حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ , قَالَ : ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ , وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ , قَالَا : ثنا أَبُو عَوَانَةَ ح حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الضَّرِيرُ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ , قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَةَ . وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَرْبَعًا فِي الْحَضَرِ , وَرَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ , وَرَكْعَةً فِي الْخَوْفِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَلَّدُوهُ , وَجَعَلُوهُ أَصْلًا فَجَعَلُوا صَلَاةَ الْخَوْفِ رَكْعَةً . فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : {{ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ }} فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ , وَنَصُّ فَرْضِهَا فِي كِتَابِهِ هَكَذَا . وَجَعَلَ صَلَاةَ الطَّائِفَةِ بَعْدَ تَمَامِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ . فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الْإِمَامَ يُصَلِّيهَا فِي حَالِ الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ , وَهَذَا خِلَافُ هَذَا الْحَدِيثِ , وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ بِحَدِيثٍ يَدْفَعُهُ نَصُّ الْكِتَابِ . ثُمَّ قَدْ عَارَضَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا غَيْرُهُ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، قَالَ : ثنا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذِي قَرَدٍ , صَلَاةَ الْخَوْفِ وَالْمُشْرِكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ , فَصَفَّ صَفًّا خَلْفَهُ وَصَفًّا مُوَازِيَ الْعَدُوِّ , فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ وَرَجَعَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً , ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَكْعَتَانِ وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا خَالَفَ مَا رَوَى مُجَاهِدٌ عَنْهُ , وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ عَلَىالْإِمَامِ رَكْعَةً فَيُصَلِّيَهَا بِأُخْرَى بِلَا قُعُودٍ لِلتَّشَهُّدِ , وَلَا تَسْلِيمٍ . فَلَمَّا تَضَادَّ الْخَبَرَانِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا تَنَافَيَا , وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِمُجَاهِدٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ; لِأَنَّ خَصْمَهُ يَحْتَجُّ عَلَيْهِ بِعُبَيْدِ اللَّهِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِخِلَافِ ذَلِكَ . فَإِنْ قَالُوا : فَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَا
فَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : ثنا قَبِيصَةُ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ , قَالَ : أَتَيْتُ ابْنَ وَدِيعَةَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ , فَقَالَ : ائْتِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَاسْأَلْهُ , فَلَقِيتُهُ , فَسَأَلْتُهُ , فَقَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ , فَصَفَّ صَفًّا خَلْفَهُ , وَصَفًّا مُوَازِيَ الْعَدُوِّ , فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً , ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ , وَجَاءَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ , فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً , ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ , قَالَ : ثنا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , قَالَ : ثنا سُفْيَانُ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَدِيعَةَ : وَزَادَ فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَكْعَتَانِ وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةٌ رَكْعَةٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ , قَالَ : ثنا قَبِيصَةُ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ , قَالَ : ثنا مُؤَمَّلٌ قَالَ : ثنا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ الْحَنْظَلِيِّ , قَالَ : كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِطَبَرِسْتَانَ فَقَالَ : أَيُّكُمْ شَهِدَ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ فَقَامَ حُذَيْفَةُ , فَقَالَ : أَنَا , ثُمَّ فَعَلَ مِثْلَ الَّذِي ذَكَرَ زَيْدٌ سَوَاءً حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا عَفَّانُ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ ، قَالَ : ثنا عَطِيَّةُ بْنُ الْحَارِثِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ دُهَاثٍ ، قَالَ : غَزَوْتُ مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَسَأَلَ النَّاسَ مَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُقَابِلَ الْعَدُوِّ . ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو حَفْصٍ الْفَلَّاسُ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ قِيلَ لَهُمْ : هَذَا غَيْرُ مُوَافِقٍ لِمَا رَوَى مُجَاهِدٌ وَلَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا رَوَى عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَقَدْ تَقَدَّمَتْ حُجَّتُنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَصِلُهَا بِأُخْرَى لَا يُسَلِّمُ بَيْنَهُمَا . فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ فَرْضَ صَلَاةِ الْخَوْفِ رَكْعَتَانِ عَلَىالْإِمَامِ ثُمَّ لَمْ يُذَكِّرِ الْمَأْمُومِينَ بِقَضَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ فِي هَذِهِ الْآثَارِ . فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونُوا قَضَوْا وَلَا بُدَّ فِيمَا يُوجِبُهُ النَّظَرُ مِنْ أَنْ يَكُونُوا قَدْ قَضَوْا رَكْعَةً رَكْعَةً لِأَنَّا رَأَيْنَا الْفَرْضَ عَلَىالْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْأَمْنِ , وَالْإِقَامَةِ مِثْلَ الْفَرْضِ عَلَى الْمَأْمُومِ سَوَاءً , وَكَذَلِكَ الْفَرْضُ عَلَيْهِمَا فِي صَلَاةِ الْأَمْنِ فِي السَّفَرِ سَوَاءٌ , وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ فَرْضُهُ رَكْعَةً فَيَدْخُلُ مَعَ غَيْرِهِ مِمَّنْ فَرْضُهُ رَكْعَتَانِ إِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مَا وَجَبَ عَلَى إِمَامِهِ . أَلَا تَرَى أَنَّ مُسَافِرًا لَوْ دَخَلَ فِي صَلَاةِ مُقِيمٍ صَلَّى أَرْبَعًا فَكَانَ الْمَأْمُومُ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَى إِمَامِهِ , وَيَزِيدُ فَرْضُهُ بِزِيَادَةِ فَرْضِ إِمَامِهِ , وَقَدْ يَكُونُ عَلَى الْمَأْمُومِ مَا لَيْسَ عَلَى إِمَامِهِ . مِنْ ذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الْمُقِيمَ يُصَلِّي خَلْفَ الْمُسَافِرِ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ , ثُمَّ يَقُومُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَقْضِي تَمَامَ صَلَاةِ الْمُقِيمِ فَكَانَ الْمَأْمُومُ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ عَلَى إِمَامِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى إِمَامِهِ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ . فَلَمَّا ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا وُجُوبُ الرَّكْعَتَيْنِ عَلَىالْإِمَامِ ثَبَتَ أَنَّ مِثْلَهُمَا عَلَى الْمَأْمُومِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ مِنْ قَوْلِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا تَأَوَّلْنَا فِي حَدِيثِهِ وَحَدِيثِ زَيْدٍ وَجَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمْ قَضَوْا رَكْعَةً رَكْعَةً
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيدِ ، قَالَ : ثنا شَرِيكٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عِيدٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : صَلَاةُ الْخَوْفِ رَكْعَتَانِ وَأَرْبَعُ سَجَدَاتٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا فَعَلُوا كَذَلِكَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُوَلِ . ثُمَّ اعْتَبَرْنَا الْآثَارَ , هَلْ نَجِدُ فِيهَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ؟
فَإِذَا أَبُو بَكْرَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ , قَالَ : ثنا أَبُو حُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ رَكْعَةً , وَكَانَتْ طَائِفَةٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ , فَلَمَّا صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً سَلَّمَ , فَنَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى إِخْوَانِهِمْ , ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ , فَقَامَ كُلُّ فَرِيقٍ , فَصَلَّوْا رَكْعَةً رَكْعَةً فَقَدْ أَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ قَضَوْا , وَبَيَّنَ مَا وَصَفْنَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ وَكَانَ قَوْلُهُ ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَلَامًا لَا يُرِيدُ بِهِ قَطْعَ الصَّلَاةِ وَلَكِنْ يُرِيدُ بِهِ إِعْلَامَ الْمَأْمُومِينَ مَوْضِعَ الِانْصِرَافِ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، قَالَ : ثنا قَبِيصَةُ ، قَالَ : سُفْيَانُ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ : ثنا مُؤَمَّلٌ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ خُصَيْفٍ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ فَصَفَّ صَفًّا خَلْفَهُ وَصَفًّا مُوَازِيَ الْعَدُوِّ , وَكُلُّهُمْ فِي صَلَاةٍ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً , ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ , وَجَاءَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ قَضَوْا رَكْعَةً رَكْعَةً ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ وَجَاءَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ , فَقَضَوْا رَكْعَةً حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ : ثنا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ الْقَيْسِيُّ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحُسَيْنِ ، قَالَ : ثنا خُصَيْفٌ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : لَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي حَرَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ , غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ وَكُلُّهُمْ فِي صَلَاةٍ وَزَادَ : وَكَانُوا فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَقَدْ أَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ قَضَوْا رَكْعَةً رَكْعَةً , وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي الصَّلَاةِ جَمِيعًا . فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ رَكْعَتَانِ , غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ذَكَرَ فِيهِ دُخُولَهُمْ فِي الصَّلَاةِ مَعًا . فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ , هَلْ عَارَضَ هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرَهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى ؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ
فَإِذَا يُونُسُ قَدْ حَدَّثَنَا , قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ , قَالَ : يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً , وَيَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ وَلَمْ يُصَلُّوا فَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا وَيَتَأَخَّرُ الْآخَرُونَ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ يَنْصَرِفُ الْإِمَامُ , وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَتَقُومُ طَائِفَةٌ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً رَكْعَةً بَعْدَ أَنْ يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ فَيَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ صَلَّوْا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ قَالَ نَافِعٌ : لَا أَرَى ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَدْ أَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ دُخُولَ الثَّانِيَةِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً . وَالْكِتَابُ شَاهِدٌ لِهَذَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : {{ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ }} فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا وَصَفْنَا أَنَّ دُخُولَ الثَّانِيَةِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى . وَهَذَا الْخَبَرُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَأَصْلُهُ مَرْفُوعٌ , وَإِنْ كَانَ نَافِعٌ قَدْ شَكَّ فِيهِ فِي وَقْتِ مَا حَدَّثَ بِهِ مَالِكٌ . وَهَكَذَا رَوَاهُ عَنْهُ أَصْحَابُهُ الْأَكَابِرُ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، قَالَ : ثنا قَبِيصَةُ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً , ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ , وَجَاءَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ , فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً , ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ , ثُمَّ قَضَتِ الطَّائِفَتَانِ رَكْعَةً رَكْعَةً حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَسْعُودٍ الْخَيَّاطُ ، قَالَا : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ . وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو رَبِيعٍ الزَّهْرَانِيُّ ، قَالَ : ثنا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ صَلَّاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ , قَالَ : ثنا أَبُو الْيَمَانِ ، قَالَ : أنا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَالِمٌ ، أَنَّ عُمَرَ ، قَالَ : غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ غَزْوَتَهُ قِبَلَ نَجْدٍ , فَوَازَيْنَا الْعَدُوَّ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
وَذَهَبَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أنا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ , عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الْخَوْفِ : أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ وَطَائِفَةً وِجَاهَ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ , وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا , وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ , ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : أنا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا ، حَدَّثَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ الْأَنْصَارِيِّ ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ , وَلَمْ يَذْكُرْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَزَادَ فِي ذِكْرِ الْآخِرَةِ قَالَ : فَيَرْكَعُ بِهِمْ وَيَسْجُدُ ثُمَّ يُسَلِّمُ , فَيَقُومُونَ فَيَرْكَعُونَ لِأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ ثُمَّ يُسَلِّمُونَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ : ثنا مُؤَمَّلٌ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، . فَذَكَرَ مِثْلَهُ بِإِسْنَادِهِ قِيلَ لَهُمْ : إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ فِيهِ أَنَّهُمْ صَلَّوْا وَهُمْ مَأْمُومُونَ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنَ الصَّلَاةِ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ . وَقَدْ رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ خِلَافًا لِذَلِكَ ; لِأَنَّ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ أَنَّهُ ثَبَتَ بَعْدَمَا صَلَّى الرَّكْعَةَ الْأُولَى قَائِمًا , وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ , ثُمَّ انْصَرَفُوا ثُمَّ جَاءَتِ الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ , أَنَّهُ صَلَّى بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ رَكْعَةً ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُمْ صَلَّوْا قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفُوا . فَقَدْ خَالَفَ الْقَاسِمُ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ فَإِنْ كَانَ هَذَا يُؤْخَذُ مِنْ طَرِيقِ الْإِسْنَادِ فَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ الْقَاسِمِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَحْسَنُ مِنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ وَإِنْ تَكَافَآ تَضَادَّا ، وَإِذَا تَضَادَّا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا حُجَّةٌ ; إِذْ كَانَ لِخَصْمِهِ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَى خَصْمِهِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَدْ رَوَى عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلٍ مَا يُوَافِقُ مَا رَوَى يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لَيْسَ بِدُونِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ فِي الضَّبْطِ وَالْحِفْظِ . قِيلَ لَهُ : يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ كَمَا ذَكَرْتُ وَلَكِنْ لَمْ يَرْفَعِ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَإِنَّمَا أَوْقَفَهُ عَلَى سَهْلٍ , فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ صَالِحٍ هُوَ الَّذِي كَذَلِكَ . كَانَ عِنْدَ سَهْلٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَاصَّةً ثُمَّ قَالَ : هُوَ مِنْ رَأْيِهِ مَا بَقِيَ فَصَارَ ذَلِكَ رَأْيًا مِنْهُ , لَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَلِذَلِكَ لَمْ يَرْفَعْهُ يَحْيَى إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَلَمَّا احْتَمَلَ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا , ارْتَفَعَ أَنْ يَقُومَ بِهِ حُجَّةٌ أَيْضًا . وِالنَّظَرُ يَدْفَعُ ذَلِكَ ; لِأَنَّا لَمْ نَجِدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ أَنَّ الْمَأْمُومَ يُصَلِّي شَيْئًا مِنْهَا قَبْلَ الْإِمَامِ , وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ الْمَأْمُومُ مَعَ فِعْلِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَ فِعْلِ الْإِمَامِ , وَإِنَّمَا يُلْتَمَسُ عِلْمُ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِمَّا أُجْمِعَ عَلَيْهِ . فَإِنْ قَالُوا : قَدْ رَأَيْنَا تَحْوِيلَ الْوَجْهِ عَنِ الْقِبْلَةِ قَدْ يَجُوزُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ , وَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهَا , فَمَا يُنْكِرُونَ قَضَاءَ الْمَأْمُومِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ كَذَلِكَ جُوِّزَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ , وَلَمْ يُجَوَّزْ فِي غَيْرِهَا قِيلَ لَهُ : إِنَّ تَحْوِيلَ الْوَجْهِ عَنِ الْقِبْلَةِ قَدْ رَأَيْنَاهُ أُبِيحَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصَّلَاةِ لِلْعُذْرِ فَأُبِيحَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ كَمَا أُبِيحَ فِي غَيْرِهَا , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ كَانَ مُنْهَزِمًا فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي , وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ . فَلَمَّا كَانَ قَدْ يُصَلِّي كُلَّ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ لَعَلَّهُ الْعَدُوُّ , وَلَا يُفْسِدُ ذَلِكَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ , كَانَ انْصِرَافُهُ عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ مِنْ بَعْضِ صَلَاتِهِ , أَحْرَى أَنْ لَا يَضُرَّهُ ذَلِكَ . فَلَمَّا وَجَدْنَا أَصْلًا فِي الصَّلَاةِ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ بِالْعُذْرِ , عَطَفْنَا عَلَيْهِ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنِ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ فِي الِانْصِرَافِ لِلْعُذْرِ , وَلَمَّا لَمْ نَجِدْ لِقَضَاءِ الْمَأْمُومِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنَ الصَّلَاةِ أَصْلًا فِيمَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَنَعْطِفُهُ عَلَيْهِ , أَبْطَلْنَا الْعَمَلَ بِهِ وَرَجَعْنَا إِلَى الْآثَارِ الْأُخَرِ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا , الَّتِي مَعَهَا التَّوَاتُرُ وَشَوَاهِدُ الْإِجْمَاعِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خِلَافُ ذَلِكَ كُلِّهِ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ , قَالَ : ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ قَالَ : ثنا حَيْوَةُ وَابْنُ لَهِيعَةَ , قَالَا : أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَسَدِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ : أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَلْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ مَرْوَانُ : مَتَى ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَامَ غَزْوَةِ نَجْدٍ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ وَقَامَتْ مَعَهُ طَائِفَةٌ , وَطَائِفَةٌ أُخْرَى مُقَابِلُو الْعَدُوِّ وَظُهُورُهُمْ إِلَى الْقِبْلَةِ فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَكَبَّرُوا جَمِيعًا مَعَهُ وَالَّذِينَ مُقَابِلُو الْعَدُوِّ ثُمَّ رَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَكْعَةً وَاحِدَةً وَرَكَعَتْ مَعَهُ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَلِيهِ ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَتْ مَعَهُ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَلِيهِ , وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ مُقَابِلُو الْعَدُوِّ , ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَامَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي مَعَهُ فَذَهَبُوا إِلَى الْعَدُوِّ فَقَابَلُوهُمْ , وَأَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلِي الْعَدُوِّ فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا , وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَائِمٌ كَمَا هُوَ , ثُمَّ قَامُوا فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَكْعَةً أُخْرَى فَرَكَعُوا مَعَهُ , ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ , ثُمَّ أَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلِي الْعَدُوِّ فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا , وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَاعِدٌ وَمَنْ مَعَهُ , فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَسَلَّمُوا مَعَهُ جَمِيعًا , فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَكْعَتَانِ , وَلِكُلِّ رَجُلٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، قَالَ : ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَصَدَعَ النَّاسَ صَدْعَيْنِ ، فَصَلَّتْ طَائِفَةٌ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَطَائِفَةٌ تُجَاهَ الْعَدُوِّ , فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَنْ خَلْفَهُ رَكْعَةً وَسَجَدَ بِهِمْ سَجْدَتَيْنِ , ثُمَّ قَامَ وَقَامُوا مَعَهُ فَلَمَّا اسْتَوَوْا قِيَامًا , رَجَعَ الَّذِينَ خَلْفَهُ وَرَاءَهُمُ الْقَهْقَرَى فَقَامُوا وَرَاءَ الَّذِينَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ . وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَقَامُوا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً , وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَائِمٌ , ثُمَّ قَامُوا فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِهِمْ أُخْرَى فَكَانَتْ لَهُمْ وَلِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَكْعَتَانِ . وَجَاءَ الَّذِينَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ , ثُمَّ جَلَسُوا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَسَلَّمَ بِهِمْ جَمِيعًا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَحَوُّلُ الْإِمَامِ إِلَى الْعَدُوِّ , وَبِالطَّائِفَةِ الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ الرَّكْعَةَ , وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآثَارِ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ . وَفِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا يَدُلُّ عَلَى دَفْعِ ذَلِكَ ; لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : {{ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ }} فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ مَعْنَيَانِ مُوجِبَانِ لِدَفْعِ هَذَا الْحَدِيثِ , أَحَدُهُمَا : قَوْلُهُ {{ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ }} فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دُخُولَهُمْ فِي الصَّلَاةِ إِنَّمَا هُوَ فِي حِينِ مَجِيئِهِمْ لَا قَبْلَ ذَلِكَ , وَقَوْلُهُ {{ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ }} ثُمَّ قَالَ : {{ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ }} فَذَكَرَ الْإِتْيَانَ لِلطَّائِفَتَيْنِ إِلَىالْإِمَامِ . وَقَدْ وَافَقَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْآثَارُ الْمُتَوَاتِرَةُ الَّتِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهَا , فَهِيَ أَوْلَى مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ
وَذَهَبَ آخَرُونَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إِلَى مَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ وَابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَا : ثنا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ الْأَشْعَثِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفُوا , وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ , فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَرْبَعًا , وَصَلَّى كُلُّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا أَبُو حُرَّةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : ثنا أَبَانُ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَاتِ الرِّقَاعِ , فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ ، قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُحَارِبَ خَصَفَةَ فَصَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا فَقَالَ قَوْمٌ بِهَذَا , وَزَعَمُوا أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ كَذَلِكَ . وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ عِنْدَنَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ , لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَّاهَا كَذَلِكَ , لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي سَفَرٍ يُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ , فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَضَوْا بَعْدَ ذَلِكَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ . وَهَكَذَا نَقُولُ نَحْنُ إِذَا حَضَرَ الْعَدُوُّ فِي مِصْرٍ فَأَرَادَ أَهْلُ ذَلِكَ الْمِصْرِ أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ فَعَلُوا هَكَذَا . يَعْنِي بَعْدَ أَنْ يَكُونَ تِلْكَ الصَّلَاةُ ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا أَوْ عِشَاءً . قَالُوا : فَإِنَّ الْقَضَاءَ مَا ذُكِرَ . قِيلَ لَهُمْ : قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا قَدْ قَضَوْا وَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ , وَقَدْ يَجِيءُ فِي الْأَخْبَارِ مِثْلُ هَذَا كَثِيرًا وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَقْضُوا , فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدَنَا لَا حُجَّةَ فِيهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَالْفَرِيضَةُ تُصَلَّى حِينَئِذٍ مَرَّتَيْنِ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَرِيضَةً , وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ يُفْعَلُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ ، قَالَ : أنا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، مَوْلَى مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , قَالَ : أَتَيْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ جَالِسًا وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ فَقُلْتُ : أَلَا تُصَلِّي مَعَ النَّاسِ ؟ فَقَالَ : قَدْ صَلَّيْتُ فِي رَحْلِي , إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُصَلَّى فَرِيضَةٌ مَرَّتَيْنِ فَالنَّهْيُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الْإِبَاحَةِ . فَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ هَكَذَا يَصْنَعُونَ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ , يُصَلُّونَ فِي مَنَازِلِهِمْ ثُمَّ يَأْتُونَ الْمَسْجِدَ فَيُصَلُّونَ تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِي أَدْرَكُوهَا عَلَى أَنَّهَا فَرِيضَةٌ فَيَكُونُوا قَدْ صَلَّوْا فَرِيضَةً مَرَّتَيْنِ حَتَّى نَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ , وَأَمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ جَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَدْرَكَ تِلْكَ الصَّلَاةَ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَيَجْعَلَهَا نَافِلَةً . وَتَرْكُ ابْنِ عُمَرَ الصَّلَاةَ مَعَ الْقَوْمِ يُحْتَمَلُ عِنْدَنَا ضَرْبَيْنِ . يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تِلْكَ الصَّلَاةُ , صَلَاةً لَا يُتَطَوَّعُ بَعْدَهَا فَلَمْ يَكُنْ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَهَا إِلَّا عَلَى أَنَّهَا فَرِيضَةٌ , فَقَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ فَرِيضَةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ , أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ أُصَلِّيَهَا فَرِيضَةً لِأَنِّي قَدْ صَلَّيْتُهَا مَرَّةً , وَلَا أَدْخُلُ مَعَهُمْ لِأَنِّي لَا يَجُوزُ لِي التَّطَوُّعُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سُمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ النَّهْيُ , عَنْ إِعَادَتِهَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي نَهَى عَنْهُ , ثُمَّ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تُصَلَّى عَلَى أَنَّهَا نَافِلَةٌ فَلَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا . فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ
فَإِذَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا , قَالَ : ثنا الْوَهْبِيُّ , قَالَ : ثنا الْمَاجِشُونُ , عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ , قَالَ : أَرْسَلَنِي مُحْرِزُ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ أَسْأَلُهُ إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ الظُّهْرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ , وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ فَصَلَّى مَعَهُمْ , أَيَّتُهُمَا صَلَاتُهُ ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : صَلَاتُهُ الْأُولَى فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَدْ رَأَى أَنَّ الثَّانِيَةَ تَكُونُ تَطَوُّعًا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ تَرْكَهُ لِلصَّلَاةِ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَطَوَّعَ بَعْدَهَا فَإِنْ كَانَتْ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ وَجَابِرٍ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا كَانَ أَوْلَى الْحُكْمِ مَا وَصَفْنَا أَنَّ مَنْ صَلَّى فَرِيضَةً جَازَ أَنْ يُعِيدَهَا فَتَكُونَ فَرِيضَةً فَلِذَلِكَ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ بِالطَّائِفَتَيْنِ , وَذَلِكَ هُوَ جَائِزٌ لَوْ بَقِيَ الْحُكْمُ عَلَى ذَلِكَ . فَأَمَّا إِذَا نُسِخَ فَنَهَى أَنْ تُصَلَّى فَرِيضَةٌ مَرَّتَيْنِ فَقَدِ ارْتَفَعَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي لَهُ صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَبَطَلَ الْعَمَلُ بِهِ . فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ , وَجَابِرٍ لِاحْتِمَالِهِمَا مَا ذَكَرْنَا
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ , قَالَ : ثنا حَبَّانُ يَعْنِي ابْنَ هِلَالٍ , قَالَ : ثنا هَمَّامٌ , قَالَ : ثنا قَتَادَةُ , عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ , عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ , عَنْ خَالِدِ بْنِ أَيْمَنَ الْمَعَافِرِيِّ , قَالَ : كَانَ أَهْلُ الْعَوَالِي يُصَلُّونَ فِي مَنَازِلِهِمْ , وَيُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يُعِيدُوا الصَّلَاةَ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ قَالَ عَمْرٌو : قَدْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ : صَدَقَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ : ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ : أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِقْصَارِ الصَّلَاةِ ، فِي الْخَوْفِ أَيُّ يَوْمَ أَنْزَلَ وَأَيْنَ هُوَ قَالَ : انْطَلَقْنَا نَتَلَقَّى عِيرَ قُرَيْشٍ آتِيَةً مِنَ الشَّامِ , حَتَّى إِذَا كُنَّا بِنَخْلٍ , جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : أَنْتَ مُحَمَّدٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : أَلَا تَخَافُنِي ؟ قَالَ : لَا قَالَ : فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ قَالَ : اللَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْكَ قَالَ : فَسَلَّ السَّيْفَ , قَالَ : فَتَهَدَّدَهُ الْقَوْمُ وَأَوْعَدُوهُ . فَنَادَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالرَّحِيلِ وَأَخَذُوا السِّلَاحَ ثُمَّ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ , فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِطَائِفَةٍ مِنَ الْقَوْمِ , وَطَائِفَةٌ أُخْرَى يَحْرُسُونَهُمْ . فَصَلَّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ , ثُمَّ تَأَخَّرَ الَّذِينَ يَلُونَهُ عَلَى أَعْقَابِهِمْ فَقَامُوا فِي مَصَافِّ أَصْحَابِهِمْ , وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ , وَالْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ ثُمَّ سَلَّمَ . فَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ , وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ . فَفِي يَوْمَئِذٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِقْصَارَ الصَّلَاةِ , وَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَخْذِ السِّلَاحِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ , مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ أَرْبَعًا يَوْمَئِذٍ , قَبْلَ إِنْزَالِ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ , وَأَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ إِنَّمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ . فَكَانَتِ الْأَرْبَعُ يَوْمَئِذٍ مَفْرُوضَةً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَكَانَ الْمُؤْتَمُّونَ بِهِ فَرْضُهُمْ أَيْضًا فِيهَا كَذَلِكَ ; لِأَنَّ حُكْمَهُمْ حِينَئِذٍ , كَانَ فِي سَفَرِهِمْ كَحُكْمِهِمْ فِي حَضَرِهِمْ , وَلَا بُدَّ إِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ قَضَتْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ , كَمَا تَفْعَلُ لَوْ كَانَتْ فِي الْحَضَرِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَلَّاهُمَا بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى وَاسْتِقْبَالِهِ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِ دُخُولِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ مَعَهُ فِيهَا ; لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ سَلَّمَ . قِيلَ لَهُ : قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ السَّلَامُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ , هُوَ سَلَامُ التَّشَهُّدِ الَّذِي لَا يُرَادُ بِهِ قَطْعُ الصَّلَاةِ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَلَامًا أَرَادَ بِهِ إِعْلَامَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى بِأَوَانِ انْصِرَافِهَا . وَالْكَلَامُ حِينَئِذٍ مُبَاحٌ لَهُ فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ قَاطِعٍ لَهَا عَلَى مَا قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَلَى مَا قَدْ رَوَيْنَا عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الْبَابِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِيهِ وُجُوهَ حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّاهَا عَلَى غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو سَعْدٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ قَالَ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَطَائِفَةٌ مِنْ خَلْفِهِ مِنْ وَرَاءِ الطَّائِفَةِ الَّتِي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قُعُودٌ وُجُوهُهُمْ كُلُّهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَكَبَّرَتِ الطَّائِفَتَانِ وَرَكَعَ وَرَكَعَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي خَلْفَهُ وَالْآخَرُونَ قُعُودٌ ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدُوا أَيْضًا , وَالْآخَرُونَ قُعُودٌ ثُمَّ قَامَ وَقَامُوا فَنَكَصُوا خَلْفَهُ حَتَّى كَانُوا مَكَانَ أَصْحَابِهِمْ وَأَتَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ وَالْآخَرُونَ قُعُودٌ , ثُمَّ سَلَّمَ فَقَامَتِ الطَّائِفَتَانِ كِلْتَاهُمَا فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ , رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ فَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا مِنَ الْمُحَالِ الَّذِي لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ ; لِأَنَّ فِيهِ أَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي الصَّلَاةِ , وَهُمْ قُعُودٌ . وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ رَجُلًا لَوِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَاعِدًا ثُمَّ قَامَ فَأَتَمَّهَا قَائِمًا , وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , أَنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ , فَكَانَ الدُّخُولُ لَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى مَا يَكُونُ عَلَيْهِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ , فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ كَانُوا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الصَّفِّ الثَّانِي , دَخَلُوا فِي الصَّلَاةِ , وَهُمْ قُعُودٌ . فَثَبَتَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ
وَذَهَبَ آخَرُونَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إِلَى مَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : ثنا قَبِيصَةُ , قَالَ : ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ , قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الظُّهْرَ بِ عُسْفَانَ وَالْمُشْرِكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ , فِيهِمْ أَوْ عَلَيْهِمْ , خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ , فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : لَقَدْ كَانُوا فِي صَلَاةٍ لَوْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ لَكَانَتِ الْغَنِيمَةُ . فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : إِنَّهَا سَتَجِيءُ صَلَاةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ قَالَ : فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْآيَاتِ فِيمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ . قَالَ : فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْعَصْرَ , وَصَفَّ النَّاسُ صَفَّيْنِ , وَكَبَّرَ وَكَبَّرُوا مَعَهُ جَمِيعًا , ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا ثُمَّ رَفَعَ وَرَفَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا , ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلُونَهُ , وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ يَحْرُسُونَهُمْ بِسِلَاحِهِمْ , ثُمَّ رَفَعَ وَرَفَعُوا جَمِيعًا , ثُمَّ سَجَدَ الصَّفُّ الْآخَرُ ثُمَّ رَفَعُوا . وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ وَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ , فَكَبَّرَ وَكَبَّرُوا مَعَهُ جَمِيعًا , ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا , ثُمَّ رَفَعَ وَرَفَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا , ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَصَلَّاهَا مَرَّةً أُخْرَى فِي أَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ : ثنا مُؤَمَّلٌ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّاهَا فَذَكَرَ نَحْوًا مِنْ هَذَا وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ . وَتَرَكَهُ أَبُو حَنِيفَةَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ; لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : {{ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ }} وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ صَلَّوْا جَمِيعًا . وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ دُخُولُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَكُونُوا صَلَّوْا قَبْلَ ذَلِكَ , فَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْهُمْ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَكَانَتْ عِنْدَهُ أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ , وَجَابِرٍ , هَذَيْنِ وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّ الْعَدُوَّ إِذَا كَانَ فِي الْقِبْلَةِ , فَالصَّلَاةُ كَمَا رَوَى أَبُو عَيَّاشٍ وَجَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا . وَإِنْ كَانُوا فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ , فَالصَّلَاةُ كَمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَحُذَيْفَةُ , وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ . لِأَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْقِبْلَةِ , وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ , وَحُذَيْفَةَ , وَزَيْدٍ , لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا يُوَافِقُ مَا رَوَوْا وَقَالَ : كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ . قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَأُصَحِّحُ الْحَدِيثَيْنِ فَأَجْعَلُ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَا وَافَقَهُ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَحَدِيثَ أَبِي عَيَّاشٍ , وَجَابِرٍ , إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ . وَلَيْسَ هَذَا بِخِلَافِ التَّنْزِيلِ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ {{ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ }} إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ . ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَيْفَ حُكْمُ الصَّلَاةِ إِذَا كَانُوا فِي الْقِبْلَةِ فَفَعَلَ الْفِعْلَيْنِ جَمِيعًا كَمَا جَاءَ الْخَبَرَانِ . وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ وَأَوْلَاهَا ; لِأَنَّ تَصْحِيحَ الْآثَارِ يَشْهَدُ لَهُ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مِمَّا رَوَاهُ عَنْهُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذِي قَرَدٍ فَكَانَ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ , وَحُذَيْفَةُ , وَزَيْدٌ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ . ثُمَّ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِنْ رَأْيِهِ مَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ , قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ الْهَاشِمِيُّ أَبُو بَكْرٍ قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنِ الْأَعْرَجِ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ : كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَذَكَرَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ وَحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي وَافَقَهُ . فَلَمَّا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدْ عَلِمَ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا عَلِمَ عَلَى مَا رَوَيْنَا عَنْهُ فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ , وَقَالَ : كَانَ الْمُشْرِكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ , ثُمَّ قَالَ هَذَا بِرَأْيِهِ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ يُصَلُّونَ هَكَذَا , وَالْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ , وَيُصَلُّونَ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ . كَمَا رَوَى عَنْهُ عُبَيْدٌ . لِأَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا لَا يَسْتَدْبِرُونَ الْقِبْلَةَ وَالْعَدُوُّ فِي ظُهُورِهِمْ , كَانَ أَحْرَى أَنْ لَا يَسْتَدْبِرُوهَا إِذَا كَانُوا فِي وُجُوهِهِمْ . وَلَكِنْ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ مِنْ تَرْكِ الِاسْتِدْبَارِ هُوَ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا كَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ , كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى . فَقَدْ أَحَاطَ عِلْمُنَا بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا رَوَى عَنْهُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ . وَلَمْ يَكُنْ لِيَقُولَ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ نَسْخِ ذَلِكَ عِنْدَهُ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَجَعَلْنَا هَذَا الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ هُوَ , فِي الْعَدُوِّ إِذَا كَانُوا فِي الْقِبْلَةِ , وَتَرَكْنَا حُكْمَ الْعَدُوِّ إِذَا كَانُوا فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ , عَلَى مِثْلِ مَا رَوَى عَنْهُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . وَقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ مَرَّةً : لَا يُصَلَّى صَلَاةُ الْخَوْفِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَزَعَمَ أَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا صَلَّوْهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَمَا صَلَّوْهَا لِفَضْلِ الصَّلَاةِ مَعَهُ , وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا لَيْسَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ صَلَّوْهَا بَعْدَهُ , قَدْ صَلَّاهَا حُذَيْفَةُ , بِطَبَرِسْتَانَ , وَمَا فِي ذَلِكَ فَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى أَنْ نَذْكُرَهُ هَاهُنَا . فَإِنِ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {{ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ }} الْآيَةَ , فَقَالَ : إِنَّمَا أَمَرَ بِذَلِكَ , إِذَا كَانَ فِيهِمْ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ , انْقَطَعَ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ . قِيلَ لَهُ : فَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : {{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ }} الْآيَةَ , فَكَانَ الْخِطَابُ هَاهُنَا لَهُ , وَقَدْ أَجْمَعَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَعْمُولًا بِهِ مِنْ بَعْدِهِ , كَمَا كَانَ يُعْمَلُ بِهِ فِي حَيَاتِهِ . وَلَقَدْ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ شُجَاعٍ الثَّلْجِيَّ يَعِيبُ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا وَيَقُولُ : إِنَّ الصَّلَاةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَإِنْ كَانَتْ أَفْضَلَ مِنَ الصَّلَاةِ مَعَ النَّاسِ جَمِيعًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيهَا بِكَلَامٍ يَقْطَعُهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ فِيهَا شَيْءٌ لَا يَفْعَلُهُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ غَيْرِهِ وَأَنْ يَقْطَعَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ خَلْفَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَحْدَاثِ كُلِّهَا . فَلَمَّا كَانَتِ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ لَا يَقْطَعُهَا الذَّهَابُ وَالْمَجِيءُ وَاسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ إِذَا كَانَتْ صَلَاةَ خَوْفٍ كَانَتْ خَلْفَ غَيْرِهِ كَذَلِكَ أَيْضًا