حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ : كَمَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُجَاشِعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {{ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }} قَالَ : كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ كَانَ الرَّجُلُ يَبْدَأُ بِعَلْفِ الدَّابَّةِ وَبِالشَّيْءِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وعِكْرِمَةَ وَقَالَ الضَّحَّاكُ نَسَخَتِ الزَّكَاةُ كُلَّ صَدَقَةٍ فِي الْقُرْآنِ وَمِمَّنْ قَالَ نُسِخَتِ الْآيَةُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْعُشْرِ وَنِصْفِ الْعُشْرِ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }} قَالَ : نَسَخَتْهَا الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ
وقُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ شِبَاكٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، {{ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }} قَالَ : نَسَخَتْهَا الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، وَالسُّدِّيِّ وَمِمَّنْ قَالَ : إِنَّهَا الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ
كَمَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُجَاشِعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ دِرْهَمٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، {{ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }} قَالَ : الزَّكَاةُ
وقُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ ، قَالَ سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ ، تَعَالَى {{ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }} قَالَ : الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ ، وَعَطَاءٍ ، وَقَتَادَةَ ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ
قَالَ : وَحَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {{ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }} : أَنَّ ذَلِكَ الزَّكَاةُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ قِيلَ إِنَّ هَذَا أَيْضًا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ عَلَى التَّأْوِيلِ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ فِي مَعْنَى {{ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }} لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الْحَصَادِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَيَّنَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُ بَعْدَهُ وَقَدْ قِيلَ بَلْ يَجِبُ عَلَى قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ تَكُونَ مَنْسُوخَةً لِأَنَّهُ يَقُولُ لَيْسَ فِي الرُّمَّانِ زَكَاةٌ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنَ الثِّمَارِ إِلَّا فِي النَّخْلِ ، وَالْكَرْمِ وَفِي نَصِّ الْآيَةِ ذِكْرُ الرُّمَّانِ وَالزَّيْتُونِ وَقَدْ قَالَ بِمِصْرَ لَيْسَ فِي الزَّيْتُونِ زَكَاةٌ لِأَنَّهُ أُدْمٌ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ أَنَّ فِيَ الْمَالِ حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ وَإِنَّ مَعْنَى {{ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }} أَنْ يُعْطِي مِنْهُ شَيْئًا سِوَى الزَّكَاةِ وَأَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَ الْمَسَاكِينِ وَبَيْنَ مَا سَقَطَ
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَنْبَارِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَفَّانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ ، عَنْ سُفْيَانَ ، قَالَ : يَدَعُ الْمَسَاكِينَ يَتَّبِعُونَ أَثَرَ الْحَصَّادِ فَمَا سَقَطَ عَنِ الْمِنْجَلِ أَخَذُوهُ وَهَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَقَدْ رُوِيَ وَصَحَّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَنْكَرَ حَصَادَ اللَّيْلِ مِنْ أَجْلِ هَذَا
وقُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَشْعَثُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، {{ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }} قَالَ : كَانُوا يُعْطُونَ مَنِ اعْتَرَّ بِهِمْ وَهَذَا أَيْضًا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وعَطِيَّةَ وَهَوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنَّهُ نَهَى عَنْ حَصَادِ اللَّيْلِ وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ : أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ، {{ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }} عَلَى النَّدْبِ وَهَذَا الْقَوْلُ لَا يَعْرِفُ أَحَدًا مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ قَالَهُ وَإِذَا تَكَلَّمَ أَحَدٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي مَعْنَى آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ قَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُتَقَدِّمِينَ فِيهَا فَخَرَجَ عَنْ قَوْلِهِمْ لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يُعَدَّ خِلَافًا فَبَطَلَ هَذَا ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهَا الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ فَيُعَارَضُ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ وَالزَّكَاةُ فُرِضَتْ بِالْمَدِينَةِ لَا تَنَازُعَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ ، وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى {{ يَوْمَ حَصَادِهِ }} لَوْ كَانَ لِلزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَجَبَ أَنْ تُعْطَى وَقْتَ الْحَصَادِ وَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ وَصَحَّتْ أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُعْطَى إِلَّا بَعْدَ الْكَيْلِ وَأَيْضًا فَإِنَّ فِي الْآيَةِ {{ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }} فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا فِي الزَّكَاةِ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ هَذَا فِي الزَّكَاةِ لَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ الثَّمَرِ وَفِي كُلِّ مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ نَعْلَمُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ وَلَا الْفُقَهَاءِ إِلَّا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِمَّنْ خَرَجَ عَنِ الْإِجْمَاعِ وَأَكْثَرُ مَا قِيلَ فِي هَذَا مِنْ قَوْلِ مَنْ يُحْتَجُّ بِقَوْلِهِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ فِيَ كُلِّ هَذَا الزَّكَاةَ إِلَّا فِي الْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ وَالْقَصَبِ وَقَدْ أَخْرَجَ شَيْئًا مِمَّا فِي الْآيَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ فِيَ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ مِنْهَا الزَّكَاةَ : الْحِنْطَةُ ، وَالشَّعِيرُ ، وَالتَّمْرُ ، وَالزَّبِيبُ فَهَذَا إِجْمَاعٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ إِلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ : الْحِنْطَةُ ، وَالشَّعِيرُ ، وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ فَمِمَّنْ قَالَ هَذَا الْحَسَنُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَالشَّعْبِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَاحْتَجَّ أَبُو عُبَيْدٍ بِحَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي بُرْدَةَ إِنَّ مُعَاذًا وأَبَا مُوسَى لَمَّا بُعِثَا لِيُعَلِّمَا النَّاسَ أَمْرَ دِينِهِمْ لَمْ يَأْخُذَا الزَّكَاةَ فِيمَا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ وَاحْتَجَّ غَيْرُهُ أَنَّ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ مَحْظُورَةٌ ، فَلَمَّا أُجْمِعَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَجَبَتْ بِالْإِجْمَاعِ وَلَمَّا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي غَيْرِهَا لَمْ يَجِبْ فِيهَا شَيْءٌ وَزَادَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ السُّلْتَ وَالزَّيْتُونَ وَزَادَ الزُّهْرِيُّ عَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْيَاءِ الزَّيْتُونَ وَالْحُبُوبَ كُلَّهَا وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَمَكْحُولٍ ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ ، وَاللَّيْثِ فِيَ الزَّيْتُونِ الزَّكَاةَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا الْقَوْلُ كَانَ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ بِالْعِرَاقِ ثُمَّ قَالَ بِمِصْرَ فِي الزَّيْتُونِ لَا أَرَى أَنْ تَجِبَ فِيهِ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ أُدْمٌ لَا أَنَّهُ يُؤْكَلُ بِنَفْسِهِ وَقَالَ يَعْقُوبُ ، وَمُحَمَّدٌ فِيمَا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ كُلُّ مَا يُؤْكَلُ وَيَبْقَى فَفِيهِ الزَّكَاةُ فَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ وَأَكْثَرُهُمُ اعْتِمَادُهُ عَلَى الْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ فَمَنْ ضَمَّ إِلَيْهَا الْحُبُوبَ وَمَا يُقَتْاتُ بِهِ فَإِنَّمَا قَاسَهُ عَلَيْهَا وَمَنْ ضَمَّ إِلَيْهَا الزَّيْتُونَ فَإِنَّمَا قَاسَهُ عَلَى النَّخْلِ وَالْعِنَبِ هَكَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ بِالْعِرَاقِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ اَحْتَجَّ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْآيَةَ مُحْكَمَةٌ وَأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ فِي الْمَالِ سِوَى الزَّكَاةِ
بِمَا حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ دَرَّاجٍ ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {{ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }} قَالَ : مَا سَقَطَ مِنَ السُّنْبُلِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ كَانَ مِمَّا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا كَالْآيَةِ وَقَدْ قَامَتِ الْحُجَّةُ بِأَنَّهُ لَا فَرْضَ فِي الْمَالِ سِوَى الزَّكَاةِ إِلَّا لِمَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
كَمَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ نَسْمَعُ لِصَوْتِهِ دَوِيًّا وَلَا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ قَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا ؟ قَالَ : لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَصِيَامُ رَمَضَانَ قَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ ؟ قَالَ : لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ ، وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الزَّكَاةَ فَقَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا ؟ قَالَ : لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ : وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ فَتَبَيَّنَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَعَ صِحَّةِ إِسْنَادِهِ وَاسْتِقَامَةِ طَرِيقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَّا الْخَمْسُ وَلَا مِنَ الصَّدَقَةِ إِلَّا الزَّكَاةُ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالْآيَةِ فَرْضٌ سِوَى الزَّكَاةِ وَأَنَّهَا لَيْسَتِ الزَّكَاةُ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ نَدْبًا لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَنْسُوخَةً فَأَمَّا {{ وَلَا تُسْرِفُوا }} فَقَدْ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مَعْنَى : {{ وَلَا تُسْرِفُوا }} لَا تَمْنَعُوا مِنَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ : كَانُوا إِذَا حَصَدُوا أَعْطَوْا ثُمَّ تَبَارَوْا فِي ذَلِكَ حَتَّى أَجْحَفُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {{ وَلَا تُسْرِفُوا }} وَقَالَ السُّدِّيُّ : لَا تُعْطُوا أَمْوَالَكُمْ فَتَقْعُدُوا فُقَرَاءَ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : نَزَلَتْ فِي ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ جَدَّ نَخْلًا لَهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَأْتِيَهُ أَحَدٌ أَلَا أَعْطَاهُ فَأَمْسَى لَيْسَتْ لَهُ تَمْرَةٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }} وَقَالَ ابْنُ زَيْدِ وَلَا تُسْرِفُوا لِلْوُلَاةِ أَيْ وَلَا تَأْخُذُوا مَا لَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا غَيْرُ مُتَنَاقِضَةٍ لِأَنَّ الْإِسْرَافَ فِي اللُّغَةِ فِعْلُ مَا لَا يَنْبَغِي فَهَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ فَوَاجِبٌ اجْتِنَابُهُ وَمَعْنَى {{ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }} لَا يُثِيبُهُمْ وَلَا يَقْبَلُ أَعْمَالَهُمْ مَجَازًا ، وَتَقْدِيرُ {{ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ }} وَشَجَرُ الزَّيْتُونِ وَالرُّمَّانِ مِثْلُ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ قَالَ قَتَادَةُ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ يَتَشَابَهُ وَرَقُهُ وَيَخْتَلِفُ ثَمَرُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ : يَتَشَابَهُ لَوْنُهُ وَيَخْتَلِفُ طَعْمُهُ وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ {{ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ }} وَهِيَ قِرَاءَةٌ حَسَنَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ ذُكِرَتْ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ فَثُمُرٌ جَمْعُ ثِمَارٍ وَثِمَارٌ جَمْعُ ثَمَرَةٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ أَصْلُ الْإِسْرَافِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْإِخْطَاءُ فِي إِصَابَةِ غَيْرِ الْحَقِّ إِمَّا بِزِيَادَةٍ وَإِمَّا بِنُقْصَانٍ مِنَ الْحَدِّ الْوَاجِبِ ، وَأَنْشَدَ أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوهَا ثَمَانِيَةٌ