حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ , وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ كَامِلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ : حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي صَفْوَانُ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ وَلَا كَانَ بَعْدَهُ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلَّا وَلَهُ بِطَانَتَانِ : بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ , وَتَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ , وَبِطَانَةٌ لَا تَأْلُوهُ خَبَالًا , فَمَنْ وُقِيَ بِطَانَةَ السُّوءِ فَقَدْ وُقِيَ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ , وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ : بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ , وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ , وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ , وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ , فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ . حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ : قَالَ : يَحْيَى : أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَذَكَرَ مِثْلَهُ . حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ , عَنْ سُلَيْمَانَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ , وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَذَكَرَ مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَا مِنْ نَبِيٍّ وَلَا مِنْ خَلِيفَةٍ , أَوْ قَالَ إِمَامٍ , إِلَّا وَلَهُ بِطَانَتَانِ : بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ , وَبِطَانَةٌ أُخْرَى لَا تَأْلُوهُ خَبَالًا , فَمَنْ وُقِيَ شَرَّ بِطَانَتِهِ الثَّانِيَةِ فَقَدْ وُقِيَ , وَهُوَ مِنَ الَّتِي تَغْلِبُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : هَذَا آخِرُ مَا حَدَّثَ بِهِ بَكَّارٌ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا مِنْ وَالٍ إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ : بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ , وَبِطَانَةٌ لَا تَأْلُوهُ خَبَالًا , فَمَنْ وُقِيَ شَرَّهَا فَقَدْ وُقِيَ , وَهُوَ مِنَ الَّتِي تَغْلِبُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الْآثَارَ لِنَقِفَ عَلَى مَا أُرِيدَ بِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ , فَكَانَ قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ , وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ عَلَى مَا ذُكِرَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ تَيْنِكَ الْبِطَانَتَيْنِ بِمَا ذَكَرَهُمَا بِهِ فِيهِمَا مِنْ حَمْدٍ وَغَيْرِهِ . فَوَجَدْنَا الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى مَا أُرْسِلُوا بِهِ إِلَيْهِمْ , فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِإِتْيَانِهِمْ إِيَّاهُمْ , وَخِلْطَتِهِمْ بِهِمْ حَتَّى يَكُونُوا بِذَلِكَ بَطَائِنَ لَهُمْ , وَتَسْتَعْمِلُ الْأَنْبِيَاءُ فِي ذَلِكَ فِي أُمُورِهِمْ مَا يَقِفُونَ عَلَيْهِ مِنْهَا , فَيَحْمَدُونَ فِي ذَلِكَ مَنْ يَقِفُونَ عَلَى مَنْ يَجِبُ حَمْدُهُ بِظَاهِرِهِ , فَيُقَرِّبُونَهُ مِنْهُمْ , وَيَعُدُّونَهُ مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ , وَيُبَاعِدُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَقِفُونَ مِنْهُ عَلَى مَا لَا يَحْمَدُونَهُ مِنْهُمْ , وَيَعُدُّونَهُ مِنْ أَعْدَائِهِمْ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُبْطِنُ مِمَّنْ يُعَرِّفُونَهُ مِنْ حَمْدٍ وَمِنْ ذَمٍّ , ثُمَّ يُوقِفُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْبِيَاءَهُ عَلَى مَا يُوقِفُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ بَاطِنِهِمْ , كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّنَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : {{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ . . . }} الْآيَةَ . فَهَذِهِ الْبِطَانَةُ الْمَذْمُومَةُ الَّتِي لَا تَأْلُو مَنْ هِيَ مَعَهُ خَبَالًا . وَالْبِطَانَةُ الْأُخْرَى هِيَ الَّتِي يُوقِفُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى ضَدِّهَا , وَعَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ لِنَبِيِّهَا , كَمَا أَوْقَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَا أَوْقَفَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَحْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ تَعْزِيرِهِمْ إِيَّاهُ , وَنُصْرَتِهِمْ لَهُ , وَاتِّبَاعِهِمْ لِمَا يَجِبُ أَنْ يُتَّبَعَ بِهِ , كَمَا قَالَ تَعَالَى : {{ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }} وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي صِفَاتِهِمْ : {{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ }} ثُمَّ وَصَفَهُمْ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِمَا وَصَفَهُمْ حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ الَّتِي أُنْزِلَ ذَلِكَ فِيهَا . فَهَاتَانِ الْبِطَانَتَانِ هُمَا الْبِطَانَتَانِ اللَّتَانِ كَانَتَا مَعَ نَبِيِّنَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَكَذَلِكَ الْبَطَائِنُ اللَّاتِي كُنَّ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَبْلَهُ . ثُمَّ تَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَهُوَ مِنَ الْغَالِبَةِ عَلَيْهِ مِنْهُمَا فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ , مِمَّا يَرْجِعُ إِلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ مِمَّنْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ , لَا إِلَى الْأَنْبِيَاءِ ؛ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مَعْصُومُونَ , لَا يَكُونُونَ مَعَ مَنْ لَا تُحْمَدُ خَلَائِقُهُ وَلَا مَذَاهِبُهُ . فَقَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْتَ وَإِنَّمَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ رُجُوعُ الْكَلَامِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ فِيهَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَلَامٌ عَرَبِيٌّ , خُوطِبَ بِهِ قَوْمٌ عَرَبٌ يَعْقِلُونَ مَا أَرَادَ بِهِ مُخَاطِبُهُمْ , وَالْعَرَبُ قَدْ تُخَاطِبُ بِمِثْلِ هَذَا عَلَى جَمَاعَةٍ ثُمَّ تَرُدُّهُ إِلَى بَعْضِهِمْ دُونَ بَقِيَّتِهِمْ , فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ }} فَكَانَ الْخِطَابَ فِي ذَلِكَ بِذِكْرِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ , وَمَعْقُولٌ أَنَّ الرُّسُلَ مِنَ الْإِنْسِ لَا مِنَ الْجِنِّ , وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ : بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَقَرَأَ آيَةَ الْمُمْتَحِنَةِ وَفِيهَا الشِّرْكُ , وَالسَّرِقَةُ , وَالزِّنَا , وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى : {{ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ }} وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا , إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَفِيهِ : فَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مَنْ عُوقِبَ بِالشِّرْكِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ كَفَّارَةً . وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِنَّمَا هُوَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي فِي الْآيَةِ لَا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي فِيهَا . فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا : وَهُوَ مِنَ الَّتِي تَغْلِبُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا يَرْجِعُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ , لَا عَلَى الْأَنْبِيَاءِ , صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمُ , الَّذِينَ لَا يَكُونُ مِنْهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ . فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ جَمِيعُ مَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ مِنَ الْمَعَانِي الْمُشْكِلَاتِ فِيهَا بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ , وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , وَأَبُو أُمَيَّةَ قَالَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُنَاسَةَ الْأَسَدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَاهْ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ : إِنِّي أُرِيدُ الْجِهَادَ , فَقَالَ : أَحَيٌّ أَبَوَاكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ . وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ , عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ . حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ , وَيَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ , وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ , قَالُوا : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ , عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ , وَكَانَ شَاعِرًا , وَكَانَ مَرْضِيًّا , كَذَا قَالَ وَهْبٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ , مِمَّا حَدَّثَنَاهُ عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِهِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ , وَيَعْقُوبَ , وَوَهْبٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ . حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ , عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي أَبِي الْعَبَّاسِ الشَّاعِرِ صَاحِبِ هَذَا الْحَدِيثِ , فَقَوْمٌ يَقُولُونَ : إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَابَاهْ وَقَوْمٌ يَقُولُونَ : إِنَّهُ السَّائِبُ بْنُ فَرُّوخَ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ : إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَابَاهْ , أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ , وَمَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ ; لِأَنَّ مِسْعَرًا , وَشُعْبَةَ رَوَيَا حَدِيثَهُ الَّذِي فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْهُ , وَكَنَّيَاهُ بِأَبِي الْعَبَّاسِ وَرَوَاهُ الْأَعْمَشُ , عَنْ حَبِيبٍ عَنْهُ , وَذَكَرَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَابَاهْ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَابَاهْ . فَقَالَ قَوْمٌ : وَكَيْفَ يَكُونُ رَجُلٌ فِي سَعَةٍ مِنْ تَرْكِ الْجِهَادِ مَعَ الْإِقْبَالِ عَلَى أَبَوَيْهِ , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا }} , وَلَا يَكُونُ هَذَا الْوَعِيدُ إِلَّا فِي مَفْرُوضٍ , وَقَدْ وَجَدْنَا الْحُجَّةَ الْمَفْرُوضَةَ لَا يَقْطَعُ عَنْهَا لُزُومُ الْأَبَوَيْنِ مَنْ وَجَدَ السَّبِيلَ إِلَيْهَا ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ الَّذِي تَلَاهُ عَلَيْنَا مِنَ الْوَعِيدِ فِي الْجِهَادِ هُوَ عَلَى مَفْرُوضٍ كَمَا ذَكَرَ , غَيْرَ أَنَّهُ فَرْضٌ عَامٌّ يَقُومُ بِهِ الْخَاصُّ عَنْ مَنْ سِوَاهُ مِنْ أَهْلِهِ , كَغَسْلِ مَوْتَانَا , وَكَصَلَاتِنَا عَلَيْهِمْ , وَكَمُوَارَاتِنَا إِيَّاهُمْ فِي قُبُورِهِمْ , كُلُّ ذَلِكَ فَرْضٌ عَلَيْنَا , وَمَنْ قَامَ بِهِ مِنَّا سَقَطَ بِهِ الْفَرْضُ عَنْ بَقِيَّتِنَا , وَلَوْ تَرَكْنَاهُ جَمِيعًا لَكُنَّا مِنْ أَهْلِ الْوَعِيدِ الَّذِي تَلَا عَلَيْنَا , وَكَانَ فَرْضُ الْحَجِّ مِنَ الْفَرْضِ الْعَامِّ الَّذِي لَا يَقُومُ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ بَعْضٍ , فَكَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلَّذِي جَاءَهُ يَسْأَلُهُ عَنِ الْجِهَادِ الَّذِي يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ عَنْهُ أَمْرُهُ إِيَّاهُ بِلُزُومِ أَبَوَيْهِ الَّذِي لَا يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ سَقَطَ الْفَرْضَانِ جَمِيعًا عَنْهُ ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا سَقَطَ بِفِعْلِهِ إِيَّاهُ عَنْهُ , وَسَقَطَ الْآخَرُ عَنْهُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ إِيَّاهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُ , فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَا يَسْقُطُ بِهِ عَنْهُ فَرْضَانِ , وَتَرْكِ مَا إِذَا فَعَلَهُ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضٌ وَاحِدٌ , وَكَذَلِكَ أَمَرَ غَيْرَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الطَّائِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ : أَتَى رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : جِئْتُ أُبَايِعُكَ وَتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ . قَالَ : ارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتُهُمَا . وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ , وَزَادَ : وَأَبَى أَنْ يُبَايِعَهُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي جِئْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا أُبَايِعُكَ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَيْهِمَا فَتُضْحِكَهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَفِي هَذَا شَدٌّ لِمَا قَدْ رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَيْضًا مَا قَدْ أَخْبَرَ فِيهِ أَنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ أَفْضَلُ مِنَ الْجِهَادِ
وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ قَالَ : ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ صَاحِبَ هَذِهِ الدَّارِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - يَقُولُ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ؟ قَالَ : الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا فَقُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ , ثُمَّ قُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي . وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ , عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ , يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : الصَّلَاةُ عَلَى مِيقَاتِهَا قُلْتُ : ثُمَّ مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قُلْتُ : ثُمَّ مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : أَنْ يَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِكَ وَسَكَتَ , وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : أَفَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ أَفْضَلُ مِنَ الْجِهَادِ ؟ فَذَلِكَ أَيْضًا يُؤَكِّدُ مَا قَدْ رَوَيْنَا فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ , وَيُؤَيِّدُ مَا حَمَلْنَاهَا عَلَيْهِ عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي حَمَلْنَاهَا عَلَيْهَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهَا , غَيْرَ أَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ عَلَى مُوَافَقَةِ بَعْضِهَا بَعْضًا , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي , عَنْ ثُمَامَةَ , عَنْ أَنَسٍ , أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي الصَّدَقَةِ , وَكَتَبَ لَهُ فِيهَا : إِنَّهَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى خَلْقِهِ , فَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا تُعْطِهِ : أَنْ لَا يُؤْخَذَ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ , وَلَا تَيْسٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدِّقُ . وَهَكَذَا حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بِالْكَسْرِ , يَعْنِي بِهِ الْوَالِيَ عَلَى الصَّدَقَةِ . وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ , عَنْ أَبِي عُمَرَ الضَّرِيرِ , عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ , أَنَّ ثُمَامَةَ أَرْسَلَهُ بِذَلِكَ الْكِتَابِ إِلَى ثَابِتٍ . وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ , عَنْ أَسَدٍ , عَنْ حَمَّادٍ , كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَكَرَ هَذَا الْحَرْفَ بِالْكَسْرِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَجَازَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ : الْمُحَدِّثُونَ يَقُولُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدِّقُ بِالْكَسْرِ وَأَنَا أَرَاهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدَّقُ بِالْفَتْحِ , يَعْنَى رَبَّ الْمَالِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهُوَ عِنْدِي كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ؛ لِأَنَّ التَّيْسَ إِنْ كَانَ مُجَاوِزًا لِلسِّنِّ الْوَاجِبِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِيمَا يُوجَبُ فِي مَالِهِ , كَانَ حَرَامًا عَلَى الْمُصَدِّقِ أَخْذُهُ , لِمَا فِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاجِبِ عَلَى رَبِّهِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ , وَإِنْ كَانَ دُونَ الْوَاجِبِ عَلَى رَبِّهِ , كَانَ حَرَامًا عَلَى الْمُصَدِّقِ أَخْذُهُ مِنْ رَبِّهِ بِمَا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ مِمَّا هُوَ فَوْقَهُ , وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ فِي الْقِيمَةِ فَهُوَ خِلَافُ النَّوْعِ الَّذِي أُمِرَ بِأَخْذِهِ ؛ لِوُجُوبِهِ عَلَى رَبِّهِ , فَحَرَامٌ عَلَيْهِ أَخْذُهُ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِ رَبِّهِ , فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَدِّقَ لَمْ يُرَدْ بِمَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , وَأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا ذُكِرَ فِيهِ رَبُّ الْمَالِ لَا الْمُصَدِّقُ , فَيَكُونُ إِلَيْهِ الْخِيَارُ فِي أَنْ يُعْطِيَ فَوْقَ مَا عَلَيْهِ أَوْ مِثْلَ مَا عَلَيْهِ , مِنْ خِلَافِ نَوْعِ مَا هُوَ عَلَيْهِ , وَيَكُونُ لِلْمُصَدِّقِ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْهُ , إِنْ رَأَى ذَلِكَ حَظًّا لِمَا يَتَوَلَّاهُ مِنَ الصَّدَقَةِ . وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَلَكَ أَبٌ أَوْ أُمٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِيهِ طَلْحَةَ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ . وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ , ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَا : إِنَّ جَاهِمَةَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ , وَقَدْ جِئْتُكَ أَسْتَشِيرُكَ , فَقَالَ : هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَالزَمْهَا , فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلِهَا ثُمَّ الثَّانِيَةُ , ثُمَّ الثَّالِثَةُ فِي مَقَاعِدَ شَتَّى مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ . وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ , وَحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِيمَا رَوَيْنَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الرَّجُلَ بِلُزُومِ أَحَدِ وَالِدَيْهِ لِبِرِّهِ إِيَّاهُ , وَأَنَّهُ أَفْضَلُ لَهُ مِنَ الْجِهَادِ , وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ أَحَدَهُمَا فِي ذَلِكَ كَهُمَا فِيهِ , وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِهَذَا الْمَعْنَى فِيهِمَا , وَفِيمَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ فِي الْأُمِّ كَهُوَ فِيهِمَا , وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَهُوَ فِيهِمَا جَمِيعًا ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لِسَائِلِهِ فِيهِ : أَلَكَ أَبٌ أَوْ أُمٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُومُ فِي ذَلِكَ مَقَامَهُمَا جَمِيعًا فِيهِ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ , عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : {{ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }} قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ إِنْ تَوَلَّيْنَا اسْتُبْدِلُوا بِنَا وَلَا يَكُونُوا أَمْثَالَنَا ؟ فَضَرَبَ عَلَى فَخِذِ سَلْمَانَ وَقَالَ : هَذَا وَقَوْمُهُ وَلَوْ كَانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنَ الْفُرْسِ
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : {{ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ }} قَالُوا : مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : وَسَلْمَانُ إِلَى جَنْبِهِ , قَالَ : هُمُ الْفُرْسُ هَذَا وَقَوْمُهُ
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ : قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَدِيثِ فَهْدٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ إِنْ تَوَلَّيْنَا اسْتُبْدِلُوا , ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَنَا ؟ قَالَ : وَكَانَ سَلْمَانُ إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَخِذَ سَلْمَانَ , وَقَالَ : هَذَا وَقَوْمُهُ , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ فَارِسَ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَالَّذِي حَمَلَنَا عَلَى أَنْ أَتَيْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ فَاسِدَ الْإِسْنَادِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الَّذِي رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْهُ وَهُوَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْمَدِينِيِّ لِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى تَرْكِ رِوَايَتِهِ ؛ خَوْفًا أَنْ يُخْرِجَهُ رَجُلٌ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ , فَيَعُودُ الْحَدِيثُ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ , عَنِ الْعَلَاءِ لِأَنَّهُ أَحَدُ الرُّوَاةِ عَنْهُ , وَمَعَ إِسْمَاعِيلَ مِنَ الْجَلَالَةِ وَالتَّقَدُّمِ فِي الْعِلْمِ , وَالتَّثَبُّتِ مِنَ الرِّوَايَةِ مَا مَعَهُ فِي ذَلِكَ , فَيَعُدُّنَا مَنْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ تَارِكِينَ لِحَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ لَا يَحْسُنُ مِنْ مِثْلِنَا تَرْكُهُ عَنْهُ , فَذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ لِذَلِكَ . ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَعْنَى مَا فِيهِ فَوَجَدْنَاهُ وَعِيدًا شَدِيدًا لِلْمَذْكُورِينَ فِيهِ إِنْ تَوَلَّوْا , مِنَ اسْتِبْدَالِ غَيْرِهِمْ بِهِمْ مِمَّنْ لَا يَكُونُونَ أَمْثَالَهُمْ فِيهِ , فَوَجَدْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هُمُ الْمُخَاطَبُونَ بِذَلِكَ إِنْ تَوَلَّوْا , فَلَمْ يَتَوَلَّوْا بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ فَيَسْتَحِقُّوا ذَلِكَ الْوَعِيدَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . وَوَجَدْنَا الْوَعِيدَ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ إِلَى مَنْ يُرَادُ بِهِ غَيْرُهُ , وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : {{ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }} وَذَلِكَ مِمَّا عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ تَوَلَّاهُ وَأَعْصَمَهُ , وَأَعَدَّ لَهُ رِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ , وَكَانَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْوَعِيدِ غَيْرَهُ , بِمَعْنَى أَيْ : لَمَّا كَانَتْ مَنْزِلَتُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ , وَكَانَ إِنْ أَشْرَكَ لَحِقَهُ الْوَعِيدُ الَّذِي فِي هَذِهِ الْآيَةِ , وَالشِّرْكُ لَا يَكُونُ مِنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , كَانَ مَنْ قَدْ يَكُونُ الشِّرْكُ إِذَا أَشْرَكَ بِذَلِكَ الْوَعِيدِ أَوْلَى , وَبِوُقُوعِهِ بِهِ أَحْرَى . وَمِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : {{ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ }} قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : الْوَتِينُ : نِيَاطُ الْقَلْبِ , ثُمَّ قَدْ عَلِمَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مِنْهُ , فَأَعْلَمَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مِنْهُ حَلَّ لَهُ هَذَا الْوَعِيدُ , لِيَعْلَمُوا أَنَّهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ , وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ مُوهَمٌ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ , إِنْ لَمْ يَعْصِمْهُ عَنْهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ , أَنَّهُمْ بِحُلُولِ ذَلِكَ الْوَعِيدِ بِهِمْ إِذَا كَانَ مِنْهُمْ أَوْلَى , وَبِوُقُوعِهِ بِهِمْ أَحْرَى , فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ لَهُمْ : {{ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ }} وَهُمْ خِيرَتُهُ لِنَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَقَدْ أَعَدَّ لَهُمْ مَا أَعَدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ , مِنْ كَرَامَتِهِ وَرِضْوَانِهِ بِمَا لَا يَكُونُ مِنْهُمْ مَعَهُ فِي الدُّنْيَا التَّوَلِّي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , كَانَ ذَلِكَ الْوَعِيدُ لِسِوَاهُمْ مِمَّنْ قَدْ يَجُوزُ تَوَلِّيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَيَكُونُ بِتَوَلِّيهِ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْوَعِيدِ , وَيَكُونُ حَرِيًّا بِوُقُوعِهِ بِهِ , وَاللَّهَ تَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ