أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ هِلَالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ , أنبأ الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ الْقَطَّانُ , ثنا يَحْيَى بْنُ السَّرِيِّ , ثنا جَرِيرٌ , عَنْ مِسْعَرٍ , عَنْ أَبِي عَوْنٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ , قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : حُرِّمَتِ الْخَمْرُ لِعَيْنِهَا , قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا , وَالسُّكْرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ . فَمِنْ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ وَقَعَتْ شُبْهَةُ مَنْ أَبَاحَ الْقَلِيلَ مِنْ سَائِرِ الْأَشْرِبَةِ , وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا نُبَيْحُ شَيْئًا مِنْهُ إِذَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ , لِمَا رُوِّينَا , عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمَا , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنْهَاكُمْ عَنْ قَلِيلِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ , وَقَالَ : مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ , وَقَالَ : كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ , وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا أَنَّهُ قَالَ : وَالْمُسْكِرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ , بِبَغْدَادَ , أنبأ أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ , ثنا عَفَّانُ , ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , ثنا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , قَالَ : كُنْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَجٍّ , أَوْ عُمْرَةٍ , فَإِذَا نَحْنُ بِرَاكِبٍ , فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَرَى هَذَا يَطْلُبُنَا , قَالَ : فَجَاءَ الرَّجُلُ فَبَكَى , قَالَ : مَا شَأْنُكَ , إِنْ كُنْتَ غَارِمًا أَعَنَّاكَ , وَإِنْ كُنْتَ خَائِفًا أَمَّنَّاكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَتَلْتَ نَفْسًا فَتُقْتَلَ بِهَا , وَإِنْ كُنْتَ كَرِهْتَ جِوَارَ قَوْمٍ حَوَّلْنَاكَ عَنْهُمْ , قَالَ : إِنِّي شَرِبْتُ الْخَمْرَ , وَأَنَا أَحَدُ بَنِي تَيْمٍ , وَإِنَّ أَبَا مُوسَى جَلَدَنِي , وَحَلَقَنِي , وَسَوَّدَ وَجْهِي , وَطَافَ بِي فِي النَّاسِ , وَقَالَ : لَا تُجَالِسُوهُ , وَلَا تُؤَاكِلُوهُ , فَحَدَّثْتُ نَفْسِي بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : إِمَّا أَنْ أَتَّخِذَ سَيْفًا فَأَضْرِبَ بِهِ أَبَا مُوسَى , وَإِمَّا أَنْ آتِيَكَ فَتُحَوِّلَنِي إِلَى الشَّامِ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَنِي , وَإِمَّا أنْ أَلْحَقَ بِالْعَدُوِّ , وَآكُلَ مَعَهُمْ وَأَشْرَبَ , قَالَ : فَبَكَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ : مَا يَسُرُّنِي أَنَّكَ فَعَلْتَ وَأَنَّ لِعُمَرَ كَذَا وَكَذَا , وَإِنِّي كُنْتُ لَأَشْرَبَ النَّاسِ لَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ , وَإِنَّهَا لَيْسَتْ كَالزِّنَا , وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى : سَلَامٌ عَلَيْكَ , أَمَّا بَعْدُ , فَإِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ التَّيْمِيَّ أَخْبَرَنِي بِكَذَا وَكَذَا , وَايْمُ اللَّهِ لَئِنْ عُدْتَ لَأُسَوِّدَنَّ وَجْهَكَ , وَلَأُطَوِّفَنَّ بِكَ فِي النَّاسِ , فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ حَقَّ مَا أَقُولُ لَكَ فَعُدْ , فَأْمُرِ النَّاسَ أَنْ يُجَالِسُوهُ وَيُؤَاكِلُوهُ , وَإِنْ تَابَ فَاقْبَلُوا شَهَادَتَهُ , وَحَمَلَهُ وَأَعْطَاهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ . فَأَخْبَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ شَهَادَتَهُ تَسْقُطُ بِشُرْبِهِ الْخَمْرَ , وَأَنَّهُ إِذَا تَابَ حِينَئِذٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ . قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَبَائِعُ الْخَمْرِ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ , لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ بَيْعَهَا مُحَرَّمٌ قَالَ الشَّيْخُ : وَقَدْ مَضَتِ الدَّلَالَةُ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِهَا مَعَ الْإِجْمَاعِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ