رُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَتَبَ عَلَى كُلِّ بَطْنٍ عُقُولَةً
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَآخَرُونَ قَالُوا : نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، نا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ، نا ابْنُ وَهْبٍ ، نا اللَّيْثُ ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ ، حَدَّثَهُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فِي جَنِينِ الْمَرْأَةِ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ سَقَطَ مَيِّتًا بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ ، ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قُضِيَ عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا ، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، بِمَعْنَاهُ ، وَزَادَ فَقَالَ : يَدٌ مِنْ أَيْدِيكُمِ جَنَتْ ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : وَإِنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا دِيَةُ الْجَنِينِ ، وَهِيَ الْغُرَّةُ الَّتِي حَكَمَ بِهَا ، وَقَدْ خَالَفَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي مَاتَتْ ، فَرَوَاهُ عَنُ أَبِي هُرَيْرَةَ
كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، نا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَأَصَابَتْ بَطْنَهَا ، فَقَتَلَتْهَا فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِدِيَتِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْأُخْرَى ، وَفِي الْجَنِينِ غُرَّةَ عَبْدٍ ، أَوْ أَمَةٍ
قَالَ : فَقَالَ قَائِلٌ : كَيْفَ نَعْقِلُ مَنْ لَا يَأْكُلُ ، وَلَا يَشْرَبُ ، وَلَا نَطَقَ ، وَلَا اسْتُهِلَّ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَمَا زَعَمَ أَبُو هُرَيْرَةَ : هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ
وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، قَالَ : اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ ، فَقَتَلَتْهَا ، وَمَا فِي بَطْنِهَا ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةُ عَبْدٍ ، أَوْ وَلِيدَةٍ ، وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا ، وَوَرِثَهَا وَلَدُهَا ، وَمَنْ مَعَهُمْ ، قَالَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أُغْرِمَ مَنْ لَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ ، وَلَا نَطَقَ ، وَلَا اسْتَهَلَّ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَآخَرُونَ قَالُوا : نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ، نا ابْنُ وَهْبٍ ، نا يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَذَكَرَهُ , وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ يُونُسَ ، وَكَانَ الزُّهْرِيُّ ، حَمَلَ حَدِيثَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ ، أَوْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ، وَرِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ أَصَحُّ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ دِيَةَ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ وَبَرَّأَ زَوْجَهَا وَوَلَدَهَا ، وَكَانَتْ حُبْلَى ، فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا ، فَخَافَ عَاقِلَةُ الْقَاتِلَةِ أَنْ يَضْمَنَهُمْ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا شَرِبَ ، وَلَا أَكَلَ ، وَلَا صَاحَ فَاسْتَهِلَّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَذَا سَجْعُ الْجَاهِلِيَّةِ فَقُضِيَ فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةِ عَبْدٍ ، أَوْ أَمَةٍ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ رَوَاهُ كَمَا رَوَاهُ أَبُو سَلَمَةَ وَرَوَى زِيَادَةَ مَوْتِ الْقَاتِلَةِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَقَدْ قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنْ يَعْقِلَ مَوَالِي صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَقَضَى لِلزُّبَيْرِ بِمِيرَاثِهِمْ لِأَنَّهُ ابْنُهَا قَالَ : وَمَنْ فِي الدِّيوَانِ ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فِيهِ مِنَ الْعَاقِلَةِ سَوَاءٌ ، قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، عَنِ الْعَاقِلَةِ ، وَلَا دِيوَانَ حَتَّى كَانَ الدِّيوَانُ حِينَ كَثُرَ الْمَالُ فِي زَمَانِ عُمَرَ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا قَضَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَعْقِلُ خَطَأَ الْحُرِّ فِي الْأَكْثَرِ قَضَيْنَا بِهِ فِي الْأَقَلِّ وَاللهُ أَعْلَمُ قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَجَدْنَا عَامًّا فِي أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَضَى فِي جِنَايَةِ الْحُرِّ خَطَأً بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي ، وَعَامًّا فِيهِمْ أَنَّهَا فِي مُضِيِّ ثَلَاثِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُهَا ، وَبِأَسْنَانٍ مَعْلُومَةٍ قُلْتُ : وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ فِي إِسْنَادٍ مُرْسَلٍ
وَرُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : جَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الدِّيَةَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ، وَثُلُثَيِ الدِّيَةِ فِي سَنَتَيْنِ ، وَنِصْفَ الدِّيَةِ فِي سَنَتَيْنِ وَثُلُثَ الدِّيَةِ فِي سَنَةٍ وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عُمَرَ *
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَا يَضُرُّ الْمَرْءَ مَا جَنَى عَلَى نَفْسِهِ ، وَقَدْ يُرْوَى أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ضَرَبَ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي غَزَاةٍ أَظُنُّهَا خَيْبَرَ بِسَيْفٍ ، فَرَجَعَ السَّيْفُ عَلَيْهِ فَأَصَابَهُ فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ فِي ذَلِكَ عَقْلًا . قُلْتُ : وَهَذَا فِي عَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ تَنَاوَلَ بِسَيْفِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ فَرَجَعَ ذُبَابُ سَيْفٍ فَأَصَابَ رُكْبَتَهُ فَمَاتَ مِنْهَا ، فَزَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كَذَبَ مَنْ قَالَهُ إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ بِخَيْبَرَ