أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَتْ مُلُوكٌ بَعْدَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ بَدَّلُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ، وَكَانَ فِيهِمْ مُؤْمِنُونَ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ قِيلَ لِمُلُوكِهِمْ : مَا نَجِدُ شَتْمًا أَشَدَّ مِنْ شَتْمٍ يَشْتِمُونَا هَؤُلَاءِ ، إِنَّهُمْ يَقْرَءُونَ : {{ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }} ، وَهَؤُلَاءِ الْآيَاتُ مَعَ مَا يَعِيبُونَا بِهِ فِي أَعْمَالِنَا فِي قِرَاءَتِهِمْ ، فَادْعُهُمْ فَلْيَقْرَءُوا كَمَا نَقْرَأُ ، وَلْيُؤْمِنُوا كَمَا آمَنَّا ، فَدَعَاهُمْ ، فَجَمَعَهُمْ ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ أَوْ يَتْرُكُوا قِرَاءَةَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، إِلَّا مَا بَدَّلُوا مِنْهَا ، فَقَالُوا : مَا تُرِيدُونَ إِلَى ذَلِكَ ، دَعُونَا ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ : ابْنُوا لَنَا أُسْطُوَانَةً ثُمَّ ارْفَعُونَا إِلَيْهَا ، ثُمَّ اعْطُونَا شَيْئًا نَرْفَعُ بِهِ طَعَامَنَا وَشَرَابَنَا ، فَلَا نَرِدُ عَلَيْكُمْ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ : دَعُونَا نَسِيحُ فِي الْأَرْضِ ، وَنَهِيمُ وَنَشْرَبُ كَمَا يَشْرَبُ الْوَحْشُ ، فَإِنْ قَدَرْتُمْ عَلَيْنَا فِي أَرْضِكُمْ فَاقْتُلُونَا . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ : ابْنُوا لَنَا دُورًا فِي الْفَيَافِي ، وَنَحْتَفِرُ الْآبَارَ ، وَنَحْتَرِثُ الْبُقُولَ فَلَا نَرِدُ عَلَيْكُمْ ، وَلَا نَمُرُّ بِكُمْ ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْقَبَائِلِ إِلَّا وَلَهُ حَمِيمٌ فِيهِمْ . قَالَ : فَفَعَلُوا ذَلِكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا }} وَالْآخَرُونَ قَالُوا : نَتَعَبَّدُ كَمَا تَعَبَّدَ فُلَانٌ ، وَنَسِيحُ كَمَا سَاحَ فُلَانٌ ، وَنَتَّخِذُ دُورًا كَمَا اتَّخَذَ فُلَانٌ ، وَهُمْ عَلَى شِرْكِهِمْ ، لَا عِلْمَ لَهُمْ بِإِيمَانِ الَّذِينَ اقْتَدَوْا بِهِ ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ، انْحَطَّ رَجُلٌ مِنْ صَوْمَعَتِهِ ، وَجَاءَ سَائِحٌ مِنْ سِيَاحَتِهِ ، وَصَاحِبُ الدَّيْرِ مِنْ دَيْرِهِ ، فَآمَنُوا بِهِ ، وَصَدَّقُوهُ ، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ }} أَجْرَيْنِ بِإِيمَانِهِمْ بِعِيسَى وَبِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، وَبِإِيمَانِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَتَصْدِيقِهِمْ . قَالَ : يَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ الْقُرْآنَ ، وَاتِّبَاعَهُمُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : {{ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ }} يَتَشَبَّهُونَ بِكُمْ {{ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ }} الْآيَةَ