قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَوْلُ اللَّهِ {{ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا }} يَدُلُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةَ امْرَأَتِهِ ، وَقَوْلُهُ {{ أَلَّا تَعُولُوا }} أَيْ لَا يَكْثُرُ مَنْ تَعُولُوا ، إِذا اقْتَصَرَ الْمَرْءُ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَإِنْ أَبَاحَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْهَا قُلْتُ : وَهَذَا تَفْسِيرٌ قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، وَرَوَاهُ أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ ، غُلَامُ ثَعْلَبٍ ، عَنْ ثَعْلَبٍ ، وَذَلِكَ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أنا أَبُو عُمَرَ ، فَذَكَرَهُ
وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ أَبِي هِشَامٍ الْعَلَوِيُّ بِالْكُوفَةِ ، نا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ دُحَيْمٍ ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ ، أنا وَكِيعٌ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، فَذَكَرَهُ
وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {{ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ، وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ }} فَذَكَرَ نَفَقَةَ الْمُقْتِرِ وَالْمُوَسِّعِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : إِنَّمَا جَعَلْتُ أَقَلَّ الْفَرْضِ مُدًّا بِالدَّلَالَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي دَفْعِهِ إِلَى الَّذِي أَصَابَ أَهْلَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عَرَقًا فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا لسِتِّينَ مِسْكِينًا ، فَكَانَ ذَلِكَ مُدًّا مُدًّا لِكُلِّ مِسْكِينٍ ، وَإِنَّمَا جَعَلْتُ أَكْثَرَ مَا فَرَضْتُ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا جَعَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي فِدْيَةِ الْكَفَّارَةِ لِلْأَذَى مُدَّيْنِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَبَيْنَهُمَا وَسَطٌ ، فَلَمْ أُقَصِّرْ عَنْ هَذَا وَلَمْ أُجَاوِزْ هَذَا مَعَ أَنَّ مَعْلُومًا أَنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّ أَقَلَّ الْقُوتِ مُدٌّ ، وَأَنَّ أَوْسَعَهُ مُدَّانِ قَالَ : وَالْفَرْضُ عَلَى الْوَسَطِ مَا بَيْنَهُمَا مُدٌّ وَنِصْفٌ لِلْمَرْأَةِ ، وَذَكَرَ مِنَ الْأُدُمِ ، وَالْكِسْوَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ بِبَلَدِهِمْ
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي قِصَّةِ هِنْدٍ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ قَالَ لَهَا : خُذِي ، يَعْنِي مِنْ مَالِ أَبِي سُفْيَانَ مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ