حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ ، إِمْلَاءً ثَنَا هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ الرَّقِّيُّ ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، قَالَ : بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَاعِدٌ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ مَرَّ رَجُلٌ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتَعْرِفُ هَذَا الْمَارَّ ، قَالَ : لَا ، فَمَنْ هُوَ ؟ قَالَ : سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ بَيْتٍ فِيهِمْ شَرَفٌ وَمَوْضِعٌ وَهُوَ الَّذِي أَتَاهُ رَئِيُّهُ بِظُهُورِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ عُمَرُ عَلَيَّ بِهِ فَدُعِيَ بِهِ ، فَقَالَ : أَنْتَ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَأَنْتَ الَّذِي أَتَاكَ رَئِيُّكَ بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَأَنْتَ عَلَى مَا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كَهَانَتِكَ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا ، وَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا اسْتَقْبَلَنِي بِهَذَا أَحَدٌ مُنْذُ أَسْلَمْتُ ، فَقَالَ عُمَرُ : يَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ أَعْظَمَ مِمَّا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كَهَانَتِكَ ، أَخْبَرَنِي بِإِتْيَانِكَ رَئِيُّكَ بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : نَعَمْ ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ ، إِذْ أَتَانِي رَئِيٌّ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ ، وَقَالَ قُمْ يَا سَوَّادُ بْنُ قَارِبٍ فَافْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ إِنَّهُ قَدْ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى عِبَادَتِهِ ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتِجْسَاسِهَا وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَحْلَاسِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى مَا خَيْرُ الْجِنِّ كَأَنْجَاسِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ وَاسْمُ بِعَيْنَيْكِ إِلَى رَأْسِهَا قَالَ : فَلَمْ أَرْفَعْ بِقَوْلِهِ رَأْسًا وَقُلْتُ دَعْنِي أَنَمْ ، فَإِنِّي أَمْسَيْتُ نَاعِسًا فَلَمَّا أَنْ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ أَتَانِي ، فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ أَلَمْ أَقَلْ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ قُمْ فَافْهَمْ وَاعْقِلْ ؟ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ قَدْ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى عِبَادَتِهِ ثُمَّ أَنْشَأَ الْجِنِّيُّ ، يَقُولُ : عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَطَلَابِهَا وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَقْتَابِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى مَا صَادِقُ الْجِنِّ كَكَذَّابِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ بَيْنَ رَوَايَاهَا وَحِجَابِهَا ، قَالَ : فَلَمْ أَرْفَعْ رَأْسًا فَلَمَّا أَنْ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ : أَلَمْ أَقَلْ لَكَ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ افْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ أَنَّهُ قَدْ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى عِبَادَتِهِ ثُمَّ أَنْشَأَ ، يَقُولُ : عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَأَخْبَارِهَا وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَكْوَارِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى مَا مُؤْمِنُو الْجِنِّ كَكُفَّارِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ لَيْسَ قُدَّامُهَا كَأَذْنَابِهَا ، قَالَ : فَوَقَعَ فِي نَفْسِي حُبُّ الْإِسْلَامِ وَرَغِبْتُ فِيهِ ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ شَدَدْتُ عَلَى رَاحِلَتِي فَانْطَلَقْتُ مُتَوَجِّهًا إِلَى مَكَّةَ ، فَلَمَّا كُنْتُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ أُخْبِرْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ ، فَسَأَلْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقِيلَ لِي : فِي الْمَسْجِدِ فَانْتَهَيْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَعَقَلْتُ نَاقَتِي وَدَخَلْتُ ، وَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ فَقُلْتُ : اسْمَعْ مَقَالَتِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ادْنُهُ فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى صِرْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، قَالَ : هَاتِ فَأَخْبِرْنِي بِإِتْيَانِكَ رَئِيُّكَ ، فَقَالَ : أَتَانِي نَجِيٌّ بَعْدَ هَدْءٍ وَرَقْدَةٍ وَلَمْ يَكُ فِيمَا قَدْ بَلَوْتُ بِكَاذِبِ ثَلَاثُ لَيَالٍ قَوْلُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ أَتَاكَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ فَشَمَّرْتُ مِنْ ذَيْلِي الْإِزَارَ وَوَسَطَتْ بِيَ الذِّعْلِبُ الْوَجْبَاءُ بَيْنَ السَّبَاسِبِ فَأَشْهَدْ أَنَّ اللَّهَ لَا رَبَّ غَيْرُهُ وَأَنَّكَ مَأْمُونٌ عَلَى كُلِّ غَالِبِ وَأَنَّكَ أَدْنَى الْمُرْسَلِينَ وَسِيلَةً إِلَى اللَّهِ يَا ابْنَ الْأَكْرَمِينَ الْأَطَائِبِ فَمُرْنَا بِمَا يَأْتِيكَ يَا خَيْرَ مَنْ مَشَى وَإِنْ كَانَ فِيمَا جَاءَ شَيْبُ الذَّوَائِبِ وَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لَا ذِي شَفَاعَةٍ سِوَاكَ بِمُغْنٍ عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارِبِ فَفَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بِإِسْلَامِي فَرَحًا شَدِيدًا حَتَّى رُئِيَ فِي وُجُوهِهِمْ قَالَ : فَوَثَبَ عُمَرُ : فَالْتَزَمَهُ وَقَالَ : قَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ هَذَا مِنْكَ