حَدَّثَنَا يُونُسُ ، وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، وَالرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، وَفَهْدٌ ، وَمَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَيْفٍ التُّجِيبِيِّ أَبُو سَعْدٍ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ , عَنْ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ سَعْدٍ ، قَالَ : مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ : إنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إلَّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : {{ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ }} فَأَنْكَرَ مُنْكِرٌ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ هُوَ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَذَكَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا سِوَاهُ , وَأَنَّهَا فِي سُورَةٍ مَكِّيَّةٍ , وَأَنَّ إسْلَامَ عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ , حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ }} قَالَ : لَيْسَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ آيَةٌ مَكِّيَّةٌ وَإِنَّمَا أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِعَامَيْنِ وَمَا أُنْزِلَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَجُلٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ آمَنَ بِهِ قَوْمُهُ وَاسْتَكْبَرْتُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا وَقَدْ وَافَقَ الشَّعْبِيَّ فِي نَفْيِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ تَكُونَ أُنْزِلَتْ فِي ابْنِ سَلَامٍ وَفِي نَفْيِ آيَةٍ أُخْرَى قَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ : إنَّهَا أُنْزِلَتْ فِيهِ أَيْضًا , وَهِيَ قَوْلُهُ : {{ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ }} سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ
كَمَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى , حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ , حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ أَبِي بِشْرٍ قَالَ : سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {{ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ }} قُلْتُ : هُوَ ابْنُ سَلَامٍ قَالَ : كَيْفَ يَكُونُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ وَهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ قَالَ : وَكَانَ سَعِيدٌ يَقْرَأُ : وَمِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتَابِ وَكَانُوا يَشُدُّونَ ذَلِكَ بِمَا يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ , حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ , حَدَّثَنَا الْخَفَّافُ , عَنْ هَارُونَ النَّحْوِيِّ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ , عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ : وَمِنْ عِنْدِهِ بِكَسْرِهَا وَيَقُولُ : مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عِلْمُ الْكِتَابِ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْبَابَ هَلْ خَالَفَ فِيهِ الشَّعْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَحَدًا مِنْ أَمْثَالِهِمَا ؟
فَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ , حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ : {{ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ }} قَالَ : هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ , حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ , حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : {{ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ }} قَالَ : يَقُولُونَ : ابْنُ سَلَامٍ وَكَيْفَ يَكُونُ ابْنُ سَلَامٍ وَهَذِهِ الْآيَةُ مَكِّيَّةٌ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ : فَنُبِّئْتُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ قَالَ : صَدَقَ هِيَ مَكِّيَّةٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي السُّورَةَ الَّتِي فِيهَا تِلْكَ الْآيَةُ وَهِيَ سُورَةُ الْأَحْقَافِ , وَلَكِنَّهَا قَدْ كَانَتْ تَنْزِلُ الْآيَةُ فَيُؤْمَرُ بِهَا أَنْ تُوضَعَ فِي مَكَانِ كَذَا , وَكَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي أَنَّهُ قَدْ كَانَتِ الْآيَةُ تَنْزِلُ بِالْمَدِينَةِ فَيُؤْمَرُ بِوَضْعِهَا فِي سُورَةٍ قَدْ كَانَتْ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ . ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى حَدِيثِ مَالِكٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ فَكَشَفْنَاهُ لِنَقِفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ
فَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُدَ , وَفَهْدًا , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَمْرِو بْنِ صَفْوَانَ النَّصْرِيَّ الدِّمَشْقِيَّ قَدْ حَدَّثُونَا قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ سَعْدٍ ، قَالَ : مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ : إنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ نُزُولُ تِلْكَ الْآيَةِ فِيهِ فَوَقَعَ فِي قُلُوبِنَا مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَكَشَفْنَا عَنْهُ أَيْضًا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَى الْحَقِيقَةِ فِيهِ بِمَنِّ اللَّهِ وَعَوْنِهِ فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، عَنْ مَالِكٍ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . قَالَ فِيهِ : قَالَ مَالِكٌ : وَفِيهِ نَزَلَتْ {{ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ }} وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عَمِّي , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَبِمَا أَضَافَهُ إلَى مَالِكٍ فِيهِ مِثْلَهُ . فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَا مِنْ كَلَامِ سَعْدٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ مَالِكٍ فَخَرَجَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى الشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي إثْبَاتِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ كَانَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ . ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا قَدْ رُوِيَ فِي نُزُولِهَا سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ
فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ صَاحِبُ الطَّيَالِسَةِ , حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ : لِلَّهِ أَبُوكَ , تَعْلَمُ حَدِيثًا حَدَّثَهُ أَبُوكَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ : أَيُّ حَدِيثٍ يَرْحَمُكَ اللَّهُ ؟ فَرُبَّ حَدِيثٍ حَدَّثَ بِهِ ; قَالَ : حَدِيثُ الْمِصْرِيِّينَ لَمَّا حَاصَرُوا عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ; قَالَ : قَدْ عَلِمْتُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ فَحَدَّثَهُ بِهِ فَكَانَ فِيهِ أَنَّهُمْ قَالُوا : لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ لَمَّا حَذَّرَهُمْ مِنْ قَتْلِ عُثْمَانَ : كَذَبَ الْيَهُودِيُّ كَذَبَ الْيَهُودِيُّ فَقَالَ : كَذَبْتُمْ وَاللَّهِ وَأَثِمْتُمْ مَا أَنَا بِيَهُودِيٍّ وَإِنِّي لَأَحَدُ الْمُؤْمِنِينَ يَعْلَمُ ذَلِكَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ : {{ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ }} وَالْآيَةُ الْأُخْرَى : {{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ }} فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ إخْبَارِ ابْنِ سَلَامٍ بِنُزُولِ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ فِيهِ أَوْلَى وَكَانَ بِمَا نُزِّلَ فِيهِ أَعْلَمَ وَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ أُضِيفَتِ الْقِرَاءَةُ إلَيْهِمْ مِنَ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا , وَهُوَ قَوْلُهُ : {{ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ }} إلَّا كَذَلِكَ وَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا قَرَأَهَا بِالْكَسْرِ إلَّا ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ جُبَيْرٍ . وَقَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ حَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ : قَرَأَ الْأَعْمَشُ : {{ وَمَنْ عِنْدَهُ }} بِنَصْبٍ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ كَمِثْلِهِ وَنَافِعٌ كَمِثْلِ وَابْنُ كَثِيرٍ كَمِثْلِ وَأَبُو عَمْرٍو كَمِثْلِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا مَخْرَجَ قِرَاءَةِ عَاصِمٍ وَرُجُوعَهَا إلَى عَلِيٍّ وَإِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَإِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَقِرَاءَةَ نَافِعٍ فَقَدْ كَانَتْ مَأْخُوذَةً عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ , وَكَانَ أَخْذُ أَبِي جَعْفَرٍ إيَّاهَا مِنْ مَوْلَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ وَكَانَ أَخْذُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ إيَّاهَا مِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ . كَذَلِكَ حَدَّثَنِي رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ ذَلِكَ ، وَقِرَاءَةُ حَمْزَةَ فَمَأْخُوذَةٌ فِيمَا حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ مِمَّا سَمِعَهُ مِنْ خَلَفٍ الْبَزَّارِ أَنَّهُ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى سُلَيْمِ بْنِ عِيسَى عَشْرَ مَرَّاتٍ , وَأَنَّ سُلَيْمًا حَدَّثَهُ أَنَّهُ قَرَأَهُ عَلَى حَمْزَةَ , وَأَنَّ حَمْزَةَ ذَكَرَ أَنَّهُ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى رَجُلَيْنِ وَهُمَا الْأَعْمَشُ , وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، فَمَا كَانَ مِنْ قِرَاءَةِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، فَعَلَى حَرْفِ عَلِيٍّ وَمَا كَانَ مِنْ قِرَاءَةِ الْأَعْمَشِ فَعَلَى حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمِمَّا أَخَذْنَاهُ مِنْ قِرَاءَةِ حَمْزَةَ عَنْ غَيْرِ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَخِيهِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَأَنَّ أَخَاهُ قَرَأَهُ عَلَى أَبِيهِ , وَأَنَّ أَبَاهُ قَرَأَهُ عَلَى عَلِيٍّ , وَأَنَّ الْأَعْمَشَ قَرَأَهُ عَلَى يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ , وَأَنَّ يَحْيَى قَرَأَهُ عَلَى عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ , وَأَنَّ عُبَيْدًا قَرَأَهُ عَلَى عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ النَّخَعِيِّ , وَأَنَّ عَلْقَمَةَ قَرَأَهُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : قَدِمَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعْمِلْهُ عَلَى قَوْمِهِ ، وَقَالَ عُمَرُ : لَا تَسْتَعْمِلْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَتَكَلَّمَا فِي ذَلِكَ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ : مَا أَرَدْتَ إلَّا خِلَافِي ؟ قَالَ : مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ قَالَ : فَنَزَلَتْ {{ لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ }} قَالَ : فَكَانَ عُمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا تَكَلَّمَ لَمْ يُسْمِعِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ قَالَ : وَمَا ذَكَرَ أَبَاهُ وَلَا جَدَّهُ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَالزُّبَيْرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، قَالَ : كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلَكَا أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ أَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ وَأَشَارَ الْآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ لَا أَحْفَظُ اسْمَهُ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ : مَا أَرَدْتَ إلَّا خِلَافِي فَقَالَ : مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ , فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِي ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ }} إلَى آخِرِ الْآيَةِ
حَدَّثَنَا يُوسُفُ , حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ , حَدَّثَنَا نَافِعٌ قَالَ : قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ : فَمَا كَانَ عُمَرُ يُسْمِعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ : {{ لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ }} وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ هِيَ قَوْلُهُ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }} الْآيَةَ
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْلَدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ أَبُو الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إسْرَائِيلَ ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ ، فِي تَفْسِيرِ ابْنِ جُرَيْجٍ : {{ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }} , أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ , أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَمِّرِ الْقَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ وَقَالَ عُمَرُ : بَلْ أَمِّرِ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : مَا أَرَدْتَ إلَّا خِلَافِي . فَقَالَ عُمَرُ : مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ فَتَمَارَيَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فَنَزَلَتْ فِي ذَلِكَ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }} فَكَانَ مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَشْبَهَ بِأَنْ تَكُونَ الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهِمَا هِيَ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِيمَا كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِيهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ شَدَّ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ مِمَّا كَانَ عِنْدَ نُزُولِهَا مِنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الْأَنْصَارِيِّ
حَدَّثَنَا فَهْدٌ , حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ أَبُو سَلَمَةَ الْمِنْقَرِيُّ , حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ , حَدَّثَنَا ثَابِتٌ , عَنْ أَنَسٍ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ }} قَالَ : وَكَانَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ رَفِيعَ الصَّوْتِ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ وَقَالَ : أَنَا الَّذِي كُنْتُ أَرْفَعُ صَوْتِي فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَأَجْهَرُ لَهُ بِالْقَوْلِ حَبِطَ عَمَلِي وَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَدَكَ فَقَالَ : أُنْزِلَتْ فِيَّ هَذِهِ الْآيَةُ أَنَا الَّذِي كُنْتُ أَرْفَعُ صَوْتِي فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَجْهَرُ لَهُ بِالْقَوْلِ فَحَبِطَ عَمَلِي وَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَتَى بِهِ الرَّجُلُ فَقَالَ : إنَّهُ يَقُولُ كَذَا , وَكَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ أَنَسٌ : فَكُنَّا نَرَاهُ يَمْشِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْيَمَامَةِ كَانَ فِي بَعْضِنَا بَعْضُ الِانْكِشَافِ فَأَقْبَلَ وَقَدْ تَكَفَّنَ وَتَحَنَّطَ فَقَالَ : بِئْسَ مَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَأَمَّا نُزُولُ الْآيَةِ الْأُخْرَى الَّتِي تَلَوْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِي مَعْنًى سِوَى ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ الْآيَةُ الْأُخْرَى
كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبِي فِي إمْلَاءِ أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِمْ , عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ ، عَنْ حِبَالِ بْنِ رُفَيْدَةَ ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالنَّاسُ يَسْأَلُونَ يَرَوْنَ أَنَّهُ يَوْمُ النَّحْرِ فَقَالَتْ لِجَارِيَةٍ لَهَا : أَخْرِجِي لِمَسْرُوقٍ سَوِيقًا وَحَلِّيهِ ، فَلَوْلَا أَنِّي صَائِمَةٌ لَذُقْتُهُ فَقَالَ لَهَا : أَصُمْتِ هَذَا الْيَوْمَ وَهُوَ يُشَكُّ فِيهِ ؟ فَقَالَتْ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }} كَانَ قَوْمٌ يَتَقَدَّمُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الصَّوْمِ وَفِيمَا أَشَبَهَهُ , فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ
وَكَمَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عَلِيٍّ الْمَرُّوذِيُّ , حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ , أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الْأَحْمَرُ , عَنْ يَحْيَى الْجَابِرِ , عَنْ حِبَالِ بْنِ رُفَيْدَةَ , عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ رَجُلًا صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ : لَا تَفْعَلْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ : {{ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }} فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا عِنْدَ تَصْحِيحِ مَا رَوَيْنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلَوْنَا كَانَ نُزُولُهَا فِي مَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ فِيهِ نُزُولُ الْآيَةِ الْأُخْرَى مِنْهُمَا ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مَعْنًى يَجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ , وَهُوَ مَا فِي حَدِيثِ بَكَّارِ بْنِ قُتَيْبَةَ الَّذِي رَوَيْنَا مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ : مَا أَرَدْتَ إلَّا خِلَافِي وَمِنْ قَوْلِ عُمَرَ عِنْدَ ذَلِكَ : مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ وَمَا فِي حَدِيثِ يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ وَمُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيِّ مَكَانَ ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ : مَا أَرَدْتَ إلَّا خِلَافِي وَقَوْلُ عُمَرَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ : مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ فَالَّذِي فِي حَدِيثِ بَكَّارٍ أَوْلَى عِنْدَنَا وَأَشْبَهُ بِهِمَا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ سُؤَالٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا الَّذِي أَرَادَ بِهِ خِلَافَهُ وَالَّذِي فِي حَدِيثَيْ يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مَا أَرَدْتَ إلَّا خِلَافِي هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْخُصُومَةِ وَالنَّكِيرِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَرَّأَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الِاخْتِلَافِ الَّذِي يُوقِعُ بَيْنَهُمَا الِاخْتِلَافَ فِي هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ وَطَهَّرَ قُلُوبَهُمَا وَجَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِيًّا لِصَاحِبِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ; وَلِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُ بَاطِنُهَا ظَاهِرَهَا . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {{ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ }}
مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ , حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ }} قَالَ : لَا تُنَادُوا نِدَاءً لَا تَقُولُوا : يَا مُحَمَّدُ , وَلَكِنْ قُولُوا قَوْلًا لَيِّنًا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }}
مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَيْضًا قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ , حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ : {{ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }} قَالَ : لَا تَفْتَاتُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى يُفِيضَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي ذَلِكَ
مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ , حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ وَمُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ وَسَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ , عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ , عَنْ حُمَيْدٍ , عَنِ الْحَسَنِ : {{ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }} صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا تَذْبَحُوا حَتَّى يَذْبَحَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : وَقَالَ الْكَلْبِيُّ : لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِقَوْلٍ وَلَا عَمَلٍ فَالَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ الْحَسَنِ وَعَنْ مُجَاهِدٍ فِيهِ تَوْكِيدٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِمَّا يُوَافِقُهُ وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، وَمَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ كُلُّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ مَكَانَهَا عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ ارْقُدْ , فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَإِنْ ذَكَرَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ , وَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ , وَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ وَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ الْكُوفِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : إنَّ لِلشَّيْطَانِ عِنْدَ رَأْسِ أَحَدِكُمْ حَبْلًا فِيهِ ثَلَاثُ عُقَدٍ , فَإِذَا اسْتَيْقَظَ وَوَحَّدَ اللَّهَ حُلَّتْ عُقْدَةٌ , وَإِنْ قَامَ وَتَوَضَّأَ حُلَّتْ عُقْدَةٌ أُخْرَى , فَإِذَا هُوَ صَلَّى حُلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا , وَأَصْبَحَ خَفِيفًا طَيِّبَ النَّفْسِ , وَإِنْ هُوَ نَامَ حَتَّى يُصْبِحَ أَصْبَحَ عَلَيْهِ عُقَدٌ وَأَصْبَحَ وَهُوَ ثَقِيلٌ خَبِيثَ النَّفْسِ فَقَالَ قَائِلٌ : فَكَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْهُ النَّهْيَ عَنْ وَصْفِ النَّفْسِ بِالْخُبْثِ وَأَمْرَهُ أَنْ يَقُولَ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ : خَبُثَتْ نَفْسِي : لَقِسَتْ نَفْسِي مَكَانَ خَبُثَتْ نَفْسِي وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : خَبُثَتْ نَفْسِي وَلْيَقُلْ : لَقِسَتْ نَفْسِي وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ ، أَيْضًا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا يَقُولُ أَحَدُكُمْ : خَبُثَتْ نَفْسِي وَلْيَقُلْ : لَقِسَتْ نَفْسِي وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ . فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ وَصْفَ النَّفْسِ بِالْخُبْثِ وَصْفٌ لَهَا بِالْفِسْقِ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : {{ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ }} فَكَانَ مَكْرُوهًا لِلرَّجُلِ أَنْ يُفَسِّقَ نَفْسَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا مَا يُوجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَكَانَ مَحْبُوبًا لَهُ أَنْ يَقُولَ مَكَانَ ذَلِكَ : لَقِسَتْ نَفْسِي , وَإِنَّ مَعْنَاهُمَا مَعْنًى وَاحِدٌ , وَهُوَ الشَّرَاسَةُ وَشِدَّةُ الْخُلُقِ كَذَلِكَ مَعْنَاهُمَا عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَمِمَّنْ حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدٍ حَكَى ذَلِكَ لَنَا عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ : فِيمَا حَكَاهُ لَنَا عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ فِي صِفَةِ الزُّبَيْرِ : إنَّهُ وَعْقَةٌ لَقِسٌ يَعْنِي هَذَا الْمَعْنَى وَلَمَّا كَانَ مَعْنَى الْخَبِيثِ وَمَعْنَى اللَّقِسِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَاحِدًا كَانَ أَوْلَاهُمَا بِمَنْ يُرِيدُ وَصْفَ نَفْسِهِ بِالْمَعْنَى الَّذِي يَرْجِعَانِ إلَيْهِ أَحْسَنَهُمَا , وَهُوَ مَا أَمَرَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهِ فِي حَدِيثَيْ عَائِشَةَ وَسَهْلٍ حَتَّى يَكُونَ مِنْ نَفْسِهِ مَا يَسْتَحِقُّ لَهُ أَنْ يُوصَفَ بِالْخُبْثِ مِنْ تَرْكِهَا الصَّلَاةَ وَإِنْشَائِهَا وَاخْتِيَارِهَا النَّوْمَ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِسْقًا مِنْهَا وَتَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ أَنْ تُوصَفَ بِالْخُبْثِ الَّذِي مَعْنَاهُ بِهَذَا الْفِسْقِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَا فَقَدْ بَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ أَنَّ كُلَّ مَعْنًى مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِلْمَعْنَى الْآخَرِ الْمَذْكُورِ فِيهَا وَلَا مُضَادَّ لَهُ , وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدِ انْصَرَفَ إلَى مَعْنًى مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي انْصَرَفَ إلَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ مِنْهُمَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِإِسْنَادٍ مَحْمُودٍ أَنَّهُ قَالَ : وَإِذَا أَصْبَحَ وَلَمْ يُصَلِّ أَصْبَحَ لَقِسَ النَّفْسِ
وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَزْدِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَهْمِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْبَيْطَرِيِّ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثَيِ الرَّبِيعِ وَفَهْدٍ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ يَعْنِي لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَمْ يُصَلِّ أَصْبَحَ لَقِسَ النَّفْسِ كَسْلَانَ فَقَدْ ذَكَرَ هَذَا مَا ذَكَرْنَا وَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى خَبِيثِ النَّفْسِ أَنَّهُ لَقِسُ النَّفْسِ غَيْرَ أَنَّ الْأَوْلَى بِوَصْفِ الرَّجُلِ نَفْسَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا اخْتِيَارٌ لِلْأُمُورِ الْمَذْمُومَةِ وَمَعَهَا الشَّرَاسَةُ وَشِدَّةُ الْخُلُقِ بِمَا فِي حَدِيثَيْ عَائِشَةَ وَسَهْلٍ فَإِذَا كَانَ مَعَهَا الِاخْتِيَارُ لِلْأُمُورِ الْمَذْمُومَةِ جَازَ لَهُ وَصْفُهَا بِمَا فِي حَدِيثَيِ الْأَعْرَجِ وَأَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِمَّا فِي حَدِيثِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَصِفُهَا بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ