حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا , فَإِنْ سَكَتَتْ فَقَدْ أَذِنَتْ , وَإِنْ أَنْكَرَتْ , لَمْ تُكْرَهْ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ ، قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ , فَإِنْ رَضِيَتْ , فَلَهَا رِضَاهَا , وَإِنْ أَنْكَرَتْ , فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا , وَلَا اسْتِئْذَانِهَا , مِمَّنْ رَأَى وَلَا رَأْيَ لَهَا فِي ذَلِكَ مَعَهُ عِنْدَهُمْ . قَالُوا : وَلَمَّا قَصَدَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْأَثَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ بِمَا ذُكِرَ فِيهِمَا مِنَ الصُّمَاتِ , وَالْمَحْكُومُ لَهُ بِحُكْمِ الْإِذْنِ إِلَى الْيَتِيمَةِ , وَهِيَ الَّتِي لَا أَبَ لَهَا دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ ذَاتَ الْأَبِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِهَا , وَأَنَّ أَمْرَ أَبِيهَا عَلَيْهَا أَوْكَدُ مِنْ أَمْرِ سَائِرِ أَوْلِيَائِهَا بَعْدَ أَبِيهَا . وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ , مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا : لَيْسَ لِوَلِيِّ الْبِكْرِ أَبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا إِلَّا بَعْدَ اسْتِئْمَارِهِ إِيَّاهَا فِي ذَلِكَ وَبَعْدَ صُمَاتِهَا عِنْدَ اسْتِئْمَارِهِ إِيَّاهَا . وَقَالُوا : لَيْسَ فِي قَصْدِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْأَثَرَيْنِ الْمَرْوِيَّيْنِ فِي ذَلِكَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ إِلَى الْيَتِيمَةِ مَا يَدُلُّ أَنَّ غَيْرَ الْيَتِيمَةِ فِي ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ حُكْمِ الْيَتِيمَةِ . إِذْ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِذَلِكَ سَائِرَ الْأَبْكَارِ الْيَتَامَى وَغَيْرَهُنَّ . وَخَصَّ الْيَتِيمَةَ بِالذِّكْرِ , إِذْ كَانَ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا فِي ذَلِكَ وَبَيْنَ غَيْرِهَا , وَلِأَنَّ السَّامِعَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي الْيَتِيمَةِ الْبِكْرِ , يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى حُكْمِ الْبِكْرِ غَيْرِ الْيَتِيمَةِ . وَقَدْ رَأَيْنَا مِثْلَ هَذَا فِي الْقُرْآنِ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا حَرُمَ مِنَ النِّسَاءِ {{ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ }} . فَذَكَرَ الرَّبِيبَةَ الَّتِي فِي حِجْرِ الزَّوْجِ , فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ الَّتِي فِي حِجْرِ الزَّوْجِ دُونَ الرَّبِيبَةِ الَّتِي هِيَ أَكْبَرُ مِنْهُ . بَلْ كَانَ التَّحْرِيمُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا . فَكَذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ لَيْسَ عَلَى الْيَتِيمَةِ الْبِكْرِ خَاصَّةً بَلْ هُوَ عَلَى الْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ وَغَيْرِ الْيَتِيمَةِ . وَكَانَ مَا سَمِعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْيَتِيمَةِ الْبِكْرِ دَلِيلًا لَهُمْ أَنَّ ذَاتَ الْأَبِ فِيهِ كَذَلِكَ إِذْ كَانُوا قَدْ عَلِمُوا أَنَّ الْبِكْرَ قَبْلَ بُلُوغِهَا إِلَى أَبِيهَا عَقْدُ الْبِيَاعَاتِ عَلَى أَمْوَالِهَا , وَعَقْدُ النِّكَاحِ عَلَى بُضْعِهَا . وَرَأَوْا بُلُوغَهَا , يَرْفَعُ وِلَايَةَ أَبِيهَا عَلَيْهَا فِي الْعُقُودِ عَلَى أَمْوَالِهَا , فَكَذَلِكَ يَرْفَعُ عَنْهَا الْعُقُودَ عَلَى بُضْعِهَا . وَمَعَ هَذَا فَقَدْ رَوَى أَهْلُ هَذَا الْمَذْهَبِ لِمَذْهَبِهِمْ آثَارًا , احْتَجُّوا لَهُ بِهَا , غَيْرَ أَنَّ فِي بَعْضِهَا طَعْنًا عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْآثَارِ , وَأَكْثَرُهَا سَلِيمٌ مِنْ ذَلِكَ وَسَنَأْتِي بِهَا كُلِّهَا , وَبِعِلَلِهَا وَفَسَادِ مَا يُفْسِدُهُ أَهْلُ الْآثَارِ مِنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . فَمِمَّا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِمَّا طَعَنَ فِيهِ أَهْلُ الْآثَارِ
مَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَا : ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرُّوذِيُّ قَالَ : ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ , وَهِيَ كَارِهَةٌ , فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَخَيَّرَهَا فَكَانَ مَنْ طَعَنَ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى الْآثَارِ , وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ رُوَاتِهَا وَتَثْبِيتِ مَا رَوَى الْحُفَّاظُ مِنْهُمْ , وَإِسْقَاطِ مَا رَوَى مَنْ هُوَ دُونَهُمْ أَنْ قَالُوا : هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَهُوَ رَجُلٌ كَثِيرُ الْغَلَطِ . وَقَدْ رَوَاهُ الْحُفَّاظُ عَنْ أَيُّوبَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْهُمْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ . فَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ
مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ : ثنا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَبَيْنَ امْرَأَةٍ , زَوَّجَهَا أَبُوهَا , وَهِيَ كَارِهَةٌ , وَكَانَتْ ثَيِّبًا فَثَبَتَ بِذَلِكَ عِنْدَهُمْ , خَطَأُ جَرِيرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهَيْنِ . أَمَّا أَحَدُهُمَا , فَإِدْخَالُهُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِيهِ . وَأَمَّا الْآخَرُ , فَذَكَرَ فِيهِ أَنَّهَا كَانَتْ بِكْرًا , وَإِنَّمَا كَانَتْ ثَيِّبًا . وَمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا
مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ , وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالُوا : أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى قَالَ : ثنا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ الدِّمَشْقِيُّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ بِغَيْرِ أَمْرِهَا , فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إِلَى تَتَبُّعِ الْأَسَانِيدِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يُعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ شُعَيْبٍ ذَكَرَ فِيهِ جَابِرًا غَيْرَ أَبِي صَالِحٍ هَذَا . فَمِمَّنْ رَوَاهُ وَأَسْقَطَ مِنْهُ جَابِرًا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ , وَلَمْ يَذْكُرْ جَابِرًا وَقَدْ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ , فَبَيَّنَ مِنْ فَسَادِهِ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ هَذَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، قَالَ : ثنا الْأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ فَصَارَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَطَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُرَّةَ هَذَا فَضَعِيفُ الْحَدِيثِ , لَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ الْآثَارِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَصْلًا . وَمِمَّا رَوَوْا فِي ذَلِكَ أَيْضًا , مِمَّا لَا طَعْنَ لِأَحَدٍ فِيهِ
مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ ح وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَا , أَخْبَرَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ : ثنا الْقَعْنَبِيُّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَا : ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا , وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا , وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ : ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ : ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنِ ابْنِ مَوْهَبٍ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ : ثنا أَسَدٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ ، سَمِعَ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا , وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فَلَمَّا كَانَتِ الْأَيِّمُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ الَّتِي وَلِيُّهَا أَيُّ وَلِيٍّ كَانَ , مِنْ أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ , كَانَ كَذَلِكَ الْبِكْرُ الْمَذْكُورَةُ فِيهِ , هِيَ الْبِكْرُ الَّتِي وَلِيُّهَا أَيُّ وَلِيٍّ كَانَ مِنْ أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ . أَيْ : لَمْ يَكُنْ غَايَةً فِيهِ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً فَكَذَلِكَ الْبِكْرُ الْمَقْرُونَةُ إِلَيْهَا . وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ بِلَفْظٍ , غَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَا : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَيْسَ لِلْأَبِ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ , وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ , وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا فَهَذَا مَعْنَاهُ , مَعْنَى الْأَوَّلِ , سَوَاءٌ . وَالْبِكْرُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ الْبِكْرُ ذَاتُ الْأَبِ , كَمَا أَنَّ الثَّيِّبَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ , كَذَلِكَ . فَهَذَا مَا رُوِيَ لَنَا فِي هَذَا الْبَابِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . وَأَمَّا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
مَا حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ : ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ : قَالَ ذَكْوَانُ , مَوْلَى عَائِشَةَ : سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الْجَارِيَةِ يُنْكِحُهَا أَهْلُهَا : أَتُسْتَأْمَرُ أَمْ لَا ؟ قَالَ : نَعَمْ , تُسْتَأْمَرُ . فَقُلْتُ : إِنَّهَا تَسْتَحْيِي فَتَسْكُتُ قَالَ : فَذَاكَ إِذْنُهَا إِذَا هِيَ سَكَتَتْ فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ سَوَّى بَيْنَ أَهْلِ الْبِكْرِ جَمِيعًا فِي تَزْوِيجِهَا , وَلَمْ يَفْصِلْ فِي ذَلِكَ بَيْنَ حُكْمِ أَبِيهَا , وَلَا حُكْمِ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ أَهْلِهَا . وَأَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
مَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ قَالَ : ثنا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ , وَلَا الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ . قَالُوا : وَكَيْفَ إِذْنُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الصَّمْتُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، عَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ ، قَالَ : ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، ح . وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، وَرَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَا : ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ، قَالَ : ثنا الْأَوْزَاعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ فَقَدْ جَمَعَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ , وَلَمْ يَجْعَلْ لِلْأَبِ فِي ذَلِكَ حُكْمًا زَائِدًا عَنْ حُكْمِ مَنْ سِوَاهُ مِنْهُمْ . فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ , كَمَا ذَكَرْنَا , لِيُوَافِقَ مَعْنَاهُ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ , وَلَا يُضَادُّهُ . وَلَئِنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ يُؤْخَذُ مِنْ طَرِيقِ فَضْلِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَلَى بَعْضٍ فِي الْحِفْظِ , وَالْإِتْقَانِ , وَالْجَلَالَةِ , فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ أَجَلُّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَأَتْقَنُ , وَأَصَحُّ رِوَايَةً , لَقَدْ فَضَّلَهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَلَى أَهْلِ زَمَانِ ذِكْرِهِ فِيهِ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمِنْقَرِيُّ ، قَالَ : ثنا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَيُّوبَ ، يَقُولُ : مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِثْلُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَيْسَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو فِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ , وَلَا فِي قَرِيبٍ مِنْهَا , بَلْ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ . فَرَوَى عَنْهُ
مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ : ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الْبَكْرَاوِيُّ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَذُكِرَ عِنْدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو . فَقَالَ : حَمَلَهُ ، يَعْنِي الْحَدِيثَ ، فَتَحَمَّلَ وَأَمَّا عَدِيٌّ الْكِنْدِيُّ فَرَوَى عَنْهُ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَدِيٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا , وَالْبِكْرُ رِضَاهَا صَمْتُهَا حَدَّثَنَا بَحْرٌ ، عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنِ اللَّيْثِ ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ : ثنا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْفَرَسِ وَهُوَ ابْنُ عَمِيرَةَ وَقَدْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ فَهَذَا كَنَحْوِ مَا رَوَى يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَهَذَا تَصْحِيحُ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ , قَدْ دَلَّ أَنَّ أَبَا الْبِكْرِ , لَا يُزَوِّجُهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا , إِلَّا كَمَا يُزَوِّجُهَا سَائِرُ أَوْلِيَائِهَا بَعْدَهُ . وَقَدْ قَدَّمْنَا مِنْ ذِكْرِ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مَا يُغْنِينَا عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا فَبِذَلِكَ كُلِّهِ نَأْخُذُ . نَرَى أَنْ لَا يُزَوِّجَ أَبُ الْبِكْرِ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ إِلَّا بَعْدَ اسْتِئْمَارِهِ إِيَّاهَا فِي ذَلِكَ وَعِنْدَ صُمَاتِهَا عِنْدَ ذَلِكَ الِاسْتِئْمَارِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ . وَقَدِ احْتَجَّ قَوْمٌ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ فِي بِنْتِ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ نُعَيْمٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ النَّحَّامِ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اخْطُبْ عَلَيَّ ابْنَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّحَّامِ فَقَالَ لَهُ : إِنَّ لَهُ ابْنَ أَخٍ وَلَمْ يَكُنْ لِيَنْكِحَكَ وَيَتْرُكَهُمْ . فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلَى زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ فَكَلَّمَهُ , فَخَطَبَ عَلَيْهِ . فَقَالَ ابْنُ النَّحَّامِ مَا كُنْتُ لِأُتَرِّبَ لَحْمِي وَدَمِي , وَأَرْفَعَ لَحْمَكُمْ فَأَنْكَحَهَا ابْنَ أَخِيهِ وَكَانَ هَوَى الْجَارِيَةِ وَأُمِّهَا فِي ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا . فَذَهَبَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَبَاهَا أَنْكَحَهَا وَلَمْ يُؤَامِرْهَا , فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نِكَاحَهَا . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَشِيرُوا عَلَى النِّسَاءِ فِي أَنْفُسِهِنَّ فَكَانَتِ الْجَارِيَةُ بِكْرًا . فَقَالَ ابْنُ النَّحَّامِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّمَا يَكْرَهُونَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ , فَإِنَّ لَهُ فِي مَالِي مِثْلَ مَا أَعْطَاهُمُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالُوا : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَجَازَ عَلَيْهَا نِكَاحَ أَبِيهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ لَهُ , إِذْ كَانَتْ بِكْرًا , وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا مَعَ أَبِيهَا رَأْيًا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهِ قِيلَ لَهُ : لَوْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحًا ثَابِتًا عَلَى مَا رَوَيْنَا , وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَخَالَفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ لَهِيعَةَ فِي إِسْنَادِهِ وَفِي مَتْنِهِ
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ : ثنا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَاسْمُهُ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَمَّاهُ صَالِحًا أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اخْطُبْ عَلَيَّ ابْنَةَ صَالِحٍ ؟ فَقَالَ لَهُ إِنَّ لَهُ يَتَامَى وَلَمْ يَكُنْ لِيُؤْثِرَنَا عَلَيْهِمْ . فَانْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى عَمِّهِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ لِيَخْطُبَ عَلَيْهِ , فَانْطَلَقَ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى صَالِحٍ فَقَالَ : إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ يَخْطُبُ ابْنَتَكَ . فَقَالَ : لِي يَتَامَى وَلَمْ أَكُنْ لِأُتَرِّبَ لَحْمِي , وَأَرْفَعَ لَحْمَكُمْ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ أَنْكَحْتُهَا فُلَانًا , وَكَانَ هَوَى أُمِّهَا فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ خَطَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ابْنَتِي , فَأَنْكَحَهَا أَبُوهَا يَتِيمًا فِي حِجْرِهِ , وَلَمْ يُؤَامِرْهَا . فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى صَالِحٍ فَقَالَ : أَنْكَحْتَ ابْنَتَكَ وَلَمْ تُؤَامِرْهَا ، فَقَالَ : نَعَمْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَشِيرُوا عَلَى النِّسَاءِ فِي أَنْفُسِهِنَّ وَهِيَ بِكْرٌ فَقَالَ صَالِحٌ : إِنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا لَمَّا أَصْدَقَهَا ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , فَإِنَّ لَهَا فِي مَالِي مِثْلَ مَا أَعْطَاهَا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ خِلَافُ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنَ الْإِسْنَادِ وَمِنِ الْمَتْنِ جَمِيعًا , لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ وَالْأَوَّلُ قَدْ جَوَّزَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحٍ إِلَى أَبِيهِ وَإِلَى ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : فَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي عَلَى مَذْهَبِ هَذَا الْمُخَالِفِ لَنَا أَنْ يَجْعَلَ مَا رَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي هَذَا أَوْلَى مِمَّا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ , لِثَبْتِ اللَّيْثِ وَضَبْطِهِ , وَقِلَّةِ تَخْلِيطِ حَدِيثِهِ , وَلِمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ مِنْ ضِدِّ ذَلِكَ . وَأَمَّا مَا فِي مَتْنِ هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا يُخَالِفُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ , فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لِنُعَيْمٍ لَمَّا بَلَغَهُ مَا عَقَدَ عَلَى ابْنَتِهِ مِنَ النِّكَاحِ بِغَيْرِ رِضَاهَا أَشِيرُوا عَلَى النِّسَاءِ فِي أَنْفُسِهِنَّ فَكَانَ بِذَلِكَ رَدًّا عَلَى نُعَيْمٍ لِأَنَّ نُعَيْمًا لَمْ يُشَاوِرِ ابْنَتَهُ فِي نَفْسِهَا . فَهَذَا اخْتِلَافُ مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَسَخَ النِّكَاحَ . قِيلَ لَهُ : ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ ابْنَةَ نُعَيْمٍ لَمْ تَحْضُرْ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَتَسْأَلُهُ ذَلِكَ . وَإِنَّمَا كَانَتْ حَضَرَتْهُ أُمُّهَا , لَا عَنْ تَوْكِيلٍ مِنْهَا إِيَّاهَا بِذَلِكَ حَتَّى كَانَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَجِبُ لَهَا بِهِ الْكَلَامُ عَنْهَا . فَكَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا كَانَ , مِنَ الْكَلَامِ لِنُعَيْمٍ عَلَى جِهَةِ التَّعْلِيمِ . وَلَمْ يَفْسَخِ النِّكَاحَ , إِذْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْقَضَاءِ وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ لَا يَجِبُ إِلَّا لِحَاضِرٍ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا
وَلَقَدْ رَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ , وَهِيَ كَارِهَةٌ , فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نِكَاحَهُ عَنْهَا فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ حَدِيثُ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ عَلَى مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ إِذْ كَانَ قَدْ رَدَّهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهَذَا وَاقِعٌ , فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا خِلَافُ ذَلِكَ . ثُمَّ قَدْ وَجَدْنَا حَدِيثًا قَدْ رُوِيَ فِي أَمْرِ ابْنَةِ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ , مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ أَيِّمًا
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : ثنا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ ، قَالَ : ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ خَطَبْتُ ابْنَةَ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ وَأُرِيدُ أَنْ تَمْشِيَ مَعِي فَتُكَلِّمَهُ لِي . فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنِّي أَعْلَمُ بِنُعَيْمٍ مِنْكَ , إِنَّ عِنْدَهُ ابْنَ أَخٍ لَهُ يَتِيمًا وَلَمْ يَكُنْ لِيَقْضِ لُحُومَ النَّاسِ وَيُتَرِّبَ لَحْمَهُ فَقَالَ : إِنَّ أُمَّهَا قَدْ خَطَبَتْ إِلَيَّ , فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا . فَاذْهَبْ مَعَكَ بِعَمِّكَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ . قَالَ : فَذَهَبَا إِلَيْهِ فَكَلَّمَاهُ , قَالَ : فَكَأَنَّمَا يَسْمَعُ مَقَالَةَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : مَرْحَبًا بِكَ وَأَهْلًا وَذَكَرَ مِنْ مَنْزِلَتِهِ وَشَرَفِهِ . ثُمَّ قَالَ إِنَّ عِنْدِي ابْنَ أَخٍ لِي يَتِيمٌ , وَلَمْ أَكُنْ لِأَنْقُضَ لُحُومَ النَّاسِ وَأُتَرِّبَ لَحْمِي . فَقَالَتْ أُمُّهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ : وَاللَّهِ لَا يَكُونُ هَذَا حَتَّى يَقْضِيَ بِهِ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَتَحْبِسُ أَيِّمًا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ , عَلَى ابْنِ أَخِيكَ سَفِيهٍ ؟ قَالَتْ أَوْ ضَعِيفٍ . قَالَ : ثُمَّ خَرَجَتْ حَتَّى أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ . فَدَعَا نُعَيْمًا فَقَصَّ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِنُعَيْمٍ : صِلْ رَحِمَكَ , وَأَرْضِ أَيِّمَكَ وَأُمَّهَا , فَإِنَّ لَهُمَا مِنْ أَمْرِهَا نَصِيبًا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ بِنْتَ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ كَانَتْ أَيِّمًا , فَذَلِكَ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَجَازَ نِكَاحَ أَبِيهَا عَلَيْهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ , وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ