حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ ، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ : لَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ إِلَّا مُتَوَضِّئٌ . وَكَرِهَ الْحَسَنُ لِلْجُنُبِ مَسَّ الْمُصْحَفِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عِلَاقَةٌ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَطَاوُسٍ وَالْقَاسِمِ وَعَطَاءٍ ، وَقَالَ عَطَاءٌ : لَا بَأْسَ أَنْ يَأْتِيَكَ الْحَائِضُ بِالْمُصْحَفِ بِعِلَاقَتِهِ . وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ فِي الرَّجُلِ يَمَسُّ الْمُصْحَفَ وَلَيْسَ بِطَاهِرٍ قَالَا : إِذَا كَانَ فِي عِلَاقَةٍ فَلَا بَأْسَ . وَكَرِهَ عَطَاءٌ وَالزُّهْرِيُّ وَالْقَاسِمُ وَالنَّخَعِيُّ مَسَّ الدَّرَاهِمِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ، وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَحْمِلَ الْمُصْحَفَ بِعِلَاقَتِهِ أَوْ عَلَى وِسَادَةٍ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ ، قَالَ : وَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْمِلَهُ فِي الْخُرْجِ وَالتَّابُوتِ وَالْغَرَارَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ . وَيَحْمِلُ النَّصْرَانِيُّ وَالْيَهُودِيُّ الْمُصْحَفَ فِي الْغِرَارَةِ وَالتَّابُوتِ فِي مَذْهَبِهِ . وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ : لَا يَحْمِلُ الْمُصْحَفَ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ . وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ : لَا يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ إِلَّا مُتَوَضِّئٌ . قَالَ إِسْحَاقُ : لَمَّا صَحَّ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ ، وَكَذَلِكَ كَانَ فِعْلُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَكَرِهَ أَحْمَدُ أَنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ أَحَدٌ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ إِلَّا أَنْ يَتَصَفَّحَهُ بِعُودٍ أَوْ بِشَيْءٍ . وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ : لَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ جُنُبٌ وَلَا حَائِضٌ وَلَا غَيْرُ مُتَوَضِّئٌ ، قَالَ : وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {{ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }} قَالَ : وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، وَحَكَى يَعْقُوبُ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ الْجُنُبِ يَأْخُذُ الصُّرَّةَ فِيهَا دَرَاهِمُ فِيهَا السُّورَةُ مِنَ الْقُرْآنِ أَوِ الْمُصْحَفُ بِعِلَاقَتِهِ ، قَالَ : لَا بَأْسَ ، وَقَالَ : لَا يَأْخُذُ الدَّرَاهِمَ إِذَا كَانَ جُنُبًا وَفِيهَا السُّورَةُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ صُرَّةً ، وَكَذَلِكَ الْمُصْحَفُ فِي غَيْرِ عِلَاقَتِهِ . وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ : لَا يَأْخُذُ ذَلِكَ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ إِلَّا فِي صُرَّةٍ أَوْ فِي عِلَاقَةٍ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَعْلَى مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ غَيْرُ طَاهِرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {{ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }} وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِعَمْرٍو : لَا تَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا عَلَى طَهُورٍ وَرَخَّصَ بَعْضُ مَنْ كَانَ فِي عَصْرِنَا لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ فِي مَسِّ الْمُصْحَفِ وَلُبْسِ التَّعْوِيذِ وَمَسِّ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ {{ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }} الْمَلَائِكَةُ كَذَلِكَ قَالَ أَنَسٌ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَقَالَ : وَقَوْلُهُ {{ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }} خَبَرٌ بِضَمِّ السِّينِ وَلَوْ كَانَ نَهْيًا لَقَالَ : لَا يَمَسَّنَّهُ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ ، وَالْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ . وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ : أَنَّهُ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ إِلَّا رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَخَذَ الْمُصْحَفَ . وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ : أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بَأْسًا أَنْ يَمَسَّ الدَّرَاهِمَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَيَقُولَانِ : جُبِلُوا عَلَى ذَلِكَ . وَاحْتَجَّتْ هَذِهِ الْفِرْقَةُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِعَائِشَةَ : أَعْطِنِي الْخُمْرَةَ ، قَالَتْ : إِنِّي حَائِضٌ قَالَ : إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ بِيَدِكِ ، وَبِقُولِ عَائِشَةَ : كُنْتُ أَغْسِلُ رَأْسَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَنَا حَائِضٌ ، قَالَ : وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ لَا تَنَّجَّسُ مَا تَمَسُّ إِذْ لَيْسَ جَمِيعُ بَدَنِهَا نَجِسٌ وَإِذَا ثَبَتَ أَنْ بَدَنَهَا غَيْرُ نَجِسٍ إِلَّا الْفَرْجُ ثَبَتَ أَنَّ النَّجَسَ فِي الْفَرْجِ لِكَوْنِ الدَّمِ فِيهِ وَسَائِرُ الْبَدَنِ طَاهِرٌ