أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى الْفُضَيْلِ ، عَنْ أَبِي حَرِيزٍ ، أَنَّ عَامِرًا ، حَدَّثَهُ أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ ، قَالَ : إِنَّ وَالِدِي بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ ، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ عَمْرَةَ بِنْتَ رَوَاحَةَ نُفِسَتْ بِغُلَامٍ ، وَإِنِّي سَمَّيْتُهُ نُعْمَانَ ، وَإِنَّهَا أَبَتْ أَنْ تُرَبِّيَهُ حَتَّى جَعَلْتُ لَهُ حَدِيقَةً لِي أَفْضَلَ مَالِي هُوَ ، وَإِنَّهَا قَالَتْ : أَشْهِدِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَلْ لَكَ وَلَدٌ غَيْرَهُ ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : لَا تُشْهِدْنِي ، إِلَّا عَلَى عَدْلٍ ، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : تَبَايُنُ الْأَلْفَاظِ فِي قِصَّةِ النَّحْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَدْ يُوهِمُ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّ الْخَبَرَ فِيهِ تَضَادٌّ وَتَهَاتُرٌ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، لِأَنَّ النَّحْلَ مِنْ بَشِيرٍ لِابْنِهِ كَانَ فِي مَوْضِعَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ ، وَذَاكَ أَنَّ أَوَّلَ مَا وَلَدُ النُّعْمَانُ أَبَتْ عَمْرَةُ أَنْ تُرَبِّيَهُ حَتَّى يَجْعَلَ لَهُ بَشِيرٌ حَدِيقَةً ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ، وَأَرَادَ الْإِشْهَادَ عَلَى ذَلِكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا تُشْهِدْنِي إِلَّا عَلَى عَدْلٍ ، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ ، عَلَى مَا فِي خَبَرِ أَبِي حَرِيزٍ ، تُصَرِّحُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ ، أَنَّ الْحَيْفَ فِي النَّحْلِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ غَيْرُ جَائِزٍ ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى الصَّبِيِّ مُدَّةٌ ، قَالَتْ عَمْرَةُ لِبَشِيرٍ : انْحَلِ ابْنِي هَذَا فَالْتَوَى عَلَيْهِ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ عَلَى مَا فِي خَبَرِ ، أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ ، وَالْمُغِيرَةِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، فَنَحَلَهُ غُلَامًا ، فَلَمَّا جَاءَ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، لِيُشْهِدَهُ ، قَالَ : لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النُّعْمَانُ ، قَدْ نَسِيَ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ ، أَوْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَدْ نُسِخَ ، وَقَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ ، فِي الْكَرَّةِ الثَّانِيَةِ زِيَادَةُ تَأْكِيدٍ فِي نَفْيِ جَوَازِهِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّحْلَ فِي الْغُلَامِ لِلنُّعْمَانِ كَانَ ذَلِكَ ، وَالنُّعْمَانُ مُتَرَعْرِعٌ ، أَنَّ فِيَ خَبَرِ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لَهُ : مَا هَذَا الْغُلَامُ ؟ ، قَالَ : غُلَامٌ أَعْطَانِيهِ أَبِي ، فَدَلَّتْكَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ ، عَلَى أَنَّ هَذَا النُّحْلَ غَيْرَ النُّحْلِ الَّذِي فِي خَبَرِ ، أَبِي حَرِيزٍ ، فِي الْحَدِيقَةِ ، لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ امْتِنَاعِ عَمْرَةَ ، عَنْ تَرْبِيَةِ النُّعْمَانِ عِنْدَمَا وَلَدَتْهُ ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ ، أَنَّ أَخْبَارَ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، تَتَضَادُّ ، وَتَهَاتَرُ ، وَأَبُو حَرِيزٍ ، كَانَ قَاضِيَ سِجِسْتَانَ