عنوان الفتوى : دفع شبهة إحراق أبي بكر وعمر للأحاديث النبوية
أنا من الناس الذين حملوا لواء الدفاع عن الدين الإسلامي من التلفيق والكذب والرياء، وأثناء نقاشي مع بعض الناس طرح أمامي سؤالا أثار عندي الفضول والاستغراب وهو: هل صحيح أن سيدنا أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب أحرقوا الأحاديث النبوية الشريفة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، جزاكم الله كل الخير وإذا لم تعطوني الجواب دلوني على الطريق الذي أستطيع الحصول من خلاله على ما أثار فضولي واستغرابي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقول بأن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما أحرقا الأحاديث النبوية، هذا القول محض كذبٍ وافتراء ولا وجود له في كتب السنة ودواوين الإسلام.
ولمزيد من التفصيل نقول: إن ما يبين أن هذا كذب وافتراء أن الأحاديث لم تكن تكتب في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقد روى الحاكم في مستدركه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن، من كتب عني شيئاً سوى القرآن فليمحه. انتهى.
وهذا النهي خاص بوقت نزول القرآن حتى لا يلتبس بغيره، وقد ورد عن عبد الله بن عمر أنه أذن له النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة الحديث، ولكن هذا كان على نطاق ضيق، وأول من دون الحديث الإمام ابن شهاب الزهري بأمر من عمر بن عبد العزيز ثم كثر التدوين والتصنيف، فما هي الأحاديث التي أحرقها الشيخان بزعمهم؟! فمن ادعى شيئاً من ذلك فهو المطالب بالدليل الذي تقوم به بالحجة وأنى له ذلك.
واعلم أيها السائل أن باب الادعاء والكذب واسع عند مرضى القلوب ولا يمكن سده، فقد اتهم اليهود سليمان بأنه كان ساحراً، واتهموا مريم بالزنى، واتهموا لوطاً بأنه شرب الخمر وزنى بابنتيه، وهكذا تستمر قافلة الكذابين في سلسلة متواصلة، وقد قيل لعائشة رضي الله عنها: إن ناساً يتناولون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أبا بكر وعمر فقالت: وما تعجبون من هذا؟! انقطع عنهم العمل فأحب الله أن لا يقطع عنهم الأجر.
وليعلم الأخ السائل أنه لا ينبغي لمن لم يكن عنده العلم الشرعي الكافي أن يدخل في مناظرة أهل الضلال لأن من لم يكن عنده علم شرعي يبين به الحق من الباطل ربما تأثر بشبههم وكذبهم وظن أنها حق وأن لها أصلاً، فيتأثر بالبدع بدل أن يؤثر في أصحابها.
والله أعلم.