عَمَّنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الْخَوْفِ ، أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ ، وَصَفَّتْ طَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً ، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا ، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ انْصَرَفُوا ، وَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى ، فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا ، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ . حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ ، قَالَ : وَأَخْبَرَنَا مَنْ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، عَنْ حَفْصٍ ، يَذْكُرُ عَنْ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ ، عَنْ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ مِثْلَ مَعْنَاهُ لَا يُخَالِفُهُ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَأَخَذْنَا بِهَذَا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ ، أَوْ جِهَتِهَا غَيْرَ مَأْمُونِينَ ؛ لِثُبُوتِهِ عَنِ النَّبِيِّ وَمُوَافَقَتِهِ لِلْقُرْآنِ . قَالَ : وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ شَيْئًا يُخَالِفُ فِيهِ هَذِهِ الصَّلَاةَ ، رَوَى أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَ النَّبِيِّ ، وَطَائِفَةً وِجَاهَ الْعَدُوِّ ، فَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ اسْتَأْخَرُوا وَلَمْ يُتِمُّوا الصَّلَاةَ ، فَوَقَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَصَلُّوا مَعَهُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفَتْ ، وَقَامَتِ الطَّائِفَتَانِ مَعًا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : كَيْفَ أَخَذْتَ بِحَدِيثِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ دُونَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ؟ قِيلَ لِمَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا مُوَافَقَةُ الْقُرْآنِ ، وَإِنَّ مَعْقُولًا فِيهِ أَنَّهُ عَدَلَ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ ، وَأُخْرَى أَنْ لَا يُصِيبَ الْمُشْرِكُونَ غِرَّةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ . فَإِنْ قَالَ : فَأَيْنَ مُوَافَقَةُ الْقُرْآنِ ؟ قُلْتُ : قَالَ اللَّهُ : {{ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ }} إِلَى {{ وَأَسْلِحَتَهُمْ }} . قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَذَكَرَ اللَّهُ صَلَاةَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى مَعَهُ ، قَالَ : فَإِذَا سَجَدُوا فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ إِذَا سَجَدُوا مَا عَلَيْهِمْ مِنَ السُّجُودِ كُلِّهِ ، كَانُوا مِنْ وَرَائِهِمْ ، وَدَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى مَا احْتَمَلَ الْقُرْآنُ مِنْ هَذَا ، فَكَانَ أَوْلَى مَعَانِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَذَكَرَ اللَّهُ خُرُوجَ الْإِمَامِ بِالطَّائِفَتَيْنِ مِنَ الصَّلَاةِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ وَلَا عَلَى الْإِمَامِ قَضَاءً . وَهَكَذَا حَدِيثُ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : وَلَمَّا كَانَتِ الطَّائِفَةُ الْأُولَى مَأْمُورَةً بِالْوُقُوفِ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْوَاقِفَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ يَتَكَلَّمُ بِمَا يَرَى مِنْ حَرَكَةِ الْعَدُوِّ وَإِرَادَتِهِ وَمَدَدًا إِذَا جَاءَهُ ، فَيَفْهَمُهُ عَنْهُ الْإِمَامُ وَالْمُصَلُّونَ ، فَيُخَفِّفُ أَوْ يَقْطَعُ ، أَوْ يُعْلِمُونَهُ أَنَّ حَرَكَتَهُمْ حَرَكَةٌ لَا خَوْفَ فِيهَا عَلَيْهِمْ ، فَيُقِيمُ عَلَى صَلَاتِهِ مُطِيلًا لَا مُعَجِّلًا ، وَتُخَالِفُهُمُ الطَّائِفَةُ الَّتِي بِإِزَائِهَا أَوْ بَعْضُهَا ، وَهِيَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ ، وَالْحَارِسُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ أَقْوَى مِنَ الْحارسِ مُصَلِّيًا ، فَكَانَ أَنْ تَكُونَ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى ، إِذَا حَرَسَتِ الْأُولَى إِذْ صَارَتْ مُصَلِّيَةً ، أَشْبَهَ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى قَدْ أَخَذَتْ مِنَ الْآخِرَةِ مَا لَمْ تُعْطِهَا ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي يُخَالِفُ حَدِيثَ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ تَكُونُ فِيهِ الطَّائِفَتَانِ مَعًا فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ ، لَيْسَ لَهَا حَارِسٌ إِلَّا الْإِمَامَ وَحْدَهُ ، وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ بِحِرَاسَةِ الْأُخْرَى ، وَالطَّائِفَةُ الْجَمَاعَةُ لَا الْإِمَامُ الْوَاحِدُ ، قَالَ : وَإِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ لَا يُصِيبَ الْمُشْرِكُونَ غِرَّةً مِنْ أَهْلِ دِينِهِ ، وَحَدِيثُ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ كَمَا وَصَفْنَا أَقْوَى فِي الْمَكِيدَةِ ، وَأَحْصَنُ لِكُلِّ الْمُسْلِمِينَ ، مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي يُخَالِفُهُ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَبِهَذِهِ الدَّلَائِلِ قُلْنَا بِحَدِيثِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثٌ لَا يُثْبِتُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِثْلَهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَّى بِذِي قَرَدٍ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً ، ثُمَّ سَلَّمُوا ، فَكَانَتْ لِلْإِمَامِ رَكْعَتَانِ ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رَكْعَةٌ ، وَإِنَّمَا تَرَكْنَاهُ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَحَادِيثِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ مُجْتَمِعَةٌ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمَأْمُومِينَ مِنْ عَدَدِ الصَّلَاةِ مِثْلَ مَا عَلَى الْإِمَامِ ، وَكَذَلِكَ أَصْلُ الْفَرْضِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّاسِ وَاحِدٌ فِي الْعَدَدِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ عِنْدَنَا مِثْلُهُ لِشَيْءٍ فِي بَعْضِ إِسْنَادِهِ . قَالَ : وَرُوِيَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ أَحَادِيثُ لَا تُضَادُّ حَدِيثَ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ جَابِرًا رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَّى بِبَطْنِ نَخْلٍ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ سَلَّمَ ، ثُمَّ جَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ سَلَّمَ . وَهَاتَانِ الطَّائِفَتَانِ مَحْرُوسَتَانِ ، فَإِنْ صَلَّى الْإِمَامُ هَكَذَا أَجْزَأَ عَنْهُ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَدْ رَوَى أَبُو عَيَّاشٍ الزُّرَقِيُّ ، أَنَّ الْعَدُوَّ كَانَ فِي الْقِبْلَةِ ، فَصَلَّى النَّبِيُّ بِالطَّائِفَتَيْنِ مَعًا بِعُسْفَانَ ، فَرَكَعَ وَرَكَعُوا ، ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدَتْ مَعَهُ طَائِفَةٌ ، وَقَامَتْ طَائِفَةٌ تَحْرُسُهُ ، فَلَمَّا قَامَ سَجَدَ الَّذِينَ يَحْرُسُونَهُ . وَهَكَذَا نَقُولُ ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ كَانُوا كَثِيرًا ، وَالْعَدُوُّ قَلِيلًا ، لَا حَائِلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ يُخَافُ حَمْلَتَهُمْ ، فَإِذَا كَانُوا هَكَذَا صُلِّيَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ هَكَذَا ، وَلَيْسَ هَذَا مُضَادًّا لِلْحَدِيثِ الَّذِي أَخَذْنَا بِهِ ، وَلَكِنَّ الْحَالَيْنِ مُخْتَلِفَانِ