حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِمٍ , عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى , عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَفَّلَ فِي بَدْأَتِهِ الرُّبُعَ , وَفِي رَجْعَتِهِ الثُّلُثَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَهُ أَنْ يُنَفِّلَ مِنَ الْغَنِيمَةِ مَا أَحَبَّ , بَعْدَ إِحْرَازِهِ إِيَّاهَا , قَبْلَ أَنْ يُقَسِّمَهَا كَمَا كَانَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا : لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ إِلَّا مِنَ الْخُمُسِ , فَأَمَّا مِنْ غَيْرِ الْخُمُسِ فَلَا , لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ مَلَكَتْهُ الْمُقَاتِلَةُ , فَلَا سَبِيلَ لِلْإِمَامِ عَلَيْهِ وَقَالُوا : قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُنَفِّلُهُ فِي الرَّجْعَةِ , هُوَ ثُلُثُ الْخُمُسِ بَعْدَ الرُّبُعِ الَّذِي نَفَّلَهُ , كَانَ فِي الْبَدْأَةِ , فَلَا يَخْرُجُ مِمَّا قُلْنَا فَقَالَ لَهُمُ الْآخَرُونَ : إِنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا جَاءَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يُنَفِّلُ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ , وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ , وَكَمَا كَانَ الرُّبُعُ الَّذِي كَانَ يُنَفِّلُهُ فِي الْبَدْأَةِ , هُوَ الرُّبُعَ قَبْلَ الْخُمُسِ , فَكَذَلِكَ الثُّلُثُ الَّذِي كَانَ يُنَفِّلُهُ فِي الرَّجْعَةِ , هُوَ الثُّلُثُ أَيْضًا قَبْلَ الْخُمُسِ , وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ الثُّلُثِ مَعْنًى , قِيلَ لَهُمْ : بَلْ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَذْكُورَ مِنْ نَفْلِهِ فِي الْبَدْأَةِ هُوَ الرُّبُعُ , مِمَّا يَجُوزُ لَهُ النَّفَلُ مِنْهُ , فَكَذَلِكَ نَفْلُهُ فِي الرَّجْعَةِ هُوَ الثُّلُثُ , مِمَّا يَجُوزُ لَهُ النَّفَلُ مِنْهُ وَهُوَ الْخُمُسُ , وَقَالَ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى : فَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ حَبِيبٍ هَذَا , بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا , فَذَكَرُوا مَا
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ , عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَكْحُولٍ , عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يُنَفِّلُ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ , وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِمٍ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ , عَنْ مَكْحُولٍ , عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَفَّلَ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ
حَدَّثَنَا فَهْدٌ , وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَا : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ , عَنْ مَكْحُولٍ , عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يُنَفِّلُ فِي الْغَزْوِ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ , وَيُنَفِّلُ إِذَا قَفَلَ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ قَالُوا : فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ ذَلِكَ الثُّلُثَ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُنَفِّلُ فِي الرَّجْعَةِ , هُوَ الثُّلُثُ بَعْدَ الْخُمُسِ , قِيلَ لَهُمْ : قَدْ يَحْتَمِلُ هَذَا أَيْضًا مَا ذَكَرْنَا , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ : ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى , عَنْ مَكْحُولٍ , عَنْ أَبِي سَلَّامٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ , عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُنَفِّلُهُمْ إِذَا خَرَجُوا بَادِينَ الرُّبُعَ , وَيُنَفِّلُهُمْ إِذَا قَفَلُوا الثُّلُثَ قِيلَ لَهُمْ : وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا قَدْ يَحْتَمِلُ مَا احْتَمَلَهُ حَدِيثُ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الَّذِي أَرْسَلَهُ أَكْثَرُ النَّاسِ عَنْ مَكْحُولٍ , أَنَّهُ كَانَ يُنَفِّلُ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ , وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ وَقَدْ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عُبَادَةُ عَنِيَ بِقَوْلِهِ وَيُنَفِّلُهُمْ إِذَا قَفَلُوا الثُّلُثَ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى قُفُولٍ مِنْ قِتَالٍ إِلَى قِتَالٍ , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ الثُّلُثُ الْمُنَفَّلُ , هُوَ الثُّلُثَ قَبْلَ الْخُمُسِ , فَذَلِكَ جَائِزٌ , عِنْدَنَا , أَيْضًا , لِأَنَّهُ يُرْجَى بِذَلِكَ صَلَاحُ الْقَوْمِ , وَتَحْرِيضُهُمْ عَلَى قِتَالِ عَدُوِّهِمْ فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْقِتَالُ قَدِ ارْتَفَعَ , فَلَا يَجُوزُ النَّفَلُ , لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ , وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى لِقَوْلِهِمْ أَيْضًا , بِمَا
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ , وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ , قَالَا : ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ , عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا قَرُبْنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فَشَنَنَّا الْغَارَةَ عَلَيْهِمْ , فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ امْرَأَةً مِنْ فَزَارَةَ أَتَيْتُ بِهَا مِنَ الْغَارَةِ فَقَدِمْتُ بِهَا الْمَدِينَةَ , فَاسْتَوْهَبَهَا مِنِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَوَهَبْتُهَا لَهُ , فَفَادَى بِهَا أُنَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ فِي ذَلِكَ لِلْآخَرِينَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ نَفَّلَ سَلَمَةَ قَبْلَ انْقِطَاعِ الْحَرْبِ أَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِهَا , فَلَا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ وَاحْتَجُّوا لِقَوْلِهِمْ أَيْضًا بِمَا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ : ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ , قَالَ : ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا ابْنُ عُمَرَ , فَغَنِمُوا غَنَائِمَ كَثِيرَةً , فَكَانَتْ غَنَائِمُهُمْ لِكُلِّ إِنْسَانٍ , اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا , وَنَفَّلَ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ بَعِيرًا بَعِيرًا , سِوَى ذَلِكَ قَالُوا : فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُخْبِرُ أَنَّهُمْ قَدْ نُفِّلُوا بَعْدَ سِهَامِهِمْ , بَعِيرًا بَعِيرًا , فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , قِيلَ لَهُمْ : مَا لَكُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ حُجَّةٍ , وَلَهُوَ إِلَى الْحُجَّةِ عَلَيْكُمْ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى الْحُجَّةِ لَكُمْ لِأَنَّهُ فِيهِ , فَبَلَغَتْ سُهْمَانُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا , وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا , فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ مَا نُفِّلُوا مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ , كَانَ مِنْ غَيْرِ مَا كَانَتْ فِيهِ سُهْمَانُهُمْ وَهُوَ الْخُمُسُ , فَلَا حُجَّةَ لَكُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي النَّفْلِ مِنْ غَيْرِ الْخُمُسِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى لِقَوْلِهِمْ مِنَ الْآثَارِ , مَا يَجِبُ بِهِ مَا قَالُوا , أَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُخْرَى لِقَوْلِهِمْ مِنَ الْآثَارِ أَيْضًا , فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ
فَإِذَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا , قَالَ : ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى , عَنْ مَكْحُولٍ , عَنْ أَبِي سَلَّامٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ , عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَخَذَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَبَرَةً مِنْ جَنْبِ بَعِيرٍ , ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ , وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ , فَأَدُّوا الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ قَالَ : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَكْرَهُ الْأَنْفَالَ , وَقَالَ لِيَرُدَّ قَوِيُّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى ضَعِيفِهِمْ أَفَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لَا يَحِلُّ لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَا سِوَى الْخُمُسِ مِنَ الْغَنَائِمِ لِلْمُقَاتِلَةِ , لَا حُكْمَ لِلْإِمَامِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْأَنْفَالَ وَقَالَ لِيَرُدَّ قَوِيُّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ضَعِيفِهِمْ أَيْ لَا يُفَضَّلُ أَحَدٌ مِنْ أَقْوِيَاءِ الْمُؤْمِنِينَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لِقُوَّتِهِ عَلَى ضَعِيفِهِمْ لِضَعْفِهِ , وَيَسْتَوُونَ فِي ذَلِكَ وَاسْتَحَالَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَفَّلَ مِنَ الْأَنْفَالِ مَا كَانَ يَكْرَهُ , فَكَانَ النَّفَلُ الَّذِي لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ هُوَ النَّفَلُ فِي الْخُمُسِ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَفَّلَهُ , مِمَّا رَوَاهُ عُبَادَةُ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , هُوَ مِنَ الْخُمُسِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْمَذْهَبِ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ : ثنا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ , قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ , عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ , عَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ السُّلَمِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ لَا نَفْلَ إِلَّا بَعْدَ الْخُمُسِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إِلَّا بَعْدَ الْخُمُسِ , عِنْدَنَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ , أَيْ حَتَّى يُقْسَمَ الْخُمُسُ , وَإِذَا قُسِمَ الْخُمُسُ انْفَرَدَ حَقُّ الْمُقَاتِلَةِ , وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ فَكَانَ ذَلِكَ النَّفَلُ الَّذِي يُنَفِّلُهُ الْإِمَامُ مِنْ بَعْدِ أَنْ آثَرَ بِهِ , أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ مِنَ الْخُمُسِ , لَا مِنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ الَّتِي هِيَ حَقُّ الْمُقَاتِلَةِ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ : ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ , قَالَ : ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ , عَنْ مَعْمَرٍ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا , فَأَصَابُوا سَبْيًا , فَأَرَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْ يُعْطِيَ أَنَسًا مِنَ السَّبْيِ قَبْلَ أَنْ يَقْسِمَ , فَقَالَ أَنَسٌ : لَا , وَلَكِنِ اقْسِمْ ثُمَّ أَعْطِنِي مِنَ الْخُمُسِ قَالَ : فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ : لَا , إِلَّا مِنْ جَمِيعِ الْغَنَائِمِ , فَأَبَى أَنَسٌ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ , وَأَبَى عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنَ الْخُمُسِ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِمٍ , عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ , عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ فَهَذَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، لَمْ يَقْبَلِ النَّفَلَ إِلَّا مِنَ الْخُمُسِ , وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ جَبَلَةَ بْنِ عَمْرٍو
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ : ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ , قَالَ : ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ , عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ , عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ فِي غَزْوَةِ الْمَغْرِبِ , فَنَفَّلَ النَّاسَ , وَمَعَنَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَلَمْ يَرُدُّوا ذَلِكَ غَيْرَ جَبَلَةَ بْنِ عَمْرٍو
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ : ثنا يُوسُفُ , قَالَ : ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ , عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ , عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ , قَالَ : سَأَلْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ , عَنِ النَّفْلِ فِي الْغَزْوِ فَقَالَ : لَمْ أَرَ أَحَدًا صَنَعَهُ غَيْرَ ابْنِ خَدِيجٍ , نَفَّلَنَا بِإِفْرِيقِيَّةَ النِّصْفَ بَعْدَ الْخُمُسِ , وَمَعَنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ أُنَاسٌ كَثِيرٌ , فَأَبَى جَبَلَةُ بْنُ عَمْرٍو , أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سِوَى جَبَلَةَ بْنِ عَمْرٍو , قَدْ قَبِلُوا قِيلَ لَهُ : قَدْ صَدَقْتُ , وَنَحْنُ فَلَمْ نُنْكِرْ أَنَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ , فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ لِلْإِمَامِ النَّفَلَ قَبْلَ الْخُمُسِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُجِزْهُ وَأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ كَانُوا فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفِينَ وَإِنَّمَا أَرَدْنَا بِمَا رَوَيْنَا عَنْ أَنَسٍ وَجَبَلَةَ , أَنَّهُمَا يُخَيَّرَانِ قَوْلَنَا هَذَا مَعَ مَنْ قَدْ ذَكَرْنَا فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي هَذَا , فَذَكَرَ مَا
حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ , عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ بِشْرُ بْنُ عَلْقَمَةَ قَالَ : بَارَزْتُ رَجُلًا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ فَقَتَلْتُهُ , فَبَلَغَ سَلَبُهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا , فَنَفَّلَنِيهِ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ قِيلَ لَهُ : قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَعْدٌ نَفَّلَهُ ذَلِكَ , وَالْقِتَالُ لَمْ يَرْتَفِعْ , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَهَذَا قَوْلُنَا أَيْضًا وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا نَفَّلَهُ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْقِتَالِ , فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَ ذَلِكَ مِنَ الْخُمُسِ فَإِنْ كَانَ جَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ الْخُمُسِ , فَهَذَا فِيهِ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الِاخْتِلَافِ , فَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ حُجَّةٌ , إِذْ كَانَ قَدْ يُحْتَمَلُ مَا قَدْ صَرَفَهُ إِلَيْهِ مُخَالِفُهُ وَوَجَبَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُكْشَفَ وَجْهُ هَذَا الْبَابِ , لِنَعْلَمَ كَيْفَ حُكْمُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ فَكَانَ الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا قَالَ فِي حَالِ الْقِتَالِ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ , أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا , كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا أَيْضًا وَلَوْ قَالَ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا , فَلَهُ عُشْرُ مَا أَصَبْنَا , لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ , لِأَنَّ هَذَا لَوْ جَازَ , جَازَ أَنْ تَكُونَ الْغَنِيمَةُ كُلُّهَا لِلْمُقَاتِلِينَ , فَيَبْطُلُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا مِنَ الْخُمُسِ فَكَانَ النَّفَلُ لَا يَكُونُ قَبْلَ الْقِتَالِ , إِلَّا فِيمَا أَصَابَهُ الْمُنَفَّلُ بِسَيْفِهِ , وَلَا يَجُوزُ فِيمَا أَصَابَ غَيْرُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْإِجَارَةِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ , كَمَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ كَقَوْلِهِ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ , فَذَلِكَ جَائِزٌ فَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ , وَلَمْ يَجُزِ النَّفَلُ إِلَّا فِيمَا أَصَابَهُ الْمُنَفَّلُ بِسَيْفِهِ , أَوْ فِيمَا جُعِلَ لَهُ لِعَمَلِهِ , وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُنَفَّلَ مِمَّا أَصَابَهُ غَيْرُهُ , كَانَ النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ أَحْرَى أَنْ لَا يَجُوزَ أَنْ يُنَفَّلَ مِمَّا أَصَابَ غَيْرُهُ فَفَسَدَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ أَجَازَ النَّفَلَ بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ , وَرَجَعْنَا إِلَى حُكْمِ مَا أَصَابَهُ هُوَ , فَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنَفِّلَهُ الْإِمَامُ إِيَّاهُ , قَدْ وَجَبَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي خُمُسِهِ , وَحَقُّ الْمُقَاتِلَةِ فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ فَلَوْ أَجَزْنَا النَّفَلَ إِذًا لَكَانَ حَقُّهُمْ قَدْ بَطَلَ بَعْدَ وُجُوبِهِ , وَإِنَّمَا يَجُوزُ النَّفَلُ فِيمَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُنَفِّلِ , مِنْ مِلْكِ الْعَدُوِّ وَأَمَّا مَا قَدْ زَالَ عَنْ مِلْكِ الْعَدُوِّ قَبْلَ ذَلِكَ , وَصَارَ فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِينَ , فَلَا نَفْلَ فِي ذَلِكَ , لِأَنَّهُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنْ لَا نَفْلَ بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ عَلَى مَا قَدْ فَصَّلْنَا فِي هَذَا الْبَابِ , وَبَيَّنَّا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ , رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ