كَمَا قُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : مَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَرَّمَ ذَبَائِحَ بَنِي تَغْلِبَ إِلَّا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَعَارَضَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ بِأَنَّ الْحَدِيثَ الْمَرْوِيَّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ قَالَ : لَا تَأْكُلُوا ذَبَائِحَ بَنِي تَغْلِبَ وَلَا تَتَزَوَّجُوا فِيهِمْ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَتَعَلَّقُوا مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ إِلَّا بِشُرْبِ الْخَمْرِ ، قَالَ : فَدَلَّ هَذَا أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا عَلَى مِلَّةِ النَّصَارَى فِي كُلِّ أُمُورِهِمْ لَأُكِلَتْ ذَبَائِحُهُمْ وَتُزُوِّجَ فِيهِمْ قَالَ وَقَدْ قَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَى أَكْلِ ذَبَائِحِ النَّصَارَى وَالتَّزَوُّجِ فِيهِمْ وَهُمْ مِنَ النَّصَارَى وَقَدِ احْتَجَّ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ فَقَالَ : قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ {{ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ }} فَلَوْ لَمْ تَكُنْ بَنُو تَغْلِبَ مِنَ النَّصَارَى إِلَّا بِتَوْلِيَتِهِمْ إِيَّاهُمْ لَأُكِلَتْ ذَبَائِحُهُمْ فَأَمَّا الْمَجُوسُ فَالْعُلَمَاءُ مُجْمِعُونَ إِلَّا مَنْ شَذَّ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ ذَبَائِحَهُمْ لَا تُؤْكَلُ وَلَا يُتَزَوَّجُ فِيهِمْ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي كِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى فَلَمْ يُخَاطِبْهُمْ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ وَخَاطَبَ قَيْصَرَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَقَالَ : {{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ }} الْآيَةَ ، وَقَدْ عَارَضَ مُعَارِضٌ بِالْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمَجُوسِ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ أَنْزِلُوهُمْ مَنْزِلَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا حُجَّةَ فِيهِ مِنْ جِهَاتٍ إِحْدَاهَا أَنَّهُ قَدْ غَلَطَ فِي مَتْنِهِ وَأَنَّ إِسْنَادَهُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ فَلَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ
حَدَّثَنَاهُ بَكْرُ بنُ سَهْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ ، أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا أَدْرِي كَيْفَ أَعْمَلُ فِي أَمْرِ الْمَجُوسِ فَشَهِدَ عِنْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَالْإِسْنَادُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ لَمْ يُولَدْ فِي وَقْتِ عُمَرَ وَأَمَّا الْمَتْنُ فَيُقَالُ إِنَّهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بِشْرٍ الْكُوفِيُّ ، قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ ، يَقُولُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، سَمِعَ بَجَالَةَ ، يَقُولُ : إِنَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ أَخَذَ مِنَ الْمَجُوسِ الْجِزْيَةَ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ فَهَذَا إِسْنَادُهُ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ وَلَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مَا كَانَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَكْلِ ذَبَائِحِ الْمَجُوسِ وَلَا تَزَوُّجِ نِسَائِهِمْ لِأَنَّ قَوْلَهُ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَأَيْضًا فَإِنَّمَا نُقِلَ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ فِي الْجِزْيَةِ خَاصَّةً وَأَيْضًا فَسُنُّوا بِهِمْ لَيْسَ مِنَ الذَّبَائِحِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلِ اسْتَنُّوا أَنْتُمْ فِي أَمْرِهِمْ بِشَيْءٍ فَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ بِأَنَّ حُذَيْفَةَ تَزَوَّجَ مَجُوسِيَّةً فَغَلَطٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ {{ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلَكُمْ }} وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ {{ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ }} وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِتِلْكَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْآيَةِ الثَّالِثَةِ فَقَالُوا فِيهَا سَبْعَةَ أَقْوَالٍ