حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ وَحُدَيْجٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنِ الْمُخَارِقِ قَالَ : خَرَجْنَا حُجَّاجًا ، فَمَرَرْنَا بِالرَّبَذَةِ ، فَوَجَدْنَا أَبَا ذَرٍّ قَائِمًا يُصَلِّي ، فَرَأَيْتُهُ لَا يُطِيلُ الْقِيَامَ ، وَيُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ ، فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ : مَا أَلَوْتُ أَنْ أُحْسِنَ ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ رَكَعَ رَكْعَةً ، وَسَجَدَ سَجْدَةً ، رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً , وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ كَثْرَةَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا : طُولُ الْقِيَامِ فِي ذَلِكَ أَفْضَلُ . وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ , مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : طُولُ الْقُنُوتِ وَفِي بَعْضِ مَا رَوَيْنَاهُ فِي ذَلِكَ طُولُ الْقِيَامِ . فَفَضَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ إِطَالَةَ الْقِيَامِ عَلَى كَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ . وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي ذَكَرْنَا , خِلَافٌ لِهَذَا عِنْدَنَا لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْ رَكَعَ لِلَّهِ رَكْعَةً , وَسَجَدَ سَجْدَةً عَلَى مَا قَدْ أُطِيلَ قَبْلَهُ مِنَ الْقِيَامِ . وَيَجُوزُ أَيْضًا مَنْ رَكَعَ لِلَّهِ رَكْعَةً , وَسَجَدَ سَجْدَةً , رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً , وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً وَإِنْ زَادَ مَعَ ذَلِكَ طُولَ الْقِيَامِ , كَانَ أَفْضَلَ , وَكَانَ مَا يُعْطِيهِ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الثَّوَابِ أَكْثَرَ . فَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ , لِئَلَّا يُضَادَّ الْأَحَادِيثَ الْأُخَرَ الَّتِي ذَكَرْنَا . وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ الْآخَرِ , فِي إِطَالَةِ الْقِيَامِ , وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ كَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ , مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ . حَدَّثَنِي بِذَلِكَ ابْنُ عِمْرَانَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِمَاعَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَاةَ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَأَى فَتًى وَهُوَ يُصَلِّي قَدْ أَطَالَ صَلَاتَهُ . فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْهَا قَالَ : مَنْ يَعْرِفُ هَذَا قَالَ رَجُلٌ أَنَا , فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : لَوْ كُنْتُ أَعْرِفُهُ لَأَمَرْتُهُ أَنْ يُطِيلَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ , فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِذَا قَامَ الْعَبْدُ يُصَلِّي أَتَى بِذُنُوبِهِ , فَجُعِلَتْ عَلَى رَأْسِهِ وَعَاتِقَيْهِ , فَكُلَّمَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ , تَسَاقَطَتْ عَنْهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَفْضِيلُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ , عَلَى الْقِيَامِ . فَقِيلَ لَهُ مَا فِيهِ مَا ذَكَرْتُ , وَإِنَّمَا فِيهِ , مَا يُعْطَاهُ الْمُصَلِّي عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مِنْ حَطَّ الذُّنُوبِ عَنْهُ , وَلَعَلَّهُ يُعْطَى بِطُولِ الْقِيَامِ , أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ . وَأَمَّا مَا فِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ , فَإِنَّ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي تَفْضِيلِهِ طُولَ الْقِيَامِ , أَوْلَى مِنْهُ . تَمَّ كِتَابُ الصَّلَاةِ