سُورَةُ حم السَّجْدَةِ وَقَالَ طَاوُسٌ : عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، {{ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا }} : أَعْطِيَا ، {{ قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }} : أَعْطَيْنَا وَقَالَ المِنْهَالُ : عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ : إِنِّي أَجِدُ فِي القُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ ، قَالَ : {{ فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ }} ، {{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ }} {{ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا }} ، {{ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ }} ، فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الآيَةِ ؟ وَقَالَ : {{ أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ دَحَاهَا }} فَذَكَرَ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الأَرْضِ ، ثُمَّ قَالَ : {{ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ طَائِعِينَ }} فَذَكَرَ فِي هَذِهِ خَلْقَ الأَرْضِ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ ؟ وَقَالَ : {{ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }} ، {{ عَزِيزًا حَكِيمًا }} ، {{ سَمِيعًا بَصِيرًا }} فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى ؟ فَقَالَ : {{ فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ }} : فِي النَّفْخَةِ الأُولَى ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ : {{ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ }} فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ ، ثُمَّ فِي النَّفْخَةِ الآخِرَةِ ، {{ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ }} وَأَمَّا قَوْلُهُ : {{ مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ }} ، {{ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا }} ، فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِأَهْلِ الإِخْلاَصِ ذُنُوبَهُمْ ، وَقَالَ المُشْرِكُونَ : تَعَالَوْا نَقُولُ لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ ، فَخُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ ، فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ اللَّهَ لاَ يُكْتَمُ حَدِيثًا ، وَعِنْدَهُ : {{ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا }} الآيَةَ ، وَخَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ ، ثُمَّ دَحَا الأَرْضَ ، وَدَحْوُهَا : أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا المَاءَ وَالمَرْعَى ، وَخَلَقَ الجِبَالَ وَالجِمَالَ وَالآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : {{ دَحَاهَا }} . وَقَوْلُهُ : {{ خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ }} . فَجُعِلَتِ الأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، وَخُلِقَتِ السَّمَوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ ، {{ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }} سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ ، أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إِلَّا أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ ، فَلاَ يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ القُرْآنُ ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ، عَنِ المِنْهَالِ بِهَذَا ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ : {{ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }} : مَحْسُوبٍ ، {{ أَقْوَاتَهَا }} : أَرْزَاقَهَا {{ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا }} : مِمَّا أَمَرَ بِهِ ، {{ نَحِسَاتٍ }} : مَشَائِيمَ ، {{ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ }} : قَرَنَّاهُمْ بِهِمْ ، {{ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلاَئِكَةُ }} : عِنْدَ المَوْتِ ، {{ اهْتَزَّتْ }} : بِالنَّبَاتِ ، {{ وَرَبَتْ }} : ارْتَفَعَتْ ، {{ مِنْ أَكْمَامِهَا }} : حِينَ تَطْلُعُ ، {{ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي }} : أَيْ بِعَمَلِي أَنَا مَحْقُوقٌ بِهَذَا وَقَالَ غَيْرُهُ : {{ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ }} : قَدَّرَهَا سَوَاءً ، {{ فَهَدَيْنَاهُمْ }} : دَلَلْنَاهُمْ عَلَى الخَيْرِ وَالشَّرِّ ، كَقَوْلِهِ : {{ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ }} وَكَقَوْلِهِ : {{ هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ }} : وَالهُدَى الَّذِي هُوَ الإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ أَصْعَدْنَاهُ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ : {{ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ }} ، {{ يُوزَعُونَ }} : يُكَفُّونَ ، {{ مِنْ أَكْمَامِهَا }} : قِشْرُ الكُفُرَّى هِيَ الكُمُّ وَقَالَ غَيْرُهُ : وَيُقَالُ لِلْعِنَبِ إِذَا خَرَجَ أَيْضًا كَافُورٌ وَكُفُرَّى ، {{ وَلِيٌّ حَمِيمٌ }} : القَرِيبُ ، {{ مِنْ مَحِيصٍ }} : حَاصَ عَنْهُ أَيْ حَادَ ، {{ مِرْيَةٍ }} : وَمُرْيَةٌ وَاحِدٌ ، أَيْ امْتِرَاءٌ وَقَالَ مُجَاهِدٌ : {{ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ }} : هِيَ وَعِيدٌ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : {{ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }} : الصَّبْرُ عِنْدَ الغَضَبِ وَالعَفْوُ عِنْدَ الإِسَاءَةِ ، فَإِذَا فَعَلُوهُ عَصَمَهُمُ اللَّهُ ، وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ {{ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ }}
حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، عَنْ رَوْحِ بْنِ القَاسِمِ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، {{ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ ، عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ }} الآيَةَ ، قَالَ : كَانَ رَجُلاَنِ مِنْ قُرَيْشٍ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ ثَقِيفَ - أَوْ رَجُلاَنِ مِنْ ثَقِيفَ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ - فِي بَيْتٍ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : أَتُرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ حَدِيثَنَا ؟ قَالَ : بَعْضُهُمْ يَسْمَعُ بَعْضَهُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَئِنْ كَانَ يَسْمَعُ بَعْضَهُ لَقَدْ يَسْمَعُ كُلَّهُ ، فَأُنْزِلَتْ : {{ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ }} الآيَةَ