كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : يَكُونُ قَوْمٌ فِي النَّارِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونُوا ، ثُمَّ يَرْحَمُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى ، فَيَخْرُجُونَ مِنْهَا ، فَيَكُونُونَ فِي أَدْنَى الْجَنَّةِ فِي نَهَرٍ يُقَالُ لَهُ : الْحَيَوَانُ , لَوِ اسْتَضَافَهُمْ أَهْلُ الدُّنْيَا لَأَطْعَمُوهُمْ ، وَسَقَوْهُمْ ، وَلَحَفَوْهُمْ قَالَ عَطَاءٌ : وَأَحْسِبُهُ قَالَ : وَلَزَوَّجُوهُمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، فِي هَذَا الْبَابِ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مَا نَحْنُ مُسْتَغْنُونَ عَنْ إِعَادَتِهِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا عَارِمٌ أَبُو النُّعْمَانِ ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : {{ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ }} قَالَ : يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ ، وَلَا نُكَذِّبُ بِهَا ، كَمَا كَذَّبَ أَهْلُ حَرُورَاءَ , وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : {{ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ }} ، إِلَى قَوْلِهِ {{ لمَا يُرِيدُ }} ، فَقَالَ عِنْدَ هَذَا حَدِيثَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ قَالَ قَتَادَةُ : لَا نَقُولُ كَمَا يَقُولُ أَهْلُ حَرُورَاءَ
وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، وَثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَوْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ قَوْمًا سَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ ، وَأَبُو عِمْرَانَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - قَالَ أَبُو عِمْرَانَ - : يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ أَرْبَعَةٌ - وَقَالَ ثَابِتٌ : رَجُلَانِ - فَيُعْرَضُونَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ ، فَيَلْتَفِتُ أَحَدُهُمْ ، فَيَقُولُ : إِنِّي كُنْتُ أَرْجُو إِذْ أَخْرَجْتَنِي مِنْهَا أَنْ لَا تُعِيدَنِي إِلَيْهَا . فَيُنَجِّيَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَيْضًا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا قَدْ أَغْنَانَا عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي دَاوُدَ . وَحَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْهَرَوِيُّ ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ ، وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ الْجَهْضَمِيُّ ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ : لَقِيتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، وَكُنْتُ أَشَدَّ النَّاسِ تَكْذِيبًا بِالشَّفَاعَةِ ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ كُلَّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ وَعَدَ اللَّهُ أَهْلَهَا الْخُلُودَ فِي النَّارِ ، فَقَالَ لِي : يَا طُلَيْقُ ، أَتُرَاكَ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ مِنِّي ؟ قُلْتُ : لَا قَالَ : فَصُمَّتَا - وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ - إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ : يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ ، وَنَحْنُ نَقْرَأُ الَّذِي تَقْرَأُ ، وَإِنَّ الَّذِي تَقْرَأُ هُمُ الْمُشْرِكُونَ , هُمْ أَهْلُهَا ، قُلْتُ : وَمَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ ؟ قَالَ : قَوْمٌ أَصَابُوا ، فَعُذِّبُوا بِذُنُوبِهِمْ ، ثُمَّ أُخْرِجُوا
وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ قَالَ اللَّهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ : أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ قَالَ : فَيَخْرُجُونَ قَدْ عَادُوا حُمَمًا ، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرٍ يُسَمَّى نَهَرَ الْحَيَاةِ ، فَيَنْبُتُونَ بِهِ كَمَا يُنْبِتُ الْغُثَاءَةُ فِي جَانِبِ السَّيْلِ ، أَلَمْ تَرَوْا أَنَّهَا تَأْتِي صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ : أَنَّ قَوْمًا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا كَانُوا فِيهَا ، وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مَا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ إِخْبَارًا عَنْ أَهْلِ النَّارِ : {{ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ }} ، أَيْ : أَنَّ غَيْرَهُمْ تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْهُمْ : {{ فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ }} فِي أَشْيَاءَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ ، وَكَانَ مَا هُوَ أَدَلُّ مِنْ هَذَا فِي الْقُرْآنِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ }} ، وَقَوْلُهُ : {{ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى }} ، فَكَانَ أَوْلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِالْمُتَأَوِّلِينَ رَدُّ مَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى . فَأَمَّا أَهْلُ اللُّغَةِ ، مِنْهُمُ : الْفَرَّاءُ ، فَكَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ مَعْنَى : {{ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ }} ، أَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَيَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : أَنْ تَجْعَلَهُ اسْتِثْنَاءً ، كَقَوْلِهِ : وَاللَّهِ لَأَضْرِبَنَّكَ إِلَّا أَنْ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ ، وَعَزِيمَتُهُ عَلَى ضَرْبِهِ ، فَكَذَلِكَ : {{ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ }} ، وَلَا يَشَاؤُهُ . وَالْآخَرُ : فَذَكَرَ التَّأْوِيلَ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي اسْتِثْنَاءِ الْكَثِيرِ مِنَ الْقَلِيلِ ، وَلَا شَيْءَ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى بِهِ عِنْدَنَا مِمَّا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيمَنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا عُذِّبَ فِيهَا ، فَيَكُونُ ذَلِكَ هُوَ الْمُسْتَثْنَى بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ }} ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ