حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ زُهَيْرٍ الْأَزْدِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّهَا اعْتَمَرَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى إِذَا قَدِمَتْ مَكَّةَ ، قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، قَصَرْتَ وَأَتْمَمْتُ ، وَصُمْتُ وَأَفْطَرْتَ ، قَالَ : أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَةُ وَمَا عَابَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَكَانَ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ قَدْ قَصَرَتِ الصَّلَاةَ مَرَّةً وَأَتَمَّتْهَا مَرَّةً ، فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا احْتَجَّ مَنْ أَبَاحَ لِلْمُسَافِرِ إِتْمَامَ الصَّلَاةِ فِي سَفَرِهِ
غَيْرَ أَنَّ ابْنَ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، عَنِ الْفِرْيَابِيِّ ، فَقَالَ فِيهِ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ زُهَيْرٍ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي عُمْرَةِ رَمَضَانَ ، فَأَفْطَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَصُمْتُ ، وَقَصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَتْمَمْتُ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفْطَرْتَ وَصُمْتُ ، وَقَصَرْتَ وَأَتْمَمْتُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ غَيْرَ هَذَا ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ التَّقْصِيرَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَأَنَّ الْإِتْمَامَ كَانَ مِنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَاحْتَجْنَا إِلَى أَنْ نَقِفَ عَلَى سَمَاعِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ عَائِشَةَ إِذْ كَانَ عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى عَائِشَةَ إِنَّمَا هِيَ عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ
فَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ زُهَيْرٍ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ ، قَالَ : كُنْتُ أَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ بِغَيْرِ إِذْنٍ حَتَّى إِذَا احْتَلَمْتُ ، سَلَّمْتُ وَاسْتَأْذَنْتُ ، فَعَرَفَتْ صَوْتِي ، فَقَالَتْ : هِيَ يَا عُدَيَّ نَفْسِهِ فَعَلْتَهَا ؟ قُلْتُ : نَعَمْ يَا أُمَّاهُ ، قَالَتِ : ادْخُلْ يَا بُنَيَّ ، فَأَقْبَلْتُ فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَبِي وَأَصْحَابِهِ ، فَأَخْبَرْتُهَا ، ثُمَّ سَأَلْتُهَا عَمَّا أَرْسَلُونِي بِهِ إِلَيْهَا فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَثْبِيتُ سَمَاعِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ عَائِشَةَ . ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا فِي حَدِيثِهِ هَذَا ، فَوَجَدْنَاهُ بَعِيدًا مِنَ الْقُلُوبِ ، إِذْ كَانَ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مَنْ مَوْضِعِهِ فِي صُحْبَتِهَا وَفِي الْأَخْذِ عَنْهَا ، وَفِي الْفِقْهِ وَالْجَلَّالَةِ وَقَبُولِ الرِّوَايَةِ فَوْقَ مَا لَهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَهُمَا مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ .
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ، حَدَّثَنَا مُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ وَهُوَ ابْنُ أَبِي هِنْدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : أَوَّلُ مَا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ ، صَلَّى إِلَى كُلِّ صَلَاةٍ مِثْلَهَا غَيْرَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ ، وَصَلَاةُ الصُّبْحِ لِطُولِ قِرَاءَتِهَا ، وَكَانَ إِذَا سَافَرَ عَادَ إِلَى صَلَاتِهِ الْأُولَى
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا ، أَخْبَرَهُ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : فُرِضَتِ الصَّلَاةُ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَكَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَانِ ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ ، وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ : فَمَا بَالُ عَائِشَةَ كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ ، قَالَ : إِنَّهَا تَأَوَّلَتْ مَا تَأَوَّلَهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا . فَكَانَ فِيمَا رُوِّينَا عَنْ مَسْرُوقٍ ، وَعَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ مَا قَدْ حَقَّقَ أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَانِ ، كَمَا فَرْضَهَا فِي الْحَضَرِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ ، وَكَانَ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي الْحَضَرِ ثَمَانِيًا غَيْرَ مُحْسِنٍ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ؛ لِأَنَّهُ خَلَطَ فَرْضَهُ فِي صَلَاتِهِ بِغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ مِنْهَا ، فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي سَفَرِهِ أَرْبَعًا كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ خَلَطَ فَرْضَهُ فِي صَلَاتِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْهُ . وَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ الَّذِي قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِيمَنْ صَلَّى صَلَاةً مَكْتُوبَةً ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهَا أَنْ لَا يَفْعَلَ حَتَّى يَقُومَ أَوْ يَتَكَلَّمَ ، فَإِذَا كَانَ هَذَا النَّهْيُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْمُصَلِّي وَقَدْ سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ كَانَ نَهْيُهُ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَلَمْ يُسَلِّمْ مِنْ صَلَاتِهِ أَوْكَدَ ، وَكَانَ فَاعِلُ ذَلِكَ فِي خِلَافِهِ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَكْثَرَ . وَلَعَائِشَةُ كَانَتْ لِعِلْمِهَا وَلِمَعْرِفَتِهَا وَلِمَوْضِعِهَا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالِاقْتِدَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي فِعْلِهِ عَلَى مَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مِثْلُهَا ، وَكَيْفَ وَقَدْ وَافَقَهَا فِيمَا رَوَتْ عَنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي فَرْضِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا أَسَدٌ ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ طَاوُسًا عَنِ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ ، فَقَالَ : وَمَا يَمْنَعُكَ ؟ فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ : أَنَا أُحَدِّثُكَ ، أَنَا سَأَلْتُ طَاوُسًا عَنْ هَذَا ، فَقَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا ، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ . فَكَمَا يُتَطَوَّعُ هَاهُنَا قَبْلَهَا وَمِنْ بَعْدِهَا ، فَكَذَلِكَ يُصَلَّى فِي السَّفَرِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا هَذَا أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَكْعَتَانِ ، وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ مَنَ زَادَ عَلَى فَرْضِهِ فِي صَلَاتِهِ فِي السَّفَرِ ، كَمَنْ زَادَ عَلَى فَرْضِهِ فِي صَلَاتِهِ فِي الْحَضَرِ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مَحْمُودٍ مِنْ فَاعِلِهِ فِي الْحَضَرِ ، كَانَ غَيْرَ مَحْمُودٍ أَيْضًا مِنْ فَاعِلِهِ فِي السَّفَرِ ، فَانْتَفَى بِذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الَّذِي ذَكَرْنَا ، وَثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَدِيثَا مَسْرُوقٍ وَعُرْوَةَ اللَّذَانِ ذَكَرْنَا . وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .