حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ ، أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، يُحَدِّثَانِهِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَ هَذَا ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فَارْجِعْهُ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَدْ سَمِعْتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا فِي الْبِرِّ إِلَيْكَ سَوَاءً ؟ قَالَ : بَلَى ، قَالَ : فَارْجِعْهُ
حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ ، أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ طَاوُسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ : لَا يَحِلُّ لِوَاهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَ ، إِلَّا الْوَالِدَ مِنْ وَلَدِهِ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَحَدِيثُ النُّعْمَانِ ثَابِتٌ ، وَبِهِ نَأْخُذُ ، وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أُمُورٍ ، مِنْهَا حُسْنُ الْأَدَبِ فِي أَنْ لَا يُفَضِّلَ رَجُلٌ أَحَدًا مِنْ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ فِي نُحْلٍ ، فَيَعْرِضُ فِي قَلْبِ الْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ بِرِّهِ ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ قُلُوبِ الْآدَمَيِّينَ جُبِلَ عَلَى الِاقْتِصَارِ عَنْ بَعْضِ الْبِرِّ إِذَا أُوثِرَ عَلَيْهِ ، وَالدِّلَالَةُ عَلَى أَنَّ نَحْلَ الْوَالِدِ بَعْضَ وَلَدِهِ دُونَ بَعْضٍ جَائِزٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَا يَجُوزُ كَانَ يُقَالُ إِعْطَاؤُكَ إِيَّاهُ وَتَرْكُهُ سَوَاءٌ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ ، فَهُوَ عَلَى أَصْلِ مِلْكِكَ الْأَوَّلِ أَشْبَهُ مِنْ أَنْ يُقَالَ : ارْجِعْهُ ، وَقَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا يَحِلُّ لِوَاهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَ ، إِلَّا الْوَالِدَ مِنْ وَلَدِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَحَدِيثُ النُّعْمَانِ ثَابِتٌ ، وَبِهِ نَأْخُذُ ، وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أُمُورٍ ، مِنْهَا حُسْنُ الْأَدَبِ فِي أَنْ لَا يُفَضِّلَ رَجُلٌ أَحَدًا مِنْ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ فِي نُحْلٍ ، فَيَعْرِضُ فِي قَلْبِ الْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ بِرِّهِ ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ قُلُوبِ الْآدَمَيِّينَ جُبِلَ عَلَى الِاقْتِصَارِ عَنْ بَعْضِ الْبِرِّ إِذَا أُوثِرَ عَلَيْهِ ، وَالدِّلَالَةُ عَلَى أَنَّ نَحْلَ الْوَالِدِ بَعْضَ وَلَدِهِ دُونَ بَعْضٍ جَائِزٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَا يَجُوزُ كَانَ يُقَالُ إِعْطَاؤُكَ إِيَّاهُ وَتَرْكُهُ سَوَاءٌ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ ، فَهُوَ عَلَى أَصْلِ مِلْكِكَ الْأَوَّلِ أَشْبَهُ مِنْ أَنْ يُقَالَ : ارْجِعْهُ ، وَقَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فَارْجِعْهُ ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَالِدَ رَدَّ مَا أَعْطَى الْوَلَدَ ، وَأَنَّهُ لَا يُحْرَجُ بِارْتِجَاعِهِ مِنْهُ ، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : أَشْهِدْ غَيْرِي ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اخْتِيَارٌ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِذَا كَانَ هَكَذَا ، فَسَوَاءٌ ادَّانَ الْوَلَدُ وَتَزَوَّجَ رَغْبَةً فِيمَا أَعْطَاهُ أَبُوهُ ، أَوْ لَمْ يُدَنْ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ ، فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ لَهُ مَتَى شَاءَ ، وَقَدْ حَمِدَ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى إِعْطَاءِ الْمَالِ وَالطَّعَامِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ وَأَمَرَ بِهِمَا فَقَالَ : {{ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ }} ، وَقَالَ : {{ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا }} ، وَقَالَ : {{ وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ }} ، وَقَالَ {{ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ }} ، وَقَالَ : {{ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ }} ، فَإِذَا جَازَ هَذَا لِلْأَجْنَبِيِّينَ وَذَوِي الْقُرْبَى ، فَلَا أَقْرَبَ مِنَ الْوَلَدِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَعْطَى مَالَهُ ذَا قَرَابَتِهِ غَيْرَ وَلَدِهِ أَوْ أَجْنَبِيًّا فَقَدْ مَنَعَهُ وَلَدَهُ ، وَقَطَعَ مُلْكَهُ عَنْ نَفْسِهِ ، فَإِذَا كَانَ مَحْمُودًا عَلَى هَذَا ، كَانَ مَحْمُودًا أَنْ يُعْطِيَهُ وَلَدَهُ دُونَ بَعْضٍ ، وَمَنْعُ بَعْضِهِمْ مَا أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ أَقَلُّ مِنْ مَنْعِهِمْ كُلِّهِمْ ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمْ لِئَلَّا يُقَصِّرَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي بِرِّهِ ؛ فَإِنَّ الْقَرَابَةَ تُنَفِّسُ بَعْضُهَا بَعْضًا مَا لَمْ تُنَفِّسِ الْبُعَادَةُ . قَالَ الرَّبِيعُ : يُرِيدُ الْبُعَدَاءَ ، وَقَدْ فَضَّلَ أَبُو بَكْرٍ عَائِشَةَ بِنَخْلٍ ، وَفَضَّلَ عُمَرُ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بِشَيْءٍ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ ، وَفَضَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَلَدَ أُمِّ كُلْثُومٍ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوِ اتَّصَلَ حَدِيثُ طَاوُسٍ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِوَاهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَ إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا وَهَبَ لِوَلَدِهِ ، لَزَعَمْتُ أَنَّ مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِمَنْ يَسْتَثِيبُهُ مِثْلَهُ أَوْ لَا يَسْتَثِيبُهُ وَقُبِضَتِ الْهِبَةُ ، لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ ، وَإِنِ لَمْ يُثِبْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ