حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ح وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , قَالَا : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ : قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَتُحْسِنُ السُّرْيَانِيَّةَ ؟ إِنَّهُ لَيَأْتِينِي كُتُبٌ قَالَ : قُلْتُ : لَا . قَالَ : فَتَعَلَّمْهَا قَالَ : فَتَعَلَّمْتُهَا فِي سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ أَتَعَلَّمَ لَهُ كِتَابَ يَهُودَ فَمَا مَرَّ بِي نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى تَعَلَّمْتُ , وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنِّي مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي فَلَمَّا تَعَلَّمْتُ لَهُ كُنْتُ أَكْتُبُ إِلَى يَهُودَ إِذَا كَتَبَ إِلَيْهِمْ , وَإِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ قَرَأْتُ لَهُ كِتَابَهُمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا مَا كَانَ يَرِدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ كُتُبِ يَهُودَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ إِنَّمَا كَانَ يَقْرَؤُهُ لَهُ الْيَهُودُ الَّذِينَ كَانُوا يَحْضُرُونَهُ , وَهُمْ غَيْرُ مَأْمُونِينَ عَلَى كِتْمَانِهِ بَعْضَ مَا فِيهِ , وَغَيْرُ مَأْمُونِينَ عَلَى تَحْرِيفِ مَا فِيهِ إِلَى مَا يُرِيدُونَ , وَكَانَ مَا يَنْفُذُ مِنْ كُتُبِهِ إِلَى الْيَهُودِ جَوَابًا لِكُتُبِهِمْ لَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَتَحْتَاجُ الْيَهُودُ الْوَارِدَةُ عَلَيْهِمْ إِلَى مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ لِيَقْرَأَهُ عَلَيْهِمْ ؛ إِذْ كَانُوا لَا يُحْسِنُونَ الْعَرَبِيَّةَ , فَلَعَلَّهُ أَنْ يُحَرِّفَ مَا فِي كُتُبِهِ إِلَيْهِمْ إِلَى مَا يُرِيدُ , لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا لَا خَفَاءَ بِهِ , وَفِي قُلُوبِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ مَا فِيهَا , فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ زَيْدًا أَنْ يَتَعَلَّمَ لَهُ السُّرْيَانِيَّةَ لَيَقْرَأَ كُتُبَهُمْ إِذَا وَرَدَتْ عَلَيْهِ قِرَاءَةً , فَيَأْمَنَ بِهَا كِتْمَانَ مَا فِيهَا , وَيَأْمَنَ بِهَا تَحْرِيفَ مَا فِيهَا , وَيَكُونَ كِتَابُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا وَرَدَ عَلَى الْيَهُودِ وَرَدَ عَلَيْهِمْ كِتَابٌ يَقْرَؤُهُ عَامَّتُهُمْ , يَأْمَنُ فِيهِ مِنْ كِتْمَانِ بَعْضِ مَا فِيهِ , وَمِنْ تَحْرِيفِ مَا فِيهِ إِلَى غَيْرِ مَا كَتَبَ بِهِ , فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ , وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ يَسْلُكُونَ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ . فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا النُّصْرَةَ سُمِّيَ أَهْلُهَا بِهَا لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إِيَّاهَا بِنَصْرِهِمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ , وَبِقِتَالِهِمْ عَنِ الدِّينَ الَّذِي قَاتَلُوا عَلَيْهِ حَتَّى بَلَغُوا مِنْهُ مَا بَلَغُوا , وَكَانَتِ الْهِجْرَةُ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ اسْتَحَقَّهَا أَهْلُهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ , وَبِهَجْرَتِهِمْ دَارَهُمُ الَّتِي كَانُوا مِنْ أَهْلِهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى الدَّارِ الَّتِي اخْتَارَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَلَهُمْ , فَجَعَلَهَا لِرَسُولِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَوْطِنًا , وَلَهُمْ مَنَازِلَ , وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَوْلَى الْفَرِيقَيْنِ بِالسَّبَبَيْنِ جَمِيعًا , وَأَعْلَاهُمْ فِيهَا مَنْزِلَةً , وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُخَيِّرُ مَنْ جَمَعَهُمَا مَعَهُ بَيْنَهُمَا لِيَخْتَارَ إِحْدَاهُمَا فَيَجْعَلُهُ مِنْ أَهْلِهَا , وَيَكْتَفِي بِهَا مِنَ الْأُخْرَى , وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَّا وَالْمُخَيَّرُ مِنْهُمَا فِيهِ الْمَعْنَى الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , فَمِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ جَنَّادٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ : خَيَّرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْنَ الْهِجْرَةِ وَالنُّصْرَةِ فَاخْتَرْتُ النُّصْرَةَ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَوِ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ النُّصْرَةَ وَتَرَكَ الْهِجْرَةَ صَارَ النَّاسُ جَمِيعًا أَنْصَارًا , وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مُهَاجِرًا , فَلَمْ يَجْعَلْ نَفْسَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ لِتَبْقَى الْهِجْرَةُ وَلِتَبْقَى النُّصْرَةُ جَمِيعًا وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ : أَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةً مَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَّا الْمَسْأَلَةُ , فَإِنَّ أَحَدَنَا كَانَ إِذَا هَاجَرَ لَمْ يَسْأَلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ . وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَسْتَحِقُّ الْهِجْرَةَ . وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ اخْتَارَ النُّصْرَةَ عَلَى الْهِجْرَةِ , وَكَذَلِكَ نَسَبَهُ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ , وَفَهْدٌ , جَمِيعًا قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ , حَدَّثَهُ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالنَّوَّاسُ فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِلَابٍ وَدَخَلَ فِي الْأَنْصَارِ بِالنُّصْرَةِ , وَكَذَلِكَ حُذَيْفَةُ هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْسٍ وَدَخَلَ فِي الْأَنْصَارِ بِالنُّصْرَةِ . فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ فِي مَنْ يُعَدُّ مِنَ الْأَنْصَارِ مَنْ لَيْسَ مِنَ الْأَوْسِ وَلَا مِنَ الْخَزْرَجِ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَتِ امْرَأَةُ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ , وَيُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ , وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , وَصَفْوَانُ عِنْدَهُ , قَالَ : فَقَالَ صَفْوَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَمَّا قَوْلُهَا : يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ , فَإِنَّهَا تَقُومُ بِسُورَتِي الَّتِي أَقْرَأُ بِهَا , فَتَقْرَأُ بِهَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَوْ كَانَتْ سُورَةً وَاحِدَةً لَكَفَتِ النَّاسَ . وَأَمَّا قَوْلُهَا : يُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ , فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ فَتَصُومُ , وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ : لَا تَصُومَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَأَمَّا قَوْلُهَا : لَا أُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ , لَا نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ تَشَكِّي امْرَأَةِ صَفْوَانَ , صَفْوَانَ أَنَّهُ يَضْرِبُهَا إِذَا صَلَّتْ , وَإِخْبَارِ صَفْوَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا تَقُومُ بِسُورَتِهِ الَّتِي يَقْرَأُ بِهَا , وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَهُ فِي ذَلِكَ : لَوْ كَانَتْ سُورَةً وَاحِدَةً لَكَفَتِ النَّاسَ فَوَجَدْنَا ذَلِكَ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ ظَنَّ أَنَّهَا إِذَا قَرَأَتْ سُورَتَهُ الَّتِي يَقُومُ بِهَا أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُمَا بِقِرَاءَتِهِمَا إِيَّاهَا جَمِيعًا إِلَّا ثَوَابًا وَاحِدًا , مُلْتَمِسًا أَنْ تَكُونَ تَقْرَأُ غَيْرَ مَا يَقْرَأُ , فَيَحْصُلَ لَهُمَا ثَوَابَانِ , فَأَعْلَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ لَهُمَا بِهِ ثَوَابَانِ ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِيَّاهَا غَيْرُ قِرَاءَةِ الْآخَرِ إِيَّاهَا . وَتَأَمَّلْنَا قَوْلَهَا لَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنَ الصِّيَامِ وَمَا اعْتَذَرَ بِهِ صَفْوَانُ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ , وَنَهْيَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ تَصُومَ امْرَأَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا . فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لِمَنْعِهَا إِيَّاهُ مِنْ نَفْسِهَا بِصَوْمِهَا , وَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَيْهَا لِغَيْبَتِهِ عَنْهَا , أَوْ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يَقْطَعُهُ عَنْهَا , أَنَّهُ لَا بَأْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ , وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي ذَلِكَ , وَقَدْ وَجَدْنَا هَذَا الْمَعْنَى مَكْشُوفًا فِي حَدِيثٍ آخَرَ
وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا تَصُومُ امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ . فَتَأَمَّلْنَا مَعَ ذَلِكَ مُوسَى بْنَ أَبِي عُثْمَانَ هَذَا : مَنْ هُوَ ؟ وَمَنْ أَبُوهُ الَّذِي حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ ؟ فَوَجَدْنَا الْبُخَارِيَّ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ يُعْرَفُ بِالتَّبَّانِ وَأَنَّهُ مَوْلًى لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَعَرَفْنَا بِذَلِكَ مَنْ هُوَ . وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا يَحْيَى , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ , قَالَا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ , وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ يَعْنِي ابْنَ مَيْمُونٍ الرَّقِّيَّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَمْزَةَ , عَنْ أَبِي الزِّنَادِ , عَنِ الْأَعْرَجِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ . قَالَ فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لَهَا عَنِ الصِّيَامِ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَ حَاجَةِ زَوْجِهَا إِلَيْهَا لِمَا يَمْنَعُ مِنْهُ الصِّيَامُ , لَا لِمَا سِوَى ذَلِكَ , وَتَأَمَّلْنَا قَوْلَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ فَوَجَدْنَا ذَلِكَ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ عَلَى الصَّلَاةُ عِنْدَ اسْتِيقَاظِهِ مِنَ النَّوْمِ , وَإِنْ كَانَتِ الشَّمْسُ لَمْ تَرْتَفِعْ , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَ هَذَا حُجَّةً لِمَنْ يَقُولُ : إِنَّهُ جَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ مِنَ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ ذَلِكَ . غَيْرَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا نَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّى خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَى انْتِشَارِ الشَّمْسِ وَبَيَاضِهَا . وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ , وَكَانَ مَعْقُولًا مِنْ قَوْلِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فَإِذَا اسْتَيْقَظْتُ فَصَلِّ أَيْ : فَصَلِّ كَمَا يَجِبُ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُصَلِّي فِيهَا لَا فِيمَا سِوَاهَا , أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يُطْلِقْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا يَسْتَيْقِظُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ , وَلَا وَهُوَ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ , وَإِنَّمَا أَطْلَقَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي يُصَلِّي عَلَيْهَا , مِنَ الطَّهَارَةِ , وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ , وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ , وَفِي الْأَوْقَاتِ الْمُطْلَقِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا , لَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَحْظُورِ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا , وَخِطَابُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ فَكَانَ لِصَفْوَانَ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ , فَفِيهِ تَعَلُّمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ , وَعَسَاهُ قَدْ كَانَ مَعَهُ فِي سَفَرهِ الَّذِي نَامَ فِيهِ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ , فَعَلِمَ مَا كَانَ مِنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ , وَاكْتَفَى بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ إِعَادَتِهِ عَلَيْهِ , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ , عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ , عَنْ أَنَسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : رَأَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَجُلًا قَدْ صَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ , فَقَالَ : هَلْ كُنْتَ تَدْعُو اللَّهَ بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , كُنْتُ أَقُولُ : اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا , فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ , لَا تَسْتَطِيعُهُ وَلَا تُطِيقُهُ , فَهَلَّا قُلْتَ : رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً , وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً , وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ , عَنْ ثَابِتٍ , عَنْ أَنَسٍ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ . فَقَالَ قَائِلٌ : كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَنْتُمْ قَدْ رَوَيْتُمْ عَنْهُ ؟
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ , وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ الْكِنْدِيِّ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ خَيْرًا عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا , وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ شَرًّا أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . قَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ , فَلِمَ لَحِقَ اللَّوْمُ مَنْ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا لِيَسْلَمَ مِنْهَا فِي الْآخِرَةِ ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ الَّذِي ذَكَرَ مِنَ الْحَدِيثِ الثَّانِي كَمَا ذَكَرَ , وَالَّذِي فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِذَلِكَ , غَيْرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ اخْتَارَ لِأُمَّتِهِ إِشْفَاقًا عَلَيْهِمْ , وَرَحْمَةً لَهُمْ , وَرَأْفَةً بِهِمْ , أَنْ يَدْعُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِالْمُعَافَاةِ فِي الدُّنْيَا مِمَّا مِثْلُ ذَلِكَ الرَّجُلِ فِيهِ , وَأَنْ يُؤْتِيَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مَا يُؤَمِّنُهُمْ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ , وَهَذِهِ الْحَالُ فَهِيَ أَعْلَى الْأَحْوَالِ كُلِّهَا , فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ أَنْ لَا تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ , وَلَا اخْتِلَافَ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ , عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَخْبَرَنِي رَجُلٌ , مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : يُوشِكُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الدُّنْيَا لُكَعُ بْنُ لُكَعِ بْنِ لُكَعٍ , وَأَفْضَلُ النَّاسِ مُؤْمِنٌ بَيْنَ كَرِيمَيْنِ . وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ , وَهَارُونُ بْنُ كَامِلٍ قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ : حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ , أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ . فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا قَوْلَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يُوشِكُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الدُّنْيَا لُكَعُ بْنُ لُكَعٍ لَا اخْتِلَافَ فِي تَأْوِيلِهِ عِنْدَ الْعَرَبِ أَنَّهُ الْعَبْدُ أَوِ اللَّئِيمُ , وَتَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَأَفْضَلُ النَّاسِ مُؤْمِنٌ بَيْنَ كَرِيمَيْنِ فَأَحْسَنُ مَا حَضَرَنَا فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مُؤْمِنٌ بَيْنَ كَرِيمَيْنِ , أَيْ : مُؤْمِنٌ بَيْنَ أَبٍ مُؤْمِنٍ هُوَ أَصْلُهُ , وَابْنٍ مُؤْمِنٍ هُوَ فَرْعُهُ , فَيَكُونُ لَهُ مِنَ الْإِيمَانِ مَوْضِعُهُ مِنْهُ بِإِيمَانِ نَفْسِهِ , وَلَهُ مَوْضِعُهُ مِنْهُ بِإِيمَانِ ابْنِهِ الَّذِي كَانَ دُونَهُ رَفَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مَنْزِلَتِهِ , لِيُقِرَّ بِهِ عَيْنَهُ كَمِثْلِ مَا قَدْ رَوَيْنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , وَمِمَّا قَدْ رَفَعَهُ بَعْضُهُمْ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا : إِنَّ اللَّهَ لَيَرْفَعُ ذُرِّيَّةَ الْمُؤْمِنِ إِلَى مَنْزِلَتِهِ وَإِنْ كَانُوا دُونَهُ فِي الْعَمَلِ , وَقَرَأَ : {{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ }} وَيَكُونُ لَهُ مَوْضِعُهُ أَيْضًا بِإِيمَانِ أَبِيهِ . وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ فَقَدِ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ : مِنْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ , أَوْ مِنْ عِلْمٍ بَثَّهُ , أَوْ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ وَمَنْ جَمَعَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ أَشْيَاءَ فَقَدْ جَمَعَ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اجْتَمَعَ لَهُ بِهِ خَيْرُ الدُّنْيَا وَخَيْرُ الْآخِرَةِ , وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا فِي هَذَا تَأْوِيلَ الْكَرَمِ أَنَّهُ التَّقْوَى ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ : {{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }} ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ قَالَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ , وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ , قَالَا : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ التَّمِيمِيُّ الْكُوفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ عَيَّاشٍ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ أَكْرَمِ النَّاسِ , قَالَ : أَتْقَاهُمْ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ , فَقَالَ : يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ نَبِيٌّ ابْنُ نَبِيٍّ ابْنِ نَبِيٍّ ابْنِ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ فَقَالُوا : لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ , قَالَ : فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي ؟ قَالُوا : نَعَمْ , قَالَ : خَيْرُ النَّاسِ خَيْرُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا . وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ . وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ رَأْيًا , وَإِنَّمَا قَالَهُ لِأَخْذِهِ إِيَّاهُ عَنْ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ , أَنَّ أَسْمَاءَ بْنَ خَارِجَةَ سَابَّ رَجُلًا , فَقَالَ : أَنَا ابْنُ الْأَشْيَاخِ الْكِرَامِ , فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : الْأَشْيَاخُ الْكِرَامُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ صَفِيِّ اللَّهِ ابْنِ إِسْحَاقَ ذَبِيحِ اللَّهِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَرَدَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ , وَرَسُولُهُ فِي سُنَّتِهِ الْكَرَمَ إِلَى التَّقْوَى , وَإِلَى الْمَنَازِلِ الرَّفِيعَةِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا إِلَى مَا سِوَى ذَلِكَ , فَكَانَ بِذَلِكَ الْأَقْوَى فِي قُلُوبِنَا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَا عَلَى مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ وَرَسُولُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ , وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَرَّانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِسُحَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ فُلَانًا يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ , فَإِذَا أَصْبَحَ سَرَقَ . فَقَالَ : سَيَنْهَاهُ مَا تَقُولُ . فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا اللَّهَ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ : {{ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ }} أَيْ : أَنَّهَا تَنْهَى عَنْ أَضْدَادِهَا إِذْ كَانَ أَهْلُهَا يَأْتُونَهَا عَلَى الْأَحْوَالِ الَّتِي أُمِرُوا أَنْ يَأْتُوا بِهَا عَلَيْهَا , مِنَ الطَّهَارَةِ لَهَا , وَمِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ عِنْدَهَا , وَمِنَ الْخُشُوعِ لَهَا , وَتَوْفِيَتِهَا مَا يَجِبُ أَنْ تُوَفَّاهُ , وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَعَدَ أَهْلَهَا بِمَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا , فَكَانَتِ السَّرِقَةُ ضِدًّا لَهَا , وَهِيَ تَنْهَى عَنْ أَضْدَادِهَا , وَيَرُدُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَهْلَهَا إِلَيْهَا , وَيَنْفِي عَنْهُمْ أَضْدَادَهَا حَتَّى يُوَفِّيَهُمْ ثَوَابَهَا , وَحَتَّى يُنْزِلَهُمُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي يُنْزِلُهَا أَهْلَهَا . وَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمَنِّهِ وَلُطْفِهِ وَسِعَةِ رَحْمَتِهِ يُبَرِّئُ ذَلِكَ السَّارِقَ مِمَّا كَانَ سَرَقَ , وَيَرُدُّهُ إِلَى أَهْلِهِ حَتَّى يَلْقَاهُ يَوْمَ يَلْقَاهُ , لَا تَبِعَةَ قَبْلَهُ تَمْنَعُهُ مِنْ دُخُولِ جَنَّتِهِ بِمَنِّهِ وَقُدْرَتِهِ , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ , وَأَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَنْزِلَةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا أَهْلَ الصَّلَاةِ الْمَقْبُولَةِ , وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النبي وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .