حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ سَأَلَ عَنِ الْقَوْمِ ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ ، فَقُلْتُ : أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي ، فَحَلَّ زِرِّي الْأَعْلَى ، ثُمَّ حَلَّ زِرِّي الْأَسْفَلَ . ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ ، بَيْنَ ثَدْيَيَّ ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ ، فَقَالَ : مَرْحَبًا بِكَ ، سَلْ عَمَّا شِئْتَ ، فَسَأَلْتُهُ ، وَهُوَ أَعْمَى ، فَجَاءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ ، فَقَامَ فِي نِسَاجَةٍ مُلْتَحِفًا بِهَا ، كُلَّمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ ، رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيْهِ ، مِنْ صِغَرِهَا ، وَرِدَاؤُهُ إِلَى جَانِبِهِ عَلَى الْمِشْجَبِ ، فَصَلَّى بِنَا ، فَقُلْتُ : أَخْبِرْنَا عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : بِيَدِهِ ، فَعَقَدَ تِسْعًا وَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ ، فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ فِي الْعَاشِرَةِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَاجٌّ ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَيَعْمَلَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ ، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ ، فَأَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كَيْفَ أَصْنَعُ ؟ قَالَ : اغْتَسِلِي ، وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ ، وَأَحْرِمِي فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ قَالَ جَابِرٌ : نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، بَيْنَ رَاكِبٍ وَمَاشٍ ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ ، وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ ، مَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ ، فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ ، لَا شَرِيكَ لَكَ وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ ، وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ ، قَالَ جَابِرٌ : لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ ، فَرَمَلَ ثَلَاثًا ، وَمَشَى أَرْبَعًا ، ثُمَّ قَامَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ : {{ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى }} فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ ، فَكَانَ أَبِي يَقُولُ : - وَلَا أَعْلَمُهُ ، إِلَّا ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - إِنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَيْتِ ، فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ {{ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ }} نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ ، حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ ، فَكَبَّرَ اللَّهَ وَهَلَّلَهُ وَحَمِدَهُ ، وَقَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ وَقَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ فَمَشَى ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ ، رَمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي ، حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا - يَعْنِي قَدَمَاهُ - مَشَى ، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ ، فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ ، كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ قَالَ : لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ ، لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ ، فَلْيَحْلِلْ ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ ، وَقَصَّرُوا ، إِلَّا النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ ، فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ ؟ قَالَ : فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَصَابِعَهُ فِي الْأُخْرَى ، وَقَالَ : دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ هَكَذَا ، مَرَّتَيْنِ لَا ، بَلْ لِأَبَدِ أَبَدٍ قَالَ : وَقَدِمَ عَلِيٌّ بِبُدْنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا ، وَاكْتَحَلَتْ ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا عَلِيٌّ ، فَقَالَتْ : أَمَرَنِي أَبِي بِهَذَا ، فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ : فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ فِي الَّذِي صَنَعَتْهُ ، مُسْتَفْتِيًا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الَّذِي ذَكَرَتْ عَنْهُ ، وَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا ، فَقَالَ : صَدَقَتْ ، صَدَقَتْ ، مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ ؟ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : فَإِنَّ مَعِي الْهَدْيَ فَلَا تَحِلَّ قَالَ : فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي جَاءَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ ، وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ مِائَةً ، ثُمَّ حَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ ، وَقَصَّرُوا ، إِلَّا النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ ، وَتَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى ، أَهَلُّوا بِالْحَجِّ ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَصَلَّى بِمِنًى الظُّهْرَ ، وَالْعَصْرَ ، وَالْمَغْرِبَ ، وَالْعِشَاءَ ، وَالصُّبْحَ ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ ، فَضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ ، إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ، أَوِ الْمُزْدَلِفَةِ ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ ، فَوَجَدَ الْقُبَّةَ ، قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ ، فَنَزَلَ بِهَا ، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ ، أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ ، فَرُحِلَتْ لَهُ ، فَرَكِبَ ، حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي ، فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ : إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، أَلَا وَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ، مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ ، وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُهُ دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ - كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ ، فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ - وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُهُ رِبَانَا ، رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ ، بِأَمَانَةِ اللَّهِ ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ ، وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ ، وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَمْ تَضِلُّوا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ ، كِتَابَ اللَّهِ ، وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي ، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ ؟ قَالُوا : نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ ، فَقَالَ : بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ إِلَى السَّمَاءِ ، وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ ، ثُمَّ أَقَامَ ، فَصَلَّى الظُّهْرَ ، ثُمَّ أَقَامَ ، فَصَلَّى الْعَصْرَ ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ ، إِلَى الصَّخَرَاتِ ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا ، حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا ، حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ خَلْفَهُ ، فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَقَدْ شَنَقَ الْقَصْوَاءَ بِالزِّمَامِ ، حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا ، لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ ، السَّكِينَةَ كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا ، حَتَّى تَصْعَدَ ، ثُمَّ أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ ، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ ، بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ ، فَصَلَّى الْفَجْرَ ، حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ ، حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ ، فَرَقِيَ عَلَيْهِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ ، وَكَبَّرَهُ ، وَهَلَّلَهُ ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا ، حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا ، ثُمَّ دَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ ، وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعَرِ ، أَبْيَضَ وَسِيمًا ، فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مَرَّ الظُّعُنُ يَجْرِينَ ، فَطَفِقَ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ الْفَضْلُ ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ ، فَصَرَفَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ ، حَتَّى أَتَى مُحَسِّرًا ، حَرَّكَ قَلِيلًا ، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى ، الَّتِي تُخْرِجُكَ إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى ، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ ، فَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا ، مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ ، وَرَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ ، فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ ، وَأَعْطَى عَلِيًّا ، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ ، فَطُبِخَتْ ، فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا ، ثُمَّ أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى الْبَيْتِ ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ ، فَأَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَهُمْ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ ، فَقَالَ : انْزَعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ ، لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا ، فَشَرِبَ مِنْهُ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْحَجِّ عَلَى أَنْوَاعٍ ثَلَاثَةٍ ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ ، فَمَنْ كَانَ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا ، لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ ، مِمَّا حَرُمَ مِنْهُ ، حَتَّى يَقْضِيَ مَنَاسِكَ الْحَجِّ ، وَمَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا ، لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ ، مِمَّا حَرُمَ مِنْهُ ، حَتَّى يَقْضِيَ مَنَاسِكَ الْحَجِّ ، وَمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، حَلَّ مِمَّا حَرُمَ عَنْهُ ، حَتَّى يَسْتَقْبِلَ حَجًّا
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثَلَاثَ حَجَّاتٍ ، حَجَّتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ ، وَحَجَّةً بَعْدَ مَا هَاجَرَ مِنَ الْمَدِينَةِ ، وَقَرَنَ مَعَ حَجَّتِهِ عُمْرَةً ، وَاجْتَمَعَ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَمَا جَاءَ بِهِ عَلِيٌّ مِائَةَ بَدَنَةٍ ، مِنْهَا جَمَلٌ لِأَبِي جَهْلٍ ، فِي أَنْفِهِ بُرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ ، فَنَحَرَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِيَدِهِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ ، وَنَحَرَ عَلِيٌّ مَا غَبَرَ قِيلَ لَهُ : مَنْ ذَكَرَهُ ؟ قَالَ : جَعْفَرٌ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ