كَمَا قُرِئَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصٍ ، عَنْ يوسُفَ بْنِ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ }} قَالَ : نَسَخَهَا {{ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ }}
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ ، قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ {{ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ }} قَالَ : نَسَخَهَا الْمِيرَاثُ وَالْوَصِيَّةُ وَقَالَ بِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ أَبُو مَالِكٍ ، وعِكْرِمَةُ ، وَالضَّحَّاكُ وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّهَا مُحْكَمَةٌ وَتُؤُوِّلَ قَوْلُهُ عَلَى النَّدْبِ عُبَيْدَةُ ، وَعُرْوَةُ ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَمُجَاهِدٌ ، وَعَطَاءٌ ، وَالْحَسَنُ ، وَالزُّهْرِيُّ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَيَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ كَمَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، {{ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ }} قَالَ : أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ قِسْمَةِ مَوَارِيثِهِمْ أَنْ يَصِلُوا أَرْحَامَهُمْ وَأَيْتَامَهُمْ وَمَسَاكِينَهُمْ مِنَ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةٌ وُصِّلَ لَهُمْ مِنَ الْمِيرَاثِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي الْآيَةِ أَنْ تَكُونَ عَلَى النَّدْبِ وَالتَّرْغِيبِ فِي فِعْلِ الْخَيْرِ وَالشُّكْرِ لِلَّهِ تَعَالَى فَأَمَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ الَّذِينَ فَرَضَ لَهُمُ الْمِيرَاثَ إِذَا حَضَرُوا الْقِسْمَةَ وَحَضَرَ مَعَهُمْ مَنْ لَا يَرِثُ مِنَ الْأَقْرِبَاءِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ أَنْ يَرْزُقُوهُمْ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا فَرَضَ لَهُمْ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَاهُنَا نَسْخٌ لِأَنَّ الَّذِي يَقُولُ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ لَا يَخْلُو أَمْرُهُ مِنْ إِحْدَى جِهَتَيْنِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ كَانَتْ نَدْبًا ثُمَّ نُسِخَتْ وَهَذَا مُحَالٌ لِأَنَّ النَّدْبَ إِلَى الْخَيْرِ لَا يُنْسَخُ لَأَنَّ نَسْخَهُ لَا تَفْعَلُوا الْخَيْرَ وَهَذَا مُحَالٌ أَوْ تَكُونُ كَانَتْ وَاجِبَةً فَنُسِخَتْ وَهَذَا أَيْضًا لَا يَكُونُ لِأَنَّ قَائِلَهُ يَقُولُ إِنَّهِ كَانَ إِذَا حَضَرَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ أَعْطَوْهُمْ وَلَمْ يُعْطُوا الْعَصَبَةَ فَنُسِخَ ذَلِكَ بِالْفَرْضِ وَهَذَا لَمْ يُعْرَفْ قَطُّ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْآيَةَ إِذَا ثَبَتَتْ فَلَا يُقَالُ فِيهَا مَنْسُوخَةٌ إِلَّا أَنْ يَنْفَى حُكْمُهَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ، ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَوَاهُ عَنْهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ هَذَا مُخَاطَبَةً لِلْمُوصِي نَفْسِهِ وَكَذَا قَالَ ابْنُ زَيْدٍ قِيلَ لِلْمُوصِي أَوْصِ لِذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى هَذَا بِأَنَّ بَعْدَهُ {{ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا }} أَيْ إِنْ لَمْ تُوصُوا لَهُمْ فَقُولُوا لَهُمْ خَيْرًا وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتِيَارُ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ فَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ مُحْكَمَةٌ وَاجِبَةٌ
كَمَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُجَاشِعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، {{ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ }} قَالَ : هِيَ وَاجِبَةٌ عِنْدَ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ مَا طَابَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا مُجَاهِدٌ يَقُولُ بِإِيجَابِهَا بِالْإِسْنَادِ الَّذِي لَا تُدْفَعُ صِحَّتَهُ وَهَذَا خِلَافُ مَا رُوِيَ عَنْهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْإِسْنَادُ أَصَحُّ
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الْحَسَنِ ، وَالزُّهْرِيِّ ، {{ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ }} قَالَا : هِيَ مُحْكَمَةٌ مَا طَابَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ عِنْدَ أَهْلِ الْمِيرَاثِ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَقَدْ بَيَّنَّا صِحَّتَهُ وَالصَّحِيحُ فِي الْآيَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ أَنَّهُمَا مَنْسُوخَتَانِ