حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالسَّقَلِّيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ الدَّارِمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ , عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مَطَرَتِ السَّمَاءُ بَرَدًا , فَقَالَ لَنَا أَبُو طَلْحَةَ : نَاوِلُونِي مِنْ هَذَا الْبَرَدِ , فَجَعَلَ يَأْكُلُ وَهُوَ صَائِمٌ , وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ , فَقُلْتُ : أَتَأْكُلُ الْبَرَدَ وَأَنْتَ صَائِمٌ ؟ فَقَالَ : إِنَّمَا هُوَ بَرَدٌ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ نُطَهِّرُ بِهِ بُطُونَنَا , وَإِنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ وَلَا بِشَرَابٍ , فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ ذَلِكَ فَقَالَ : خُذْهَا عَنْ عَمِّكَ . فَقَالَ قَائِلٌ : كَيْفَ جَازَ لَكُمْ أَنْ تَقْبَلُوا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَالْقُرْآنُ يُخَالِفُهُ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ : {{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ }} فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الصِّيَامَ لَا أَكْلَ فِيهِ وَلَا شُرْبَ , وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ يَأْكُلُ الْبَرَدَ وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ , وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَ أَنَسًا أَنْ يَأْخُذَهَا عَنْ عَمِّهِ , يَعْنِي أَبَا طَلْحَةَ ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ : أَنَّا مَا قَبِلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ إِذْ كَانَ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الثَّبَتِ فِي الرِّوَايَةِ , وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ مَنْ هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ , فَلَمْ يَرْفَعْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَهُوَ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ السَّدُوسِيُّ , وَثَابِتُ بْنُ أَسْلَمَ الْبُنَانِيُّ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُجَّةٌ عَلَى عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ فِي خِلَافِهِ إِيَّاهُ , فَكَيْفَ بِهِمَا جَمِيعًا فِي خِلَافِهِمَا إِيَّاهُ ؟ وَالَّذِي رُوِيَ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ مِمَّا رَوَيَا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَيْهِ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ , عَنْ أَخِيهِ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ : كَانَ يَأْكُلُ الْبَرَدَ وَهُوَ صَائِمٌ وَيَقُولُ : لَيْسَ هُوَ بِطَعَامٍ وَلَا بِشَرَابٍ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ , عَنْ ثَابِتٍ , عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَأْكُلُ الْبَرَدَ وَهُوَ صَائِمٌ , فَإِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ : بَرَكَةٌ عَلَى بَرَكَةٍ فِي التَّطَوُّعِ . قَالَ : فَاتَّفَقَا بِمَا ذَكَرْنَا أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَبُو طَلْحَةَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَلَمَّا نَزَلَتْ صَارَ إِلَى مَا فِيهَا وَتَرَكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِمَّا يُخَالِفُهُ . فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ : أَفَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْفِعْلُ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَيَخْفَى ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ : أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ مِنْ فِعْلِهِ , فَيُعَلِّمُهُ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِيهِ , وَقَدْ كَانَ مِثْلُ هَذَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا ذَكَرَهُ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيُّ , لَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُحْتَجًّا بِهِ عَلَيْهِ فِيمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ , فَكَشَفَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ ذَلِكَ : أَذَكَرْتُمُوهُ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَقَرَّكُمْ عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ : لَا , فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ عُمَرُ حُجَّةً
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ . وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : ثنا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ الرَّقَّامُ قَالَ : ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ مَعْمَرِ بْنِ أَبِي حَبِيبِةَ , عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةِ بْنِ رَافِعٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : إِنِّي لَجَالِسٌ عَنْ يَمِينِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يُفْتِي النَّاسَ بِالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ بِرَأْيِهِ , فَقَالَ عُمَرُ : اعْجَلْ عَلَيَّ بِهِ فَجَاءَ زَيْدٌ فَقَالَ عُمَرُ : قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ أَنْ تُفْتِيَ النَّاسَ بِالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِرَأْيِكَ ؟ فَقَالَ زَيْدٌ : وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَفْتَيْتُ بِرَأْيِي , وَلَكِنْ سَمِعْتُ مِنْ أَعْمَامِي شَيْئًا فَقُلْتُ بِهِ , فَقَالَ : مِنْ أَيِّ أَعْمَامِكَ ؟ فَقَالَ : مِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , وَأَبِي أَيُّوبَ , وَرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ , فَالْتَفَتَ إِلَيَّ عُمَرُ فَقَالَ : مَا يَقُولُ هَذَا الْفَتَى ؟ فَقُلْتُ : إِنَّا كُنَّا لَنَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثُمَّ لَا نَغْتَسِلُ , فَقَالَ : أَفَسَأَلْتُمُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : لَا , ثُمَّ قَالَ عُمَرُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ : لَئِنْ أُخْبِرْتُ بِأَحَدٍ يَفْعَلُهُ ثُمَّ لَا يَغْتَسِلُ لَأَنْهَكَنَّهُ عُقُوبَةً . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : أَفَلَا تَرَى أَنَّ هَذَا فِيمَا أَخْبَرَ رِفَاعَةُ كَانَ مَفْعُولًا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , ثُمَّ لَا يَغْتَسِلُ فَاعِلُوهُ , وَأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَرَ ذَلِكَ حُجَّةً , وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ , بَلْ قَدْ رَفَعَهُ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْمَلَ بِضِدِّهِ , إِذْ كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ مِنْ فَاعِلِيهِ فَيُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ , فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ وَثَابِتٍ لَمَّا لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَيَحْمَدُهُ مِنْهُ أَوْ يَذُمُّهُ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ , وَكَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا مِمَّا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ , وَاللَّهَ تَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ