قَالَ الشَّافِعِيُّ : قِيلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي جَمَاعَةِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ أَوْثَانِ فَحَرُمَ نِكَاحُ نِسَائِهِمْ ، كَمَا يَحْرُمُ أَنْ يَنْكِحَ رِجَالَهُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ، فَإِنْ كَانَ هَذَا هَكَذَا فَهَذِهِ الْآيَةُ ثَابِتَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخٌ
قُلْتُ : رُوِّينَا هَذَا عَنْ مُجَاهِدٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، زَادَ مُجَاهِدٌ : ثُمَّ أَحَلَّ لَهُمْ نِسَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ قِيلَ : هَذِهِ الْآيَةُ فِي جَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ ، ثُمَّ نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ بَعْدَهَا فِي إِحْلَالِ نِكَاحِ الْحَرَائِرِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ خَاصَّةً ، كَمَا جَاءَتْ فِي إِحْلَالِ ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {{ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ، وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ، وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ، وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ ، وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ }}
قُلْتُ : وَرُوِّينَا فِي مَعْنَى هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَأَيُّهُمَا كَانَ فَقَدْ أُبِيحَ فِيهِ نِكَاحُ حَرَائِرِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ لَوْ لَمْ يَنْكِحْهُنَّ مُسْلِمٌ
قُلْتُ : قَدْ رُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّهُ قَالَ : تَزَوَّجْنَاهُنَّ مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ : وَنِسَاؤُهُنَّ حِلٌّ لَنَا ، وَنِسَاؤُنَا عَلَيْهِمْ حَرَامٌ
وَرُوِّينَا مَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَرُوِّينَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، أَنَّهُ نَكَحَ نَصْرَانِيَّةً ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ عَلَى يَدَيْهِ وَرُوِّينَا فِيهِ عَنْ طَلْحَةَ ، وَحُذَيْفَةَ *