وَحَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُجَاشِعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، {{ وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ }} ، قَالَ نُسِخَ : الظُّلْمُ وَالِاعْتِدَاءُ وَنَسَخَتْهَا {{ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا }} ثُمَّ افْتَرَقَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ الْآيَةَ مُحْكَمَةٌ فِرَقًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنِ احْتَاجَ الْوَصِيُّ فَلَهُ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَإِذَا أَيْسَرَ قَضَاهُ وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعُبَيْدَةَ ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَاسْتَشْهَدَ عُبَيْدَةُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ بِأَنَّ بَعْدَهُ {{ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ }}
كَمَا قُرِئَ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ غُلَيْبِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ يوسُفَ بْنِ عَدِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ ، عَنْ يَرْفَأَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا يَرْفَأُ إِنِّي أَنْزَلْتُ مَالَ اللَّهِ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ مَالِ الْيَتِيمِ ، إِنِ احْتَجْتُ أَخَذْتُ مِنْهُ ، فَإِذَا أَيْسَرْتُ قَضَيْتُهُ ، وَإِنِّي إِنِ اسْتَغْنَيْتُ اسْتَعْفَفْتُ ، فَإِنِّي قَدْ وُلِّيتُ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ أَمْرًا عَظِيمًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْهُمْ عُبَيْدَةُ قَالَ : لَا يَحِلُّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إِلَّا قَرْضًا وَاسْتَشْهَدَ بِأَنَّ بَعْدَ هَذَا {{ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ }} وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ ، وَمُجَاهِدٍ
كَمَا قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : يَسْتَلِفُ وَالِي الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ فَإِذَا أَيْسَرَ رَدَّهُ
قَالَ رَوْحٌ وَحَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ سَعِيدٍ ، {{ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ }} قَالَ : قَرْضًا ، وَفُقَهَاءُ الْكُوفِيِّينَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ : فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ مِمَّا يَجْنِي مِنَ الْغَلَّةِ فَأَمَّا الْمَالُ النَّاضُّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا قَرْضًا وَلَا غَيْرَهُ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ فَقَالُوا : لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مِقْدَارَ قُوتِهِ مِنْهُمُ الْحَسَنُ
كَمَا قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : إِذَا احْتَاجَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ أَكَلَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِذَا أَيْسَرَ قَضَاؤُهُ وَالْمَعْرُوفُ قُوتُهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ وَالنَّخَعِيِّ
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ : {{ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ }} قَالَ : مَا سَدَّ الْجُوعَةَ وَوَارَى الْعَوْرَةَ وَلَيْسَ يَلْبَسُ الْكَتَّانَ وَلَا الْحُلَلَ وَاخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا عَلَى أَنَّ الْأَسَانِيدَ عَنْهُ صِحَاحٌ مَعَ اخْتِلَافِ الْمُتُونِ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ
قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْأَزْهَرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ : إِنَّ لِي إِبِلًا أَفْقِرُ ظُهُورَهَا وَأَحْمِلُ عَلَيْهَا وَلِي يَتِيمٌ لَهُ إِبِلٌ فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا ؟ قَالَ : إِذَا كُنْتَ تَهْنَأُ جَرْبَاهَا وَتَلُوطُ حَوْضَهَا وَتَنْشُدُ ضَالَّتَهَا وَتَسْقِي وِرْدَهَا فَاحْلُبْهَا غَيْرَ نَاهِكٍ لَهَا فِي الْحَلْبِ وَلَا مُضِرٍّ بِنَسْلِهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ هَذَا عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وَأَنَّ الْوَصِيَّ إِنَّمَا يَأْخُذُ مِقْدَارَ عَمَلِهِ كَانَ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ فِي ذَلِكَ وَاحِدًا وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ بَيْنَهُمَا فِي الْآيَةِ بِعَيْنِهَا وَرَوَى ، عِكْرِمَةُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، {{ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ }} قَالَ إِذَا احْتَاجَ وَاضْطُرَّ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ كَذَلِكَ إِذَا كَانَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ أَخَذَ فَإِذَا وَجَدَ أَوْفَى وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ إِذَا اضْطُرَّ هَذَا الِاضْطِرَارَ كَانَ لَهُ أَخْذُ مَا يُقِيمُهُ مِنْ مَالِ يَتِيمِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ
كَمَا قُرِئَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصٍ ، عَنْ يوسُفَ بْنِ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ {{ وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ }} قَالَ : بِغِنَاهُ وَلَا يَأْكُلُ مَالَ الْيَتِيمِ {{ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ }} قَالَ يَقُوتُ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إِلَى مَالِ الْيَتِيمِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا رُوِيَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ لِأَنَّ أَمْوَالَ النَّاسِ مَحْظُورَةٌ لَا يُطْلَقُ مِنْهَا شَيْءٌ إِلَّا بِحُجَّةٍ قَاطِعَةٍ وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَى الْآيَةِ وَاحْتَمَلَتْ غَيْرَ تَأْوِيلٍ فَعَدَلْنَا إِلَى هَذَا لِمَا قُلْنَا ، وَهُوَ قَوْلٌ مَحْكِيٌّ مَعْنَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَنَّهُمْ يَجْعَلُونَهُ عَلَى الْقَرْضِ فَأَمَّا مُذْهِبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ بَعْضِهِمْ فَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَوْلِ الْحَسَنِ وَاحْتَجَّ لَهُمْ مُحْتَجٌّ بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ ، قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ فِي حَجْرِي يَتِيمًا أَفَأَضْرِبُهُ ؟ قَالَ : مِمَّا تَضْرِبُ مِنْهُ وَلَدَكَ قَالَ : أَفَأُصِيبُ مِنْ مَالِهِ قَالَ : غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا وَلَا وَاقٍ مَالَكَ بِمَالِهُ
وَقُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ النَّيْسَابُورِيِّ ، عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي لَا أَجِدُ شَيْئًا أَوَلَيْسَ لِي شَيْءٌ وَلِيَتِيمُي مَالٌ ، قَالَ : كُلْ مِنْهُ غَيْرَ مُسْرِفٍ وَلَا مُتَأَثِّلٍ مَالًا قَالَ : وَأَحْسِبُهُ قَالَ : وَلَا تَفْدِ مَالَكَ بِمَالِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى هَذَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِنَّمَا يُجِيزُونَ أَخْذَ الْقُوتِ وَمَا لَا يَضُرُّ بِالْيَتِيمِ وَالَّذِي رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هُوَ مِنْ أَحَادِيثِ الْمَشَايخِ وَلَيْسَ هُوَ مِمَّا يُقْطَعُ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي الْآيَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هِيَ مَنْسُوخَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ مُحْكَمَةٌ