حديث رقم: 4387

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ وَرْدَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ : بَلَغَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْوَفْدَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ قَدْ أَقْبَلُوا ، فَخَرَجَ يَسْتَقْبِلُهُمْ ، فَذَكَرَ حَدِيثَهُ بِطُولِهِ إِلَى أَنْ بَلَغَ إِلَى خُرُوجِهِ عَلَى النَّاسِ ، فَقَالَ : أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّى اشْتَرَيْتُ رُومَةَ مِنْ مَالِي بِكَذَا وَكَذَا لِيُسْتَعْذَبَ بِهَا ، فَجَعَلْتُ رِشَائِي فِيهَا كَرِشَاءِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ؟ فَقَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ : فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ مُنِعَ مِنَ الشُّرْبِ مِنْهَا غَيْرِي ، حَتَّى مَا أُفْطِرُ إِلَّا عَلَى مَاءِ الْبَحْرِ ؟ قَالَ : فَسَكَتُوا ، قَالَ : ثُمَّ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ ، فَقَالَ : أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، أَتَعْلَمُونَ أَنِّي اشْتَرَيْتُ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ مَالِي بِكَذَا وَكَذَا ، فَزِدْتُهَا فِي الْمَسْجِدِ ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ ، قَالَ : فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ مُنِعَ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ غَيْرِي ؟ قَالَ : فَسَكَتُوا

حديث رقم: 4388

وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ حَزْنٍ الْقُشَيْرِيِّ قَالَ : شَهِدْتُ الدَّارَ ، وَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : ائْتُونِي بِصَاحِبَيْكُمْ هَذَيْنِ اللَّذَيْنِ أَلَّبَاكُمْ عَلَيَّ قَالَ : فَجِيءَ بِهِمَا ، كَأَنَّهُمَا جَمَلَانِ ، أَوْ كَأَنَّهُمَا حِمَارَانِ ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ ، فَقَالَ : أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ ، هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، وَلَيْسَ فِيهَا مَا يُسْتَعْذَبُ غَيْرُ بِئْرِ رُومَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ ، وَيَكُونُ دَلْوُهُ مَعَ دِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ ، فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْ صُلْبِ مَالِي ؟ ، وَأَنْتُمُ الْيَوْمَ تَمْنَعُونِي أَنْ أَشْرَبَ مِنْهَا ، حَتَّى أَشْرَبَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ ، قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ : أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَالْإِسْلَامِ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ ضَاقَ بِأَهْلِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ يَشْتَرِي بُقْعَةَ آلِ فُلَانٍ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ ؟ ، فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْ مَالِي ، أَوْ قَالَ : مِنْ صُلْبِ مَالِي ، فَزِدْتُهَا فِي الْمَسْجِدِ ؟ ، وَأَنْتُمْ تَمْنَعُونِي أَنْ أُصَلِّيَ فِيهَا رَكْعَتَيْنِ ، قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ ، قَالَ : أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنِّي جَهَّزْتُ جَيْشَ الْعُسْرَةِ مِنْ مَالِي ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ ، قَالَ : أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ عَلَى ثَبِيرِ مَكَّةَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، وَأَنَا ، فَتَحَرَّكَ الْجَبَلُ ، حَتَّى تَسَاقَطَتْ حِجَارَتُهُ بِالْحَضِيضِ ، فَرَكَضَ بِرِجْلِهِ ، وَقَالَ : اسْكُنْ ثَبِيرُ ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيُّ ، وَصِدِّيقٌ ، وَشَهِيدَانِ ؟ ، قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ ، قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، شَهِدُوا لِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ أَنِّي شَهِيدٌ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، شَهِدُوا لِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ أَنِّي شَهِيدٌ ، قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ قَائِلٌ : فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ كَانَ فِي أَيَّامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَبِأَمْرِهِ جَعَلَ رُومَةَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ رِشَاءَهُ فِيهَا كَرِشَاءِ أَحَدِهِمْ ، وَزَادَ فِي الْمَسْجِدِ ، مَا زَادَ عَلَى أَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ كَأَحَدِهِمْ ، فَكَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا ، وَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الصَّدَقَةِ الَّتِي كَانَ تَصَدَّقَ بِهَا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ ، وَقَالَ لَهُ فِيهِ : لَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ ؟ وَرُوِّيتُمْ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي دَابَّةٍ كَانَ تَصَدَّقَ بِهَا ، فَوَلَدَتْ فَلُوًّا ، أَنَّهُ مُنِعَ مِنْ شِرَائِهِ ؟ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ آثَارًا ، سَنَذْكُرُهَا فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي مَوْضِعٍ ، هُوَ أَوْلَى بِهَا مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ : فَكَيْفَ تَقْبَلُونَ مَا رُوِّيتُمُوهُ مِنْ حَدِيثَيْ عُثْمَانَ اللَّذَيْنِ رُوِّيتُمُوهُمَا ، وَفِيهِمَا شُرْبُهُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي تَصَدَّقَ بِهِ ، وَصَلَاتُهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي زَادَهُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ ، وَذَلِكَ انْتِفَاعٌ مِنْهُ بِمَا قَدْ كَانَ تَصَدَّقَ بِهِ مِمَّا يَمْنَعُ مِمَّا فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَمَا فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ اللَّذَيْنِ رُوِّيتُمُوهُمَا ، يَعْنِي اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ ، وَفِي ذَلِكَ تَضَادٌ شَدِيدٌ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ لَا تَضَادَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا تَوَهَّمَ ، لِأَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ عُمَرَ ، مِمَّا أَرَادَ ابْتِيَاعَهُ هُوَ الْفَرَسُ الَّذِي كَانَ تَصَدَّقَ بِهِ ، فَكَانَ ذَلِكَ طَلَبًا مِنْهُ فِي عَوْدِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ إِلَى مِلْكِهِ ، فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ مَا فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ ، فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ ابْتِيَاعِ شَيْءٍ مِنْ نِتَاجِ مَا قَدْ تَصَدَّقَ بِهِ ، وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مِمَّا سَنَجِيءُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَكَانَ النَّهْيُ عَنْ مَا قَدْ نُهِيَ عَنْهُ عُمَرُ ، وَالزُّبَيْرُ هُوَ الْعَوْدُ فِي نَفْسِ الصَّدَقَةِ ، حَتَّى تَعُودَ مَمْلُوكَةً إِلَى الْمُتَصَدِّقِ بِهَا بَعْدَمَا قَدْ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَلَمْ يَصْلُحْ ذَلِكَ لَهُ ، وَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ ، وَكَانَ مَا فِي حَدِيثَيْ عُثْمَانَ لَيْسَ فِيهِ رُجُوعُ شَيْءٍ مِمَّا كَانَ تَصَدَّقَ بِهِ ، فَخَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَرَجَعَ إِلَى مِلْكِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ، إِنَّمَا فِيهِ انْتِفَاعُهُ بِذَلِكَ ، وَمَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ صَدَقَتُهُ ، فَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ ، غَيْرُ رَاجِعٍ إِلَى مِلْكِهِ وَكَانَ تَصْحِيحُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى أَنَّ مَا يَرْجِعُ بِهِ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ ، أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ ، إِلَى مِلْكِ الْمُتَصَدِّقِ ، بِمَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ ، حَتَّى يَعُودَ مِلْكًا لَهُ ، مَكْرُوهٌ لَهُ ، مَمْنُوعٌ مِنْهُ ، وَأَنَّ مَا كَانَ مِنْ مَنَافِعِ ذَلِكَ ، كَشُرْبِ مَائِهٍ ، وَالْمُرُورِ فِيهِ ، وَالصَّلَاةِ فِيهِ ، غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مِلْكًا لِلْمُتَصَدِّقِ بِمَا تَصَدَّقَ بِهِ مِمَّا ذَلِكَ الْجِنْسُ مِنْ مَنَافِعِهِ ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ : أَنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ ، فَلَمْ يَدْخُلْ فِي تَحْرِيمِهِ لَهَا شَرْبُ مَاءِ الصَّدَقَةِ وَأُبِيحَ ذَلِكَ لِلْأَغْنِيَاءِ مِمَّنْ تَصَدَّقَ بِهِ ، وَمِمَّنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَعُدْ إِلَى مِلْكِهِ ، إِنَّمَا عَادَ إِلَى الْمَنْفَعَةِ بِهِ ، وَهُوَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حِينَئِذٍ ، لَا لِمَنُ سِوَاهُ مِنْ خَلْقِهِ مِمَّنْ يَتَصَدَّقُ بِهِ ، وَمَنْ سِوَاهُ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا كَانَ مُبَاحًا لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ صَدَقَتَيْهِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَا ، فَقَدْ بَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ لَا تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ ، وَلَا اخْتِلَافَ ، وَأَنَّ كُلَّ وَجْهٍ مِنْهَا يَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي يَرْجِعُ إِلَيْهِ سِوَاهُ مِنْهَا ، وَأَنَّ الْمُمَيِّزِينَ بَيْنَ ذَلِكَ ، هُمُ الَّذِينَ اخْتَصَّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعِلْمِ ذَلِكَ ، لَا مَنْ سِوَاهُمْ ، مِمَّنْ مَنَعَهُ ذَلِكَ ، وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ