حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ حُمَيْدَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ ، عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ ، أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَكَبَتْ لَهُ وُضُوءًا ، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَشَرِبَتْ مِنْهُ ، فَأَصْغَى لَهَا أَبُو قَتَادَةَ الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ . قَالَتْ كَبْشَةُ فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي ؟ قَالَتْ : قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ , إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ أَوِ الطَّوَّافَاتِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، قَالَ : ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ : رَأَيْتُهُ يَتَوَضَّأُ ، فَجَاءَ الْهِرُّ فَأَصْغَى لَهُ حَتَّى شَرِبَ مِنَ الْإِنَاءِ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَتَاهُ , لِمَ تَفْعَلُ هَذَا ؟ فَقَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَفْعَلُهُ . أَوْ قَالَ : هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ : ثنا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، قَالَ : ثنا أَبُو الرِّجَالِ ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ ، وَقَدْ أَصَابَتِ الْهِرُّ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ . حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ رَحِمَهُ اللَّهُ . وَحَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ ، قَالَ : ثنا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، قَالَ : ثنا خَالِدُ بْنُ عَمْرٍو الْخُرَاسَانِيُّ ، قَالَ : ثنا صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ ، قَالَ : ثنا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يُصْغِي الْإِنَاءَ لِلْهِرِّ وَيَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذِهِ الْآثَارِ فَلَمْ يَرَوْا بِسُؤْرِ الْهِرِّ بَأْسًا . وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَكَرِهُوهُ ، وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى , أَنَّ حَدِيثَ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ , لَا حُجَّةَ لَكُمْ فِيهِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ , إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ أَوِ الطَّوَّافَاتِ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ كَوْنُهَا فِي الْبُيُوتِ وَمُمَاسَّتُهَا الثِّيَابَ . فَأَمَّا وُلُوغُهَا فِي الْإِنَاءِ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ النَّجَاسَةَ أَمْ لَا . وَإِنَّمَا الَّذِي فِي الْحَدِيثِ مِنْ ذَلِكَ , فِعْلُ أَبِي قَتَادَةَ . فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْتَجَّ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَا قَدْ يَحْتَمِلُ الْمَعْنَى الَّذِي يُحْتَجُّ بِهِ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ , وَقَدْ رَأَيْنَا الْكِلَابَ كَوْنُهَا فِي الْمَنَازِلِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ ، وَسُؤْرُهَا مَكْرُوهٌ ، فَقَدْ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ أُرِيدَ بِهِ الْكَوْنُ فِي الْمَنَازِلِ لِلصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ وَالزَّرْعِ . وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى حُكْمِ سُؤْرِهَا , هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَمْ لَا . وَلَكِنَّ الْآثَارَ الْأُخَرَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهَا إِبَاحَةُ سُؤْرِهَا . فَنُرِيدُ أَنْ نَنْظُرَ هَلْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا يُخَالِفُهَا
فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَإِذَا أَبُو بَكْرَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : طَهُورُ الْإِنَاءِ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْهِرُّ أَنْ يُغْسَلَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ . قُرَّةُ شَكَّ ، وَهَذَا حَدِيثٌ مُتَّصِلُ الْإِسْنَادِ , فِيهِ خِلَافُ مَا فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ , وَقَدْ فَصَّلَهَا هَذَا الْحَدِيثُ لِصِحَّةِ إِسْنَادِهِ . فَإِنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ يُؤْخَذُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ ، فَإِنَّ الْقَوْلَ بِهَذَا أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِمَا خَالَفَهُ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ هِشَامَ بْنَ حَسَّانَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فَلَمْ يَرْفَعْهُ
وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ : ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ , قَالَ : ثنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سُؤْرُ الْهِرَّةِ يُهْرَاقُ ، وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ . قِيلَ لَهُ : لَيْسَ فِي هَذَا مَا يَجِبُ بِهِ فَسَادُ حَدِيثِ قُرَّةَ ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ هَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يُوقِفُهَا عَلَيْهِ , فَإِذَا سُئِلَ عَنْهَا : هَلْ هِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ رَفَعَهَا
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ ، قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا حَدَّثَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَقِيلَ لَهُ : عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ فَقَالَ : كُلُّ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَإِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُنْ يُحَدِّثُهُمْ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَغْنَاهُ مَا أَعْلَمَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ , أَنْ يَرْفَعَ كُلَّ حَدِيثٍ يَرْوِيهِ لَهُمْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ فَثَبَتَ بِذَلِكَ اتِّصَالُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا , مَعَ ثَبْتِ قُرَّةَ وَضَبْطِهِ وَإِتْقَانِهِ . ثُمَّ قَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا مِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ , وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مَرْفُوعٍ
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْجِيزِيُّ ، قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ ، قَالَ : أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : يُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنَ الْهِرِّ , كَمَا يُغْسَلُ مِنَ الْكَلْبِ . حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ خَيْرِ بْنِ نُعَيْمٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَتَابِعِيهِمْ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِ الْكَلْبِ وَالْهِرِّ ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا الرَّبِيعُ بْنُ يَحْيَى الْأَشْنَانِيُّ ، قَالَ : ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ : لَا تَوَضَّئُوا مِنْ سُؤْرِ الْحِمَارِ وَلَا الْكَلْبِ وَلَا السِّنَّوْرِ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، قَالَ : ثنا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سَعِيدٍ ، قَالَ : إِذَا وَلَغَ السِّنَّوْرُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلْهُ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ ، قَالَ : ثنا حَمَّادٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي السِّنَّوْرِ يَلِغُ فِي الْإِنَاءِ ، قَالَ أَحَدُهُمَا : يَغْسِلُهُ مَرَّةً . وَقَالَ الْآخَرُ : يَغْسِلُهُ مَرَّتَيْنِ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْكَيْسَانِيُّ ، قَالَ : ثنا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ ، قَالَ : ثنا حَمَّادٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، قَالَ : كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ يَقُولَانِ : اغْسِلِ الْإِنَاءَ ثَلَاثًا يَعْنِي مِنْ سُؤْرِ الْهِرِّ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ قَالَ : ثنا أَبُو حُرَّةَ ، عَنِ الْحَسَنِ فِي هِرٍّ وَلَغَ فِي إِنَاءٍ أَوْ شَرِبَ مِنْهُ ، قَالَ : يُصَبُّ ، وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ مَرَّةً
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ الْقَطَّانُ ، قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ أَنَّهُ سَأَلَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَمَّا لَا يُتَوَضَّأُ بِفَضْلِهِ مِنَ الدَّوَابِّ , فَقَالَ : الْخِنْزِيرُ وَالْكَلْبُ وَالْهِرُّ . وَقَدْ شَدَّ هَذَا الْقَوْلُ النَّظَرَ الصَّحِيحَ , وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا اللُّحْمَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ ، فَمِنْهَا لَحْمٌ طَاهِرٌ مَأْكُولٌ , وَهُوَ لَحْمُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ , فَسُؤْرُ ذَلِكَ كُلِّهِ طَاهِرٌ , لِأَنَّهُ مَاسَّ لَحْمًا طَاهِرًا . وَمِنْهَا لَحْمٌ طَاهِرٌ غَيْرُ مَأْكُولٍ وَهُوَ لَحْمُ بَنِي آدَمَ وَسُؤْرُهُمْ طَاهِرٌ , لِأَنَّهُ مَاسَّ لَحْمًا طَاهِرًا . وَمِنْهَا لَحْمٌ حَرَامٌ , وَهُوَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ , فَسُؤْرُ ذَلِكَ حَرَامٌ , لِأَنَّهُ مَاسَّ لَحْمًا حَرَامًا . فَكَانَ حُكْمُ مَا مَاسَّ هَذِهِ اللُّحْمَانَ الثَّلَاثَةَ كَمَا ذَكَرْنَا , يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَهَا فِي الطَّهَارَةِ وَالتَّحْرِيمِ . وَمِنَ اللُّحْمَانِ أَيْضًا لَحْمٌ قَدْ نُهِيَ عَنْ أَكْلِهِ , وَهُوَ لَحْمُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ أَيْضًا . وَمِنْ ذَلِكَ السِّنَّوْرُ وَمَا أَشْبَهَهُ , فَكَانَ ذَلِكَ مَنْهِيًّا عَنْهُ , مَمْنُوعًا مِنْ أَكْلِ لَحْمِهِ بِالسُّنَّةِ . وَكَانَ فِي النَّظَرِ أَيْضًا سُؤْرُ ذَلِكَ حُكْمُهُ حُكْمُ لَحْمِهِ , لِأَنَّهُ مَاسَّ لَحْمًا مَكْرُوهًا , فَصَارَ حُكْمُهُ حُكْمَهُ كَمَا صَارَ حُكْمُ مَا مَاسَّ اللُّحْمَانَ الثَّلَاثَ الْأُوَلَ حُكْمَهَا . فَثَبَتَ بِذَلِكَ كَرَاهَةُ سُؤْرِ السِّنَّوْرِ , فَبِهَذَا نَأْخُذُ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ