أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ وَطُولِهِ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، فَلَمَّا خَلْقَهُ قَالَ : اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفْرِ ، وَهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ . قَالَ : فَذَهَبَ فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَمْ ، فَزَادُوهُ : وَرَحْمَةُ اللَّهِ . قَالَ : فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا . فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ . قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : هَذَا الْخَبَرُ تَعَلَّقَ بِهِ مَنْ لَمْ يُحْكِمُ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ وَأَخَذَ يُشَنِّعُ عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يَنْتَحِلُونَ السُّنَنَ ، وَيَذُبُّونَ عَنْهَا ، وَيَقْمَعُونَ مَنْ خَالَفَهَا بِأَنْ قَالَ : لَيْسَتْ تَخْلُو هَذِهِ الْهَاءُ مِنْ أَنْ تُنْسَبَ إِلَى اللَّهِ أَوْ إِلَى آدَمَ ، فَإِنْ نُسِبَتْ إِلَى اللَّهِ كَانَ ذَلِكَ كُفْرًا ، إِذْ {{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }} ، وَإِنْ نُسِبَتْ إِلَى آدَمَ تَعَرَّى الْخَبَرُ عَنِ الْفَائِدَةِ ، لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ خُلِقَ عَلَى صُورَتِهِ لَا عَلَى صُورَةِ غَيْرِهِ ، وَلَوْ تَمَلَّقَ قَائِلُ هَذَا إِلَى بَارِئِهِ فِي الْخَلْوَةِ ، وَسَأَلَهُ التَّوْفِيقَ لِإِصَابَةِ الْحَقِّ وَالْهِدَايَةِ لِلطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ فِي لُزُومِ سُنَنِ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَكَانَ أَوْلَى بِهِ مِنَ الْقَدْحِ فِي مُنْتَحِلِي السُّنَنِ بِمَا يَجْهَلُ مَعْنَاهُ ، وَلَيْسَ جَهْلُ الْإِنْسَانِ بِالشَّيْءِ دَالًا عَلَى نَفْيِ الْحَقِّ عَنْهُ لِجَهْلِهِ بِهِ . وَنَحْنُ نَقُولُ : إِنَّ أَخْبَارَ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا صَحَّتْ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ لَا تَتَضَادَّ ، وَلَا تَتَهَاتَرُ ، وَلَا تَنْسَخُ الْقُرْآنَ بَلْ لِكُلِّ خَبَرٍ مَعْنًى مَعْلُومٌ يُعْلَمُ ، وَفَصْلٌ صَحِيحٌ يُعْقَلُ ، يَعْقِلُهُ الْعَالِمُونَ . فَمَعْنَى الْخَبَرِ عِنْدَنَا بِقَوْلِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ : إِبَانَةُ فَضْلِ آدَمَ عَلَى سَائِرِ الْخَلْقِ ، وَالْهَاءُ رَاجِعَةٌ إِلَى آدَمَ ، وَالْفَائِدَةُ مِنْ رُجُوعِ الْهَاءِ إِلَى آدَمَ دُونَ إِضَافَتِهَا إِلَى الْبَارِئِ جَلَّ وَعَلَا - جَلَّ رَبُّنَا وَتَعَالَى عَنْ أَنْ يُشَبَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ - أَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا جَعَلَ سَبَبَ الْخَلْقِ الَّذِي هُوَ الْمُتَحَرِّكُ النَّامِي بِذَاتِهِ اجْتِمَاعَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى ، ثُمَّ زَوَالَ الْمَاءِ عَنْ قَرَارِ الذَّكَرِ إِلَى رَحِمِ الْأُنْثَى ، ثُمَّ تَغَيُّرَ ذَلِكَ إِلَى الْعَلَقَةِ بَعْدَ مُدَّةٍ ، ثُمَّ إِلَى الْمُضْغَةِ ، ثُمَّ إِلَى الصُّورَةِ ، ثُمَّ إِلَى الْوَقْتِ الْمَمْدُودِ فِيهِ ، ثُمَّ الْخُرُوجِ مِنْ قَرَارِهِ ، ثُمَّ الرَّضَاعِ ، ثُمَّ الْفِطَامِ ، ثُمَّ الْمَرَاتِبِ الْأُخَرِ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا إِلَى حُلُولِ الْمَنِيَّةِ بِهِ . هَذَا وَصْفُ الْمُتَحَرِّكِ النَّامِي بِذَاتِهِ مِنْ خَلْقِهِ وَخَلْقِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَّا آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خَلْقَهُ عَلَيْهَا ، وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ تَقْدُمُهُ اجْتِمَاعُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى ، أَوْ زَوَالُ الْمَاءِ ، أَوْ قَرَارُهُ ، أَوْ تَغْيِيرُ الْمَاءِ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً ، أَوْ تَجْسِيمُهُ بَعْدَهُ ، فَأَبَانَ اللَّهُ بِهَذَا فَضْلَهُ عَلَى سَائِرِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ خَلْقِهِ ، بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نُطْفَةً فَعَلَقَةً ، وَلَا عَلَقَةً فَمُضْغَةً ، وَلَا مُضْغَةً فَرَضِيعًا ، وَلَا رَضِيعًا فَفَطِيمًا ، وَلَا فَطِيمًا فَشَابًّا كَمَا كَانَتْ هَذِهِ حَالَةُ غَيْرِهِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ حَشْوِيَّةٌ يَرْوُونَ مَا لَا يَعْقِلُونَ وَيَحْتَجُّونَ بِمَا لَا يَدْرُونَ
أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ جَعَلَ إِبْلِيسَ يُطِيفُ بِهِ ، فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ قَالَ : طَفِرْتُ بِهِ ، خَلْقٌ لَا يَتَمَالَكُ