أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، نَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ ، نَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُعَلَّى الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ : اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ فِي غَشِيَّتِهِ فَقَالَ : أَقَدْ قُضِيَ ؟ قَالُوا : لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، بَكَوْا فَقَالَ : أَلَا تَسْمَعُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُعَذَّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا ، وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ ، أَوْ يَرْحَمُ ؟
وَرُوِّينَا فِي ، حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : فَرَأَيْتُهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ ، فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَالَ : تَدْمَعُ الْعَيْنُ ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا ، وَاللَّهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ
وَفِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فِي قِصَّةِ ابْنَةِ ابْنَتِهِ حِينَ أَتَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِهَا وَنَفْسُهَا تَقَعْقَعُ : لِلَّهِ مَا أَخَذَ ، وَلِلَّهِ مَا أَعْطَى ، وَكُلٌّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَبَكَى ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّمَا هِيَ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ : نَعَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَعْفَرًا ، وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ : بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ
فَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ ، نَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ ، نَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، لَمَّا مَاتَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قَالَ لَهُمْ : لَا تَبْكُوا عَلَيْهِ فَإِنَّ بُكَاءَ الْحَيِّ عَذَابٌ لِلْمَيِّتِ ، فَقَالَ عَنْ عَمْرَةَ : فَسَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَتْ : يَرْحَمُهُ اللَّهُ ، إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، لِيَهُودِيَّةٍ وَأَهْلُهَا يَبْكُونَ : إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا ، وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا
وَبَلَغَنَا عَنِ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُ حَكَى عَمَّنْ مَضَى ، أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ أَوْصَى بِالنِّيَاحَةِ ، وَبَلَغَنَا عَنْ غَيْرِهِ : أَنَّ أَهْلَ الْمَيِّتِ لَوْ صَبَرُوا وَاحْتَسَبُوا لَعَلَّهُ لَمْ يُؤْخَذْ بِمَا ارْتَكَبَ مِنَ الْجَرَائِمِ بِتَرْكِهِ اسْتِرْجَاعَهُمْ وَاحْتِسَابَهُمْ وَدُعَاءَهُمْ ، فَحِينَ لَمْ يَسْتَغْلِبُوا بِذَلِكَ وَبَكَوْا وَنَاحُوا حُرِمَ الْمَيِّتُ تِلْكَ الْبَرَكَةَ ، فَأُخِذَ بِذُنُوبِ نَفْسِهِ لَا بِمَا اجْتَرَمُوا مِنَ النِّيَاحَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ