مَا قَدْ حَدَّثَنَا عِيسَى ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ يَعْنِي : ابْنَ أَبِي يَزِيدَ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : هُوَ عَارِيَةُ الْمَتَاعِ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَاعُونِ : مَا تَعَاطَاهُ النَّاسُ وَقَالَ عَلِيٌّ : الزَّكَاةُ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : الْمَاعُونُ مَنْعُ الْفَأْسِ ، وَمَا يَتَعَاوَنُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : الْمَاعُونُ : الْعَارِيَةُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَاتَّفَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فِي الْمُرَادِ عِنْدَهُمَا بِتَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ ، مَا هُوَ ؟ ، وَأَنَّهُ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمَا بِتَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي أَحَادِيثِهِمَا هَذِهِ , وَمِمَّا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، مَا : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ الطَّائِيِّ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : هُوَ الزَّكَاةُ . فَكَانَ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ , مُوَافِقًا لِمَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ، وَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ كَانَ عِنْدَهُمَا فِي ذَلِكَ
وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ الصُّبْحِ ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ شَرَاحِيلَ قَالَتْ : قَالَتْ لِي أُمُّ عَطِيَّةَ : اذْهَبِي إِلَى فُلَانَةَ ، فَأَقْرِئِيهَا السَّلَامَ ، وَقُولِي : إِنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ تُوصِيكِ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَلَا تَمْنَعِي الْمَاعُونَ , قَالَتْ : يَا سَيِّدَتِي : وَمَا الْمَاعُونُ ؟ قَالَتْ : أَهُبِلْتِ هِيَ الْمَهْنَةُ يَتَعَاطَاهَا النَّاسُ بَيْنَهُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَاتَّفَقَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ أُمِّ عَطِيَّةَ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ جَمِيعًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الْآيَةَ ، فَوَجَدْنَا الْمَذْكُورِينَ فِيهَا قَدْ وُعِدُوا بِالْوَيْلِ ، فَكَانُوا كَالْمُتَوَعَّدِينَ بِهِ فِي سُورَةِ الْجَاثِيَةِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ }} ، إِلَى قَوْلِهِ : {{ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }} ، وَكَالْمُتَوَعِّدِينَ بِهِ فِي سُورَةِ حم السَّجْدَةِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتَوْنَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ }} ، وَكَالْمُتَوَعِّدِينَ بِهِ فِي سُورَةِ الزُّخْرُفِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ }} ، وَكَالْمُتَوَعَّدِينَ بِهِ فِي سُورَةِ الطُّورِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا }} ، فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الْمُتَوَعَّدِينَ بِالْوَيْلِ هُمْ أَهْلُ النَّارِ ، فَقَوِيَ بِذَلِكَ فِي الْقُلُوبِ أَنْ يَكُونَ الْمُتَوَعَّدُونَ بِهِ فِي سُورَةِ أَرَأَيْتَ هُمْ هُمْ أَيْضًا ، وَكَانَ فِيمَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى إِيَّاهُمْ بِالسَّهْوِ عَنْ صَلَاتِهِمْ ، فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى نِفَاقِهِمْ ، وَعَلَى تَرْكِهِمْ إِيَّاهَا إِذَا خَلَوْا كَالْمُتَسَاهِينَ عَنْهَا ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ ، كَانَ مُنَافِقًا ، وَكَانَ حَيْثُ ذَكَرَ اللَّهُ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمُنَافِقُونَ بِقَوْلِهِ : {{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ }} ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَتْ زَكَاةُ الْأَمْوَالِ غَيْرَ مُلْتَمَسَةٍ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا جَعَلَهَا تَطْهِيرًا لِمَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ : {{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ }} ، وَالْمُنَافِقُونَ لَوْ أُخِذَتْ مِنْهُمْ لَمْ تُطَهِّرْهُمْ ، وَلَمْ تُزَكِّهِمْ ، ثُمَّ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ : ( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَوَاتِكَ سَكَنٌ لَهُمْ ) ، فَكَانَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ الْمُؤْمِنُونَ بِزَكَوَاتِهِمْ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ ، كَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ : بَعَثَنِي أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِصَدَقَتِهِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى . وَهُوَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي عَلَى الْمُنَافِقِينَ ، وَكَانَ فِيمَا ذَكَرْنَا : أَنَّ تَأْوِيلَ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ مِنْ تَأْوِيلِهِمَا إِيَّاهَا عَلَيْهِ أَوْلَى مِمَّا تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ مَنْ سِوَاهُمَا مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ . وَقَدْ كَانَ أَهْلُ اللُّغَةِ يَتَأَوَّلُونَهَا عَلَيْهِ ، كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا وَلَّادٌ النَّحْوِيُّ ، حَدَّثَنَا الْمَصَادِرِيُّ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ : {{ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ }} ، فِي الْجَاهِلِيَّةِ : كُلُّ مَنْفَعَةٍ وَعَطِيَّةٍ ، وَفِي الْإِسْلَامِ : الطَّاعَةُ وَالزَّكَاةُ . قَالَ هِمْيَانُ بْنُ قُحَافَةَ : لَا يَحْرِمُ الْمَاعُونَ مِنْهُ . قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : وَسَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ : لَوْ قَدْ نَزَلْنَا ، لَقَدْ صَنَعْتُ بِنَاقَتِكَ صَنِيعًا تُعْطِيكَ الْمَاعُونَ ، أَيْ : تَنْقَادُ لَكَ . وَكَمَا ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ فِي كِتَابِهِ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ قَالَ : سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ : الْمَاعُونُ : هُوَ الْمَاءُ ، وَأَنْشَدَنِي فِيهِ : يَمُجُّ صَبِيرُهُ الْمَاعُونَ صَبًّا وَالَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْفِقْهِ وَالْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ