حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : ثنا سُفْيَانُ قَالَ : ثنا الزُّهْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ : نَحَلَنِي أَبِي غُلَامًا فَأَمَرَتْنِي أُمِّي أَنْ أَذْهَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأُشْهِدَهُ عَلَى ذَلِكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَكُلُّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَهُ ، فَقَالَ : لَا ، قَالَ : فَارْدُدْهُ
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا ، حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، حَدَّثَاهُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، قَالَ إِنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا ، فَقَالَ : لَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فَارْجِعْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا نَحَلَ بَعْضَ بَنِيهِ دُونَ بَعْضٍ أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ . وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالُوا : قَدْ كَانَ النُّعْمَانُ فِي وَقْتِ مَا نَحَلَهُ أَبُوهُ صَغِيرًا فَكَانَ أَبُوهُ قَابِضًا لَهُ لِصِغَرِهِ عَنِ الْقَبْضِ لِنَفْسِهِ . فَلَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ارْدُدْهُ بَعْدَمَا كَانَ فِي حُكْمِ مَا قَبَضَ دَلَّ هَذَا أَنَّ النُّحْلَى مِنَ الْوَالِدِ لِبَعْضِ وَلَدِهِ دُونَ بَعْضٍ لَا يَمْلِكُهُ الْمَنْحُولُ وَلَا يَنْعَقِدُ لَهُ عَلَيْهِ هِبَةٌ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا : يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ وَلَدِهِ فِي الْعَطِيَّةِ لِيَسْتَوُوا فِي الْبِرِّ وَلَا يُفَضِّلُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَيُوقِعُ ذَلِكَ لَهُ الْوَحْشَةَ فِي قُلُوبِ الْمَفْضُولِينَ مِنْهُمْ . فَإِنْ نَحَلَ بَعْضَهُمْ شَيْئًا دُونَ بَعْضٍ وَقَبَضَهُ الْمَنْحُولُ لِنَفْسِهِ إِنْ كَانَ كَبِيرًا أَوْ قَبَضَهُ لَهُ أَبُوهُ مِنْ نَفْسِهِ إِنْ كَانَ صَغِيرًا بِإِعْلَامِهِ إِيَّاهُ وَالْإِشْهَادِ بِهِ فَهُوَ جَائِزٌ . وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ النُّعْمَانِ الَّذِي ذَكَرْنَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ عَلَى مَا ذَكَرُوا وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ صَغِيرًا وَلَعَلَّهُ وَقَدْ كَانَ كَبِيرًا وَلَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ . وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَلَى غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ .
فَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : ثنا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ قَالَ : ثنا وُهَيْبٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : انْطَلَقَ بِي أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَنَحَلَنِي نُحْلَى لِيُشْهِدَهُ عَلَى ذَلِكَ ، فَقَالَ : أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ : لَا . قَالَ : أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ كُلُّهُمْ سَوَاءً قَالَ : بَلَى قَالَ : فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي فَكَانَ وَالَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِبَشِيرٍ فِيمَا كَانَ نَحَلَهُ النُّعْمَانُ أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي . فَهَذَا دَلِيلٌ أَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَثْبُتْ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ . فَهَذَا بِخِلَافِ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْعَقْدِ الَّذِي كَانَ عَقَدَهُ النُّعْمَانُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ يَتَوَقَّى الشَّهَادَةَ عَلَى مَالِهِ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْأُمُورِ الَّتِي قَدْ كَانَتْ . وَكَذَلِكَ لِمَنْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إِنَّمَا هِيَ أَمْرٌ يَتَضَمَّنُهُ الشَّاهِدُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ فَلَهُ أَنْ لَا يَتَضَمَّنَ ذَلِكَ . وَقَدْ يُحْتَمَلُ غَيْرُ هَذَا أَيْضًا فَيَكُونُ قَوْلُهُ أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي أَيْ : إِنِّي أَنَا الْإِمَامُ وَالْإِمَامُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنَّمَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَحْكُمَ . وَفِي قَوْلِهِ أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ .
وَقَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : ثنا آدَمُ قَالَ : ثنا وَرْقَاءُ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ النُّعْمَانَ عَلَى مِنْبَرِنَا هَذَا يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : سَوُّوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ كَمَا تُحِبُّونَ أَنْ يُسَوُّوا بَيْنَكُمْ فِي الْبِرِّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : كَأَنَّ الْمَقْصُودَ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ فِي الْعَطِيَّةِ لِيَسْتَوُوا جَمِيعًا فِي الْبِرِّ . وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذِكْرِ فَسَادِ الْعَقْدِ الْمَعْقُودِ عَلَى التَّفْضِيلِ
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ : ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ ، يَقُولُ : أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ مِنَ الْأَشْهَادِ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ عَطِيَّةً وَإِنِّي أُشْهِدُكَ . قَالَ : أَكُلَّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَ مِثْلَ هَذَا ؟ قَالَ لَا ، قَالَ : فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَهُ بِرَدِّ الشَّيْءِ وَإِنَّمَا فِيهِ الْأَمْرُ بِالتَّسْوِيَةِ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ، قَالَ : ثنا مُرَجَّى ، قَالَ : ثنا دَاوُدُ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، قَالَ : انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ مِنْ مَالِي كَذَا وَكَذَا . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ ، قَالَ : لَا ، قَالَ : أَمَا يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا لَكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً . قَالَ : بَلَى ، قَالَ : فَلَا إِذًا فَقَدِ اخْتَلَفَ لَفْظُ حَدِيثِ دَاوُدَ هَذَا فِيمَا رَوَى عَنْهُ مُرَجَّى هَاهُنَا وَفِيمَا رَوَى عَنْهُ وُهَيْبٌ فِيمَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ . وَهَكَذَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنِ النُّعْمَانِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو الضُّحَى عَنِ النُّعْمَانِ أَيْضًا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : ثنا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى ، عَنْ فِطْرٍ ح وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ : ثنا فِطْرٌ ، قَالَ : ثنا أَبُو الضُّحَى ، قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ ، يَقُولُ : ذَهَبَ بِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ . فَقَالَ : أَلَكَ وَلَدٌ غَيْرُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ بِيَدِهِ أَلَا سَوَّيْتَ بَيْنَهُمْ فَلَمْ يُخْبِرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَمَرَ بِرَدِّهِ . وَإِنَّمَا قَالَ أَلَا سَوَّيْتُ بَيْنَهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْمَشُورَةِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ كَانَ أَفْضَلَ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي قِصَّةِ النُّعْمَانِ هَذَا خِلَافُ كُلِّ مَا رَوَيْنَا عَنِ النُّعْمَانِ
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : ثنا النُّفَيْلُ قَالَ : ثنا زُهَيْرٌ قَالَ : ثنا أَبُو زُبَيْرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَتِ امْرَأَةُ بَشِيرٍ لِبَشِيرٍ انْحَلِ ابْنِي غُلَامَكَ وَأَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَيْهِ . قَالَ : فَأَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بِنْتَ فُلَانٍ سَأَلَتْنِي أَنْ أَنْحَلَ ابْنَهَا غُلَامِي وَقَالَتْ أَشْهِدْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَقَالَ : أَلَهُ إِخْوَةٌ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : أَفَكُلُّهُمْ أَعْطَيْتَهُ ، قَالَ : لَا ، قَالَ : فَإِنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ وَإِنِّي لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ أَمْرُهُ لِبَشِيرٍ بِالرَّدِّ قَبْلَ إِنْفَاذِ بَشِيرٍ الصَّدَقَةَ فَأَشَارَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرْنَا . وَهَذَا خِلَافُ جَمِيعِ مَا رُوِيَ عَنِ النُّعْمَانِ لِأَنَّ فِي تِلْكَ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ نَحَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا كَذَا فَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ فَعَلَ . وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا إِخْبَارُهُ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِسُؤَالِ امْرَأَتِهِ إِيَّاهُ فَكَانَ كَلَامُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِيَّاهُ بِمَا كَلَّمَهُ بِهِ عَلَى طَرِيقِ الْمَشُورَةِ وَعَلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ إِنْ آثَرَ أَنْ يَفْعَلَهُ . وَقَدْ رَوَى شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مُوَافِقًا لِهَذَا الْمَعْنَى حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْيَمَانِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ ، أَنَّهُمَا سَمِعَا النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ ، يَقُولُ : نَحَلَنِي أَبِي غُلَامًا ثُمَّ مَشَى بِي حَتَّى أَدْخَلَنِي عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي غُلَامًا فَإِنْ أَذِنْتَ أَنْ أُجِيزَهُ لَهُ أَجَزْتُهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ النُّحْلَى كَمُلَتْ فِيهِ مِنْ حِينِ نَحَلَهُ إِيَّاهُ إِلَى أَنْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِرَدِّهِ . وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا قَسَمَ شَيْئًا بَيْنَ أَهْلِهِ سَوَّى بَيْنَهُمْ جَمِيعًا فَأَعْطَى الْمَمْلُوكَ مِنْهُمْ كَمَا يُعْطَى الْحُرُّ
حَدَّثَنَا بِذَلِكَ ، يُونُسُ قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِطِيبَةِ خَرَزٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ . قَالَتْ : عَائِشَةُ وَكَذَلِكَ كَانَ أَبِي يَقْسِمُ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَكَانَ هَذَا مِمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَفْعَلُهُ يَعُمُّ بِعَطَايَاهُ جَمِيعَ أَهْلِهِ حُرِّهِمْ وَعَبْدِهِمْ لَيْسَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ وَلَكِنَّهُ أَحْسَنُ مِنْ غَيْرِهِ . فَكَذَلِكَ كَانَتْ مَشُورَتُهُ فِي الْوَلَدِ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمْ فِي الْعَطِيَّةِ لَيْسَ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ وَلَا عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ إِنْ فَعَلَ لَمْ يَثْبُتْ . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ . وَقَدْ فَضَّلَ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهُمْ بَعْضَ أَوْلَادِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْعَطَايَا
فَحَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ نَحَلَهَا جِدَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ . فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَحَبَّ إِلَيَّ غِنًى مِنْكِ وَلَا أَعَزَّ النَّاسِ عَلَيَّ فَقْرًا مِنْ بَعْدِي مِنْكِ وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جِدَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَأَحْرَزْتِيهِ كَانَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ وَإِنَّمَا هُمَا أَخُوكِ وَأُخْتَاكِ فَاقْسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى . فَقَالَتْ عَائِشَةُ : وَاللَّهِ يَا أَبَتِ لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْتُهُ إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ فَمَنِ الْأُخْرَى قَالَ : ذُو بَطْنٍ بِنْتُ خَارِجَةَ أَرَاهَا جَارِيَةً
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، قَالَ : ثنا أَبِي ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، قَالَ : ثنا مَسْرُوقٌ ، قَالَ : كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ قَدْ أَعْطَى عَائِشَةَ نُحْلَى فَلَمَّا مَرِضَ قَالَ لَهَا اجْعَلِيهِ فِي الْمِيرَاثِ وَذَكَرُوا الْقَبْضَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، قَالَ أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، فَضَّلَ بَنِي أُمِّ كُلْثُومٍ بِنُحْلٍ قَسَمَهُ بَيْنَ وَلَدِهِ فَهَذَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ أَعْطَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا دُونَ سَائِرِ وَلَدِهِ وَرَأَى ذَلِكَ جَائِزًا وَرَأَتْهُ هِيَ كَذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِمَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهُمْ . وَهَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ فَضَّلَ بَعْضَ أَوْلَادِهِ أَيْضًا فِيمَا أَعْطَاهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ . فَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ فِعْلَ هَؤُلَاءِ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . وَلَكِنْ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عِنْدَنَا فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ كَاسْتِحْبَابِهِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ أَهْلِهِ فِي الْعَطِيَّةِ . وَتَرْكُ التَّفْضِيلِ لِحُرِّهِمْ عَلَى مَمْلُوكِهِمْ لَيْسَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَا لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَلَكِنْ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ لِذَلِكَ وَغَيْرِهِ فِي الْحُكْمِ جَائِزٌ كَجَوَازِهِ . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي عَطِيَّةِ الْوَلَدِ الَّتِي يُتْبَعُ فِيهَا أَمْرُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِبَشِيرٍ كَيْفَ هِيَ ؟ . فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ : يُسَوِّي بَيْنَ الْأُنْثَى فِيهَا وَالذَّكَرِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ : بَلْ يَجْعَلُهَا بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ الْمَوَارِيثِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : سَوُّوا بَيْنَهُمْ فِي الْعَطِيَّةِ كَمَا تُحِبُّونَ أَنْ يُسَوُّوا لَكُمْ فِي الْبِرِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْإِنَاثِ وَالذُّكُورِ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ مِنَ الْبِنْتِ شَيْءٌ مِنَ الْبِرِّ إِلَّا الَّذِي يُرَادُ مِنَ الِابْنِ مِثْلُهُ . فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَرَادَ مِنَ الْأَبِ لِوَلَدِهِ مَا يُرِيدُ مِنْ وَلَدِهِ لَهُ وَكَانَ مَا يُرِيدُ مِنَ الْأُنْثَى مِنَ الْبِرِّ مِثْلَ مَا يُرِيدُ مِنَ الذَّكَرِ كَانَ مَا أَرَادَ مِنْهُ لَهُمْ مِنَ الْعَطِيَّةِ لِلْأُنْثَى مِثْلَ مَا أَرَادَ لِلذَّكَرِ . وَفِي حَدِيثِ أَبِي الضُّحَى فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَلَكَ وَلَدٌ غَيْرُهُ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ . فَقَالَ : أَلَا سَوَّيْتَ بَيْنَهُمْ ؟ وَلَمْ يَقُلْ أَلَكَ وَلَدٌ غَيْرُهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ وَإِلَّا وَحُكْمُ الْأُنْثَى فِيهِ كَحُكْمِ الذَّكَرِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا ذَكَرَ التَّسْوِيَةَ إِلَّا بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ ذُكُورٌ كُلُّهُمْ . فَلَمَّا أَمْسَكَ عَنِ الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ ثَبَتَ اسْتِوَاءُ حُكْمِهِمْ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُ فَهَذَا أَحْسَنُ عِنْدَنَا مِمَّا قَالَ مُحَمَّدٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَجُلٌ فَجَاءَ ابْنٌ لَهُ فَقَبَّلَهُ وَأَجْلَسَهُ عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ جَاءَتْ بِنْتٌ لَهُ فَأَجْلَسَهَا إِلَى جَنْبِهِ قَالَ : فَهَلَّا عَدَلْتَ بَيْنَهُمَا أَفَلَا يَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ أَرَادَ مِنْهُ التَّعْدِيلَ بَيْنَ الِابْنَةِ وَالِابْنِ وَأَنْ لَا يُفَضِّلَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْعَطِيَّةِ أَيْضًا