عنوان الفتوى : حكم الذبائح المستوردة من بلاد أهل الكتاب
فضيلة الشيخ أرجو توضيح الآتي:1- ما سبب الخلاف الواقع بين العلماء في مسألة اللحوم المستوردة من دول أهل الكتاب حيث إنني سمعت أراء كلها عن شيوخ أفاضل وهي كالآتي:- أن الأصل حل ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى ما لم تقم شبهة على أنهم لا يذبحون وما يباع في أسواق البلاد الإسلامية هو ما سمح ولي الأمر بدخوله وهو المنوط به التحري ومثل هذا يتعذر على عوام الناس فعليه جواز الأكل والبيع والشراء.- اللحوم المستوردة الآن من دول أهل الكتاب لا يجوز أكلها لأن هؤلاء الناس لا يذبحون وهم قد صرحوا بذلك وبل والقانون عندهم يجرمون الذين يذبحون الذبح الإسلامي ويقولون إنه يؤذي نفسية الحيوان وكذلك بالنسبة لموضوع الكلام الذي من عينة (حلال - ذبح على الشريعة)، فقال فضيلته إن هذه شهادة إن جاءتنا من مسلم ثقة قبلناها، أما مجرد عبارة لا نعلم من كتبها فهذه غير مقبولة لأن معرفة الشاهد ومعرفة عدالة الشاهد مطلوبة، وعليه فلا يجوز عنده شراء أو بيع أو أكل هذه اللحوم لأنها ميتة وعندما سئل عن هل البرازيل تذبح أو لا تذبح قال البرازيل لا تذبح- على موقع أحد الشيوخ على شبكة الإنترنت وعندما سئل قال أنا لا أحرمها استنادا لفتوى الشيخ بن باز رحمه الله، ثانيا أنه مع انتشار الجاليات الإسلامية فى هذه البلاد الكافرة وشيوع أحكام الدين الإسلامى جعل هناك نوع من التكييف لاسترضاء العميل المسلم، وقال أنا زرت فرنسا ووجدت محلات تبيع الدجاج بدون رأس ومحلات تبيح الدجاج برأسه وقال من تورع عن الأكل فلا يلزم الناس بورعه وعندما سئُل فضيلته عن دول أهل الكتاب التي يجوز الأكل منها قال البرازيل- قال أحد الشيوخ على موقعه على الإنترنت أن الأصل حل ذبائح أهل الكتاب وأن الأصل عدم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب أن يعلم بداية أن العلماء متفقون على جواز أكل ذبائح أهل الكتاب إذا توفرت فيها الشروط الشرعية اللازمة لحل الذبيحة بالنسبة للمسلم، وإنما نشأ الخلاف في اللحوم المستوردة نظراً لأمرين:
الأمر الأول: هل يشترط لحل ذبائحهم نفس الشروط التي تشترط لذبيحة المسلم من الذبح في المحل وعدم الإهلال بها لغير الله، أم أنه لا يشترط ذلك، فما عدوه عندهم طعاماً جائزاً لهم في دينهم جاز لنا؟ والصحيح الذي عليه جماهير أهل العلم أنه يشترط في حل ذبائحهم نفس الشروط التي تشترط لحل ذبيحة المسلم؛ بأن يذبحوا في محل الذبح وبالطريقة الشرعية بأن يقطع من الأوداج والمريء والحلقوم ما يكفي قطعه في الذكاة، أما إذا كانوا يذبحون بغير الطريقة الشرعية كالصعق الكهربائي والتدويخ والضرب بالمسدسات والفؤوس وغير ذلك وماتت الحيوانات بهذه الوسائل، أو كانوا يسمون عليها غير الله فإنها حرام وميتة لا تحل، فإنه لو ذبحها مسلم على هذه الطريقة لم تحل فكيف بالكتابي؟!
الأمر الثاني: عدم العلم بتحقق الشروط السابق ذكرها في اللحوم المستوردة فلا يعلم هل ذبحت أم صعقت ثم قطع الرأس عن الجسد وهل باشر الذبح كتابي أم ملحد؟ والتحقيق في ذلك أن اللحوم إذا كانت من بلد أهله أهل كتاب لم يغلب عليهم الإلحاد فالأصل أن ذبائحهم حلال، لعموم قوله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ {المائدة:5}، اللهم إلا أن يعلم اختلال الشروط اللازمة لحل الذبيحة، ولا يخرج عن هذا الأصل بمجرد الشك الذي لا يستند لدليل، ولا يكفي في إثبات تلك الشروط مجرد عبارة حلال المكتوبة على أكياس هذه اللحوم؛ إلا إذا كانت من مسلم ثقة عدل بحيث يقبل خبره، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1564، 2437، 26282.
وأما قاعدة: الأصل في اللحوم والأبضاع التحريم فإنها قاعدة صحيحة، قال الشيخ السعدي في منظومته:
والأصل في الأبضاع واللحوم * والنفس والأموال للمعصوم
تحريمها حتى يجيء الحل * فافهم هداك الله ما يُمل
ويستدل لهذه القاعدة بحديث عدي: قلت: يا رسول الله؛ أرسل كلبي وأسمي فأجد معه على الصيد كلبا آخر لم اسم عليه ولا أدري أيهما أخذ، قال: لا تأكل، إنما سميت على كلبك، ولم تسم على الآخر. متفق عليه، وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: لما كان الأصل في الذبائح التحريم وشك هل وجد الشرط المبيح أم لا؟ بقي الصيد على أصله في التحريم. انتهى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 62491.
ولا علم لنا بطريقة الذبح في البرازيل، ولا ندري من أين يمكن التأكد من ذلك.
والله أعلم.